تعتبر الهجرة اليهودية من أهم الأسس التى تعتمد عليها اسرائيل فى بقائها ككيان و كدولة في المنطقة،وقد أشارت أرقام نشرتها وزارة الهجرة و الإستيعاب الاسرائيلية المعنية بشئون هجرة اليهود الى اسرائيل مؤخراً الى أن هجرة اليهود إلى إسرائيل في 2007 واصلت تراجعها ومثلت أدنى مستوى لها منذ حوالى عشرين سنة حيث بلغ عدد المهاجرين 19700 شخص في 2007، ويشكل ذلك تراجعاً بنسبة 6% مقارنة مع العام 2006 . كما أشارت الأرقام الى أن الهجرة من دول الاتحاد السوفياتي السابق التي تمثل 30% من عدد المهاجرين الى اسرائيل تراجعت إلى 15%، حيث وصل عدد المهاجرين في العام 2007 الى 6445 مهاجراً من دول الاتحاد السوفياتي السابق و3607 من أثيوبيا و2957 من الولاياتالمتحدة وكندا و2659 من فرنسا. ويرجع المراقبون اسباب تراجع معدلات الهجرة اليهودية باتجاه اسرائيل والاراضي العربية المحتلة ، الى عدة عوامل يأتى في مقدمتها تراجع عوامل الطرد لليهود في بلادهم الاصلية، فضلاً عن تراجع عوامل الجذب المحلية الاقتصادية والامنية فى اسرائيل ، . مع وجود توقعات أن مؤشرات نضوب الهجرة ستطفو الى السطح بوضوح خلال السنوات القليلة القادمة. فى داخل اسرائيل كانت هناك عدة أسباب مثلت عوامل طرد للأسرائيليين ،فوفقاً للمُعطيات التي طرحت أمام لجنة "القدوم والاستيعاب"، التابعة للكنيست، تنبع الأسباب الرئيسية للهجرة المعاكسة في الأساس من أسباب اقتصادية، كالبطالة وغلاء المعيشة ونسب الضرائب العالية في إسرائيل (في إسرائيل تصل نسب ضريبة الدخل إلى 49% من المعاش، ففي حين تصل في روسيا إلى 13%) وهناك عامل إضافي للهجرة، نابع من رغبة الطلاب الجامعيين والباحثين الأكاديميين في استكمال دراستهم وأبحاثهم في بيئة تهيئ ظروف بحث ودراسة أفضل، مما يمكن أن يحصلوا عليه في إسرائيل. تأثير الإنتفاضة الفلسطينية على حجم الهجرة مع انطلاقة إنتفاضة الأقصى في نهاية سبتمبر2000 وتزعزع الأمن الاسرائيلي برزت أسئلة عديدة حول مستقبل الهجرة اليهودية، حيث لعب الاستقرار الأمني دائماً دوراً هاماً في جذب اليهود الى فلسطينالمحتلة. وقد أكد رئيس الوكالة اليهودية (سالي مريدور)، الى أن أرقام الهجرة باتجاه اسرائيل تراجعت من نحو 70 ألف مهاجر في عام 2000 الى43 ألفاً في عام 2001، ومن ثم الى 30 الفاً في عام 2002، ولم يتعد الرقم تسعة عشر الفاً حتى نهاية عام 2003 وبقيت الارقام تدور فى نفس الحدود المذكورة خلال عامي 2005 و2006. وبالرجوع إلى بداية تسمية الهجرة المعاكسة بأنها ظاهرة، نجد أنها كانت متزامنة مع تصاعد الانتفاضة الفلسطنية الأولى أواسط التسعينات من القرن الماضي. وكانت مصادر إسرائيلية قد رصدت تأثيرات الانتفاضات الفلسطينية على الاستيطان اليهودى في فلسطين حيث تزايدت معدلات الهجرة المعاكسة أو ما يسمى النزوح أو "يريداه" أي "الهبوط" من فلسطين - حسب التعبير الإسرائيلى - مقابل "عالياه" أي "الصعود" إلى "أرض الميعاد". وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في ملحقها الصادر في 2001/8/24 أن الهجرة المعاكسة "تحولت في الشهور الأخيرة إلى موضوع البحث الأكثر سخونة في الكثير من البيوت، خصوصاً في صفوف الشباب خريجي الجيش والجامعات ممن هم في بداية طريقهم المهني والشخصي، والسباق على جوازات السفر، وتأشيرات العمل والعقارات في الخارج هو في ذروته الآن". وكان من أبرز تجليات تبلور ظاهرة النزوح ما ذكرته مجلة "دير شبيجل" الألمانية في عددها الصادر في 2002/6/17، من أن عدد الإسرائيليين الذين يطلبون الجنسية الألمانية ارتفع إلى حد كبير منذ اندلاع الانتفاضة في سبتمبر 2000. وحول انتماء الراغبين في الهجرة ذكرت صحيفة "معاريف" في 25 /8 /2002 أن 22% أسباب تفكير الشباب