الطغاة والمستبدون والفاسدون والمستعمرون واللصوص علي مر التاريخ يعتنقون فكرا خسيساً وحقيرا في التعامل مع شعوبهم، إيمانا منهم بالمثل القائل «جوع كلبك يتبعك» فكلما اشتد الجوع بالكلب تبع سيده ولهث وراءه لكي يأكل!! نفس الشيء.. كلما جعلت الإنسان جعانا محروما تبعك وسار وراءك وأحني رأسه خضوعا وإذلالا لأنه يحتاج إلي لقمة العيش!! فهل سنظل أسري لهؤلاء الطغاة والمحتلين واللصوص؟! وماذا نحن فاعلون في جريمة «تجويع» المصريين؟! --- يا سادة انتبهوا لأن «تجويع الشعوب هو أخطر سلاح للإذلال والتسلط والقهر، «فالغذاء» في عالمنا الآن أصبح سلاحا سياسيا مستخدما ببراعة وبلا ضمير في تدمير سيادة الشعوب وسحق مطالبتها بالحرية، بل وإخضاعها وقهرها من الطغاة والفاسدين من الحكام وهو ما نراه الآن في عالمنا العربي المريض والمنكوب!! إن صناعة الجوع، وفن «التجويع»، هو في الوقت ذاته صناعة الفقر والجهل والمرض والتخلف، وهو فن يجيده الحكام الطغاة والمستبدون للسيطرة علي شعوبهم، والتلاعب في مصائر البشر علي أيدي اللصوص المتحكمين في الغذاء، إنني وعلي مدار سنوات عمري نشأت علي «اربطوا الحزام»، «نيلوا الحزام»! «شدوا الحزام»! نحن نمر «بأزمة اقتصادية»!، مصر الآن في مرحلة دقيقة ولابد من ترشيد الاستهلاك؟ نحن الآن متنيلين بستين نيلة ولابد من مراعاة الظروف الاقتصادية!! الظروف الحالية هي زفت وطين بسبب الصعوبات المالية!! نحن نقترض من البنك الدولي فلا داعي لوجبة العشاء لقد ضاع عمري كله في هذا الوهم والقرف! وهذه الشعارات المخادعة وفي نفس الوقت اللصوص والحرامية والأقزام والأوباش ينهبون خيرات البلد ويهربون المليارات إلي الخارج!! يسقوننا الهم والغم ويحلبون هم البلد نهبا وسرقة ليلا ونهارا!! ومن قلوب كل المصريين ربنا ياخدهم أخذ عزيز مقتدر!! أما نحن جتنا نيلة في حظنا الهباب!! لا أحد ينكر أن الشعب المصري دفع الثمن فادحا خلال السنوات الماضية بتجويعه وتدميره غذائيا، وانتهي الأمر بقهره وإذلاله سياسيا واجتماعيا وحضاريا، لقد أوهمونا الطغاة واللصوص أن الحصول علي لقمة العيش هو سباق حياة أو موت، وكذبوا علينا وخدعونا بأن الطعام محدود وأن توفيره قد يصبح حلما مستحيلا، لأنهم يعلمون أن قوت الشعب وغذاءه عندما يخضع للصوص والفاسدين ينهبون ثرواته ويحققون المليارات، فإن الشعب سيظل ذليلا منكسرا مهزوما يعيش الفقر والتخلف، فهم حفنة عفنة من الأشرار لا دين لهم ولا أخلاق لا يتأثرون ولا يتألمون لشيء، ولا تتحرك مشاعرهم لصراع وتشنجات طفل يموت جوعا، ألا يظن أولئك أنهم ميتون ومبعوثون ومحاسبون وذاهبون إلي الجحيم!! ألا بُعدا للحكام الطغاة والمستبدين والمتسلطين! - السيناريو.. والشيطان! ستتملكك الدهشة ويستفزك الغضب عندما تكتشف السيناريو الشيطاني الحقير لتجويع المصريين والسيطرة عليهم، فنفس الخطة الحزينة والمريرة والخسيسة لرموز النظام السابق والفاسد هي نفس نظرية «المستعمر» وهي «جوع كلبك يتبعك» والبداية كانت باغتصاب وانتزاع الأراضي المستصلحة من أصحابها وتحويلها إلي «منتجعات» تباع بالمليارات، أو يقوم اللصوص والحرامية «بتسقيعها» باعتبارها استثمارا ويبيعونها بملايين الجنيهات، المهم هو عدم زراعتها ويموت الشعب جوعا فهي عندهم ليست مصدرا للغذاء وإنما لتجويع المصريين، وبلغت البجاحة بالطغاة والفاسدين خلال الثلاثين سنة الماضية تحويل آلاف الأفدنة الزراعية إلي «مولات تجارية» في سبع محافظات واعتمدت لها المليارات من الجنيهات!!! هذه الكارثة المروعة لتجويع المصريين حذرت منها ندوة بالغة الأهمية عقدها مركز الدراسات المستقبلية التابع لمركز معلومات مجلس الوزراء برئاسة «د. محمد إبراهيم منصور» وحضور نخبة من الأساتذة وخبراء الزراعة في مصر، والذين كشفوا أن الفساد يهدد الأمن الغذائي في مصر، خاصة الاتجاه المتزايد لاستيراد احتياجاتنا الغذائية من الخارج، وحذر