كنت أظن أن النقاب مجرد زى مثله مثل أى زى آخر، ولكن اكتشفت أن النقاب فكر ومنهج وأسلوب حياة لصاحباته!! وهذا فى حد ذاته ليس اختلافا يستوجب التوقف ويلفت الانتباه، ولكن عندما يتحول الاختلاف إلى دعوة يحاول أصحابها طرحها بل فرضها على الآخرين، فمن يتبعهم فهو مغفور له وما دون ذلك "استغفر الله العظيم" فهذا ما يستوجب التوقف والتساؤل؟! أثناء زيارتى لمتحف الأحياء المائية بالإسكندرية بهرتنى الأحواض الزجاجية التى تحتوى على الأسماك النادرة، فلم ألاحظ سيدة منقبة وقفت خلفى مباشرة، وعندما استدرت فوجئت بكتلة من "السواد" بحجم إنسان تقف أمامى مباشرة، ففزعت وصدرت عنى صرخة مكتومة.. رغماً عنى. للحظة تخيلت أنها سوف تواسينى بكلمة أو ابتسامة أو تبرر ذلك بأنه خطأ غير مقصود، ولكننى فوجئت بها تصرخ فى وجهى أمام الحاضرين قائلة: - انتى خايفة منى؟! ده أنا اللى أخاف منك.. استغفر الله العظيم. بعض السيدات جذبتنى من ذراعى بعيداً عنها قائلات: معلهش.. تعالى هنا. وتركنا لها المكان وذهبنا فى اتجاه آخر. ومن يومها إلى وقتنا هذا وأنا أتساءل: ليه العدوانية دى وليه استغفر الله العظيم مع أنى سيدة محجبة؟! بعد أحداث سبتمبر سافرت إلى إحدى الدول الأوروبية للدراسة. وعلى الرغم من أن الخارجية المصرية حذرتنا من اضطهاد محتمل من بعض المتطرفين الأجانب للعرب والمسلمين، إلا أننى لم أر سوى العكس تماماً. فأينما ذهبت كنت لا أرى سوى المساعدة والتعاون وحب الإنسان للإنسان بدون أى هدف، وأكثر ما لفت انتباهى هو مراكز "الشيرتى" أو المساعدة، وهى عبارة عن مراكز لجمع التبرعات العينية مثل الملابس والأدوات المنزلية والمكتبية التى يستغنى عنها أصحابها، ثم يعاد بيعها ثانية بتخفيض كبير ويذهب العائد لبناء المستشفيات وعلاج مرضى السرطان والإيدز والأيتام، فكنت أشترى أحياناً من هذه المراكز "بنية عمل الخير ومساعدة المحتاج"، وكان هذا موضوع نقاشى مع بعض الأصدقاء القدامى فى رمضان الماضى بأحد المساجد بعد صلاة العشاء، فإذا بسيدة منقبة كانت تجلس فى ركن المسجد تنتقدنى قائلة: مش كفاية أنك بتتبرعى للأجانب، كمان بتروجى للفكرة!!.. ده بدل ما تتبرعى لبناء مسجد أو تساعدى فقراء المسلمين؟! المفروض أنك حتى لو هتشترى من بره بضعف الثمن أفضل ألف مرة من هذه المراكز.. ليه نكون سبب فى شفاء مرضاهم بفلوسنا؟! علشان ربنا يرضى عنك لازم تقاطعى هذه المراكز وتتبرعى لجهات تخدم المسلمين.. وتتوبى عما فعلته فى الماضى لأنهم ناس "ضالين".. استغفر الله العظيم. فى قاموس المتشددين لا توجد كلمة شكراً!! حيث تعتبر بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار.. جزاك الله خيراً.. هى العبارة التى نسمعها على لسانهم عندما يحصلون على خدمة أو عرض بالمساعدة. فى إحدى عربات المترو كنت جالسة بجوار سيدة عجوز تخطت الستين، ودخلت من الباب سيدة منقبة، وعلى الفور أفسحت السيدة العجوز مكاناً للمنقبة وقالت لها "تعالى اقعدى جنبنا" فردت المنقبة فى حزم: لا.. حيث تبين لها أن السيدة المسنة "مسيحية" وظلت واقفة فى مكانها حتى خلا مقعد وجلست وهى تقول بصوت مسموع: استغفر الله العظيم. لا تعليق