المدارس تستقبل الطلاب في أول أيام العام الدراسي الجديد 2025/2026    اليوم، انطلاق الدراسة في 3 إدارات تعليمية بشمال سيناء    سعر الدولار أمام الجنيه المصري في تعاملات اليوم السبت    أسعار الدواجن والبيض في الأسواق المصرية اليوم    يلتقي السيسي بقصر الاتحادية، برنامج عمل مكثف لرئيس سنغافورة اليوم بالقاهرة    أعضاء بالشيوخ الأمريكي يقدمون مشروع قانون لإرسال الأصول الروسية المجمدة إلى كييف    مواعيد مباريات اليوم السبت حول العالم والقنوات الناقلة    جرس الحصة ضرب، انطلاق العام الدراسي الجديد في 12 محافظة    انطلاق العام الجامعي الجديد.. 3 ملايين طالب يعودون إلى مقاعد الدراسة في الجامعات المصرية    مصطفى عماد يهدي تكريمة في حفل توزيع جوائز دير جيست للمخرج محمد سامي    الاعتراف بفلسطين، جوتيريش يطالب دول العالم بعدم الخوف من رد فعل إسرائيل الانتقامي    بعد تحريض ترامب، تعرض محطة أخبار تابعة لشبكة "إي بي سي" لإطلاق نار (صور)    «دست الأشراف» دون صرف صحى.. ورئيس الشركة بالبحيرة: «ضمن خطة القرى المحرومة»    أول تعليق من أحمد العوضي على فوزه بجائزة "الأفضل" في لبنان (فيديو)    نجوم الفن يشعلون ريد كاربت "دير جيست 2025" بإطلالات مثيرة ومفاجآت لافتة    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    حبس المتهم بسرقة الدراجات النارية بالتجمع الأول    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات بمنشأة ناصر    بعد أولى جلسات محاكمتها.. ننشر نص اعترافات قاتلة زوجها وأطفاله الستة بقرية دلجا    ماذا تفعل حال تهشّم زجاج سيارتك؟ خطوات تنقذك على الطريق السريع    كيف تحصل على 5250 جنيه في الشهر من شهادات البنك الأهلي 2025؟.. اعرف عائد ال300 ألف جنيه    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 20 سبتمبر 2025    الأكاديمية المهنية للمعلمين تعلن تفاصيل إعادة التعيين للحاصلين على مؤهل عالٍ 2025    حكاية «الوكيل» في «ما تراه ليس كما يبدو».. كواليس صناعة الدم على السوشيال ميديا    أحمد صفوت: «فات الميعاد» كسر التوقعات.. وقضاياه «شائكة»| حوار    عوامل شائعة تضعف صحة الرجال في موسم الشتاء    «هيفتكروه من الفرن».. حضري الخبز الشامي في المنزل بمكونات بسيطة (الطريقة بالخطوات)    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة    قبل انطلاق الجولة الخامسة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي    مذيع يشعل النار في لسانه على الهواء.. شاهد التفاصيل    أسعار المستلزمات المدرسية 2025: الكراسات واللانش بوكس الأكثر شراءً    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    أشرف زكي يزور الفنان عيد أبو الحمد بعد تعرضه لأزمة قلبية    كارول سماحة عن انتقادات إحيائها حفلات بعد وفاة زوجها: كل شخص يعيش حزنه بطريقته    الشيباني يرفع العلم السوري على سفارة دمشق لدى واشنطن    ترامب عن هجوم حماس: ما حدث في 7 أكتوبر كان إبادة جماعية    ترامب يعلق على انتهاك مزعوم لمجال إستونيا الجوى من قبل مقاتلات روسية    ترامب يعلن إجراء محادثات مع أفغانستان لاستعادة السيطرة على قاعدة باجرام الجوية    رسميًا.. تامر مصطفى مديرًا فنيًا للاتحاد السكندري    شوقي حامد يكتب: استقبال وزاري    مؤتمر إنزاجي: هذا سبب التعادل مع أهلي جدة.. وعلينا التعلم من المباراة    مدرب دجلة: لا نعترف بالنتائج اللحظية.. وسنبذل مجهودا مضاعفا    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    طابور صباح وأنشطة طلابية في الشارع، سور متحرك ينهي معاناة 38 سنة بمدارس ورورة ببنها (صور)    ترامب يعلن إتمام صفقة تيك توك مع الصين رغم الجدل داخل واشنطن    محافظ الأقصر يسلم شهادات لسيدات الدفعة الثالثة من برنامج "المرأة تقود".. صور    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    مدارس دمياط في أبهى صورها.. استعدادات شاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد    «اللي الجماهير قالبه عليه».. رضا عبدالعال يتغزل في أداء نجم الأهلي    القرنفل مضاد طبيعي للالتهابات ومسكن للآلام    ديتوكس كامل للجسم، 6 طرق للتخلص من السموم    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً قبل الاقتصادي    سيف زاهر: جون إدوار يطالب مسئولى الزمالك بتوفير مستحقات اللاعبين قبل مواجهة الأهلى    لماذا عاقبت الجنح "مروة بنت مبارك" المزعومة في قضية سب وفاء عامر؟ |حيثيات    مخرج «ڤوي ڤوي ڤوي»: الفيلم انطلق من فكرة الهجرة الغير شرعية    تراجع كبير في سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    موعد صلاة الفجر ليوم السبت.. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية مسحراتى
