«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر حيثيات الحكم في قضية مجزرة بورسعيد


خديجة عبد الكريم -هناء بكري- محمد سعد
أودعت محكمة جنايات بورسعيد أسباب حكمها في واحدة من كبرى الأحداث المأساوية التي مرت بها مصر وهي حادث ستاد بورسعيد الذي راح ضحيته نحو74 شابا وأصيب المئات في أعقاب مباراة كرة القدم بين النادي الأهلي والمصري.
وأدانت المحكمة في حكمها 45 متهما بعقوبات متفاوتة وبرأت 28 آخرين، حيث عاقبت 21 بالإعدام شنقا والمؤبد ل 5 والسجن المشدد 15 عاما ل 10 بينهم مدير أمن بورسعيد السابق ومدير شرطة المسطحات بالمحافظة، والذي كان مكلفا بخدمه بوابة المدرج الشرقي ومسئول الإضاءة بالنادي المصري والسجن 10 سنوات ل 6 والسجن 5 سنوات لمتهمان والحبس عام لمتهم .

أكدت المحكمة في حيثيات حكمها والتي جاءت في 177 ورقة برئاسة المستشار صبحي عبد المجيد بعضوية المستشارين طارق جاد المتولي ومحمد عبد الكريم عبد الرحمن وحضور المستشارين محمود الحفناوي ومحمد جميل وعبد الرءوف أبو زيد، واستعرضت خلالها وقائع القضية وما استندت إلىه في أحكام الإدانة والبراءة وما دار بجلسات المحاكمة .

واستهلت أسبابها مؤكدة أن قضاء مصر الشامخ لم ولن يكون قضاءا للثورات أو قضاءا للأنظمة الحاكمة وإنما هو قضاء شعب مصر جميعه قضاء حق وعدل وقانون وسوف يذكر التاريخ أن هذا القضاء هو الذي لملم أحشاء مصر خلال فترة الثورة كما حمي جيشها العظيم أبناء الوطن وحافظ على سلامة أراضيه.

شعب بورسعيد

قالت الحيثيات أنه ما إن علم شعب بورسعيد الحر الأبي بالواقعة حتى هبوا على بكرة أبيهم يجوبون الشوارع والميادين للبحث عن هؤلاء الجناة العتاة لضبطهم وتسليمهم للعدالة لكي ينفضوا الغبار عن وجه مدينتهم المشرق الجميل ويزيلوا عن ثوبها الأبيض الناصع البياض هذه البقعة السوداء، ولما لا فالمجني عليهم وقد جاوزوا السبعين قتيلا بالإضافة إلى مئات المصابين قتلوا وأصيبوا في دقائق معدودات في مباراة يقال لها مجازا أنها في كرة القدم ولما لا فالمجني عليهم أبناؤهم وأبناء مصر جميعا فالقتلى والجرحى من أبناء مدينة بورسعيد الباسلة ومن معظم محافظات مصر المحروسة ولما لا وهذا العدد الرهيب من القتلى والجرحى لم تشهده بلادنا الحبيبة من أعنف الغارات الحربية التي شنها العدو الصهيوني الغاشم على بلادنا خلال حرب الاستنزاف فها هم أهالي بورسعيد يتمكنوا من ضبط المتهم الأول وأبوا إلا أن يسلموه بأيديهم للعدالة كما أن ثمانية من شهود الإثبات هم من أبناء بورسعيد الذين حضروا من تلقاء أنفسهم ليشهدوا مع باقي الشهود على ما شاهدوه وما اقترفه المتهمون من جرم.

ظاهرة الأولتراس

وتطرقت الحيثيات للحديث عن الأولتراس، موضحة أنه تلاحظ في السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة روابط تشجيع الأندية الرياضية (الأولتراس) والتي انتقلت إلى مصر من الملاعب الأوربية وأمريكا الجنوبية والهدف المعلن لتلك الروابط تشجيع الأندية الرياضية وحثها على الفوز وهي أهداف نبيلة وتتخذ كل رابطة زيا خاصا يميز ناديها ونظرا لعدم التعامل مع تلك الظاهرة وبحث أسباب انتشارها واستثمارها في النهوض بالرياضة المصرية بسماعهم ومحاورتهم وتوجيهم الوجهة الصحيحة فصارت وسيلة ضغط على الأندية وتدخلت في شئونها الإدارية والفنية وساعدهم على ذلك ضعف بعض مجالس إدارات الأندية وتمسكها بمقاعدها وأحيانا أخر بإسناد هذه الإدارات لمن هم غير مؤهلين لذلك أصبح ضرر هذه الروابط أكثر من نفعها.

