شارك صحافة من وإلى المواطن    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 22 مايو 2024    محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال تطوير شارع صلاح سالم وحديقة الخالدين    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء البناء الأربعاء 22 مايو 2024    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    رويترز: الحكومة الأيرلندية ستعلن اليوم الأربعاء اعترافها بدولة فلسطين    ما هي قصة مصرع الرئيس الإيراني وآخر من التقى به وبقاء أحد أفراد الوفد المرافق له على قيد الحياة؟    انتصرت إرادة كولر، انتهاء أزمة لاعبي الأهلي مع منتخب مصر بعد اتصالات رفيعة المستوى    كواليس اجتماع الكاف مع الأهلي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا لوضع ضوابط خاصة    إبراهيم يحيى يعلن اعتزاله على خطى توني كروس.. وأفشة: شرف ليا إنى لعبت معاك    عاجل - نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الجيزة.. رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني Natiga.Giza    قناة السويس تتجمل ليلاً بمشاهد رائعة في بورسعيد.. فيديو    «لقطة اليوم».. إمام مسجد يضع المياه والطعام لحيوانات الشارع في الحر الشديد (فيديو)    «من الجبل الأسود» تارا عماد تحقق حلم والدتها بعد وفاتها.. ماذا هو؟    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    5 أسباب تؤدي إلى الإصابة بالربو.. تعرف عليهم    أول فوج وصل وهذه الفئات محظورة من فريضة الحج 1445    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    وزير الاتصالات: خطة لتمكين مؤسسات الدولة من استخدام «الحوسبة السحابية»    أحمد عبد الرحمن أفضل لاعب فى مباراة الجونة وطلائع الجيش    «حصريات المصري».. معلول يرفض عرض الأهلي.. وقرار عاجل في الزمالك    وليد الهشري: الأهلي فريق كبير.. ورفضت الانتقال للزمالك لهذا السبب    الدولي معتز صادق ممثلا عن التحكيم المصري للمصارعة في بطولة التصنيف العالمي    "استغرقت نحو 3 ساعات".. عمر مرموش يجري عملية جراحية في يده (صور)    ب 300 ألف جنيه فقط.. احصل على سيارة هيونداي بايون Bayon بمواصفات عالية    عمر مرموش يجرى جراحة ناجحة فى يده اليسرى    أول صور لضحايا حادث انقلاب ميكروباص معدية أبو غالب بالجيزة    أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد دهسه امرأتين بالشيخ زايد    كاميرات مطار القاهرة تكذب أجنبي ادعى استبدال أمواله    أمن قنا يسيطر على حريق قطار ولا يوجد إصابات    فيديو.. يوسف الحسيني يتحدث عن فِكر الإخوان للتعامل مع حادث معدية أبو غالب: بيعملوا ملطمة    بعبوة صدمية.. «القسام» توقع قتلى من جنود الاحتلال في تل الزعتر    هل وفاة الرئيس الإيراني حادث مدبر؟.. مصطفى الفقي يجيب    حظك اليوم برج الجدي الأربعاء 22-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الميزان الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. لا تتردد    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    محمد حجازي ل"الشاهد": إسرائيل كانت تترقب "7 أكتوبر" لتنفيذ رؤيتها المتطرفة    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    الخارجية القطرية تدعو للوقف الفوري لما يجري في غزة    الهلال الأحمر الفلسطيني: ارتفاع حصيلة الشهداء في جنين إلى 8 وإصابة 21 آخرين    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    بعد ضبطه ب«55 ألف دولار».. إخلاء سبيل مصمم الأزياء إسلام سعد    أحمد الفيشاوى ومي سليم يحتفلان بالعرض الخاص لفيلم بنقدر ظروفك.. صور    حدث بالفن | فنانة مشهورة تتعرض لحادث سير وتعليق فدوى مواهب على أزمة "الهوت شورت"    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الأعلى لشئون الإسلام وقيادات الإعلام يتوافقون على ضوابط تصوير الجنازات    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    أستاذ بالأزهر: الحر الشديد من تنفيس جهنم على الدنيا    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    هل وصل متحور كورونا الجديد FLiRT لمصر؟ المصل واللقاح تجيب (فيديو)    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تهدد السوشيال ميديا طبلة سفير ليل الشهر الفضيل؟


مشهد المسحراتى ملمح أساسى من ليالى رمضان.
