من داخل مكتب وزير العدل المستشار أحمد مكى تدير جماعة الإخوان مخططا لإحكام قبضتها على «برلمان 2013»، إذ قررت الجماعة أن تكون أغلبيتها «ساحقة» فى هذا البرلمان، سواء كانت وسيلة هذه الأغلبية «سياسية» أم عبر التعديلات التشريعية! وفى جزء كبير من الخطة كان أن بدأت إرهاصات هذا السيناريو مع نهاية المرحلة الانتقالية، إذ وفقا لمبدأ الأقدمية التى تسير عليها المؤسسة القضائية منذ سنوات طويلة كان الدور القانونى على المستشار سمير أبوالمعاطى رئيس محكمة استئناف أسيوط باعتباره أقدم القضاة فى محاكم الاستئناف ليتولى رئاسة محكمة استئناف القاهرة خلفا للمستشار عبدالمعز إبراهيم، فى الأول من شهر يوليو من العام الماضى ليتولى رئاسة اللجنة العليا للانتخابات ابتداء من هذا التاريخ وحتى اللحظة الراهنة.
وكان أن تزامن هذا الأمر مع الهجوم الذى قاده ما يسمى تيار الاستقلال القضائى وقتئذ، ومنهم المستشاران «أحمد مكى، وحسام الغريانى».. والأخير هو من تولى المجلس القومى لحقوق الإنسان عقب تقاعده عن رئاسة مجلس القضاء الأعلى، بعد أن نجح فى توظيف قضية التمويل الأجنبى حينئذ، سياسيا، أثناء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، التى انتهت باختيار د. محمد مرسى رئيسا للجمهورية لتكون بداية تمكين هذا التيار من مؤسسة العدل وإسنادها إلى المستشار أحمد مكى. وفى هذا السياق كان أن قرر وزير العدل «أحمد مكى» تقويض صلاحيات رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار سمير أبوالمعاطى من خلال منح صفة رئيس اللجنة العليا للانتخابات لرؤساء المحاكم الابتدائية البالغ عددهم 27 مستشارا على مستوى الجمهورية، بما فى ذلك صلاحيات رئيس اللجنة من اختيار وندب القضاة أعضاء الهيئات القضائية الأربع: «القضاء العادى- مجلس الدولة- هيئة قضايا الدولة- هيئة النيابة الإدارية»، مع إعلان النتائج النهائية للانتخابات دون الرجوع للجنة العليا للانتخابات الرئيسية! وهو ما يمكن القول بأنه ضد توصيات المحكمة الدستورية العليا التى قالت منذ أيام إن الدستور استحدث نظاما جديدا للإشراف على الانتخابات العامة والاستفتاءات، عهد به إلى المفوضية الوطنية للانتخابات على نحو ما ورد فى المادة 208 منه، ونص فى المادة 210 على أنه «استثناء من ذلك تسند المفوضية الإشراف على الاقتراع والفرز لأعضاء من السلطة القضائية والهيئات لمدة عشر سنوات على الأقل من تاريخ العمل بالدستور وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون». وإذا كانت مشاركة المصريين بالخارج فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى وانتخاب رئيس الجمهورية والاستفتاء على الدستور التى أجريت خلال عامى 2011 و2012 قد تمت بمعرفة لجان فرعية ولجان فرز ولجان عامة مشكلة من أعضاء السلك الدبلوماسى والقنصلى، إلا أن هذا الأمر كان له سند دستورى وهو نص المادة 39 مكرر من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011والمضافة بالإعلان الدستورى الصادر فى 19 نوفمبر سنة 2011 إذ نصت المادة 236 من الدستور على أن «تلغى جميع الإعلانات الدستورية الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس الجمهورية منذ الحادى عشر من فبراير سنة 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور»، ومن ثم فإن السند الدستورى الذى كان يجيز إسناد عمليتى الاقتراع والفرز لغير أعضاء الهيئات القضائية قد تم إلغاؤه اعتبارا من تاريخ العمل بالدستور الجديد، وصار لازما اتباع ما ورد به من أحكام والتى خلت من مثل هذا الاستثناء. رجال الجماعة لم يكتفوا عند هذا الحد، بل وصل الأمر إلى أكثر من ذلك.. حيث اجتمعوا مع عدد من الأحزاب السياسية تمهيدا للتنسيق فيما يخص الانتخابات المقبلة «إذا اكتملت».. حيث عرضوا عليهم حذف البند الخاص بالمكون الانتخابى الذى يتيح لكل حزب أن يحصل على نصف بالمائة ليتم تمثيله فى البرلمان، حيث أدرجت مادة «خطيرة» فى القانون الذى نسفت بعض مواده المحكمة الدستورية العليا تنص على أن «الحزب الذى يتبقى له أصوات انتخابية فى الدوائر على مستوى الجمهورية تذهب جميعها للحزب صاحب الأغلبية». أى أن فرص الأحزاب التى كانت تحصل على مقاعد طبقا لترتيبها فى نسبة عدد الأصوات التى حصلت عليها بالترتيب لن يكون لها أية مقاعد فى البرلمان مما يعنى أن البرلمان سيكون «وفق خطة مكى.. إخوانى مائة فى المائة».