وأضافت المحكمة أنه ساهم في ذلك إعلام رياضي تسلل إلىه على حين غفلة من أهله من هم غير متخصصين فكل من مارس الرياضة يوما أو لم يمارسها زاول مهنة الإعلام الرياضي بكافة وسائله ودون أن يكون مؤهل علميا أو أكاديميا لممارسة هذا العمل الخطير فنجد منهم من يتولي الدفاع عن تلك الروابط وتبني أفكارهم والأخر اتخذ موقفا مضادا للأول دون بحث أو تحليل وهذه الروابط تنتمي بالقطع إلى الأندية الرياضية ذات الجماهير العريضة .

وتابعت قد يكون الإعلامي أحد أبناء هذا النادي أو ذاك فعندما يقدم خبرا ما ويدعي الحيادية إلا أن أسارير وجهه وصرير قلمه وعدسة كاميراته وطريقة إذاعته أو نشره للخبر تفضح انتماؤه وزيادة الفرقة والتعصب بين الروابط بدلا من التقريب وبث الروح الرياضية .

مثيري الشغب

وقالت المحكمة قد اندس بعض من مثيري الشغب بين هذه الروابط وحاول الأمن السيطرة عليهم فعاملهم أحيانا بعنف فازدادوا عنفا وعندما أراد تطبيق القانون عليهم وقام بضبطهم سارعت بعض الإدارات الرياضية باللهث خلفهم للحيلولة دون ذلك فازدادت الأمور سوءا وتخبطت الإدارات الرياضية في قراراتها الانضباطية نحوهم وفشلت في التعامل مع تلك الظاهرة والتي عندما استشرت في الدول المصدرة إليها وساد الشغب بملاعبها تصدت لها بحسم وجزم واجتثت المفسدين من بينهم وطبقت القانون فأصبحت تجني ثمارها إذ كلما غاب القانون عمت الفوضى وفي الفترة الأخيرة ازداد الأمر سوءا .

وأشارت بعد ثورة 25 يناير وما صاحب ذلك من انفلات أمني وأخلاقي بعد أن حاول أعداء الوطن إجهاض جهاز الأمن المصري العريق وعمت الفوضى البلاد وتوقف على إثر ذلك الأنشطة الرياضية إلى أن بدأت تعود تدريجيا بقرارات قد تكون غير مدروسة ومأمونة العواقب وتداخلت فيها جهات عديدة كل بحسب رؤيته ومصلحته الخاصة ودون إعلاء لمصلحة الوطن وتعامل الأمن مع ذلك الواقع كل بحسب خبرته وحرصه على ما يفرضه عليه الواجب الدستوري والقانوني فمنهم من طلب تأجيل المباراة أو إقامتها بدون جمهور ومنهم من دون ذلك حتى وقعت الواقعة ولها بإذن الله كاشفه تفاصيل الأحداث وأسباب الإدانة.

مجزرة الأول من فبراير

وسردت الحيثيات الأسباب تفاصيل وقائع ما دار في ستاد بورسعيد في الأول من فبراير عام 2012 .

وأشارت أنه عندما أعلن عن تحديد مباراة كرة القدم بين ناديي الأهلي والمصري في الأول من فبراير العام الماضي حتى بدأت الحرب الكلامية تشتد بين جمهور الفريقين نظرا لحالة الاحتقان الشديد الدائم بينهما فجمهور أولتراس الأهلي حضر إلى بورسعيد في بداية عام2011 وأتلف بعض من مباني محطة سكك حديد بورسعيد ومحيطها .

وأضافت أثار ذلك حفيظة جمهور أولتراس المصري ورسخ فكرة الثأر لديهم فرد بروابطه الثلاثة التراس مصراوي وسوبر جرين وجرين إيجلز بعنف شديد وصل ذروته إلى تهديد كل من يأتي من أولتراس الأهلي لمشاهدة المباراة بالقتل، وقامت الرابطة الأخيرة جرين إيجلز بتأليف الأغنية الشهيرة "لوجاي بورسعيد ... أكتب لأمك وصية .. علشان هتموت أكيد .. وملكش أي دية" وقد رصدتها الأجهزة الأمنية ببورسعيد .

