الفساد يسير على «قضبان»

عندما قررنا فتح ملف «السكك الحديدية» لم نكن نتخيل كم الفساد الذى نخر عظام الهيئة على مدار سنوات طوال كما نخر عظام الدولة المصرية.. فى العدد السابق كشفنا كيف تحولت قطارات سكك حديد مصر إلى إحدى وسائل قتل المصريين بعد أن هانت أرواحهم علي مسئولى هذا البلد.
وفى هذه الحلقة من حلقات كشف عورة السكك الحديدية نكشف بالمستندات المزيد من وقائع الفساد وإهدار المال العام ونهدى تلك الوقائع كبلاغ للنائب العام للتحقيق الفورى فيها .

المهندس مصطفى قناوى -رئيس هيئة سكك حديد مصر -قال فى تصريحاته ل«روزاليوسف» العدد قبل السابق :إن أعمال الصيانة التى تقوم بها شركة »إنتربلاس« والتى تتولى صيانة القطارات المكيفة على حساب الكفاءات المتخصصة التى انضمت إلى الهيئة بعد رحيل شركة «محمود عبدالسلام» تتم بشكل دورى جيد ومجاني.. ونحن نهدى إليه مستندات رسمية ردًا على كلامه:

المستند الأول: طلب من الهيئة العربية للتصنيع «سيماف» التى وردت للهيئة 40 وحدة توليد قوى وجهته إليرئيس الإدارة المركزية للصيانة والمسافات الطويلة تؤكد فيه عدم وجود صيانة جيدة من قبل شركة إنتربلاس وأن الفلاتر الملحقة بوحدات التوليد لم يتم تغييرها وفقا لجداول الصيانة الدورية المعتمدة من الشركة المصنعة «مان» وتحذر فيه الهيئة من استخدام فلاتر غير أصلية أو غير معتمدة من الشركة الأم «مان» حتى لا يتم إلغاء الضمان

المستند الثانى: فاتورة ننفرد بنشرها تم صرفها لشركة «بروسيلاب» المتفرع منها شركة »إنتربلاس« وفقا لما أخبرنا به فنيو الصيانة بقيمة 127 ألف جنيه مقابل عمل عمرة كاملة لمحركى قوى أرقامهما «5564988 و5564856»، وهو ما يؤكد عدم صحة ادعاء رئيس الهيئة بأن شركة «إنتربلاس» تقوم بأعمال الصيانة مجانًا.

الجدير بالذكر أن ورشة صيانة عربات النوم والعربات المكيفة «محمود عبدالسلام سابقا» والتابعة لهيئة السكك الحديدية تقوم بعمل نفس العمرة بمبلغ 14 ألف جنيه للمحرك، وهو ما يؤكد وجود شبهة إهدار مال عام فى هذه الواقعة فقط بقيمة 99 ألف جنيه!

وقد أكد فنيو الورشة فى ردهم على اتهام رئيس الهيئة لهم بأنهم متكاسلون أنهم قاموا بعمل ما يزيد على 10 عمرات خلال العام الحالى للمحركات، وهو ما وفر للهيئة مبالغ طائلة ووقتا كبيرا، حيث إنهم يمتلكون من الكفاءة ما يمكنهم من عمل العمرة داخل الورشة دون الحاجة للانتقال إلى الورش البعيدة عن القاهرة، وأكد فنيو الورشة أن الهيئة أوكلت بشكل غير منطقى لشركة «إنتربلاس» أعمال الصيانة لغرض فى نفس يعقوب وهو ما يكلف الهيئة المزيد من المصروفات!
∎ قطع غيار غير صالحة
استوردت هيئة السكك الحديدية فى العام الحالى 2012 قطع غيار غير مطابقة للمواصفات وأبرزها «البستم» الذى يبلغ ثمن الواحد منه حوالى 12 ألف جنيه، وتم استيراد كمية كبيرة منه، والبستم كما يعرفه لنا أحد قدامى فنيى السكك الحديدية الذى حرصنا على إخفاء اسمه حرصا عليه :مكانه داخل مولد القوى وهو المسئول عن ضخ الزيت داخله وعدم مطابقته للمواصفات يؤدى إليتلف مولد القوى الذى يتخطى ثمنه المليون جنيه !بالإضافة إلى تعطل التكييف.

