· ملامح الإنسان تملك الكثير من أدوات التعبير والتواصل.. والنقاب عائق أمام هذا التواصل · دخول الدراما المعترك في قضية النقاب معركة حتمية رغم النيران النقاب شكل في الدراما التليفزيونية الرمضانية خطاً محورياً ستجده في ثلاثة مسلسلات بسمة في "قصة حب" ، رحاب الجمل في "الجماعة" ، مي عز الدين في "قضية صفية"!! الدولة علي المستوي الرسمي ترفض النقاب ولكنها لا تملك من القوانين ما يتيح لها فرض ذلك الرفض.. ولهذا مثلاً فإن الفتوي الشرعية التي يتم تداولها هي أن النقاب عادة وليس عبادة وذلك من أجل إغلاق هذا الباب الذي نراه بين الحين والآخر وهو يفتح علي مصراعيه لمنح ارتداء النقاب قبولا شعبيا حتي أننا نشاهد بالفعل زيادة في الشارع في نسبة المرتديات للنقاب.. أتذكر أن شيخ الأزهر الراحل "محمد سيد طنطاوي" كان له حوار أشارت إليه الصحف مع طالبة صغيرة قبل رحيله بعام ونصف العام في مدرسة تابعة للأزهر الشريف حين رأي فتاة في التاسعة من عمرها ترتدي نقابا وبدلاً من أن يوجهها إلي أن النقاب ليس من الدين في شيء سخر منها ومن ملامحها وقال "امال لو كنت حلوة كنت عملتي ايه" وبرغم أن هناك بالتأكيد تجاوزا في رد فعل شيخ الأزهر الراحل إلا أن المعني العميق في كل ذلك هو أن النقاب غير مرحب به رسمياً وهو في نفس الوقت لا يستند إلي أي دلالة شرعية وليس صدفة أن تدخل الدراما طرفاً في هذه القضية وإذا كانت أكثر من دولة أوروبية قد وجدت نفسها مرغمة في إعلان الحرب ضد ارتداء النقاب من أجل إيقاف انتشاره بإصدار قوانين تمنع ذلك فإن الأمر يبدو في بلد مثل مصر علي الأقل حتي الآن لا يمكن أن تلجأ الدولة إلي غطاء قانوني لمنع النقاب بإصدار قانون يحرم ارتداءه أثناء أداء الوظائف العامة ولكن تظل الدراما أحد الأسلحة الناعمة للدولة من أجل مواجهة تلك الظاهرة.. إنها بالطبع عادة آتية من دول الخليج ولكنها باتت تشكل تواجداً ملحوظاً في الشارع المصري ومع الأسف قابل للزيادة.. مهما تعالت الأصوات التي تسأل كيف لممرضة أو طبيبة أو مدرسة أن تتعامل مع الآخرين من وراء نقاب.. التواصل بين الإنسان والآخرين ليس مجرد صوت فقط تستمع إليه ولكن ملامح الإنسان تملك ولا شك الكثير من أدوات التعبير والتواصل ولهذا يبدو النقاب في جانب منه عائقاً لهذا التواصل بعيداً حتي عن المشروعية الدينية لارتدائه!! لم نر من قبل بطلة منتقبة طوال أحداث العمل الفني إلا فقط مع "بسمة" في قصة حب" المسلسل الذي كتبه "مدحت العدل" وأخرجته "إيمان الحداد" في أول تجربة لها.. لم تنته بعد أحداثه ولكني أستطيع أن أري إرهاصات حرص عليها الكاتب لكي يصل بالبطلة إلي أن تخلع النقاب وتكتفي بالحجاب.. قصة حب تجمعها مع البطل "جمال سليمان" الذي يؤدي دور أستاذ في اللغة العربية وناظر مدرسة يلتحق بها ابنها الوحيد.. المسلسل ينتقل بين الجماعات الإسلامية التي تسعي لتجنيد الابن وفي نفس الوقت يفضح التناقض بين الأقوال والأفعال الذي تعيشه هذه الجماعات.. أضاف أيضاً محاولات تلك الجماعات لانتشار النقاب في المدارس وهكذا شاهدنا مثلاً مشهد المواجهة بين الناظر وتلميذته عندما ترفض الأخيرة أن يستدعيها في المكتب لمناقشتها بحجة أنها لا تستطيع أن تستقبله بمفردها بدون محرم.. في المسلسل أدت "بسمة" دورها طبقاً لقانون الدراما وليس قانون النقاب بالطبع ولا يمكن أن نري فنانة منتقبة تؤدي دور بطلة علي الشاشة طوال الأحداث