وأكدت المحكمة أن كل ذلك الشحن المعنوي والاحتقان الزائد عن كل مباراة سابقة بين الفريقين والتي تنذر بعواقب وخيمة وأبلغت المتهم الثاني والستون مدير أمن بورسعيد السابق عصام الدين سمك، إلا أنه أصر على إقامة المباراة في موعدها مع تأكيده على قدرته على تنظيمها والخروج بها إلى بر الأمان.

واجتمعت روابط أولتراس المصري الثلاث صباح يوم المباراة وقبلها بيوم وبيومين كل في المكان المخصص له وبالاتفاق والتنسيق فيما بينهم لإعداد وسيلة تنفيذ جريمتهم الشنعاء فأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء بكافة أنواعها وعصي وكميات من الحجارة وشماريخ وباراشوتات وصواريخ نارية وصواعق كهربائية.

كما أعدوا ولأول مرة عصي بيضاء تشع نورا أخضر عند إضاءتها لاستخدامها للتعرف على بعضهم البعض لحظة الهجوم على المجني عليهم بالمدرج حال قيام المتهم توفيق ملكان صبحية مهندس الكهرباء والإذاعة الداخلية بالإستاد بإطفاء الأنوار عقب المباراة مباشرة .

مخطط الجريمة

وتابعت المحكمة في أسبابها أنه كانت من بين عناصر تنفيذ جريمتهم تقسيم أنفسهم إلى مجموعات تترصد جمهور أولتراس الأهلي في الأماكن التي أيقنوا سلفا قدومهم إليها، فتوجهت المجموعة الأولي يوم المباراة إلى محطة القطار للاعتداء عليهم لحظة وصولهم وفشلت هذه المجموعة في تحقيق مأربها نظرا لقيام الأمن والقوات المسلحة بتغيير خط سير وصول الجماهير، والمجموعة الثانية كانت ترصدهم عند مدخل الإستاد ونجحت في تنفيذ ما اتفقوا عليه، فما أن شاهدوا حافلات جماهير أولتراس الأهلي حتى بادرتهم بوابل من الحجارة ألقوها عليهم ما أدى إلى إصابة بعض المجني عليهم، وكان من بين عناصر هذه الخطة أيضا الاستعانة ببعض المتهمين من أرباب السوابق والذين ليست لهم علاقة بكرة القدم للاشتراك معهم في قتل المجني عليهم على أن يلتقي الجميع داخل الإستاد و الهجوم على المجني عليهم وقتلهم عقب انتهاء المباراة .
المدرج الشرقي
وأضافت الحيثيات أن الروابط قامت بتوزيع أنفسهم داخل الإستاد فاستقرت رابطتي ألتراس مصراوي وجرين إيجلز بالمدرج الغربي بينما جلست رابطة سوبر جرين بالمدرج البحري الشرقي حتى يتمكنوا من الإطباق على جمهور أولتراس الأهلي ومحاصرتهم بالمدرج الشرقي لحظة الانقضاض عليهم عقب انتهاء المباراة وما أن دخل جمهور أولتراس الأهلي من باب المدرج الشرقي المعين على خدمته المتهم محمد محمد سعد ضابط شرطة حتى فوجئوا على غير العادة في المباريات بقيام المتهم توفيق ملكان مسئول الإذاعة الداخلية بالإستاد بقطع البث الإذاعي ويعلن عن وصول أولتراس الأهلي، وكأنه يعلن عن وصول الضحايا فبادرهم أولتراس المصري بأعداده الغفيرة التي تزيد عن السعة المقررة للاستاد والذي تمكن من دخوله بعد أن فتح لهم مدير الأمن أبواب الإستاد على مصرعيه ودون الحصول على تذاكر لحضور المباراة ودون تفتيشهم لضبط ما بحوزتهم من أسلحة .

