"التنظيم والإدارة" يكشف عدد المتقدمين لمسابقة وظائف معلم مساعد مادة    هل تسقط احتجاجات التضامن مع غزة بايدن عن كرسي الرئاسة؟    بيني جانتس يهدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو لهذه الأسباب    رئيسا روسيا وكازاخستان يؤكدان مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    ظهر بعكازين، الخطيب يطمئن على سلامة معلول بعد إصابته ( فيديو)    عماد النحاس: نتيجة مباراة الأهلي والترجي «مقلقة»    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    بن حمودة: أشجع الأهلي دائما إلا ضد الترجي.. والشحات الأفضل في النادي    خاص- تفاصيل إصابة علي معلول في مباراة الأهلي والترجي    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستعراض في زفاف "صحراوي الإسماعيلية"    نصائح لمواجهة الرهبة والخوف من الامتحانات في نهاية العام الدراسي    بوجه شاحب وصوت يملأه الانهيار. من كانت تقصد بسمة وهبة في البث المباشر عبر صفحتها الشخصية؟    عاجل.. إصابة البلوجر كنزي مدبولي في حادث سير    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بعد اكتشاف أحفاد "أوميكرون "، تحذير من موجة كورونا صيفية ولقاح جديد قريبا    مع استمرار موجة الحر.. الصحة تنبه من مخاطر الإجهاد الحراري وتحذر هذه الفئات    عيار 21 الآن بالسودان وسعر الذهب اليوم الاحد 19 مايو 2024    «إزاي تختار بطيخة حلوة؟».. نقيب الفلاحين يكشف طريقة اختيار البطيخ الجيد (فيديو)    إيطاليا تصادر سيارات فيات مغربية الصنع، والسبب ملصق    حماية المنافسة: تحديد التجار لأسعار ثابتة يرفع السلعة بنسبة تصل 50%    حزب الله يستهدف عدة مواقع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.. ماذا حدث؟    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الأرصاد الجوية تحذر من أعلى درجات حرارة تتعرض لها مصر (فيديو)    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    مصطفى قمر يشعل حفل زفاف ابنة سامح يسري (صور)    حظك اليوم برج العذراء الأحد 19-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أصل الحكاية.. «مدينة تانيس» مركز الحكم والديانة في مصر القديمة    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    صاحب متحف مقتنيات الزعيم: بعت سيارتي لجمع أرشيف عادل إمام    بعد الانخفاض الكبير في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد بالمصانع والأسواق    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    جريمة في شارع ربيع الجيزي.. شاب بين الحياة والموت ومتهمين هاربين.. ما القصة؟    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علموا بناتكن كلمة لأ!!
نشر في صباح الخير يوم 26 - 01 - 2010

أشعر بالغيظ من بعض الآباء والأمهات الذين يحملون هذا اللقب وهم لا يستحقونه أو بمعنى أرحم لا يفهمونه ولا يعرفون كيف يحترمون هذه النعمة الكبيرة، هذا الغضب أصبه على بعض الأهالى الذين يتعاملون مع أطفالهم بمنطق أنهم «مجرد أشياء جاءت إلى الحياة ويمكن التحكم فيهم وإيذاؤهم نفسياً تحت مسمى التربية، وهم بكل أسف لا يعرفون ألف باء تربية أو رعاية أو سلطة ناضجة أو حب أو حنان».
هذا الجهل الأبوى والأمومى يتجلى فى الأبناء الذين يدفعون الثمن، وغالباً ما يكون الثمن باهظاً ومؤلماً، وهذا ما حدث لفتاة 23 عاماً «ضحية أم مستهترة أصرت أن تتزوج شخصاً ثرياً لكنه لم يكن مناسباً اجتماعياً ولا ثقافياً لعائلة تلك الفتاة، أصرت وهددت بالانتحار وبأنها ستجلب لهم العار لو لم يباركوا تلك الزيجة، وللأسف استسلمت عائلة الفتاة وقبلت الزيجة على مضض، استمرت الزيجة عاماً ونصف العام، حيث كانت الفتاة - ولنسمها باسم آخر (شيرين)، قد ولدت، ولم يتجاوز عمر الطفلة ثلاثة أشهر حين تم الطلاق بين الأب والأم وكان بشكل عنيف وغير لائق فإذا بالأب يقسم بأنه لن ينفق على ابنته مليماً واحداً، وبالفعل تخلى عن دوره المادى كأب وتخلى عن وجوده الإنسانى بكل ما تحمله كلمة أب لهذه الطفلة الوليدة، ولم تكن الأم نموذجاً عاقلاً لكثير من السيدات والأمهات اللائى يحملن عبء الرحلة والمشوار الطويل فى تربية الأبناء بعد تخلى الأب، فقد كانت مستهترة، غاضبة، عنيفة مع ابنتها، والمفارقة أنها كانت شديدة التدليل، حيث كانت تشعر بالذنب من عصبيتها تجاه ابنتها فكانت تعوض هذه القسوة وذلك الخلل بالتدليل المبالغ فيه،