الدرامية ولكن من الممكن أن يحدث ذلك في بعض مشاهد ربما كان أشهرها والذي أدي إلي إقامة دعوي قضائية عندما ارتدته "منة شلبي" في فيلم "ويجا" علي سبيل التخفي لكي تلتقي مع صديقها ويومها صار المتشددون ولكن لا تواجد من قبل في الدراما دور بطولة لفنانة منتقبة ومن المستحيل بالطبع تصور أن نري منتقبة في دور محوري.. بعض الفنانات المحجبات تواجدن وطبقن علي العمل الفني قانون الحجاب أي أن ترتدي البطلة الحجاب في كل مشاهدها في العمل الفني!! السينما قدمت فيلماً واحداً لعبت بطولته "حلا شيحة" قبل ثلاث سنوات وهو "كامل الأوصاف" طبقت فيه قانون الحجاب حيث أننا لم نشاهدها إلا و هي ترتدي الحجاب في كل المشاهد حتي وهي بمفردها في حجرتها وهي تجربة سينمائية يتيمة لم تقدم بعدها تجربة أخري ولا أظنها قابلة للتكرار.. حتي الفنانات المحجبات مثل "سهير البابلي" و "سهير رمزي" صارتا الآن خارج خريطة الدراما التليفزيونية فلم تصمد سوي "حنان ترك" وهي الوحيدة التي تطبق قانون الحجاب علي الدراما فلا نشاهدها إلا وهي محجبة وفي كل المشاهد!! "صابرين" هي الأكثر جرأة في التعامل مع طبيعة فن التمثيل الذي يقضي بأن تخلع الحجاب في بعض المشاهد التي لا تتطلب ذلك وهكذا ارتدت "صابرين" باروكة فوق الحجاب في العديد من المشاهد التي رأيناها داخل بيتها مع "يحيي الفخراني" أو "ريهام عبد الغفور" في "شيخ العرب همام".. التزمت فقط بارتداء الحجاب كما تقضي الدراما في تلك المشاهد التي تفرضها طبيعة الموقف الدرامي عندما تتواجد خارج البيت؟! "بسمة" بالتأكيد تقدم المسلسل الأهم في مناقشة قضية النقاب لأن أحداثه ممزوجة برؤية عامة تضع المجتمع المصري كله تحت البؤرة من خلال العائلة التي يراعاها "جمال سليمان" ونري تلك النظرة إلي الدعوة للنقاب باعتباره يعبر عن موقف سياسي واجتماعي وليس فقط ديني ولهذا نري مشهداً في المدرسة لنتابع كيف يتم غسل عقول التلاميذ إلا أن أهم ما يقدمه المسلسل هو علاقة الحب لأول مرة بين سيدة منتقبة وأستاذ وكيف تتطور المشاعر بينهما.. لا نري في بداية العلاقة سوي نظرات عينين فقط تقول الكثير!! النقاب قضية اجتماعية لها في الشارع مريدون ومدافعون ولهذا أري أهمية أن تدخل الدراما بثقلها إلي هذا المعترك وسوف تنالها بعض نيران الغضب ولكن المعركة حتمية!! ********** «عباس النوري» توجه إلي القبلة التي كفر بها يوماً · كتاب الدراما المصرية يضعون شخصيات سورية كحيلة ليتسامح معهم الجمهور لو كانت مصر هي قبلة الفن فأنا أول الكافرين بها.. هذه هي العبارة المنسوبة إلي الممثل السوري "عباس النوري" والتي أدت إلي إقامة حاجز بينه وبين الجمهور والدراما المصرية؟! تأخر "عباس" عن تقديم أعمال مصرية حتي عرض له التليفزيون المصري "سقوط الخلافة".. برغم أن هذا المسلسل تجد فيه توافقاً عربياً بين أكثر من جنسية المخرج "محمد عزيزية" أردني الجنسية والكاتب مصري "يسري الجندي" والإنتاج تشارك فيه أيضاً مصر كما أن الأبطال المشاركين مع "عباس" مصريون وعلي رأسهم "سميحة أيوب".. كانت تبدو العلاقة بين "النوري" والدراما المصرية قبل "سقوط الخلافة" هي المستحيل بعينه.. غضبت نقابة الممثلين في مصر من تصريحات "عباس النوري" التي حملت تجاوزاً في التعبير وطالب البعض من وزير الداخلية بوضع اسمه علي قوائم الممنوعين من دخول مصر.. وبالطبع لم تستجب السلطات المصرية إلا أن مساحات الغضب