قبل رمضان بأيام قليلة تسافر برفقة أبنائها الثلاثة من قرية (ميجوى) الصغيرة بشبين القناطر إلى مدينة القاهرة الواسعة، إنها أم محمد «المسحراتى» التى اعتادت كل عام أن تأتى إلى القاهرة وتقيم فى خيمة صغيرة بجوار أحد المساجد بالمطرية تعيش فيها طيلة الشهر الكريم على إحسان الأهالى من المنطقة، ورغم أنها لا تملك سوى طبلة صغيرة وقطعة من خرطوم مياه وصوت واهن تجوب به الشوارع لتنادى على أهالى المنطقة لإيقاظهم لتناول السحور إلا أن سعادة الناس برؤية أم محمد أول يوم رمضان سواء الكبار الذين يطلون من شرفاتهم بمجرد سماع صوتها لإلقاء التحية عليها أو الأطفال الصغار الذين يقابلونها بالترحاب ويشاركونها فى النداء تشعرها بالرضا والامتنان والتمسك بمهنتها التى رافقتها لأكثر من ثلاثين عاماً منذ أن كان عمرها 15 سنة والتى ورثتها عن والدها. تخرج أم محمد وتصطحب معها ابنها الصغير لتتجول فى الشوارع من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل لتقرع الطبلة مرددة (اصحى يا نايم وحد الدايم، وقول نويت بكرة إن حييت، الشهر صايم والفجر قايم .. اصحى يا نايم وحد الرزاق.. اصحى يا عبدالله اصحى يا آلاء اصحى يا محمد اصحى يا ولاء.. رمضان كريم). تحرص أم محمد على الحضور كل عام لنفس المنطقة التى أصبح أهلها يعرفونها جيداً.. حتى الأمراض التى تداهمها من وقت لآخر لم تستطع أن تثنيها عن قطع عادتها السنوية فقوة إرادتها تجعلها تتحامل على نفسها من أجل مساعدة زوجها المسن المريض والإنفاق على أبنائها الثلاثة.