عابد فهد فنان سوري صاحب أداء متميز، له بصمة واضحة في كل أعماله الفنية ورغم نجاحاته العديدة التي حققها بالدراما السورية إلا أن مسلسل «أسمهان» كان أول تعارف بينه وبين الجمهور المصري ولتعلقهم بأدائه الراقي بدأوا يبحثون عن أعماله السورية ليتابعوها ومنها «الظاهر بيبرس»، «الحجاج»، و «الزير سالم».. هذا بخلاف ترقبهم للمسلسلات التي يقدمها مع النجوم المصريين، ففي العام الماضي كان له مسلسل «هدوء نسبي» لنيللي كريم وحقق نجاحًا مبهرًا.. وهذا العام يشارك ليلي علوي في مسلسل «كابتن عفت»، و«أنا القدس» لفاروق الفيشاوي وعمرو محمود ياسين ومجموعة من نجوم سوريا.. عن تجربته الأولي مع ليلي علوي تحدث معنا كما حدثنا عن دوره في مسلسل «أنا القدس» ومصيره المتوقع ومفاجأته مع المخرج شوقي الماجري وأشياء كثيرة نعرفها منه. • في البداية كيف وجدت تجربتك الأولي في مصر مع الفنانة ليلي علوي؟ - ليلي علوي تحديدا كانت أحد أسباب ضبط هذا المشروع وكانت وراء تفاصيل هذا العمل حتي مكان التصوير وحرصها علي أن يظل مكان التصوير منضبطاً ومحترما، وأن يكون عملا هاما وهي دقيقة جدا فيما يتعلق بتفاصيل النص، وهذا جعلني مطمئنا للعمل ولنتيجته النهائية لأن قيمة العمل تأتي من خلال ما ننتجه نحن وما نقدمه له من اهتمام وانضباط، أما المخرج سميح النقاش وهذه تعد أول تجربة تليفزيونية له أعتقد أنه تجاوز الكثير من حالة الفوضي التليفزيونية في الإخراج التليفزيوني خلال السنوات الأخيرة، وكان يعمل بأسلوب سينمائي دقيق، ومتقن، ورغم قلقه من هذه التجربة لأنها تجربته الأولي في التليفزيون ومن حقه أن يلفت الانتباه وأن يقول أنا مخرج جديد وأقدم عملاً ناجحاً، وخلاف هذا كانت هناك بعض الفجوات الطفيفة ولكن الأعمدة الأساسية للعمل وهي النص والبطلة والمخرج كانوا بصدد مشروع جدي وبذلوا جهدهم كما يجب. • في مسلسل «كابتن عفت» تقدم شخصية عادل شاهين والمفروض أنه ابن بلد.. هل قدمت هذا الدور من قبل؟! - أولا الدور جديد بالنسبة لي كممثل، فأنا لم أقدم ابن حارة سوري من قبل أصلا وأول مرة أقدم شخصية ابن البلد طلع مصري، فرأيت أنها مفارقة لأني من المفترض أن أقدمه سوريًا لكن هذا الدور أغراني أن أقدمه بالمصري فهو ولد ابن بلد شاب لاعب كرة محطم ومحبط وفاقد للأمل وظلم في هذا العالم وكان من الممكن أن يكون لاعبا ورياضيا مهما وعاد إلي المكان الذي كان ينتمي إليه لوجود بارقة أمل وهي كابتن عفت، وهي المرأة التي وضعت أيضا في المكان غير المناسب وبالصدفة أصبحت مدربة لياقة بدنية ورأي أنه من خلال هذه المرأة ربما يستطيع أن يصنع جيلا جديدا من الشباب لاعبي الكرة وألا تكون نهايتهم كنهايته لذلك تعلقت بهذه التركيبة فهو خليط من المشاعر والأحاسيس والكوميديا والتراجيديا ضمن خلطة شعبية. • اعتدت تقديم الأعمال الجادة وهذا العمل ينتمي لفئة الكوميديا الاجتماعية.. هل تقديمك لشخصية عادل تعمدت من خلاله مخاطبة فئة معينة؟ - بالضبط فهناك فئة من الناس لا تستهويها الأعمال التاريخية أو السياسية والوطنية وأذواق المشاهدين واهتماماتهم تختلف من واحد لآخر وعلي الاعتراف بأن معظم الأعمال التي قدمتها من قبل تعتبر علي الأغلب نخبوية أكثر منها جماهيرية ووجدت أنه من خلال «كابتن عفت» من الممكن أن أدخل علي شريحة جديدة من المشاهدين إلي منازلهم وأتعرف عليهم ويتعرفوا علي. • وما رأيك في تجربة مسلسلات ال15 حلقة خاصة أنها التجربة الأولي لك؟ - ممتازة جدا وأتمني أن تكون سائدة من الآن فصاعدًا وأن نعود إلي ال15 حلقة وال13 حلقة كمسلسل وينتهي الموضوع هنا وكفانا ثلاثينيات لأنها تكرار وأتحدي أن يكون هناك مسلسل 30 حلقة إلا ويمكن أن نلغي منه عشر حلقات ببساطة دون أن نضر به ويظل الموضوع متينًا ومضغوطًا أكثر وأنيقًا أكثر وأسرع إيقاعا وجاذبية للمشاهد، فالمتفرج ليس مضطرًا لأن يجلس 30 يوما ليشاهد مسلسلاً لذلك فهي فكرة جيدة ويجب أن نعود لها ونهتم بالكيف أكثر من الكم لأن التكثيف ضروري. • ماذا عن عملك الآخر «أنا القدس» ما الذي أغراك لتقديم شخصية «عبدالله»؟ - أنا القدس قريب لنوعية الأعمال التي تستهويني وأغراني أن أكون موجودًا به لأن موضوعه لن يتكرر فهو يتناول بداية التقسيم ومعاهدة سايكس بيكو ومحاولات تهويد القدس ويطرح تساؤلاً حول هذه القضية ولماذا نتائجها مازالت منعكسة علينا حتي هذه اللحظة ولماذا هذا الشعب مفكك.. وموضوع العمل ككل فيه دراما وفيه توثيق دقيق للفترة.. والدراما التوثيقية هي من أصعب ما يكون وعبد الله هو مناضل صارعته المرحلة بمجموعة من الخونة الذين هم أحد أهم أسباب عدم حل القضية الفلسطينية ويريدون شراء مصنعه وتطبيعه وتهويده لكونه يقع في مكان استراتيجي في القدس وهذه هي مهمة إسرائيل وهدفها الرئيسي. • نلاحظ شغفك بتقديم الأعمال ذات البعد السياسي.. لماذا تستهويك هذه النوعية من الأعمال - لأنها تثير عندي جانب الوجود في هذا العالم بما يجري من أحداث ولا أستطيع أن أكون غائبا وأقدم ما هو ساخر مثلا وما يعوم علي سطح الماء والمجتمع كله في القاع، فأنا فنان وأشعر بأنني معني بما يحدث في المجتمع، فلا أستطيع أن أكون بعيدًا عما يجري في المجتمع الذي نعيش فيه وهي تستهويني لأنها ذات مادة دسمة وفيها الكثير ليقال. • العمل به العديد من المشاهد المؤثرة والهامة أيهم كان صعباً عليك أثناء تصويره؟ - الدور كله كان صعبًا بشكل عام خاصة مشاهد الحرب وهناك المشهد الذي عاد فيه من الحرب وهو مصاب ليجد أن أباه قد قتل ويلحق به إلي المقبرة ليجدهم قد دفنوه بالفعل، وهذا المشهد كان صعبًا جدا ومن أصعب المشاهد لما يحتويه من مشاعر خاصة وهو يعتذر لوالده لعدم لحاقه به لدفنه وما يحمله هذا من معني، وأيضا المشهد الذي يكتشف فيه أن ابنه قطعت يده في الحرب، وهناك مشهد وفاة والدته وقت منع التجول بسبب الحرب فيضطر إلي دفنها في ساحة المنزل في الحديقة وهذا بخلاف موقف آخر حيث طلب منه صديقه نقل رفات ابنته من حيفا إلي يافا والنزول بالكاميرا إلي مقبرة حقيقية، ورغم قتامة هذه المشاهد وصعوبتها والتي قد يري البعض أنها لا تحتمل إلا أن هذا هو ما يحدث في الأراضي المحتلة.. ونفسيا كان تنفيذها صعبًا جدا لكني أؤدي رسالة. • عبد الله لديه ولدان ينتمي أحدهما للثقافة الغربية والآخر مهموم بقضايا وطنه.. ما رأيك في التعارض بين الثقافتين وهل فعلا تعبر عن أزمة جيل لا ينتمي إلي ثقافته؟ - نناقش من خلال العمل التعارض بين الثقافتين العربية والغربية وخاصة من خلال الأبناء وهذا ما يسمي بالتطبيع وهو أخطر أنواع الحرب والتأثير الفكري هو أحد خطوط العمل والذي يتمثل في العلاقة بين عبد الله وأبنائه الشابين الذي ينتمي كل منهما لثقافة مختلفة وهذا ما يحدث الآن لهذا الجيل من الشباب الذي لا ينتمي لشيء وللأسف يعيش حالة من الفراغ الوطني وهذا ناقوس خطر، فلا مانع من التعرف علي الحضارات الأخري وعلي العالم الآخر. • بماذا تفسر الظلم الذي تعرض له مسلسل «هدوء نسبي» في العرض رغم أنه قدم قضية مهمة في المنطقة العربية، وهل تتوقع نفس المصير لمسلسل «أنا القدس»؟ - موضوع «هدوء نسبي» هو السبب الأساسي وراء ظلمه في العرض لأن الفضائيات تبحث عن نوع آخر من الأعمال التي تكون أكثر رواجاً للمستهلك اليومي، و«هدوء نسبي» تحدث عن سقوط عاصمة كبيرة كبغداد وهو أحد أهم الأحداث التي وقعت في القرن الواحد والعشرين ويبدو أن هناك من لا يريد التذكير بهذه الأحداث لذلك فالتسويق ظلم العمل ولكن الجمهور عنده قابلية لاستيعاب هذه النوعية من الأعمال الدرامية بعيدا عن رأي جهات تسويق المسلسل وبالفعل أتوقع نفس المصير لمسلسل «أنا القدس».