أعلنت عن نفسها وظلت مصر أكبر من أن تدخل في معركة من هذا القبيل.. "عباس" تنكر مؤخراً لتلك العبارة أكد أنه من المستحيل أن ينطق بها إلا أنه في نفس الوقت لا يعد مصر هي الباب الوحيد للفن العربي وهي بالطبع حقيقة تعددت الأبواب الأخري سورية ولبنانية ومغربية وخليجية ولكن لا شك أن البوابة المصرية لا يزال لها سحرها الخاص.. "عباس النوري" يقدم العمل التاريخي "سقوط الخلافة" باللغة الفصحي وهو يتحسس خطواته للأداء باللهجة المصرية وهي خطوة لصالحه إذا جاءت في التوقيت المناسب وهو يعتبر أن إجادته للهجة المصرية هي أول أهدافه في المرحلة القادمة.. المتأمل للساحة الدرامية سوف يكتشف أن إتقان اللهجة لم يعد هو المقياس الوحيد لدخول الدراما المصرية.. هناك معادلات كثيرة تلعب دور البطولة في هذا التواجد إنها الطبيعة الاقتصادية للإنتاج الدرامي حالياً حيث صار التوزيع علي الفضائيات عربياً هو الذي يحدد أسماء النجوم.. وهكذا مثلاً تتم الاستعانة بأسماء مثل "جمال سليمان" ، "تيم حسن" ، "عابد فهد" ، "جومانة مراد" ، "سلاف فواخرجي" ، "سوزان نجم الدين" ، "نيكول سابا" ، "مادلين طبر" ، "رزان مغربي" وأيضاً الأسماء الجديدة مثل "كنده علوش" و "كنده حنا" و "فريال يوسف" كل هؤلاء وغيرهم يتواجدون درامياً لأن لديهم مردودا تجاريا وهكذا صار الأمر يبدو كرد فعل للمعادلات الاقتصادية ويبقي السؤال عن إجادة الفنان العربي للهجة المصرية خاصة عندما يؤدي دوراً مصرياً.. "عباس النوري" لا يزال متردداً يخشي أن تفلت منه اللهجة ورغم ذلك فإن كتاب الدراما يلجأون إلي حيلة يضعونها في العمل الفني وهي التأكيد علي وجود جذور شامية للشخصية حتي يتسامح معها الجمهور عندما تخطئ في نطق بعض الكلمات مثلما حدث في مسلسل "أهل كايرو" كنده علوش ومسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" باسم ياخور كل منهما يقدمهما المسلسل لهما جذوراً سورية ولكن مثلاً "عابد فهد" يقدم دوره في "حكايات وبنعيشها - كابتن عفت" منتحلاً شخصية ابن بلد.. "جمال سليمان" يؤدي دور قاهري "ناظر مدرسة" وأستاذ لغة عربية في مسلسل "قصة حب".. قد تفلت منهما بعض الكلمات ولكن الجمهور ينتظر التعبير والإحساس حاول "عابد" بتضخيم الصوت أن يتغلب علي ذلك، بينما "جمال سليمان" اعتمد علي صدق الإحساس بالشخصية وضاعت منه بعض الكلمات وبرغم وجود مصححه للأداء في الاستديو إلا أن طبيعة إنتاج الفيديو لا تعرف عادة كثرة الإعادات وأتصور أن الاتفاق أثناء التصوير هو أن يتم غض الطرف عن الإعادة إذا كان الخطأ طفيفاً وهو ما حدث في أداء "جمال"!! "عباس النوري" كان هو بطل أول جزأين من المسلسل السوري الشهير "باب الحارة" ثم أختلف مع "بسام الملا" مخرج المسلسل وأقام له جنازة في الجزء الثالث.. "باب الحارة" هو أضخم مسلسل سوري قدم في السنوات الأخيرة وعرفته بعض الجماهير المصرية من خلال بوابة "باب الحارة" ولكن الباب الأكبر للقاء الجماهيري سوف يعبر من خلاله عندما يلعب بطولة مسلسل مصري.. المؤكد أنه مرشح لأداء أكثر من دور في مسلسلات مصرية قادمة باللهجة المصرية وهو مصر علي أن يتقنها أولاً وعلينا أن ننتظره من بوابة الفن المصرية التي لا تعرف إلا فقط أصحاب المواهب الحقيقية وبالتأكيد "عباس النوري" واحد من هؤلاء!! *********** من الكلمة إلي الكاميرا تواجد الصحفيين علي الشاشة أصبح ظاهرة عامة في أغلب القنوات التلفزيونية