شاهدت لبنى عبدالعزيز فى مسرحية «سكر هانم» التى تعرض حالياً، ولم أكن أتوقع حصولها على نصيب الأسد من تصفيق الجمهور بمجرد ظهورها على خشبة المسرح، من حفاوة الاستقبال تضطر إلى الانتظار قليلاً لتبدأ دورها بالعرض المسرحى وعرفت لماذا بذل معها المنتج أحمد الإبيارى هذا المجهود لكى توافق على التواجد بمسرحيته، رغم أنها لم تقف على خشبة المسرح من قبل، ولا أدعى كذباً إذا قلت أن وجود اسمها على أفيشات المسرحية من أهم عوامل انجذاب الجمهور للعرض. لذا حرصت على الذهاب لها لأعرف منها حكايتها مع «سكر هانم» وأسباب انطوائها وخجلها الذى يعطى انطباعات سلبية للآخرين عنها وسر ابتعادها عن الدراما التليفزيونية وإحساسها أنها لم تأخذ حقها بعد. درست علم نفس بالجامعة الأمريكية وعندما حصلت على منحة تعليمية فى أمريكا اخترت دراسة الفنون المسرحية وتفوقت، ورغم ذلك رصيدك الفنى لا يحمل إلا مسرحيتين واحدة وهى «سكر هانم» التى تشاركين فيها حالياً؟ - طول عمرى أعمل فى الفن بروح الهواية وليس الاحتراف، ووقفت على خشبة المسرح فى مراحل دراستى المختلفة سواء فى مصر أو أمريكا، وهذا يعكس ميلى الشديد للمسرح، قبل سفرى مع زوجى عام 1968 كنت المفروض أعمل مسرحيتين إحداهما مع عبدالرحمن الشرقاوى والأخرى كتب قصتها حمدى غيث وتدربت بالفعل عليها شهرا ونصف وتم تأجيلها وأنا سافرت للخارج مع زوجى بشكل نهائى.. وبعد عودتى عرض علىَّ سعد أردش مسرحية وكنت متحمسة لكن لظروف مرضه ووفاته أُلغى المشروع، منذ عام عرض علىَّ المخرج خالد جلال تقديم عمل استعراضى على مسرح العرائس المفروض كنت سأظهر به بشخصية «أنتىِ لولو» التى أقدمها فى برنامج «ركن الأطفال» وكان المخرج هو أحمد عبدالعليم، أما المؤلف فهو الشاعر محمد بهجت وبالفعل كان بيننا اجتماعات يومية وفجأة اختفى الجميع دون أى اعتذار، مش عارفة إيه اللى بيحصل فى مصر ماحدش بيتكلم فى التليفون يعتذر عن أى شىء. رغم رغبتك الشديدة فى الوقوف على خشبة المسرح إلا أنك ترددت كثيراً فى قبول مسرحية «سكر هانم» ما أسباب ذلك؟ - صعوبة الأمر كانت فى أننى هاقدم الدور باللكنة المصرية وأنا لم أدرس عربى نهائى.. طبعاً المشكلة دى أستطيع التغلب عليها إذا قدمت أى عمل فنى فى السينما أو التليفزيون من خلال إعادة أى خطأ فى النطق، لكن هذا غير مُتاح للفنان على خشبة المسرح، ثانى شىء توقفت أمامه هو «الجمهور» كنت متخوفة جداً من درجة استقباله لى، بعد عودتى لمصر لم أكن متوقعة أن يتذكرنى أحد.. أنا نفسى نسيت لبنى عبدالعزيز الفنانة بمجرد اتخاذى قرار الاستقرار مع زوجى بأمريكا وتفرغى لحياتى الأسرية. وكيف حسمت موافقتك على «سكر هانم»؟ - فى البداية قرأت الرواية ووجدت أن الدور الذى رُشحت له ليس بالضخامة أو الفخامة التى تجعلنى أقول أننى أعمل مسرح لكن ما جذبنى أننى وجدت نفسى فى شخصية «سكر هانم» أنا طول عُمرى نفسى أرجع بلدى، أيضاً نوعية الكوميديا الموجودة بالمسرحية من النوع الراقى الخالى من الإفيهات، وعندما سألت عن أسماء أبطال المسرحية علمت أنهم محترفون، وتستطيعين القول أن المخرج أشرف زكى كان له دور فى موافقتى بنسبة 80% لكن جملة المنتج أحمد الإبيارى لى هى التى تممت الأشياء. كيف؟! - أول خطوة ذكية قام بها أحمد الإبيارى أنه حضر منزلى ومعه ابنه طارق وهو أحد أبطال المسرحية بالمناسبة، وأصبحت أنا وهو نتحدث لغة واحدة على اعتبار أنه خريج جامعة أمريكية مثلى وعاملته على أنه زميلى وابنى فى ذات الوقت، وفى أول لقاء لم أقل شيئا بخصوص موافقتى وبعد زيارات متتالية من أحمد الإبيارى وبعدما غُلْب منى قال لى: «خليها على الله» هذه الجملة فعلاً هى التى حسمت الأمر لأننى طول عُمرى أعمل بهذه الجملة سواء كانت قراراتى غبية أو ذكية، أنا بطبعى أحب المُجازفة وأومن أن التجربة تتيح للإنسان الفرصة فى أن ينجح أو يفشل أما عدم التجربة فلا تعطى للإنسان هذه الاحتمالات. المفاجأة التى لم أكن أتوقعها هى استقبال الجمهور لى وتصفيقه كثيراً بمجرد ظهورى لدرجة تجعلنى لا أستطيع البدء فى تمثيل دورى، استقبالهم لى يجعل دموعى تنهمر يومياً ورُكبى ترتعش تأثراً بما يحدث. من الأقرب لكِ فى كواليس «سكر هانم»؟! - إنجى وجدان هى الأقرب لى لا تتركنى أبداً فى الكواليس وأحياناً توصلنى منزلى، بتعرف تلاغينى وهى بالمناسبة خريجة جامعة أمريكية مثلى ومنذ أيام اتكرمت أنا وهى وابن عادل إمام وفنانين آخرين فى احتفالية أقامتها الجامعة الأمريكية للخريجين.. إنجى بتفكرنى بشويكار فى السينما وأذكر أننى التقيت معها فى فيلم جمعنا، وعادة بين المشهد والآخر كنت أجلس فى حجرتى الكل كان يبتعد عنى لدرجة أنهم كانوا لا يحبذون استدعائى لأداء مشاهدى، وفى إحدى المرات طرقت شويكار باب حجرتى وقالت لى: عاوزه أعرف ماحدش عاوز ييجى يندهلك ليه؟ كنت بتعملى إيه؟! قلت لها: كنت اقرأ كتاب، قالت لى سمعت آخر نكتة: «زمان كان الجميع فى الكواليس يتجنبون الحديث معى وأثناء مرورى أمامهم كنت أسمعهم يقولون أننى لا أتحدث إلا بالإنجليزية وهذه بمثابة رسالة لكى لا يقترب أحد منى».. إنجى وجدان تلاغينى بنفس طريقة شويكار وعندما لا يتحدث أحد معى تجديننى فى حالة صمت وجالسة بمفردى فى أحد الأركان، والذى يقترب منى سيعرف أننى غلبانة ومش وحشة، وكل الحكاية أننى خجولة جداً وعاوزه اللى يلاغينى. هل صحيح أنك بدون قصد حصلتِ على فرص سينمائية كانت المفروض من نصيب بنات جيلك بعد زواجك من المنتج رمسيس نجيب؟! - أول أفلامى كان «الوسادة الخالية» عام 57 قصة إحسان عبدالقدوس وهو كان له دور كبير أننى أمثل عموماً، وأيضاً كنت بطلة فيلم «أنا حرة» عام 59 الذى كتب قصته.. وبعد هذا الفيلم تزوجت من رمسيس نجيب وخلال فترة زواجى القصيرة منه عمل مع زبيدة ثروت وشادية ونادية لطفى وليلى طاهر وغيرهن، لماذا إذن تتردد مثل هذه الأقاويل؟ أضيفى لذلك أننى كنت حريصة على اختيار موضوعات أفلامى بنفسى ولم أكن أسمح لأحد بأن يختار لى مثلاً فيلم «عروس النيل» عام 63 كنت أنا صاحبة فكرته، وأيضاً جلست مع المخرج فطين عبدالوهاب نشتغل على فيلم «آه من حواء» عام 62 وفى نفس العام جمعتنى جلسات عديدة مع المخرج صلاح أبو سيف ليصنع لى فيلم «رسالة من امرأة مجهولة» أيضاً أنا التى اخترت قصة يوسف السباعى «غرام الأسياد» لكى أنفذها فى فيلم سينمائى عام 61. شوفى اللى اتقال كثير جداً فى فترة زواجى من رمسيس نجيب لكن المؤكد أن الناس لا تعرف شيئًا عما يحدث داخل البيوت التى تغلق أبوابها على أصحابها والله يسامح الظالم. أذكر أن موسى صبرى كان رئيس تحرير لإحدى المطبوعات الصحفية لا أذكر إذا كان اسمها «الجيل الجديد» أو «آخر ساعة» وعلى غلاف المطبوعة رسموا صورة لى كاريكاتيرية وعلى كف يدىّ وضعوا صورة لرمسيس نجيب وكتبوا تحت الصورة: رمسيس نجيب يقدم لبنى عبدالعزيز، يومها رمسيس نجيب غضب للغاية ونزل يضرب موسى صبرى فى مكتبه لأنه اعتبر هذه الصورة بمثابة إهانة له، والمعروف أن رمسيس نجيب قبل فيلم «الوسادة الخالية» كان يعمل كمدير إنتاج فى معظم الأفلام، ولا أنكر أن رمسيس نجيب بذل مجهودًا كبيرًا معى لكى اشتغل معه فى السينما. وما هى مساحة الصداقة بينك وبين بنات جيلك؟ - قبل سفرى لأمريكا كانت صداقتى محصورة بين أصدقائى بالإذاعة والجامعة والمدرسة.. الوحيد الذى كانت تربطنى به علاقة صداقة من الوسط الفنى هو سمير صبرى بحكم أنه كان زميلى فى الإذاعة منذ أول يوم لى بها، وأذكر أيضاً أننى أرسلت برقية تهنئة لمدام ماجدة الصباحى بعد مشاهدتى لفيلم «جميلة بوحريد» ومنذ ذلك الحين وهى تسأل عنى من حين لآخر وعلى زوجى إسماعيل لأنه مريض، وأذكر أننى منذ وقت قريب حصلت على إحدى الجوائز وقبل صعودى على خشبة المسرح سمير صبرى كان يقول فى الميكروفون ما قمت به من أعمال فنية وكنت أقول بصوت منخفض لا أحب سماع كلمات الثناء وتصادف أن ماجدة كانت جالسة بجوارى وسمعتنى أقول ذلك قالت لى: «يا عبيطة هو فيه واحدة تغيب 25 سنة وترجع تلاقى الناس فاكراها ولها مكان فى قلوبهم أنا لو منك أبوس إيدى وش وضهر». شعرت أن كلامها لى طالع من قلبها دون افتعال، أيضاً شويكار حبيبتى..صحيح لا نتقابل لكنى من حين لآخر بيننا مكالمات. لماذا اختفيتِ من الدراما التليفزيونية بعد اشتراكك فى مسلسل «عمارة يعقوبيان»؟! - مش كتير الموضوعات التى تنال إعجابى أنا عادة أختار الموضوع الذى أتحمس له فقط، وحالياً هناك مسلسل اسمه «قوت القلوب» فى مرحلة الكتابة وإذا لم يكن ما يعرض علىَّ من أعمال فنية مخدومًا بشكل جيد لا أشارك به نهائياً أنا مش فارق معى موضوع التواجد سنويًا بعمل فنى.. أشرف زكى يقول لى: الناس تخاف تعرض عليك أى موضوعات لديهم فكرة مسبقة أنك هاترفضى، لازم تكسرى هذا الحاجز بينك وبين الناس.. وبصراحة مش عارفة سبب اتخاذ هذا الانطباع عنى ربما يكون شكلى يعطى هذه الصورة عنى وهذه مشكلة لا أستطيع علاجها لا تقولى أننى لا أتواجد فى المجتمعات الفنية، أنا طول عمرى من بداياتى لم يكن لى حياة اجتماعية بالوسط الفنى، بالكتير جداً كنت أقبل عزومة إحسان عبدالقدوس وزوجته لى فى منزلهما ومش منطقى أننى لم أكن أفعل أشياء وأنا صغيرة وبعدين آجى على نفسى وأنا فى السن دي لأفعل ما لم أفعله طول عمرى كرامتى لا تسمح لى بذلك أبداً.