خبراء الزراعة من أن الفساد في مصر كان السبب الرئيسي لظاهرة «التصحر» وحرمان مصر من أجود وأخصب الأراضي الزراعية التي تمدنا بالغذاء، وأن رموز النظام السابق قد تعمدوا التغاضي عن مخالفات تحويل الأراضي المستصلحة إلي «منتجعات خاصة» لضمان مساندة أصحابها للحزب الحاكم في الانتخابات! وحذر «د. إسماعيل عبدالجليل» رئيس مركز بحوث الصحراء السابق من أن مساحات الأراضي الزراعية في مصر تتناقص بصورة مروعة بسبب أعمال التجريف والبناء المخالف عليها، ويكفي أن مصر تخسر حاليا بمعدل «5,3 فدان» كل ساعة وقد زاد هدا المعدل إلي «5 أفدنة» كل ساعة عقب الانفلات الأمني الذي صاحب ثورة 25 يناير!! وأن شعار تلك المرحلة كان «كلما زاد الفساد زاد التصحر»، وأن علاقة النظام السابق بالفلاح كانت ابتزاز المزارعين لخفض أسعارهم، ويطالب د. عبدالجليل أن تكون «الزراعة» هي مشروع الأمة بعد ثورة يناير، خاصة بعد أن حذر «د. أيمن فريد أبوحديد» وزير الزراعة من أننا خسرنا أكثر من «6 آلاف فدان» في شهرين فقط!! - بلد الفراولة والكنتالوب!! المستعمر يعمل علي «تجويع» وإفقار الشعوب التي يستعمرها لإذلالهم وخضوعهم!! وسبحان الله.. فإن الطغاة والمستبدين واللصوص يتبعون نفس الأسلوب الحقير فقد عمد رموز النظام السابق والفاسد إلي التخريب المتعمد وتجويع وإفقار المصريين بأن جعلوا مصر في مقدمة الدول المستوردة «للقمح» علي مستوي العالم، تحت زعم وكذب عدم قدرتنا علي تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، واعتمد الطغاة والفاسدون سياسة زراعية عفنة وخبيثة سادت لسنوات طويلة وهي زراعة محاصيل أخري مثل «الفراولة والكنتالوب» والتي يتم تصديرهما للخارج واستغلال العائد في استيراد احتياجاتنا من «القمح»!! ولأن الفاسدين والمستبدين دائما هم من العملاء الذين يعرفون أن «القمح» أمن قومي وأنه سلعة استراتيجية يمكن استخدامها كورقة سياسية من جانب بعض القوي الكبري في الضغط علي مصر، وللأسف تلك خيانة عظمي عقوبتها الإعدام!! يا سادة قضية القمح خطيرة وهي أمن قومي بالدرجة الأولي، ولكن ما هي الإجابة علي علامة الاستفهام الكبيرة جدا خلال سنوات الفساد الماضية والتي تؤكد أن هناك قرارا سياسيا بعدم التوسع في زراعة القمح؟! ويكفي فضيحة وجريمة استيراد «القمح المسرطن» والملوث وكله ديدان وحشرات وخنافس وسموم وإشعاع وبلاوي زرقاء وسرطان!! وكان الفاسدون واللصوص من رموز النظام البائد والذين نجحوا في تجويع الشعب ليصبح «الموت جوعا» أمرا عاديا في زمانهم، وذلك باتباع أسلوب خبيث لإجبار الفلاحين علي عدم زراعة محاصيل الأمن القومي خاصة إنتاج الغذاء وزراعة القمح وإقناعهم باستيرادها من الخارج، وهو ما كان يتبعه المستعمر مع الفلاحين بالسخرة والاستعباد وإجبارهم علي زراعة محاصيل معينة بالقوة الغاشمة وتحت تهديد البنادق ليس هذا فقط بل ويواصل الفاسدون واللصوص جرائمهم بإشاعة جو من الذعر والجشع وحدوث أزمات غذائية مفتعلة وارتفاع متعمد للأسعار!! ليعيش الطغاة واللصوص في تخمة وشبع ورفاهية، بينما المصريون يموتون جوعا وكمدا! --- لا شك أن هناك علاقة وثيقة بين التجويع والفساد وقهر وإذلال الشعوب، لأن تجويع الناس لا يحدث لأن قوة إلهية أرادت ذلك، بل يحدث لتسلط البشر من الطغاة والمستبدين والفاسدين، فالفقراء والجوعي والأُجراء والمعدمون مضطرون إلي التنافس علي لقمة العيش وقد يؤدي ذلك إلي الاقتتال من أجل البقاء!! والطغاة يسعدهم هذا الجو الملتهب ويزيدونه اشتعالا ليظل الناس مهمومين بلقمة العيش ولا يفكرون في السياسة ولا ما يتعرضون له من القهر والظلم والطغيان والاستبداد، لأن تهديد الأمن الغذائي هو إنتاج متناقص للغذاء، يقابله استيراد متزايد للغذاء، وهو إفقار متزايد، وتجويع متزايد، وتبعية وعبودية متزايدة!! فهل نرضي علي أنفسنا ونحن مصريون شرفاء وأحرار هذا الخضوع والقهر والإذلال؟!