أرضية وفضائية وزاد عددهم في رمضان.. البعض يقول إنهم مجرد ضيوف لفترة مؤقتة والبعض يؤكد أنهم غزاة مستعمرون للشاشة الصغيرة وسوف يحتلون مساحات من البرامج ويطردون أهلها الأصليون من مقدمي البرامج وكأنهم بمثابة الرجل الأبيض الذي أباد الهنود الحمر واحتل أمريكا!! والحقيقة هي أن هذه الظاهرة لها أسبابها الاقتصادية والنفسية وأيضاً السياسية.. لقد حدث انتشار في السنوات الأخيرة لعدد من الفضائيات وكان أمام هذه القنوات مساحات ينبغي أن تملأ ببرامج.. وليس متاحاً أمامهم بالطبع الاستعانة بمقدمي البرامج المحترفين لسببين: الأول أن عددهم محدود أتحدث بالطبع عن الموهوبين منهم.. ثانياً أن أغلب مقدمي البرامج الذي بدأوا خطواتهم داخل "ماسبيرو" صار بينهم وبين الإعلام الخاص قدر من النفور.. المشاهد يري أنهم دائماً صوت للدولة وهم بطبعهم تستطيع أن تري ختم النسر علي وجوههم من فرط التزامهم بالإطار الرسمي بالإضافة إلي أن هذه القنوات جاءت بفلسفة إعلامية أخري تريد أن تبحث عن نمط إعلامي مغاير لما تعارف عليه المشاهدون بالإضافة إلي أن الصحفيين هم الأرخص سعراً أو بتعبير أدق كانوا كذلك في البداية قبل أن يحقق بعضهم الشهرة وأيضاً هم الأكثر قدرة علي إقناع الضيوف بالتواجد في الاستديو ووجد الصحفيون أن هذه البرامج تحقق لهم هامشا من الحرية ليس متاحاً لهم عبر الكلمة المكتوبة كما أنها منحت لبعضهم شهرة كانوا يتوقون إليها وأموالا كانوا محرومين منها.. عدد كبير من الصحفيين لم يدخلوا إلي برامج التليفزيون من الشباك هناك من طرق الباب من خلال مهنة الإعداد حيث كان يقف خلف الكاميرا معداً للبرامج وكان يري المذيعة أو المذيع الذين يعد لهم البرنامج يحققون نجاحاً أدبياً ومادياً بينما هو في الظل لا أحد يعرفه ولا أحد يذكره إذا نجح البرنامج بينما يأتي اسمه سابقاً المذيع أو المذيعة في حالة واحدة وهي الإخفاق ولهذا قرروا الانتقام وتوجهوا للوقوف أمام الكاميرا وأزاحوا مقدمي البرامج جانباً ووفرت لهم هذه البرامج قدرا من الانتعاشة المادية لم تحققها لهم الصحافة الورقية ثم إن هناك ظاهرة العدوي حيث لا يستطيع أحد أن ينكر أنه بمجرد أن يبدأ فرد ما يقلده الآخرون والحقيقة أنه لا يكفي لمقدم البرنامج أن يمتلك ناصية المادة العلمية ولا القدرة علي أن يحضر الضيوف إلي الاستديو.. إن هناك علاقة خاصة بين الكاميرا ومقدمي البرنامج، هذه العلاقة إما أنها تؤدي إلي حالة صلح بينه وبين الكاميرا ينتقل بدوره إلي الجمهور أو يحدث طلاق "بين" مع الكاميرا وبالتالي الجمهور.. إن الأمر يخضع إلي قانون مغاير لقانون الكلمة.. قد تجد كاتباً لامعاً علي الورق مطفئا أمام الكاميرا وربما يأتي كاتب متوسط القيمة ولكنه يمتلك حضوراً أمام الكاميرا ولهذا يتقدم خطوات إلي جمهور المشاهدين في حين أنه كان نسياً منسياً مع القراء.. اختلفت التفسيرات وتعددت أيضاً كلمات التوصيف لهذه الظاهرة هل هي غزو أم هجوم أم احتلال من الصحفيين للشاشة الصغيرة؟! والحقيقة أن الزمن سوف يلعب دوره في اختزال هذا العدد الضخم من الصحفيين الذين طالبوا بحق اللجوء التليفزيوني.. لن يستمر علي الشاشة إلا عدد محدود جداً من الصحفيين الذين يملكون حضوراً حقيقياً، والآخرون لن يعد أمامهم سوي العودة إلي أقلامهم وأوراقهم صحفيون أو معدون لبرامج خلف الكاميرا هذا إذا لم يكونوا قد فقدوا تماماً لياقتهم كصحفيين أو معدين!!