الهجرة الخارجية.. أحد أبرز أحلام الكثير من الشباب بحثاً عن حياة أفضل لتحسين نمط حياته من جميع النواحى الاجتماعية والاقتصادية بل والإنسانية.. وتعتبر الولاياتالمتحدةالأمريكية من أهم مقاصد الهجرة، حيث تستوعب الكثير من المهاجرين من شتى بقاع الأرض.. بل إنها تأتى على رأس الدول التى وضعت قواعد وشروطاً محددة للهجرة، كما كان لها السبق فى إقرار نظام «الهجرة العشوائية» التى تستوعب كل عام نحو 50 ألف مهاجر من كل أنحاء العالم. إلا أنه ظهر مؤخراً من استغل هذا التكالب على الهجرة لأمريكا للنصب على الحالمين بالسفر خارج مصر مستغلاً ظروف ما بعد ثورة 25 يناير فى تدعيم فكرة السفر بكل الطرق والوسائل. رغم أننى لم يسبق لى التقدم من قبل للحصول على تأشيرة الهجرة العشوائية كما أننى كنت أحد الذين سبق لهم زيارة الولاياتالمتحدةالأمريكية قبل عامين كثمرة لتعاون بين هيئة المعونة الأمريكية وبرنامج تطوير الإعلام الذى أشرف عليه المجلس الأعلى للصحافة - فإن استقبالى هذه الرسالة الغريبة الطويلة التى تعلمنى بفوزى بفيزا مفتوحة للإقامة بأمريكا بات أمرا يحمل فى طياته الكثير والكثير من علامات الاستفهام والاستغراب!! الطريف أنه فى نفس الأسبوع الذى تلقيت فيه هذه الرسالة فؤجئت بالكثير من أصدقائى يخبروننى بوصول رسالة لهم على بريدهم الإلكترونى مضمونها يفيد فوزهم بنفس التأشيرة وإن كانت بعض تفاصيل الرسالة مختلفة من حيث مكان الإرسال ورسوم السفر والإجراءات المتبعة.. إلا أنها كلها تشترك فى نقطة أساسية وهى أن الاختيار تم بصورة عشوائية من جانب كمبيوتر السفارة المعنية وضرورة إرسال تحويل مالى بمبلغ معين خلال فترة محددة وإلا ضاعت الفرصة.. وقد اخترت الرسالة التى وصلتنى على بريدى الشخصى كنموذج لهذه الرسائل. فعندما تبدأ فى قراءة مضمون الرسالة فإن أول ما يفاجئك هو وجود «لوجو» أو شعار وزارة الخارجية الأمريكية متصدراً الرسالة يتبعه جدول صغير يضم الاسم والبريد الإلكترونى ثم المفاجأة الأعجب وهى رقم تليفون منزلى! الرسالة شديدة الغرابة والتفاصيل التى تضمها مثيرة لكل طالب هجرة لأمريكا، ولكننا فى نفس الوقت مطالبين - كصحفيين وإعلاميين - بضرورة التحذير من مثل هذه الرسائل وذلك بعرضها على الرأى العام.. فماذا تقول سطورها؟! هذه الرسالة مسجلة باسم جورج فهمى وبريده الإلكترونى [email protected] من وزارة الخارجية الأمريكية لإعلام جورج فهمى باعتباره الفائز فى برنامج فيزا المتنوعة: عزيزى «فهمى جورج»، أنت واحد من الفائزين من بين 50000 يختارهم الكمبيوتر بطريقة عشوائية حيث تقدم 12100000 فى برنامج تأشيرة الهجرة المتنوعة للولايات المتحدةالأمريكية وهو برنامج يانصيب بتفويض من الكونجرس للإقامة الدائمة وهى معروفة أيضا باسم (يانصيب البطاقة الخضراء). وللفائز حق التمتع بكل المزايا والفوائد المترتبة على الإقامة بالولاياتالمتحدة مثله مثل المقيم الدائم، بما فى ذلك الفوائد الصحية والتعليم، وفرص العمل وبرامج الاندماج فى المجتمع الأمريكى.. وهذه التأشيرة تجدد بعد عشرة أعوام وبموجبها تضمن الحكومة الأمريكية السكن (شقة فى أى مدينة تفضل، أو غرفة نوم لمدة 3 أشهر) والتأمين الصحى إضافة إلى وظيفة مضمونة (فى مجال تخصصك