خاصة مع توافر الإمكانات المالية لدى الأم، فكانت تشعر أنها تلبى كل الاحتياجات المادية وهذا أعظم دليل على حسن الرعاية، وبالتالى تعلمت الفتاة معنى الابتزاز وأخذت تمارسه على أمها، ورغم أنها تعلمت فى أفضل المدارس والتحقت بأغلى الجامعات، إلا أنها لم تتعلم شيئاً حيث إن عقلها فارغ تماماً، لا تعرف كيف تتحدث ولا تعرف ما يجرى حولها فى العالم، تريد كسب ود أصدقائها بالإنفاق عليهم أحياناً أو بالسماح لهم بالتجاوز عليها، تلك الفتاة المدللة لم تتعلم أن يقول لها المقربون كلمة «لا»،
لم تفهم معنى الحدود، معنى أن لكل شىء فى الحياة سقفا ونهاية، وبالتالى نشأت الفتاة وهى لا تعرف كيف تقول كلمة «لأ»، والويل لفتاة لا تعرف كيف تقول «لأ»، لم تتعلم أن ترفض، لم تعرف كيف أن تواجه من يحاول ابتزازها واستغلالها.الشىء بالشىء يذكر.. كنت قد حضرت جلسة استماع للعديد من الفتيات داخل جمعية حقوقية، يتحدثن عن أسوأ الذكريات فى حياتهن، وقد حكت البنات بمنتهى الشجاعة والمرارة معاً عن حوادث الإيذاء النفسى والبدنى الذى تعرضت له كل منهن، وقد كان القاسم المشترك أن أغلب الفتيات تعرضن لأشكال مختلفة من التحرش الجنسى وهن صغيرات بسبب الخوف من كلمة «لأ»، لم يتعلمن كلمة لأ، بسبب قهر الوالدين لهن فى المعاملة بقسوة، وهنا يتساوى الأمران والحالتان، فالمعاملة القاسية والقهر يخلق فتاة غير قادرة على الرفض، ونفس الأمر بالنسبة لفتاة تعلمت ألا يقول لها صوت السلطة المتمثلة فى الأب والأم كلمة «لأ» فهى بالتالى لا تعرف متى ولماذا وكيف تقول «لأ» ونرفض، كلتاهما لا يعرف معنى الحدود.
أعود لقصة «شيرين».. التى ظهر لها الأب فى حياتها فجأة بعد أن فقدت الأم القدرة على السيطرة، كبرت الفتاة وخرجت عن كل الحدود، وبالتالى كان من المحال أن تبدأ معها الأم رحلة التربية فى سن العشرين، وكأنها أرادت فجأة أن تلعب دور الأم ففشلت أو بمعنى أدق لم تسمح لها الفتاة أن تلعب هذا الدور حيث إن الدور الوحيد الذى سمحت به الفتاة لأمها أن تلعبه منذ أن كانت طفلة هو دور الممول والمدلل.
بعد مشاكل كثيرة تورطت فيها شيرين وحالة من الانفلات والاستهتار وعدم فهم الناس أو الواقع ومع قلة خبرة وعقلية طفولية ساذجة قررت الأم أن تستعين بالأب «المتخلى الغائب» وقررت منحه فرصة أن يلعب دوراً زائفاً ومصطنعاً بأن الأب عاد ليربى ولتكون له كلمة، وللأسف لم يجد من ابنته سوى كراهية ورفض، فاستخدم العنف والقوة فازدادت الكراهية والغضب تجاهه وتجاه الأم وقررت الفتاة أن تصطنع وهماً للسفر إلى الخارج وأقنعت أمها بأنها ستكمل دراستها فى الخارج، وبالفعل وصلت الفتاة لغرضها بعد أن زاد الخناق حولها وبعد أن بدأ كل من الأب والأم يلعبان أدواراً شكلية فى توجيه وتربية شيرين وكأن الزمن عاد بهما عشرين عاماً إلى الوراء، لعب كل منهما دوره متأخراً وبشكل خاطئ، لم يحتضنا الابنة بل قررا إصدار أوامر وعليها تنفيذها أو حرمانها من المال وفقط..
هذا كل ما فعلاه، ليعرف أحدهما فيم تفكر هذه الفتاة، بم تحلم، ما هى مشكلاتها، قررا أن يقيما معها علاقة وهمية «بابا وماما وابنة» دون احتضان حقيقى ودون تاريخ يسمح للفتاة بأن تصدق هذه المسرحية.
كيف كان للفتاة «شيرين» أن تصدق أباً يدير علاقته بابنته، يمارس أبوته بالتليفون.. فقط بالتليفون دون أن يراها أو يقابلها خلال الثلاثة والعشرين عاماً سوى سبع مرات على أقصى تقدير!!
سافرت شيرين للدراسة.. هكذا أقنعتهما!المفاجأة.. شيرين اختفت.. قطعت الاتصالات، غيرت رقم هاتفها، أعطتهما بيانات وهمية عن محل إقامتها.
الأم منهارة.. الأب يلقى باللوم على طليقته «الأم» واصفاً إياها «بالست المستهترة إللى معرفتش تربى».
خناقات يومية بين الأب والأم.. انتهت بعودة التخلى من الأب قائلاً: أنا خلاص اعتبرت إن بنتى ماتت، محدش يجيب لى سيرتها تانى، وعاوزة تدورى عليها، سافرى لها فرنسا ولفى عليها الشوارع والبيوت.
ضاعت شيرين بسبب والديها.قررت الاختفاء...
ربما تختلف الروايات والأحداث ولكن تتشابه النتائج، فتيات مثل شيرين يضعن فى الحياة بسوء اختيار أو بقلة خبرة أو بعدم شعور بالسند وبالدعم وبالأمان والحنان فى الحياة ويضعن.. أو يختفين فى الحياة ويختبئن سواء بقرار واع منهن أم لا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.