من جانبه فند المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق «لروزاليوسف» المواد المتوقع أن يطعن عليها إذا أجريت الانتخابات المقبلة على هذا الأساس، قائلا: إن قانون الانتخابات هو مثال صارخ على الأخطاء التشريعية التى ندفع ثمنها يوما بعد يوم.. وهذا القانون بالرغم من عرضه مرة أخرى على «مجلس الشورى»، إلا أن الطعن عليه من الناحية الدستورية إذا أجريت الانتخابات على هذا الأساس «واجب».. نظرا لأن مجلس الشورى لم يلتزم حرفيا بما أقرته المحكمة الدستورية العليا فى شأن التعديلات التى أرسلتها المحكمة إليه.. وهذا معناه من الناحية الواقعية «إن التعديلات الجديدة التى أضافها مجلس الشورى على قانون الانتخابات الجديد تعنى أننا أصبحنا أمام قانون جديد يجب عرضه من جديد على المحكمة الدستورية العليا». وأشار السيد إلى أن أهم المواد التى يمكن الطعن عليها خلال الأيام القادمة إذا أجريت هذه الانتخابات مواد «القائمة والفردى»، لأنها عملية تقسيم للمجتمع لا يستفيد منها سوى الأحزاب الكبيرة أو تلك التى تتمتع بدعم شعبى معروف للجميع، لأن هذه الأحزاب عندما يترشح أعضاؤها بالنسبة لقوائم الدوائر الأكثر اتساعا فمن الصعب على المواطن العادى ألا يحصل على حقه. أيضا فيما يخص انتخابات الفردى سيكون لزاما على الشخص الذى ينجح فى الفردى أن يكون له أرضية وشهرة واسعة.. أما المشرعون الحقيقيون فلن يكون لهم دور أو مقاعد فى البرلمان.. نفس الأمر سوف ينطبق على مفهوم العامل والفلاح الذى عرفته المحكمة الدستورية العليا بأنه «كل من يحصل على أجر فهو عامل.. وكل من يمتلك أرضاً زراعية فهو فلاح»، وهذا معناه أن البرلمان سيكون من الناحية الواقعية بلا عمال أو فلاحين ولكن من الناحية الإجرائية فهو كذلك، وهذه المادة من الناحية الدستورية أيضا محل طعن بالرغم من تصدى المحكمة الدستورية العليا نفسها لهذا الأمر خلال جلستها الأخيرة.. لأن هذا النص فضفاض ويحتاج إلى إعادة نظر. واستطرد السيد: من ضمن المواد التى يمكن أن يتم الطعن على المرشحين الذين يندرجون تحتها هى الخلاف الذى حدث بين المحكمة الدستورية العليا ومجلس الشورى فى موضوع الذين لم يؤدوا الخدمة العسكرية.. حيث أضاف مجلس الشورى إلى ما قالته المحكمة الدستورية: «إلا إذا ثبت من ذلك بحكم قضائى.. أو استبعد من التجنيد لأى سبب»، دليل على تعرض كل من ينجح فى الانتخابات ولم يؤد الخدمة العسكرية للطعن على عضويته فى البرلمان إذا فاز، بحيث تصبح عضويته باطلة وتزول عضويته.. وهذه القواعد يمكن أن تؤدى إلى بطلان عدد كبير من النواب لأن المحكمة الدستورية العليا إذا أقيمت أمامها دعوى من جانب أحد المرشحين الخاسرين استنادا إلى هذا الأساس القانونى سوف تبطل جميع عضويات الأعضاء الذين فازوا على هذا البند. بل نفس الأمر سوف ينطبق على عدد كبير من الإخوان أو السلفيين إذا فازوا فى الانتخابات لأنه سبق أن استبعدوا من التجنيد فى النظام السابق وترشيحهم غير صحيح وتصبح الإضافة التى أضافتها اللجنة التشريعية فى الشورى عرضة لأن يطعن على قانون الانتخابات فى الدستورية العليا لأن الرقابة السابقة على التشريع تعنى أنه لا يجوز الطعن عليه بعد ذلك، إلا إذا التزم بما قضت به المحكمة الدستورية العليا.. وإذا تم تغيير عدد من النصوص ولم تعرض على المحكمة الدستورية العليا يكون القانون فى هذه الحالة قانونا جديدا. وفند السيد المادة الخاصة بتقسيم الدوائر، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية قالت إنه فيما يخص الدوائر فيجب الالتزام بالعدد وما فعله مجلس الشورى غير دستورى، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن محافظة سوهاج كان لديها 14 مقعداً ولكن حسب التعداد السكانى وما أقره الشورى دون الالتزام بما جاء إليه من المحكمة الدستورية العليا أصبحت .12 محافظات أخرى كان لديها 10 مقاعد.. ولكن الشورى قال لا وقلص عدد دوائرها بينما أبقى على بعض الدوائر فى نفس المحافظات.. هذا يطعن عليه من المحكمة الدستورية العليا. وألمح إلى المادة الخاصة بخصم نسبة الأصوات المتبقية من الأحزاب التالية للحزب الحاصل على أعلى الأصوات فكرة ليست جديدة، بل تم اقتباسها من قانون الانتخابات، الذى كان معمولا به فى عهد السادات «الحزب اللى حاصل على الأصوات يأخذ الكرسى اللى باقى من احتساب عدد الأصوات».∎