ووفقا لمؤهلك وذلك من الأسبوع الأول لوصولك إلى الولاياتالمتحدة وأيضاً الحصول على بدل إعانة بطالة كمواطن أمريكى) كذلك التعليم وهو يتضمن نقل إلى كلية أو جامعة حتى تتمكن من متابعة دراستك التعليمية ويمكن العثور على مزيد من التفاصيل على athttp : / / educationusa.state.gov * رسوم السفر تمنح بطاقة الإقامة الدائمة للشخص الواحد نظير دفع رسوم تجهيز 879 دولارًا أمريكيًا أو ما يعادلها من العملة المحلية وذلك لضمان تأشيرة التنوع أو ما يعرف ب(GREEN CARD البطاقة الخضراء) عند استلام الدفع. ويجوز إدراج أفراد الأسرة المرافقين (الزوجة / الزوج، خطيبة، الإخوة، الأخوات، الأطفال وأبناء العم) فى البرنامج وسيتم توفير تأشيرات دخولهم فى نفس الوقت حتى تتمكنوا من السفر والتحرك معا فى نفس الوقت، ومع ذلك يجب أن يتم دفع الرسوم للشخص الواحد ولكل عضو (مثلا الزوجة، الأخ، الآباء، الأطفال، ابن عم) يجب دفع مبلغ 879 دولارًا ولا يوجد خصم للأطفال. ويرجى ملاحظة أنه مسموح لك أن تأخذ معك الكثير من أفراد الأسرة كما تريد ولكن لكل شخص يجب أن تدفع عليه مبلغًا إضافياً 879 دولاراً أمريكياً، فعلى سبيل المثال إذا قررت السفر مع زوجتك وطفل فمجموع الرسوم2637 دولارًا وهكذا.. * تعليمات الدفع لتجهيز التأشيرة يجب دفع رسوم تحويل الأموال عن طريقة شركة Western Union money transfer وسيتم التعامل مع الأموال المحولة من قبل السفارة الأمريكية فى المملكة المتحدة.. ويمكنك إرسال الدفع بالدولار الأمريكى أو ما يعادله من العملة المحلية.. ويرسل إلى مفوض السفارة فى المملكة المتحدة وبياناته كالتالى: الاسم: شيريل هيدمان العنوان: 30 ليستر سكوير لندن، WC2H 7LA المملكة المتحدة يجب أن ترسل الدفعة إلى العنوان أعلاه فى المملكة المتحدة لأن وزارة الخارجية الأمريكية قررت ذلك استنادا إلى علاقات دبلوماسية مع بلدكم. بعد إرسال المبلغ اتبع الخطوات التالية: قم بإرسال صورة من إيصال استلام (ويسترن يونيون) إلى البريد الإلكترونى: [email protected] مع التفاصيل التالية: 1) اسم المرسل بالضبط. 2) عنوان المرسل بالضبط. 3) تأكيد إرسال المبلغ. ثم الانتظار للتأكد من استقبال الرسالة. فى غضون72 ساعة، سوف تتلقى رسالة عبر البريد الإلكترونى مع رقم خاص للتأكيد وسوف تتلقى وثائق ومعلومات عن السفر للتحرك فى الولاياتالمتحدة، وتحت أى ظرف من الظروف لا تؤثر المقابلة الشخصية فى حصولك على التأشيرة. ويجب ملاحظة أنه من الضرورى إرسال المبلغ عن طريق Western Union money transfer فى موعد أقصاه 10 سبتمبر 2011، ولا يفضل الانتظار حتى آخر يوم للدفع فربما تؤدى كثرة الضغط إلى تعطيل برنامج استقبال الطلبات. كما يرجى عدم الاتصال بنا لطلب رقم التأكيد.. وإذا كان من الضرورى الاتصال بوزارة الخارجية الأمريكية فيجب عليك الرجوع [email protected] * بيان السرية وفقا للقسم 222 من قانون الهجرة والجنسية فإنه ينص على أنه يكون النظر فى سجلات وزارة الخارجية والمكاتب الدبلوماسية والقنصلية التابعة للولايات المتحدة بشأن إصدار ورفض منح التأشيرات أو تصاريح للدخول إلى الولاياتالمتحدة.. سرية، ويجب أن تستخدم فقط فى الصياغة والتعديل، والإدارة أو إنفاذ الهجرة والجنسية، وقد