نشر في صباح الخير يوم 16 - 08 - 2011


ريشة هبة المعداوي
«اصحى يا نايم وحد الدايم رمضان كريم».... إنها جملة المسحراتى الشهيرة المتمازجة مع نقرة الطبلة بعصاه المصنوعة من الجلد أو الخشب، دائما يستوقفنى صوت المسحراتى عندما ينادى باسماء الأطفال وأجد أختى الصغيرة تجرى بتهور واندفاع إلى الشباك لتنادى عليه وتذكره باسمها.. قبل أن يمضى فى طريقه ويختفى صوته ذاهبا إلى منطقة أخرى ولكن أرى كل الاهتمام من الأطفال ولم يعد يشعر به الكبار وتتفاوت الأقاويل عندما نتحدث عن المسحراتى ما بين.. هى: «هو لسه فى مسحراتى»... هو: «المسحراتى رمز لدخول الشهر الكريم علينا»... هما: «شايفين أن مبقالوش لازمة وأنها سبوبة تحت رداء المسحراتى».... واحنا: شايفين أننا لازم نتكلم مع المسحراتى نعرف منه أكثر.
ولم يكن عم محمد عبدالرحمن كغيره من المسحراتية وإنما له أسلوب خاص فى كل شىء... ومنذ بداية رمضان الكريم وهو ينادى: «اصحى يا نايم صحى النوم.. رمضان الحرية جاله يوم... اصحى يا نايم وحد الدايم وكل لقمة قبل ما تكون صايم.. وزى ما فوقت وخدت حقك... قوم اتوضأ صلى لربك».. صوته القوى مع رنة الطبلة المتماثلة التى تفصل بين الجملة والأخرى وإحساسه الثورى الذى يبثه فى ندائه كل هذا يجعلك تقشعر عندما تسمعه.. هذا ما جعلنى أتحدث مع عم محمد لشعورى بأنه مسحراتى مختلف.. وبالفعل عندما بدأت أسمع صوته من بعيد نزلت معه وتجولت المنطقة وهو يحكى لى قصته وأعيش معه تجربته.
فقال: جئت إلى القاهرة من الشرقية منذ 20 عاماً.. ومنذ حوال 5 سنوات فقط وأنا تطوعت لأقوم بعمل شىء لوجه الله وهى أن أعمل مسحراتى فى الشهر الفضيل بالإضافة الى عملى طوال السنة فى مختلف الأماكن.. فأنا عملت فى مختلف الأعمال مثلما يقولوا «سبع صنايع والبخت ضايع» عملت فى الفعالة وبواب ومساعد نقاش وبائع خضار وفى أغلبية الأعمال وآخر عمل كنت ساعيا فى شركة بمدينة نصر وبعد الثورة بشهر لم يكتمل عيشى معهم على الرغم أن لى مدة وأنا أعمل ساعيا... لم أجد عملا حتى الآن الظروف صعبة والأماكن مكتملة بل صاحب كل عمل يطرد بعضا من العمالة الزائدة عنه حاليا فالسوق كلها راكدة.. ومع ذلك فأنا أشعر أن ما حدث لمصر نصر كبير لنا.. على الرغم من أننى متزوج وأعول ولدى مسئوليات وتم قطع عيشى من الشركة بعد الثورة إلا أننى أشعر أن الله فعل ذلك لأنه أراد لنا الخير.. ولذلك دائما أنادى وقت السحور ب رمضان الحرية.
ويروى عن استعداده لاستقبال الشهر قائلا: عندما تثبت رؤية رمضان وأن اليوم هو أول أيام السحور ألبس الجلباب «الجوخ» والشال الكشمير والعمامة وامسك الطبلة والعصا وآخذ معى ابنى الصغير بالفانوس ونتجول لننادى على أهل المنطقة ليقوموا للسحور.. وأكمل قائلا: أعلم أن زمن المسحراتى مضى وانتهى عصره وأن الناس الان ليسوا بحاجة إلى مسحراتى فالمسلسلات وأجهزة المنبه الموجودة لم تجعل أحدا بحاجة الى مسحراتى بل إن هناك الكثير الذين لايشعرون بنا وبوجودنا نهائى فأغلب الشبابيك مغلقة وصوت التكييف والتليفزيون أعلى من صوتى.. إلا أننى أحب هذا العمل بشكل كبير وأجد فيه سعادتى عندما أسمع مناداة الأطفال لى وعندما أجدهم من الشباك يلوحون لى بأيديهم لى وينادون علىّ بعلو صوتهم «يا مسحراتى قول اصحى يا أحمد واصحى يا رنا» وأجدنى أردد أسماءهم.. فمهنة المسحراتى كانت مهمة قديما ولكن الآن هى ذكرى جميلة وطقس من طقوس الشهر الذى اعتدنا عليه.. مثل الفوانيس قديما كنا ننير بها الطرق لعدم وجود كهرباء وكان أبناء المنطقة الواحدة ينزلون جميعا به ويذهبون إلى البيوت لمعايدة أهلها وليأخذوا بعض التمر، والمكسرات أما الآن فالفانوس أصبح زينة وطقسا لحلول هذا الشهر المبارك ولم تعد هذه العادات الآن بنفس قيمتها وأهميتها.