الإسرائيليين في الهجرة إلى الخارج وهى انعدام الأمن والاستقرار وتزايد حجم البطالة نتيجة التدهور الاقتصادي. وأن نسبة كبيرة من سكان المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة يفكرون في الهجرة إلى أوروبا وكندا والولاياتالمتحدة في ضوء تزايد أعداد القتلى والجرحى من المستوطنين جراء استمرار فعالية الانتفاضة،حيث شكلالمستوطنون تقريبا حوالى 30% من هؤلاء القتلى والجرحى . تأثير حرب لبنان من ناحية ثانية ،أفاد تقرير صادر عن معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي التابع للوكالة اليهودية، والذي يترأسه المبعوث الأميركي السابق إلى المنطقة دينيس روس، أن عوامل سلبية عديدة نشأت خاصة خلال عام 2006، على رأسها الحرب الاسرائيلية اللبنانية وغياب انتصار إسرائيلي متوقع، أدّيا إلى ضعف كبير في مكانة المجموعات اليهودية في الدول التي تعيش فيها. وهذه المجموعات فوجئت بمدىسهولة ضرب إسرائيل. وتابع التقرير أن قائمة التهديدات أمام اليهود في العالم شملت تزايد التهديدات الأمنية وعلى رأسها الحركات الإسلامية المتطرفة وإيران، إضافة إلى ما وصفه بتعاظم اللاسامية، وانعدام الزيادة الطبيعية لدى اليهود والتي تقارب الصفر. كما أشار التقرير إلى أن مكانة إسرائيل وقدرتها كدولة على استيعاب اليهود قد تآكلت، وخاصةًًًًً أن 92 في المئة من يهود العالم يعيشون في 20 دولة تتمتع بأعلى مستوى حياة، ولا سيّما في الدول الغربية الغنية. إضافة الى ذلك، كشفت دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل أنه للمرة الأولى منذ أكثر من 25 عاماً، فاق عدد المهاجرين من إسرائيل العام الماضي عدد المهاجرين إليها، وهو ما يبعث على قلق الوكالة اليهودية التي تدارست ووزارة الخارجية الإسرائيلية سبل وضع حد للهجرة العكسية وتفضيل مئات آلاف اليهود من دول الاتحاد السوفياتي السابق الهجرة إلى الولاياتالمتحدة ودول اوروبية أخرى على الهجرة إلى إسرائيل. ويذكر أنه وفقاً للأرقام المتوافرة لدى دائرة الإحصاء، هاجر إلى إسرائيل عام 2006 نحو 15 ألف يهودي فقط، بينما حمل نحو 20 ألف إسرائيلي أمتعتهم وغادروا الدولة العبرية. ولفتت تقارير إحصائية إلى أنها المرة الثالثة في تاريخ إسرائيل التي تسجل فيها هجرة سلبية، الأولى في أعقاب حرب أكتوبر1973، والثانية بعد التضخم المالي الذي عصف بإسرائيل عامي 1983 و1984. وكانت تقارير أخرى قد أفادت الصيف الماضي بأن عدداً كبيراً من المهاجرين من دول الاتحاد السوفيتي السابق الذين يسكنون شمال إسرائيل، شرعوا في ترتيب أوراق الهجرة في أعقاب الحرب على لبنان وعدم شعورهم بالأمان، فضلاً عن عدم الإعتناء بهم خلال الحرب. وأشارت التقارير إلى أنه منذ عام 2003 تشهد إسرائيل خفضاً ملحوظاً في عدد المهاجرين إليها في مقابل ارتفاع ملموس في عدد الذين غادروها ولم يعودوا إليها بعد انقضاء عام وأكثر. وتوقعت دائرة الإحصاء ألاّ يزيد عدد المهاجرين إلى إسرائيل العام الجاري على 14 ألف يهودي، في مقابل 19 ألفاً العام الماضي، و21 ألفاً العام الذي سبقه، فيما معدل المغادرين سنوياً يفوق ال 20 ألفاً. ولم تستبعد الأوساط المتابعة لموضوع الهجرة السلبية فى اسرائيل أن يكون عدد الذين هاجروا من إسرائيل أكبر بكثير من المسجل في دائرة الإحصاء المركزية التي لا تحصي من غادر إسرائيل قبل 20 عاماً، حيث أنها لا تحصي من غادر إسرائيل، ولم يبلّغ السّلطات الإسرائيلية رسمياً أنه مهاجر. ووفقاً لدائرة الإحصاء، يبلغ عدد اليهود من دول الاتحاد السوفياتي السابق الذين يعيشون في الولاياتالمتحدة نحو 750 ألفاً، معظمهم غادروا إليها (أو إلى إسرائيل ثم غادروها بعد سنوات) مطلع تسعينات القرن الماضي. وأشارت مصادر في الوكالة