والآن.. ماذا فعلت الدولة.. أو ماذا تنوى أن تفعل فى مواجهة مجموعة الأولتراس التى أحرقت مطار القاهرة بقلب بارد وفى سابقة ليست الأولى.. وقبلها حطم الأولتراس نادى الزمالك وطالب بإقالة رئيس النادى الذى لا يدفع لهم.. ومن قبل دمر الأولتراس اتحاد الكرة.. ومن قبل ومن قبل.. اعتمد الأولتراس الشغب والبلطجة فى النوادى والمباريات وسيلة مثلى للتفاهم وفرض المطالب. الأولتراس لا يقلون خطورة عن معتصمى رابعة والنهضة.. هم يرفعون نفس الشعارات ويرددون ذات الأقاويل.. ويمارسون نفس البلطجة.. وربما كانوا ممولين من نفس المصدر.. الذى يمول ويغذى ويشترى السلاح ويساعد جميع حركات ومنظمات البلطجة فى مصر.. فماذا نحن فاعلون؟
إن الدولة التى واجهت المتاجرين بالدين بالأمس القريب.. مطالبة الآن بمواجهة المتاجرين بالرياضة.. وهيبة الدولة على المحك.. فإما محاسبة البلطجية الذين يحتمون بروابط المشجعين.. وإما أن تذهب الحكومة لبيتها وتأخذ تعسيلة وتنام لتريح وتستريح.. ولا يكفى طبعا القبض على خمسين شخصا.. ثم الإفراج عنهم تحت ضغط المجتمع أو جمهور الكرة أو عائلات المقبوض عليهم.. وليس أقل من المحاكمة والمحاسبة وتحميل المخطئين الخسائر بالملايين.
الخيبة أن الأولتراس مسموح لهم فى بلادنا.. لكنهم ممنوعون بحكم القانون فى معظم دول أوروبا.. والسبب أنهم ليسوا من مشجعى اللعبة الحلوة.. وليسوا من هواة الفرجة على المباريات.. الأولتراس لا تهمهم نتيجة الماتش كثيرا.. المهم عندهم هو التشجيع.. هم مصابون بحمى اسمها التشجيع.. يقفون فى المباريات يعطون ظهورهم للملاعب.. ثم يبدأون استعراضاتهم التشجيعية.. وهم ممنوعون فى أوروبا لأن عقيدتهم هى العداء لرجال الأمن.. هم يكرهون رجال الشرطة من الباب للطاق.. هم يستهدفون رجال الشرطة بالهتافات والإشارات فى محاولة لاستفزازهم للدخول فى معارك يستعدون لها سلفا.
وذات مرة فى إسبانيا وفى إحدى مباريات الكرة.. صفع أحد أعضاء الأولتراس جنديا أسبانيا ثم اختفى المعتدى وسط الجماهير.. لكن الكاميرات هناك التقطت صورة المعتدى وتم القبض عليه وحكم عليه بثلاث عشرة سنة دفعة واحدة.. لم يتدخل الجمهور أو رجال حقوق الإنسان للدفاع عن اللاعب المعتدى، وقد شعروا أن كرامة الجندى الأسبانى من كرامة بلادهم.. وهو لم يفعل شيئا لينال عقوبة الصفع.. هو فقط كان ينظم دخول المشاهدين.. ولم يكتف القضاء وإنما حكم بحل منظمات الأولتراس نهائيا.. صار الانضمام إلى الأولتراس فى إسبانيا بمثابة الانضمام لجماعة محظورة.. يستحق صاحبها المساءلة والمحاكمة وربما دخول السجن أيضا.
ما حدث فى إسبانيا.. تكرر فى إنجلترا وفرنسا وبلجيكا وهولندا.. حيث إن روابط الأولتراس هناك ممنوعة بحكم القانون.. وبحكم المنطق والأصول.. وكيف تسمح بوجود رابط أو منظمة أول أهدافها هو العداء للدولة ولرجال البوليس تحديدا.
وفى بلاد الخواجات يخضع للرقابة والمحاسبة.. وذات يوم بصق لاعب فرنسى على جمهور الفريق المنافس.. فأوقفه فريقه عن اللعب.. واعتقلته الشرطة وقدمته لمحاكمة عاجلة.. وسجن ثلاثة شهور كاملة.. ثم استغنى عنه ناديه.. ليغيب اللاعب فى غياهب الأندية الصغيرة والمغمورة.
عندنا الأولتراس ترتكب الحماقة تلو الأخرى.. وقد استخدمتها جماهير الثوار أحيانا فى مظاهراتها الصاخبة.. ثم انتبهت إليها جماعة الإخوان فاشترتها بفلوسها.. وجميع روابط الأولتراس الآن تابعة تماما للإخوان وإن أنكرت ذلك تماما.. فماذا نحن فاعلون؟
لن نحاسب الأولتراس لانضمامها لجماعة سياسية محظورة.. لكننا نحاسبها على الوقائع التى ارتكبتها أخيرا بإحراق مطار القاهرة.. وهو الذى تكلف الشىء الفلانى.. ونحاسبها على تحطيمها لنادى الزمالك فى محاولة لفرض رئيس بالذات يرضى عنه الأولتراس.. ويدفع لقياداتها نظير سعيهم لتطفيش الآخر.
إن هيبة الدولة على المحك.. وعليها أن تحاسب المخطئين ولديها فيديوهات وصور ملونة وتسجيلات بالصوت والصورة.. وكل عام وأنتم بخير.