تكون نسخة طبق الأصل من هذه السجلات متاحة للمحكمة فى حالة ما إذا كان هناك حاجة إلى هذه المعلومات الواردة فى قضية منظورة أمام المحكمة». انتهت الرسالة بهذا البيان السرى ،وأضع هذه الرسائل أمام مسئولى الهجرة فى السفارة الأمريكية بالقاهرة لعلهم يستطيعون الوصول لحل رادع لمثل هؤلاء النصابين، وإن كان يبقى هناك سؤال يثور بداخلى وهو كيف يتأتى لهؤلاء الوصول لبعض البيانات الخاصة مثل رقم تليفون منزلى، وهو ما يدل على أن هناك شخصاً ما استطاع اختراق بيانات بعض ممن سافروا فعلا لأمريكا أو ممن تقدموا فعلياً بطلبات الهجرة العشوائية.. قد تكون الإجابة بسيطة عن مثل هذه التساؤلات ولكن هذا لايمنع أن على السفارة الأمريكية إيقاف مثل هذه المحاولات للنصب على البسطاء. التأشيرة المستحيلة!! لعل ما جعلنى متأكدا تماما أن هذه الرسالة عملية نصب محترمة هو تجربتى الشخصية فى الحصول على تأشيرة الولاياتالمتحدة.. والتى اعتبرتها «التأشيرة المستحيلة» نظرا لصعوبة الحصول عليها بسبب ظروفى فى ذلك الوقت.. فقد تحدد لى موعدى للمقابلة الشخصية مع بعض زملائى بعد تقسيمنا لمجموعتين على يومين.. وعندما بدأت المقابلات مع زملائى وفقا للترتيب، كان كل شخص يحصل على الموافقة يتم أخذ جواز سفره وإعطاؤه ما يفيد ذلك ليتسلمه بواسطة البريد السريع DHL بعد أسبوعين بل إن الشخص الذى سبقنى - وكان رجل أعمال - قالت له المسئولة بصوت واضح: (آسفة.. طلبك للتأشيرة مرفوض.. أنا غير مقتنعة بمبرراتك للسفر (!!).. وكنت وقتها قد حصلت على تأشيرة (شنجن) الخاصة بدول الاتحاد الأوروبى فى زيارة رسمية لحضور جلسات المجلس العالمى لحقوق الإنسان فى مدينة جنيف السويسرية، وتسلمت جواز سفرى قبل السفر بأسبوع وفى نفس الوقت تحدد موعد المقابلة يوم (أربعاء) بسفارة أمريكا قبل السفر لواشنطن بشهر تقريباً وبالتالى بات عمليا أنه لم يعد أمامى إلا يوم واحد فقط للحصول على التأشيرة لأن السفارة الأمريكية تغلق أبوابها يومى الجمعة والسبت وسفرى لجنيف يوم الأحد.. باختصار فإنه من المستحيل الحصول على التأشيرة.. وعندما وقفت أمام شباك المقابلة وقد جلس خلفه السيد/ ايريك وليامز والذى سألنى الأسئلة المعتادة عن أسباب الزيارة ومدة الإقامة والجهة الداعية.. إلخ.. إلا أننى قاطعته بهدوء مشيراً لتأشيرة الشنجن الموجودة على جواز سفرى.. فسألنى :ما موعد سفرك؟ فقلت: الأحد المقبل صباحاً.. وهنا أخذ جواز سفرى وقال لى: أرجوك انتظرنى لحظة.. وذهب لدقائق عاد بعدها بمنتهى الجدية وبابتسامة هادئة مدونا كارتاً أخضر كتب فيه (الساعة الرابعة ظهر يوم الخميس) وختمه باسمه قائلاً: انتظرك غداً إذا كان فى الإمكان ستزور أمريكا واذا لم تسنح الظروف فسأكون آسفاً لذلك (!!) كنت الوحيد الذى خرج بهذا الكارت العجيب متأكدا أنهم سيسلموننى جواز السفر خالياً من التأشيرة لأنه من غير المعقول أن يعطينى تأشيرة قبل موعد السفر بأكثر من شهر وفى يوم واحد فقط.. ولكن الغريب أنه منحنى التأشيرة مخالفاً كل القواعد والأعراف والإجراءات المتبعة ويكفى أن أقول إننى فوجئت فيما بعد أن بعض زملائى حصلوا على التأشيرة صباح يوم السفر ذاته.. وهذا ما جعلنى أتأكد تماما من زيف خطاب الاختيار للهجرة العشوائية.