ثم قال: ما جعلنى أفكر فى عمل المسحراتى هو صديقى رحمه الله فكان يعمل فى الشهر الكريم مسحراتى فى إحدى مناطق مدينة نصر، وكان ينزل معه ابنه الأكبر فالابن ينقر على الطبلة والأب ينادى.. وعندما توفى منذ خمس سنوات قمت أنا بعمله فى نفس المنطقة.
أصل المسحراتى سابقا: «معلومات عن أول مسحراتى فى الإسلام وعلى مر العصور» والحقيقة أن المسحراتى ليس عملاً جديدًا فى عصرنا، بل هو عمل جاء مع الإسلام، ويرى الشيخ عطية صقر أن أذانَ بلال كان بمنزلة الإِعلام بوقت السحور فى شهر رمضان، وأن المسلمين فى المدينة لم يكونوا يحتاجون إلى أكثر منه للتنبيه على السحور، وبهذا يُعتبر بلال أول مسحراتى فى الإسلام.
بينما يقول المؤرخون إنه لما جاء إلى مصر عتبة بن إسحاق واليًا من قِبل الخليفة العباسى المنتصر بالله قام هو بالتسحير سائرًا على قدميه من مدينة العسكر فى الفسطاط حتى جامع عمرو بن العاص وكان ذلك سنة 238 هجريًّا.
وفى العصر الفاطمى أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمى أمرًا بأن ينام الناسُ مبكِّرين بعد صلاة التراويح، وكان جنود الحاكم يمرون على البيوت يدقُّون الأبواب ليوقِظوا النائمين للسحور، ومع مرور الأيام عيَّن أولو الأمر رجلاً للقيام بمهمة المسحراتى كان ينادى: «يا أهل الله، قوموا تسحَّروا»، ويدق على أبواب البيوت بعصا كان يحملها فى يده تطوَّرت مع الأيام إلى طبلة يدق عليها دقات منتظمة
وقد عرف العصر العباسى التغنى بشعر «القوما» للتسحر، وهو شعرٌ شعبىٌّ له وزنان مختلفان، الأول مركب من أربعة أقفال: ثلاثة متوازية فى الوزن والقافية، والرابع أطول منها وزنًا، وهو مهملٌ بغير قافية، وغلب عليه اسم (القوما) من قول بعض المغنِّين لبعض: «نيامًا قوم.. قومًا للسحور، أو قومًا للتسحر قومًا»، واخترع هذا الشعر بغدادى يُدعى أبو نقطة للخليفة الناصر لدين الله العباسى، وأعجب الخليفة به وطرب لاستماعه، وكافأ أبا نقطة بإجراء عطاء سنوى عليه، وعندما مات أبو نقطة خلفه ولده الصغير وكان حاذقًا لنظم «القوما»، فأراد أن يعلِم الخليفة بموت أبيه ليأخذ وظيفته فلم يتيسر له ذلك، فانتظر حتى جاء رمضان ووقف فى أول ليلة منه مع أتباع والده قُرب قصر الخليفة وغنَّى «القوما» بصوت رقيق رخيم، فاهتزَّ له الخليفة وانتشى، وحين همَّ بالانصراف انطلق ابن أبى نقطة ينشد: يا سيد السادات، لك فى الكرم عادات، أنا ابن أبى نقطة، تعيش أبى قد مات، فأعجب الخليفة بسلامة ذوقه ولطف إشارته وحسن بيانه مع إيجازه، فأحضره وخلع عليه ورتَّب له من الأجر ضعفَ ما كان يأخذ أبوه.
ومن الذين اشتهروا بالتسحير «الزمزمى» فى مكة، و«ابن نقطة» فى بغداد، وكان الزمزمى يتولى التسحير فى صومعته بأعلى المسجد ومعه أخوان صغيران يقول:
يا نيامًا قوموا للسحور، ويدلى حبلاً فيه قنديلان كبيران، مَن لم يسمع النداء يرى النور، ثم تطور التسحير فكان أهل مصر أول مَن ابتكروا «البازة» مع الأناشيد، ويقوم عدة أشخاصٍ معهم طبلٌ بلدى وصاجات برئاسة المسحراتى، ويغنون أغانى خفيفة، مثل: «اصحَ يا نايم، وحِّد الدايم، وقول نويت بكرة إن حييت.. الشهر صايم، والفجر قايم، ورمضان كريم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.