عاصم حنفي روزاليوسف الأسبوعية : 25 - 12 - 2010 أسامة الشيخ كنت أتصور في هوجة الاحتفال بالإعلام العربي.. أن تخصص ندوة أو حلقة نقاش علمية لدراسة ظاهرة «الإعلان» العربي الذي تغلغل كثيرا في حياتنا.. وقد صار الإعلان هو حجر الأساس في جميع مشروعاتنا.. التجارية والسياسية.. صار الإعلان يبيع لنا الوهم.. ويصنع الأحلام. ويفبرك الواقع.. دون رقيب أو حسيب أو مراجعة.. والخيبة أن الإعلان قد غادر شاشة التليفزيون.. واقتحم حياتنا السياسية وراجع سعادتك برامج الأحزاب.. كل الأحزاب.. تجد أن الإعلان هو المسيطر علي برامجها وأفكارها المطروحة.. لا فارق أبدا بين أن تشتري سلعة معروضة.. أو أن تختار برنامجا سياسيا.. فالإعلان يزوق البضاعة ويغلفها حتي تتورط سعادتك بالشراء أو الاختيار.. ثم اضرب رأسك في الحيط.. وقد تورطت فصدقت ما يقولونه لك في الإعلان..!! ولا أعرف لماذا ونحن نحتفل بالإعلام العربي.. لماذا لا نسعي لإقرار ميثاق لشرف المهنة الإعلاني.. بغرض حماية الجمهور من هوجة الإعلانات المشبوهة التي تحاصر المشاهد وتلح عليه.. تارة للاشتراك في المسابقات الوهمية التي تلوح له بحلم الثروة الطارئة.. وتارة لإعلانات التسول التي تدعو للتبرع بهدف سلب آخر مليم في جيب المشاهد الغلبان..! وكما أن هناك جمعيات لحماية المستهلك من الغش التجاري.. آن الأوان لتأسيس جمعيات مماثلة لحماية المشاهد من الغش الإعلاني.. وقد صارت الموضة أن تدعو المشاهد للاتصال والاشتراك في المسابقة.. وهناك ثروة كبيرة.. كام ألف جنيه في انتظار سعادتك.. والمواطن غلبان.. يحلم بتجاوز الأزمة الاقتصادية.. والهروب من الفقر الدكر.. يسارع بالاتصال وخصوصا أن الأسئلة ساذجة سهلة الإجابة.. حتي تتيح الفرصة للجميع للاتصال والمشاركة.. وحصيلة الاتصال تبلغ أرقاما فلكية.. ناهيك عن تلك الشركات الأخري التي تتخفي وراء الأعمال الخيرية.. فتدعو للتبرع أو للمساهمة في إنقاذ الأسر الفقيرة.. أو المرأة الأرملة.. أو أم العيال.. أو لدفع نصيبك من الزكاة.. أو لشراء أضحية العيد.. واقطع ذراعي أنها شركات وهمية تخرج علي المشاهد بإعلانات جذابة كذابة.. تخاطب فيه الحس الإنساني والضمير الديني.. ولا أحد يحاسب أو يتحري الجدية والنزاهة.. وقد تخفي الجميع وراء الإعلانات التي تخاطبهم عبر الشاشة الصغيرة. في بلاد بره.. هذه النوعية من الإعلانات موجودة طبعاً.. ولكن ليس من خلال التليفزيون تطل علي البيوت.. وإنما من خلال جرائد متخصصة في الإعلان.. وهي جرائد صفراء تتخصص في الإعلان عن الجنس الحرام.. والمسابقات المضروبة.. وأرباح هذه الشركات في بلاد برة لا تدخل جيوب أصحابها المعلنين.. وهناك الدولة تأخذ نصيبها.. ثم هناك الضرائب العالية.. ثم إن هناك رقابة حقيقية.. حتي لا تكون المسابقات وهمية.. بمعني أن الحبل في بلاد الخواجات لا يترك علي الغارب لحساب النصابين وناهبي القروش من جيوب الفقراء الباحثين عن الحلم. نطالب إذن ونحن نحتفل بالإعلام العربي.. بوقفة لمساءلة الإعلان العربي.. الذي تكامل وانفتح علي بعضه البعض.. الكل يشارك في نهب المشاهد.. وهل سمعت سعادتك عن شركات أدوية تعلن عن منتجاتها عبر التليفزيون سوي في بلادنا.. وهي أدوية لا أنزل الله بها من سلطان.. هي أدوية تشبه «شربة» الحاج محمود.. التي تشفي من الأوجاع وتعالج الدود.. ومع هذا يعلنون عنها في ذلك الصندوق الصغير الذي احتل معظم بيوتنا.. واسمه التليفزيون!