نجمة داود

وقالت المحكمة ما إن أستقر المجني عليهم في أماكنهم أبصروا لافته مرفوعة بالمدرج الغربي المخصص لأولتراس المصري مدون عليها باللغة الإنجليزية عبارة "موتكم هنا" ويرفعون علم الأهلي وعليه نجمة داود وبدأت المباراة في جو مملوء بالتوتر والشحن المعنوي الزائد وازداد السباب والهتافات المعادية بين جمهور الفريقين وتلاحظ أن عبارات السباب من جمهور النادي المصري كانت غريبة عن مثيلاتها في المباريات السابقة إذ أن كلها كانت تحمل معني التهديد بالقتل مثل "العلقة بره.. ويا اللي الحكومة حامياكو .. بعد الماتش ..لفظ خادش للحياء" وطوال أحداث المباراة تلاحظ نزول بعض المتهمين من أولتراس المصري لمضمار الملعب، إما قفزا من أعلى أسوار المدرج أو بكسر أبوابه، بعضهم حاملا لألعاب نارية وأسلحة بيضاء، والآخر يخلع ملابسه ومن بينهم المتهمين الثالث والرابع والسابع والتاسع والعاشر والحادي والثاني والثالث عشر والثالث والرابع والثلاثون والثامن والثلاثون والتاسع والخمسون والذين توجهوا إلى المدرج الشرقي لمحاولة الاعتداء على المجني عليهم وتمكن ضباط الأمن المركزي من القبض عليهم وتدخل مدير الأمن بفعله الايجابي طالبا تركهم و إعادتهم مرة أخرى للمدرجات بدلا من ضبطهم وما معهم من ممنوعات وإبعادهم عن المباراة .
بروفة المجزرة

وهو الأمر الذي شجع هؤلاء وآخرين مجهولين على تكرار ذلك عدة مرات وكأنهم في بروفة تدريبية لهم ولباقي المتهمين في كيفية تنفيذ الهجوم على المجني عليهم عقب انتهاء المباراة .

وواصلت المحكمة سرد أسبابها مشيرة إلى انه بين شوطي المباراة قال المتهم مدير الإدارة العامة للبحث الجنائي لمدير الأمن ما ورد إليه من معلومات خطيرة مفادها اعتزام المتهمين من جمهور أولتراس المصري النزول لأرض الملعب عقب انتهاء المباراة والهجوم على المجني عليهم، إلا أن الأخير لم يتخذ ثمة إجراءات أو تدابير أمنية للعمل على منع هذا الاعتداء وأثناء المباراة.
وتابعت:" في منتصف شوطها الثاني تقريبا رفعت لافته في المدرج الشرقي المخصص لجمهور أولتراس الأهلي مدون عليها عبارة "بلد البالة ما جابتش رجالة" للتأثير على جمهور النادي المصري ما زادهم إصرارا على تنفيذ مخططهم الإجرامي وقد شوهدت هذه اللافتة مع المتهم العاشر محمد محمود البغدادي وشهرته (الماندو) وهو يحملها ويصيح بعبارة "اليافطة أهيه".

وقالت المحكمة:" قبل نهاية المباراة بحوالي عشرة دقائق قام المتهم المهندس المسئول عن الإذاعة الداخلية بالإستاد بقطع الإذاعة وإذاعة بيان من ورقة محررة بخط يده نصها كالآتي:"إن مجلس إدارة النادي المصري برئاسة الأستاذ كامل أبو علي يهيب بجماهير النادي المصري التزام الهدوء والتشجيع المثالي للحفاظ على حياة الجماهير وظهورها بالمظهر المشرف وكأن معلومة الهجوم على المجني عليهم قد انتقلت إلى مسامعهم وما أن لفظت المباراة أنفاسها الأخيرة وأطلق الحكم صافرة نهايتها معلنا فوز النادي المصري حتى انطلق المتهمون من جمهور أولتراس المصري من كل حدب وصوب لتنفيذ أخر حلقة من حلقات مخططهم الإجرامي وقصدهم المصمم على الإطباق على المجني عليهم وقتلهم فأسرعوا في النزول من المدرجين الغربي والشرقي، إما بالقفز من أعلى الأسوار أو بتحطيم أبوابها الداخلية في اجتياح كاسح وعارم ومهيب لأرض الملعب حاملين معهم أدوات تنفيذ جريمتهم النكراء، متجهين بسرعة شديدة وبأعداد غفيرة وموجات متلاحقة صوب المجني عليهم .

