ضمن هوجة الإقالات.. أصدر وزير الثقافة الجديد قرارا بإقالة رئيس هيئة النقل العام.. فلما قالوا له إنه غير تابع لوزارتك.. فقال قولته المأثورة: إننى لن أتراجع عن قرارى أبدا.. ويحتاج الأخ عبدالعزيز - وزير الثقافة الجديد - للكشف عن قواه العقلية للتأكد من سلامة تصرفاته وأفعاله.. يحتاج للوقوف أمام جهاز كشف الكذب للتحقق مما يقول ويفعل منذ تولى منصبه منذ أيام قليلة أحدث فيها هرجا ومرجا فى وزارة تتميز بالهدوء ورجاحة العقول. قبل تولى عبدالعزيز للمنصب لاحقته اتهامات بالفساد والمراهقة الجنسية.. دعك من كونه يصلح للمنصب من عدمه.. دعك من هذا تماما.. لأن معظم الوزراء الآن من أهل الثقة والمحسوبية.. وليسوا من الخبراء الفاهمين.. يتساوى فى ذلك وزير الثقافة مع وزير الإعلام أو وزير الشباب أو التموين أو غيرهم.. كلهم نفس القطعية.. ونفس المواصفات السلوكية.. يلاحقهم ماض تحيط به الأقاويل.. فدعك إذن من مسألة الكفاءة والصلاحية للمنصب الرفيع. نحن الآن نناقش التصرفات والأفعال.. والوزير الجديد الذى لا نعرف له أصلا من فصل.. ولم يضبط يوما فى محاضرة أو ندوة أو عرض مسرحى.. الوزير الجديد أعلن عن رغبته فى إبعاد جميع كوادر الوزارة.. والخيبة أنه أعلن ذلك من منازلهم.. أعلنه من البيت قبل أن يدخل الوزارة.. بمجرد ترشيحه للمنصب.. أعلن أنه سيبعد الكوادر.. وكأن قراره هو عربون تعيينه.. ولماذا تبعدهم يا سيد: لأنهم متهمون بالفساد والتربح والعمل ضد وزارة الثقافة نفسها! تولى الوزير المنصب فأبعد رئيس الأكاديمية.. أكاديمية الفنون.. قلنا ماشى.. فالرجلان على خلاف كبير منذ اتهام رئيس الأكاديمية للوزير بأنه فاسد فاسق يستحق الإحالة للتحقيق.. بعدها قام الوزير بإبعاد الرجل الشغال أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب.. النشيط تماما فى مجال الثقافة وأستاذ الجامعة المنتدب.. والذى يعد من الوجوه المشرفة للوزارة.. ثم قام بإبعاد رئيس مكتب الوزير.. قلنا إن ذلك من حقه.. فرئيس البيت الفنى.. فرئيس قطاع الفنون التشكيلية.. ثم استدار إلى دار الكتب يطلب من رئيسها الاستقالة.. بدلا من الإقالة.. وكأن بينه وبين هؤلاء «تار بايت».. وكأن مهمته تنحصر فى إبعاد هؤلاء.. مع أنه يدرك أنه عندما يتحدث عن الفساد.. ثم يقوم بإبعاد شخص ما.. فإن هذا يعد اعترافا واضحا واتهاما صريحا بأن الشخص المستبعد فاسد بطريقة ما.. ثم بموجب تصريح الوزير استبعاده من موقعه بالوزارة..! الكارثة الكبرى.. أو قل القشة التى قصمت ظهر البعير.. هو إبعاد العالمية إيناس عبدالدايم عن دار الأوبرا.. وإيناس عبدالدايم بالذات واجهة ثقافية لامعة.. هى الوجه المحترم للأوبرا.. هى الشخص المناسب فى المكان المناسب.. ولذلك تم إبعادها! أقطع ذراعى أن المسألة تتعلق بالإبداع.. والوزير الجديد مجرد موظف لا يدرك قدر وحجم وقيمة وقامة المستبعدين.. هو موظف لم يضبط يوما متلبسا بالإبداع فى مجال ما.. لم يعرف عنه ميله للثقافة.. وكل علاقته بها أنه كان موظفا مربوطا على درجة مدرس بالأكاديمية.. مجرد مدرس.. يعنى ليس أستاذا.. أو أستاذا مساعدا.. هو مجرد موظف على باب الله.. دخل الوزارة من باب الواسطة.. فوجد القامات تحيط به.. القامات فى جميع المجالات.. وكيف يعمل الوزير الموظف مع جميع تلك القامات.. كيف يمكن له أن يوجهها ويخطط لها.. إنه ليس فاروق حسنى المبدع العملاق.. إنه مجرد عبدالعزيز الوزير بالواسطة.. فكان القرار الأسهل هو إبعاد تلك القامات.. يسانده ويشجعه قيادات الجماعة التى لا تحب الثقافة أصلا.. والتي أعلنت من اليوم الأول لظهورها على سطح الحياة السياسية أنها ضد الإعلام وتكره الثقافة.. وقد واتتها الفرصة بوزير موظف يسمع الكلام وينفذه بالحرف الواحد. حضرة سيادة وزير الثقافة.. يعنى إيه ثقافة؟!