«محمد عبدالمنعم الصاوى» ممثل الكنيسة، ضحكات ونكات ويوم سعيد كما وصفه المستشار «حسام الغريانى»، استكمال النصاب القانونى بالاحتياطيين، وتمرير الكوارث فى غياب شرائح كبيرة من المصريين.. هذا بعض من كل الظواهر المأساوية التى شهدتها الجلسة الأخيرة للجمعية التأسيسية للدستور للتصويت النهائى على المسودة الأخيرة، وكان من الضرورى أن نكون موجودين فى هذا اليوم الكارثى، الذى لم تره مصر من قبل، وكان يتم ذلك على بعد خطوات من شباب الثوار المعتصمين ضد هذه التأسيسية ودستورها.
الذين تهكم عليهم «الغريانى» قائلا للأعضاء: «الشباب مستنينكو بره»! متناسيا هو وأصحابه من أمثال «سليم العوا» الذى كان «يهزر» والشباب غاضب أن ملايين المصريين يرفضون ما يفعلونه، وهم يستبقون غضبهم والأحكام القضائية ضد التأسيسية والشورى والإعلان الديكتاتورى بإرسال المسودة النهائية للرئيس ليطرحه بدوره للاستفتاء قبل صدور الأحكام فتكون بلا قيمة!
فى كواليس التأسيسية التقينا العديد من أعضاء الجمعية المستمرين فيها، حيث رأى من وجهة نظره اللواء ممدوح شاهين عضو الجمعية ومساعد وزير الدفاع للشئون الدستورية والقانونية فى تصريح خاص ل «روزاليوسف» أن الدستور الجديد متوازن فى سياق السلطة القضائية حول الأمور المتعلقة بالقوات المسلحة، مضيفا أن وضع القضاء العسكرى خارج فصل السلطة القضائية باعتباره قضاء متخصصا ونوعيا.. وإن جميع الحصانات والضمانات الممنوحة لجهات القضاء ممنوحة لأعضاء القضاء العسكرى.
وأوضح أن الدستور الجديد قسم الجهات القائمة بشئون العدالة إلى جهتين: الأولى جهات قضاء تفصل فى الخصومة، وهى القضاء العادى ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية والقضاء العسكرى، والأخرى جهات تسهم فى سير العدالة وهى النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وقال إن وضع السلطة القضائية فى الأمور المتعلقة بالقوات المسلحة متوازن جدا وهو يقضى على الشكوك التى تقول إن القوات المسلحة سلطة فوق سلطات الدولة أو دولة داخل دولة، حيث تنص المادة «198» من الدستور الجديد على أن القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة.. يختص دون غيره بالفصل فى جميع الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها وجرائم الخدمة العسكرية، وتلك التى تقع داخل المنشآت العسكرية أو على منشآت القوات المسلحة ومعداتها وأسرارها.. ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى إلا فى الجرائم التى تضر بالقوات المسلحة.. ويحدد القانون تلك الجرائم ويعين اختصاصات القضاء العسكرى الأخرى وأعضاء القضاء العسكرى مستقلون وغير قابلين للعزل ويكون لديهم جميع الحصانات والضمانات والحقوق والواجبات المقررة للجهات القضائية.
عماد عبدالغفور عضو الجمعية ورئيس حزب النور قال إنه ليس من حق أى جهة إجراء تعديل على الصياغة النهائية لمشروع الدستور لأن «التأسيسية» مستقلة ومنتخبة من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب والشورى، وفيما يخص الإعلان الدستورى الأخير قال عبدالغفور: إن الرئيس كان مضطرا لإصدار هذا الإعلان الدستورى لعبث البعض وهز الاستقرار بالبلاد، كما أن أغلب ما صدر بالإعلان الدستورى كان مطلبا جماهيريا، لكن حزب النور كان له تحفظ على المادة الثانية من الإعلان الدستورى الخاصة بتحصين قرارات الرئيس حيث كنا نرى عدم خرق القاعدة خشية أن تكون سنة لمن بعده.
وعن المليونية التى تمت الدعوة لها اليوم لدعم الشرعية والشريعة من قبل التيارات الإسلامية.. أشار عبدالغفور إلى أنه يتوقع ألا تتم لاستشعاره أن النتائج ستكون وخيمة فى حالة نزول قوى مختلفة ومتعارضة بحشود فى نفس اللحظة وفى نفس المكان وسوف يتم التراجع لأنه فى النهاية الجميع مصريون، وربما يكون تغيير المكان لنهضة مصر حلا وسطا!
الدكتور عاطف البنا عضو الجمعية وأستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة.. أكد أن القوى المعارضة للتأسيسية سواء كانت ليبرالية أو يسارية تعارض منذ قيام الثورة فى أى شىء ولا تريد الاستقرار لهذا البلد، حيث عارضت منذ استفتاء الشعب على التعديلات الدستورية الصادرة من المجلس العسكرى منذ أكثر من سنة ونصف السنة، عندما كان يوجد فراغ دستورى، فى حين أن هذه التعديلات كانت تضع أسسا للنظام الديمقراطى وضمانات لانتخابات حرة ونزيهة لمجلسى الشعب والشورى، وانتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور بطريقة ديمقراطية عن طريق جمعية ينتخبها أعضاء مجلسى الشعب والشورى.