حاجز أمني ممزق

وفي طريقهم إليهم صادفهم بعض من لاعبي وإداري النادي الأهلي حاول بعض المتهمين الفتك بهم وتمكنوا من الاعتداء على بعضهم إلى أن تمكن الأمن من الدفاع عنهم وإدخالهم مذعورين إلى غرف خلع الملابس، كما حمل بعض من المتهمين المقاعد الموجودة بأرض الملعب لاستخدامها في التعدي على المجني عليهم وبعد اجتياز الحاجز الأمني المتهرئ والممزق أوصاله بأرض الملعب.

وأكدت المحكمة قبل صعودهم للمدرج الشرقي أمطروا المجني عليهم بوابل من الحجارة والألعاب النارية فبثوا في نفوسهم الفزع والهلع من هذا الهجوم الغاشم الكاسح عليهم ومعظمهم من الشباب صغير السن عزل حضروا لمشاهدة مباراة كرة القدم لا لدخول معركة حربية وكل ما يحملونه أدوات لتشجيعهم ويتزيون بزيهم الرياضي ولم يكونوا يعلمون أنهم سوف يلقون حتفهم في مباراة رياضية وبهذه الوحشية .

ومن شدة وهول المفاجأة التي أذهلت عقولهم وشلت تفكيرهم إذ كيف يواجهون هذه الجحافل الجرارة من كل حدب وصوب وأصبح تفكير كل منهم منحصرا في كيفية النجاة بنفسه، وكلهم لاقوا حتفهم أيا كان موقعه وأصيب من نجا بإصابات خطيرة كادت تودي بحياته وإصابات نفسية عميقة .

ممر الموت

وأكدت المحكمة أن المجني عليهم الذين أسرعوا بالهروب من اعتداء المتهمين إلى الممر المؤدي للسلم الذي ينتهي بباب الخروج كانوا كالمستجيرين بالرمضاء من النار إذ فوجئوا بالمتهم محمد سعد الضابط المعين على خدمتهم قد أحكم غلقه قبل نهاية المباراة بحوالي خمسة دقائق وانصرف من مكان خدمته وظلوا يندفعون الواحد تلو الآخر في اتجاه باب المدرج حتى تكدس الممر الضيق بالمئات وانحشروا جميعهم بين الباب المغلق والسلم وفتحة الممر المؤدية إلى المدرج والمتهمين يوالون قذفهم بالحجارة والتعدي عليهم بالعصي والصواعق الكهربائية وأسلحتهم البيضاء وبلغ فحش المتهمين الإجرامي بأن قاموا بإطلاق الألعاب النارية وبكثافة شديدة عليهم حتى بدت فتحته الممر وكأنها ينبعث منها حمم بركانية مما أدى إلى سقوط المجني عليهم صرعي وقتلى بالاختناق نتيجة إعاقة حركة الصدر التنفسية، وبلغ العنف مداه بأن قام المتهم التاسع والأربعون حسن محمد المجدي، بالتعدي على المجني عليهم داخل سلم الممر أحيائهم وأمواتهم وخزا في أجسادهم بمطواة قاصدا وباقي المتهمين قتلهم .

وأضافت الأسباب أنه من حاول من المجني عليهم المحشورين داخل الممر النجاة بنفسه أخذ جاهدا رفع جسده إلى أعلى ليجد نسمة هواء نقية يستنشقها تعيد إلى رئتيه نبض الحياة فإذا به يجد نفسه يقف فوق جثث أصدقائه القتلى .

وقد وصف ذلك المشهد المأساوي شاهد الإثبات الأول لدى سماع أقواله، حينما قرر أنه كان يشعر وكأنه يقف في الهواء وإن دل على شيء فإنما يدل على أن قانون الجاذبية الأرضية تعطل ولو للحظات داخل هذا الممر .

ومن شدة التكدس والتدافع سقط الباب الحديدي أمامهم فسقطوا عليه فوق بعضهم قتلي ومصابين، ولم يؤثر هذا المشهد الرهيب في نفوس وقلوب المتهمين والتي أصبحت كالحجارة .

وتابعت:" بلغت الخسة والدناءة بهم بأن أمسك المتهم الأول السيد محمد رفعت الدنف، بقالب طوب وظل يهوي به على رأس ووجه أحد المجني عليهم وهو ملقى أرضا حتى نزفت الدماء بغزاره قاصدا وباقي المتهمين قتله ولم يكفوا عن استمرار قذفهم للمجني عليهم بالحجارة إلا بعد تدخل القوات المسلحة .