اليهودية إلى أن الجيل الثاني من هؤلاء لا يشعر بأي صلة أو ارتباط بإسرائيل، بعكس الجيل الأول. وتبيّن إحصاءات الوزارة، التي تتولى شؤون القادمين اليهود واستيعابهم في إسرائيل، أن 3 يهود من بين كل 2000 يهودي يغادرون إسرائيل مهاجرين، لكن هذه النسبة ترتفع إلى 15 شخصاً من بين كل 2000 قادمين من دول الاتحاد السوفياتي السابق. وفي الترجمة العملية لهذه النسبة، يتضح أن أكثر من 72 ألف مواطن قادمين من تلك الدول هاجروا ثانيةً من إسرائيل. وقالت الوزارة إن استطلاع رأي أجري بين المهاجرين كشف أن أسباب هجرتهم هي البطالة والضائقة الاقتصادية وارتفاع نسبة الضرائب والوضع الأمني. وأكدت أيضاً أن الهجرة زادت في أثناء الحرب الأخيرة على لبنان وبسببها. من هم المهاجرون من اسرائيل في بحث إسرائيلي عن الموضوع الهجرة المعاكسة، نشر في مايو 2006، أعده اريك جواد وعمر مواب، من كلية الاقتصاد في الجامعة العبرية في القدس، اتضح أن إسرائيل تواجه في السنوات الأخيرة ما يسمّى بظاهرة "هجرة العقول"، ووفق معطيات البحث، فإن 2.6% من مجمل اليهود المتزوجين والمتعلمين ما بين سن 25 عاما إلى 40 عاما يعدون "مغادرين"، وفق لجنة الإحصاء المركزية في إسرائيل، مقابل 1.1% من المتعلِّمين ذوي الثقافة المحدودة. الظاهرة تبدو أشد حدّة في أوساط المهاجرين الجُدد. ففي نفس الشريحة، الأجيال المتعلمة بينهم تصل نسبة الهجرة إلى 4.65% وسط ذوي التعليم المحدود إلى 2%، والاستنتاج الأساسي في التقرير يقول، إن إسرائيل تدفع ثمنا باهظا لسياساتها الاقتصادية والاجتماعية من خلال فقدان "أفضل أبنائها"، على حد تعبير مُعدي البحث. ويظهر البحث ان الهجرة في أوساط المصادر البشرية للتكنولوجيا المتطورة والبحث، هي الأكبر والأخطر إسرائيليا، فنسبة الهجرة وسط السلك الأكاديمي الكبير من حملة شهادات "العليا"، يصل إلى 6،55%، يتبعهم الأطباء بنسبة 4.8% والمهندسون والباحثون ب 3%، ووجد معدا البحث أن نسبة الهجرة تسير بشكل طردي مع ارتفاع سنوات التعليم. توقعات المراقبين عدم حدوث تطور كبير في أرقام الهجرة اليهودية خلال السنوات القادمة، بل وازدياد ارقام الهجرة المعاكسة خاصة مع وجود مؤشرات تنبئ عن استعداد نحو اربعين في المائة من الشباب في اسرائيل للهجرة المعاكسة. حيث تشير دراسات الى ان ثمة اربعمائة الف يهودي اسرائيلي موجودون فى الخارج لن يعودوا الى اسرائيل، خاصة وان غالبيتهم يحملون جنسيات دول اخرى في العالم. ويشير المراقبون الى أنه تبعاً لازمة الهجرة اليهودية بفعل تراجع العوامل الجاذبة ستسعى الحكومات الاسرائيلية الحالية واللاحقة، بالتعاون والتنسيق مع الوكالة اليهودية، في تمويل حملة كبيرة ومنظمة في المستقبل، لجذب نحو (200) ألف من الأرجنتين، وعدة آلاف من يهود الفلاشا في أثيوبيا، فضلاً عن محاولات حثيثة لاجتذاب نحو (80) الفاً من يهود الهند وجنوب افريقيا، هذا في وقت باتت فيه ابواب هجرة يهود اوروبا واميركا الشمالية في حدودها الدنيا بسبب انعدام عوامل الطرد منها. فغالبية يهود العالم هم مواطنون في الولاياتالمتحدة واوروبا، حيث مؤشرات التنمية والرفاهية هي اعلى من مثيلاتها في اسرائيل، ولذلك لايوجد عوامل طاردة لليهود من تلك الدول باتجاه اسرائيل والأراضي العربية المحتلة. حلول عديدة تقترحها الحكومة الاسرائيلية لمواجهة هذه المعضلة خاصة مع رغبة اسرائيل تقليل ما تسميه بالفجوة الديمجرافية ما بين عدد الاسرائيليين ، وعدد مواطنى فلسطيني 48 ،ويتمثل ذلك فى تشجيع الهجرة مقابل تقليص الهجرة المعاكسة وزيادة عدد السكان العائدين الى اسرائيل، اضافة الى تشجيع اليهود على انجاب عدد اكبر من الاطفال. كما تشمل المقترحات تقليل العمال الاجانب والعمل على تقليص عددهم في البلاد.