اصحي يا نايم.. وحد الدايم.. رمضان كريم .. أنشودة أي مسحراتي بعد سيد مكاوي سواء كان رجلا أم امرأة.. هذه الأيام بدأت المرأة تطرق باب مهنة المسحراتي سواء لظروفها الاجتماعية أو العائلية أو الاقتصادية علي أنغام الطبلة الشعبية التي باتت لازمة للمسحراتي في كل مكان وزمان مع تطور تكنولوجيا العصر. رمضان كريم.. بالعرقسوس.. بالطرشي.. بموائد الرحمن وبصلاة التراويح وختامه مسك بالمسحراتي بالفوانيس التي تتكلم كل لغات العالم وحوي يا وحوي أيوحه.. رحت يا شعبان جيت يا رمضان وحوي يا وحوي الكل يسعي في خدمة الصائم ومنها المسحراتي. تبوأت مهنة المسحراتي مكانة عالية منذ عهد الرسول بأذان بلال بن رباح، وفي الدولة الفاطمية الجنود يوقظون النائمين بأمر الحاكم بأمر الله، وتطور المسحراتي مع تطور الأيام حتي باتت الطبلة والأناشيد الدينية ولمة الأطفال حول المسحراتي يرددون الأناشيد في الشوارع والحواري والأزقة.. وظل الرجل يستحوذ علي مهنة المسحراتي حتي دخلت المرأة في معطم الدول الإسلامية كتركيا وغيرها ومنها مصر أخيرا لمهنة المسحراتي إما ميراثا للزوج أو الأب أو سعيا للثواب عند الله.. ورمضان كريم.. الحاجة عائشة مسحراتي محافظة حلوان في حوار مفتوح مع آخر ساعة لتكشف الأسباب والمتاعب التي تواجه مهنة المسحراتي بالنسبة للمرأة في المجتمعات الشرقية.. بدأت المرأة تكسر حاجز احتكار الرجل لمهن كثيرة ومنها المسحراتي، وأصبحت تشارك فيها.. فمنذ 3 سنوات 2007 ولأول مرة في تاريخ تركيا، قامت إحدي البلديات بمحافظة إنطاليا بتدريب خمس من الفتيات علي عمل المسحراتي لكي يقمن بالتجول ليلا في الشوارع في ليالي رمضان بشكل رسمي لدعوة الصائمين إلي تناول وجبة السحور قبل أذان الفجر. وتتجول هؤلاء الفتيات الخمس معا، وهن يمسكن بالطبلة ويتغنين بكلمات وأشعار مقتبسة من الأدب التركي والإسلامي. وامتد هذا الطوفان النسائي في كسر احتكار الرجل لمهن كثيرة ومنها المسحراتي إلي مصر بين الشوارع والأزقة والحارات، وتحديدا علي كورنيش النيل بمحافظة حلوان. في حي حلوان الست »عائشة« علم في عالم المسحراتي الكل يعرفها بالمنطقة الجيران والأهل والأطفال.. الأسرة متواضعة الابن تهامي »بائع ذرة« وتساعده أخته »هنية« التي اصطحبت »آخر ساعة« إلي منزل والدتها أو »مسحراتي العزبة« المنزل بسيط .. الجو ريفي .. الضحكات صافية كماء النيل.. السعادة البساط السحري لهذه الأسرة المتواضعة بمهنة المسحراتي الموروثة عن الزوج.. الحوار من أجلم معرفة أسرار هذه المهنة الصعبة بالنسبة للمرأة والصعوبات التي تقابلها؟ وكيفية تقبل المجتمع والناس لقيامها بهذه المهنة وعائدها الاقتصادي علي الأسرة. في البداية تحكي لنا »الست عائشة« أنها تخرج مع ابنتها الساعة الثانية بعد منتصف الليل ليتجولا في الشوارع لمنطقة حلوان يكون هناك عدد من سكان هذه المنطقة يغطون في نوم عميق وعندما يسمعون صوت الطبلة يطلون من الشرفات يغلبهم النعاس ولكنهم يشعرون بالامتنان لعائشة التي نبهتهم لتناول وجبة السحور. وتعترف عائشة بأن مهنتها شاقة وتقول: ليس هناك مهنة أصعب منها، إرهاق لأعصابي وقدميّ وصوتي.. مع نهاية رمضان يذهب صوتي تقريبا. أداء مختلف وتقول عائشة إنه برغم إنها ورثت المهنة عن زوجها فممارستها للمهنة تختلف عن الطريقة التي كان يؤديها زوجها. زوجي كان ينادي علي الأشخاص بأسماء آبائهم وكان يقرنها بابتهالات دينية علي إيقاع نقراته علي الطبلة أما أنا فأنادي علي أطفال الحي فقط.. لأن السعادة التي تطل من وجه الطفل عندما يسمع اسمه وأنا أنادي عليه في السحور تجعلني في منتهي السعادة. وتقول هنية 18 سنة التي من المتوقع أن ترث المهنة عن والدتها إنه مهما يطرأ من تغيرات اجتماعية فإن الناس لن يشعروا بقدوم رمضان إلا مع دقات طبلة المسحراتي.. فشرفات المنطقة المظلمة تضيء بعد دقات والدتها علي الطبلة ونداءاتها علي السكان الذين يطلون عليها ليحيوها كصديقة وجارة.. تساعدهم علي الاستيقاظ لتناول السحور. باب للرزق.. وثواب وتلتقط الكلام الست عائشة وتقول إنها تجد فيها ثوابا وبابا للرزق لأبنائها ورغم قسوة الحياة.. والمصاريف خاصة إنها زوجت العام الماضي ابنتها الكبري ومازال لديها ولدان وبنت في مراحل تعليمية مختلفة. وعن العائد المادي من مهنة المسحراتية تقول عائشة إن الفلوس اللي بتيجي علي أد اللي بيتصرف) وإنها تأخذ مايجود به أهالي المنطقة الذين توقظهم طوال رمضان.. ورغم قلة المبلغ المالي بالنسبة لمصاريف الحياة إلا أنها راضية بما يرزقها به الله عز وجل. العقبات ورغم إيمانها بأن مهنة المسحراتي مهنة شريفة ولا غبار عليها بل تكسب صاحبها ثوابا كبيرا.. إلا أنها قالت مش عايزة أضايق عيالي.. ومش عايزة حد يعايرهم بيا. نظرا لاعتراض أبنائها علي هذه المهنة.. خوفا من كلام الناس. أما عن رؤية جيرانها لمهنتها فهي لاتجد منهم أي نوع من أنواع الاعتراض لكونهم مدركين ظروفها الحياتية الصعبة. وأثناء حديثنا معها أتي ابنها فطلبت ألا نخبره عما قالته لنا بشأن مهنتها ولأنه لايرغب في النشر عنها لخجله من أصحابه واحترمنا رغبتها وتركناها مغادرين منزلها البسيط.. حتي لانسبب لها أي إحراج مع أبنائها.