وحوش ضارية

وانطلق المتهمون حاملين أسلحتهم البيضاء كالوحوش الضارية خلف المجني عليهم وتمكنوا من إجبارهم على نزع ملابسهم والاستيلاء على متعلقاتهم الشخصية والاعتداء على المجني عليهم بالعصي والشوم والقطع الخشبية بلا شفقة في مواضع قاتلة على رؤؤسهم حثي اختلطت دمائهم الذكية النقية بأرض المدرج الأسمنتية.

وقالت المحكمة من حاول من المجني عليهم الفرار بالصعود إلى أعلى المدرج فكان قتلهم أشد بشاعة وخسة إذ تعقبهم المتهمون وأطبقوا عليهم والتفوا حولهم بعد أن أدخلوهم في شباكهم وظلوا يتوسلون إليهم بتركهم ولكن ماذا يجدي كل ذلك مع جناة معتادي الإجرام أخذوا يعتدون عليهم ويحملون بعضهم بعد تكتيفهم من أرجلهم وأيديهم ورفعهم إلى أعلى ملقين إياهم الواحد بعد الآخر من أعلى السور الذي يبلغ ارتفاعه 11 متر حتى أن المجني عليه أحمد وجيه عبد الصادق حاول الخلاص بنفسه من بين أيديهم فأسرع المتهم السادس والخمسون وشهرته عظيمه أثناء وجود المتهمين 4 و7 و53 و59 61 على مسرح الجريمة بتكتيفه وخنقه بلف الكوفيه التي كان المجني عليه يرتديها حول رقبته وتمكنوا من رفعه إلى أعلى وإلقائه من أعلى السور الحديدي .

وأشارت أنها قد تزامنت مع قيام المتهم مهندس الإذاعة الداخلية بالإستاد "توفيق صبيحة" بالإسراع في إطفاء أنوار الإستاد بالمخالفة للقواعد المتبعة في ذلك والتي توجب عدم إطفاء الأنوار إلا عقب التأكد من إخلاء الإستاد نهائيا من الجماهير .

عدالة السماء

وقالت المحكمة أن عدالة السماء كانت للمتهمين بالمرصاد، موضحة أنه بجانب تعرف الشهود على المتهمين فإن الفنار الخاص بإرشاد السفن والرابض في مياه البحر أمام الإستاد كانت تأتي أنواره مع الأنوار الخارجية المجاورة للإستاد ليكشف وجوه المتهمين .

واستعرضت المحكمة الإصابات التي أودت بحياة المجني عليهم وإصابة البعض الأخر ومنها الانسكابات الدموية الناشئة عن المصادمة من جسم صلب والزرقة في الشفتين والأظافر واحتقان اليدين وغيرها من المظاهر الدالة على الوفاة بالاختناق من جراء اسفكسيا إعاقة حركات الصدر التنفسية فضلا عن الإصابات الأخرى .

وأكدت المحكمة أنها أطمئنت لشهادة الشهود وما استدلت به المحكمة من أقوال المتهمين مشيرة إلى أنها ألقت الضوء على باقي زملائهم ودورهم في ارتكاب الاتهام فضلا عن معاينة النيابة لمسرح الجريمة ما وجد به من فوارغ أظرف طلقات والعاب ناريه سلاح ابيض صناعة جنوب أفريقيا وبعض متعلقات المجني عليهم المتناثرة وأثار التحطيم في المقاعد التي استخدمت في الاعتداء على الضحايا .

كما تلف خمس بوابات حديدية بمضمار الملعب وانهيار البوابة الحديدية الخاصة بالمدرج الشرقي وانبعاج بسقف الممر المؤدي لغرفة اللاعبين وتلف منظومة الحريق وغيرها من الخسائر المادية التي بلغت قيمتها 89 ألف و767 جنيها.