واستطرد :أرسلت الهيئة البساتم المستوردة إلى ورش صيانة عربات النوم والقطارات المكيفة التى رفضت استلامها لعدم صلاحيتها، فتم تحويلها إلى مركز البحوث وتطوير الفلزات الذى أكد من خلال التحاليل الكيميائية واختبارات الصلادة عدم مطابقتها للمواصفات الفنية، حيث جاء فى التقرير الرسمى الذى أرسله المركز للهيئة ونحتفظ بنسخة منه بأن اختبار الصلادة للبستم الأصلى «71» بينما البستم المستورد «139»، وهو ما يعنى أن البستم المستورد صلب أكثر من اللازم، وليست به الليونة المطلوبة وهو ما يتسبب بسرعة كسره، وخرج التقرير ليؤكد أن عينة البستم المستوردة مطابقة للبستم الأصلى من حيث الخامة فقط وأنها غير مطابقة من حيث الخواص الميكانيكية، وهو ما دعا شركة «سيماف» الموردة لعربات القوى إلى مخاطبة مدير عام التشغيل والصيانة للعربات المكيفة بالهيئة تحذره فيه من استخدام قطع غيار غير مطابقة وغير معتمدة من الشركة، إشارة إلى البساتم المستوردة داخل عربات القوى الخاصة بها وإلا ستكون النتيجة إلغاء الضمان الممنوح من الشركة، وعلى الرغم من ذلك لم تتراجع الهيئة عن صفقة البساتم المستوردة «المشبوهة» وأدخلتها مخازن الهيئة، ولم توفر بديلا، وهو ما ينفى ما ذكره المهندس مصطفى قناوى رئيس الهيئة من توافر جميع قطع الغيار، وأضاف :نضطر إلى استخدام البساتم المستعملة التى نقوم بفكها من القطارات المعطلة ونقوم بعمل عمرة لها ثم تركيبها فى القطارات التى تحتاج لها.
∎ صفقات مشبوهة وإهدار للمال العام
الواقعة تعود إلى شهر فبراير الماضيعندما قامت الهيئة العربية للتصنيع «سيماف» بالتعاون مع شركة خاصة بتوريد محركات وفلاتر لصيانة هذه المحركات لهيئة السكك الحديدية غير معتمدة بأسعار أعلى من أسعارها الأصلية لدى الوكيل الوحيد فى مصر لشركة «مان» المصنعة لها، حيث طرحت الهيئة مناقصة لشراء احتياجاتها من الفلاتر بأنواعها «فلاتر فاصلة للمياه، وفلاتر زيت، وفلاتر هواء ..وغيرها»، واختارت اللجنة التى شكلتها الهيئة برئاسة المهندس جمال إسماعيل محمد مدير عام الصيانة والتشغيل للعربات المكيفة، عطاء الهيئة العربية للتصنيع «سيماف» الأقل سعرا، وأرسلت شركة «مان» المصنعة لمحركات مان التى تم توريدها من خلال «سيماف» إلى هيئة سكك حديد مصر وتركيبها، خطابا بتاريخ 276 الماضى الذى نحتفظ بنسخة منه تؤكد فيه أن المحركات الخاصة بها التى تم توريدها بمعرفة «سيماف» غير مختبرة وغير معتمدة منها كوحدات توليد بعربات القوى، كما أكدت فى خطابها أنها لم تقم بتوريد مبرد المياه الخاص بالمحرك وأنها باعت المحركات فقط دون أى ملحقات خاصة، وهو ما يؤكد وجود تلاعب!

كما أرسلت شركة «مان» عروض أسعار تقل بكثير عن العروض التى حصلت عليها «سيماف» على حق توريد الفلاتر بها للسكك الحديدية، حيث يتضح من المستندات التى حصلت عليها «روزاليوسف» أن سعر الفلتر الفاصل للمياه على سبيل المثال 436,63 جنيه، بالإضافة إلى %10 ضريبة، بينما عرضته شركة «مان» المصنعة له ب«275» جنيهاً فقط، وتعاقدت الهيئة مع «سيماف» على شراء «104» فلاتر فاصلة للمياه بقيمة 49 ألفا و919 جنيها، بينما يكون الإجمالى وفقا لعرض الشركة المصنعة «مان» 28 ألفا و600 جنيه، أى أن هناك شبهة إهدار للمال العام فى أحد الفلاتر فقط بما يوازى 21 ألفا و319 جنيها!

وكان سعر فلتر الهواء الذى تعاقدت به »سيماف« مع الهيئة بالأمر المباشر 8,872 جنيه للواحد، بينما عرضته شركة «مان» ب550 جنيها، وتعاقدت الهيئة مع «سيماف» على شراء «360 فلتر هواء» بقيمة 314 ألفا و208 جنيهات، بينما يكون الإجمالى وفقا لعرض الشركة المصنعة «مان» 198 ألف جنيه، أى أن هناك شبهة إهدار للمال العام بما يوازى 116 ألفا و208 جنيهات!

كما تعاقدت الهيئة مع «سيماف» بالأمر المباشر أيضا على شراء 720 فلتر زيت سعر الواحد منه 91,290 جنيه أى أن الإجمالييساوى 209 آلاف و455 جنيها، بينما عرضته الشركة المصنعة «مان» ب115 جنيها أى أن الإجمالى يساوى 82 ألفا و800 جنيه، وهو ما يعنى وجود شبهة إهدار مال عام بقيمة 126 ألفا و655 جنيها.

وتعاقدت أيضا على شراء 400 »فويل فلتر «بقيمة 36,436 جنيه للفلتر الواحد بإجمالى 174 ألفا و544 جنيها، بينما عرضت شركة «مان» 145 جنيها للفلتر الواحد أى بإجمالى 58 ألف جنيه، وهو ما يعنى وجود شبهة إهدار مال عام بقيمة 116 ألفا و544 جنيها.

وبذلك تكون هناك شبهة إهدار مال عام من قبل مسئولى هيئة السكك الحديدية فى صفقة الفلاتر فقط بقيمة 380 ألفا و726 جنيها!