وعن كيفية التصويت على مواد الدستور أشار البنا إلى أنه طبقا للائحة التصويت على مواد الدستور فى الجمعية يتم التوافق بنسبة 67٪ من إجمالى عدد أعضاء الجمعية، فإذا لم تحصل مادة على نسبة 67٪ لأى سبب من الأسباب تجتمع الجمعية مرة ثانية بعد 48 ساعة لعل التشاور يصل لنتيجة.. ثم يجرى التصويت على المادة مرة أخرى، فإذا لم نحصل على نسبة التوافق يمكن أن تمر بنسبة توافق 57٪ من إجمالى عدد أعضاء الجمعية.
وعن رأيه القانونى فى حالة إذا ما صدر حكم من المحكمة الدستورية بحل الجمعية، أوضح البنا أنه ليس هناك جهة لها حق حل التأسيسية.. لأن عملية انتخابها هى عمل برلمانى من مجلسى الشعب والشورى لا يراقبه القضاء، وبالتالى فإنها ليست قرارا إداريا ليراقبه القضاء الإدارى، وموضحا أن المعروض على المحكمة الدستورية هو النظر فى دستورية القرار «بأن تشكيل التأسيسة ليس عملا إداريا، وبالتالى لا تخضع للقضاء الإدارى»، وقد تحكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية القرار، وبالتالى يترتب عليه أن يعود الأمر لمجلس الدولة لتفصل فى دعوى حل التأسيسية، وكل هذه الإجراءات قد تستغرق شهورا أو سنوات فى حين أن الجمعية التأسيسية سوف تنتهى من أعمالها لوضع الدستور اليوم، وبالتالى فإنه طبقا للقانون كل ما يصدر عنها وما يترتب من آثار يعتبر قانونيا وصحيحا، بالإضافة إلى أن الإعلان الدستورى الأخير قد حصن الجمعية!
صلاح عبدالمعبود عضو الجمعية قال: إن الانتهاء من التصويت على مواد الدستور اليوم لا يمثل «سلقا» للدستور كما يقال، حيث إننا نعمل منذ بداية أعمال الجمعية وفقا لجدول زمنى متفق عليه داخل الجمعية، وذلك قبل الإعلان الدستورى الأخير.. مضيفا أنه حضر غالبية أعضاء الجمعية ووصل عددهم إلى 85 وتم اعتبار الأعضاء المتغيبين وفقا للائحة الجمعية منسحبين وعددهم 11 عضوا وتم تعيين بدلا منهم من الاحتياطيين.
وأوضح عبدالمعبود أن جميع المنسحبين توافقوا على المواد الموضوعة بالدستور وعملوا معنا بجد واجتهاد وآراؤهم موجودة وموقع عليها، فمثلا المستشار إدوارد غالب ممثل الكنيسة هو رئيس لجنة الحقوق والحريات والأنبا يوحنا قلتة نائب رئيس الطائفة الكاثوليكية وتمت صياغة باب الحقوق والحريات فى وجودهما وبذلا مجهودا كبيرا فى أعمال الجمعية ولا أدرى لماذا قاما بالانسحاب؟
وأضاف عبدالمعبود إنه يقر عرض الدستور للاستفتاء ويتوقع أنه سيحظى بموافقة كبيرة من الشعب طلبا للاستقرار وبداية عهد بناء المؤسسات الحقيقية داخل الدولة، وبذلك يتم إقرار دستور جديد للبلاد، وبالتالى تسقط كل الإعلانات الدستورية السابقة للمجلس العسكرى والإعلان الدستورى الأخير وبعدها ب 60 يوما يتم إجراء انتخابات تشريعية جديدة لمجلسى الشعب والشورى.
وعن رأيه فى المظاهرات التى تمت الدعوة لها السبت من قبل الإخوان وحزب النور والتيارات الإسلامية الأخرى أفاد أنه تم تغيير المكان تحاشيا لأى صدام أو تناوش بين أفراد الشعب الواحد.
الدكتور عبدالرحمن البر عضو الجمعية وعضو مكتب الإرشاد للإخوان أكد أنه تم الانتهاء من التصويت على جميع مواد الدستور البالغة 234 مادة، مشيرا إلى أن الإخوان لا يتحدون أى فصيل فى المجتمع.. وأن الذى يتحدى هو الذى يقف أمام موقف قانونى، حيث إن «التأسيسية» أنشئت بشكل قانونى عن طريق انتخابها من مجلسى الشعب والشورى، وبالتالى فكل ما يصدر عنها صحيح حتى إن حكم بعد الانتهاء من أعمالها بحلها، فالنزاع القانونى لا يوقف قانونية أى عمل.
وأشار عبدالرحمن إلى أن مظاهرات السبت لتأكيد أن الشعب يريد الشرعية وبناء مؤسسات الدولة للوصول إلى الاستقرار مضيفا أنه فى حالة نزول الإخوان والتيارات الإسلامية لميدان التحرير مع وجود فصائل معارضة لا يمثل أى مشكلة ولن يحدث أى مناوشات أو صدام معهم لأنه بعد الثورة من حق كل مواطن إبداء رأيه بحرية ولا يجوز أن يعتدى شخص على آخر أو يحتكر فصيل ميدان الثورة، كما أن اختلاف الرأى يجب ألا يفسد الوحدة الوطنية، وسوف تمر المليونية بسلام، ونحن حريصون على ألا تحدث أى مناوشات أو اشتباكات وهناك تعليمات بذلك، وفوق ذلك تم تغيير المكان!