وأكدت المحكمة في حيثياتها انه نظرا لما تقدم فهي تطمئن إلى إدانة المتهمين بجريمة القتل العمد مؤكدة أنها لم تجد لهم وبحق سبيلا للرأفة لغدرهم بالمجني عليهم دون مبرر ولم يردهم أنهم عزل ولم يرحموا ضعفهم وصغر أعمارهم كما أن الأوراق لم تظهر بها شبهة دارئه للقصاص لذلك كان جزاؤهم الإعدام قصاصا لقتل المجني عليهم ذلك فضلا عن توافر عناصر الجرائم الأخرى وهي السرقة والبلطجة وحيازة مواد مما تعتبر في حكم المفرقعات، وأسلحة بيضاء، وسبق الإصرار والترصد والتي عاقبت المحكمة باقي المتهمين عليها كلا حسب ما نسب إليه من اتهام.
وبالنسبة لأسباب حكمها بإدانة مدير الأمن وآخرين قالت المحكمة أن الثابت بالأوراق أن مدير الأمن السابق أصر على إقامة المباراة رغم علمه اليقيني بخطورة إقامتها مما توافر لديه من معلومات أبلغ بها تؤكد عزم المتهمون على الاعتداء على المجني عليهم.
وأضافت المحكمة أن المتهم أخذته العزة بالاسم دون مقتضي لا لشيء إلا ليثبت لقياداته انه محل ثقتهم وكان نتيجة قراره الخاطئ ما حدث كما انه من الثابت بمطالعة أمر الخدمة الذي أصدره لتأمين المباراة انه لم ينفذ إلا على الورق فقط إذ لو قام بتنفيذ ما جاء ببنوده كتفتيش الجماهير لما وقعت الكارثة، فضلا عن عدم تدخله بإصدار أوامر لمرؤوسيه وقواته بالعمل على التصدي لما حدث من هجوم أو التقليل منه بينما قام الضابط المكلف بالخدمة على باب الإستاد بغلقه وتركه مكان خدمته محتفظا بمفتاح الباب معه ولم يتركه لأحد الضباط ، ورغم علمه بالأحداث لم يبادر بالإسراع بالعودة إلى مكان خدمته، بل اختبئ تحت أحد المظلات تاركا المجني عليهم محشورين خلف الباب، بينما قام المتهم المسئول عن الكهرباء بإطفاء الإضاءة في الإستاد مخالفا بذلك تعليمات الإضاءة التي توجب عدم إطفاء الأنوار إلا بعد التأكد من خلو الإستاد من الجماهير، ورغم مشاهدته للأحداث فعل ذلك وانتهت المحكمة إلى أن المتهمين الثلاثة ساهموا بأفعالهم في ارتكاب الجريمة وشرحت ما استندت إليه في نصوص القانون المصري والألماني والأنجلو أمريكي حيث التكييف القانوني لأفعال المتهمين.
أسباب البراءة
استعرضت المحكمة سباب ما استندت إليه ببراءة 28 متهما، حيث أكدت أن تقدير الأدلة من شأن المحكمة مؤكدة على القاعدة القانونية بأن الأحكام الجنائية ينبغي أن تبني على الثبوت بأدلة قطعية ولا على مجرد الاحتمال والظن.
وأضافت انه من استقراء وقائع الدعوي أن أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة العامة بالنسبة للمتهمين من الأول حتى التاسع عشر، جاءت قاصرة لما شابها من شك وغموض، حيث خلت المشاهد المصورة لإحداث المباراة من ظهور أيا من هؤلاء المتهمين على مسرح الحادث، كما لم يوجد شاهد على المتهمين.
وبالنسبة للمتهمين من العشرين وحتى السادس والعشرين (ضباط شرطة) فقد جاءت الأوراق خالية من دليل تطمئن المحكمة لإدانتهم به.
وأشارت المحكمة إلى أن دليلها في ذلك أن هؤلاء المتهمين ابلغوا مدير الأمن بحالة الاحتقان الشديد والشحن المعنوي الزائد بين المتهمين والمجني عليهم وما تم رصده على المواقع الإليكترونية من معلومات حول ذلك إلا أن الأخير أصر على إقامة المباراة أما بالنسبة للمتهمين الأخيرين (من بينهم قيادي بالنادي المصري) فخلت أوراق القضية من دليل إدانة لهما.
وأوضحت المحكمة في أسبابها الرد على الدفوع المبداة من دفاع المتهمين والذي جاء أبرزها الدفع بعدم دستورية المادة 375 مكرر من قانون العقوبات الذي ردت عليه المحكمة قائلة أنها تلفت عنه، موضحه انه دفع غير جدي ولم يقصد به سوي تعطيل الفصل في الدعوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.