يحبه الأطفال وينتظره الكبار، فيطوف فى الشوارع والحوارى والأزقة بصوته الجهورى ملحنًا عباراته وابتهالاته ومدائحه.. ويروى من القصص النبوى بأنغام تطرب لها الآذن حيث يمدح أثناء تجواله.. حاملاً معه طبلة صغيرة، ويدق عليها بإيقاع متميز لإيقاظ الناس للسحور.
أول مَن نادى بالتسحير فى العصور الاسلامية كان الوالى «عنتبة بن إسحاق» فى سنة 338 هجرية، وكان يسير على قدميه من مدينة العسكر إلى جامع عمرو بن العاص بالفسطاط مناديًا: «عباد الله تسحروا...فإن فى السحور بركة».
وفى العصر الفاطمى أمر الخليفة الحاكم بأمر الله الناس أن يناموا مبكرين بعد صلاة التراويح، وكان الجنود يمرون على المنازل ويدقون أبوابها ليوقظوا الشعب للسحور، وبعدها عين أولو الأمر رجلاً للقيام بمهمة المسحراتى، وكانت مهمته المناداة «يا أهل الله قوموا تسحروا».
وكان يدق أبواب المنازل بعصا يحملها تحولت مع مرور الأيام لطبلة يدق عليها، كانت تسمى «بازة» ولايزال يطلق عليها هذا الاسم حتى الآن.
وفى العصر العباسى كان المسحر ينشد شعرًا شعبيّا، مخصصًا للسحور، له وزنان مختلفان ولا يلتزم قواعد اللغة العربية ويطلق عليه «قوما» لأنه يقول قوما للسحور.


وقيل إن أول من اخترع فن القوما هو الشاعر «ابن نقطة» فى بغداد، وفى العصر المملوكى كانوا يضيئون الفوانيس عند بدء الإفطار ويتركونها مضاءة، وعندما يحين الإمساك يطفئونها بالإضافة إلى الأذان.
وكادت حرفة المسحراتى أن تختفى تمامًا لولا أن الظاهر بيبرس أعادها وعيّن أناسًا للقيام بها، ليتحول عمل المسحراتى إلى موكب محبب، خصوصًا للأطفال الذين تجذبهم أغانى المسحراتى ويسعدون بأدائه على الطبلة. وغالبًا ما كان هؤلاء الأطفال يحملون الهبات والعطايا التى كان يرسلها الأهل إلى من يقوم بالتسحير.
ماذا قالوا وقتها؟
يصف المستشرق الإنجليزى إدوارد وليم لين المسحراتى: إنه فى كل ليلة من ليالى رمضان يجول «المسحرون» ليقولوا أولا كلمة ثناء أمام كل منزل وفى ساعة متأخرة يجولون ليعلنوا وقت السحور.
ولكل (خط) أو قِسم صغير فى القاهرة مسحر، ويبدأ المسحر جولاته بعد الغروب بساعتين تقريبًا ممسكًا بشماله طبلاً وبيمينه عصا صغيرة أو سيرًا يضرب به ويصحبه غلام يحمل قنديلين، ويحيى صاحب البيت ومن فيه بأسمائهم متمنيًا بقوله: «الله يحفظك يا كريم كل عام».
ويروى وليم لين ما يعمد إليه نساء الطبقة الوسطى إلى وضع نقد صغير (خمسة فضة أو قرش) فى ورقة ويقذفن بها من النافذة إلى المسحر بعد أن يشعلن الورقة ليرى المسحر مكان سقوطها فيقرأ الفاتحة لهن.
ويكمل وليم لين فى حديثه عن إنشاد المسحراتى الذى يبدأ فيه باستغفار الله، ويصلى على الرسول، ثم يأخذ فى رواية قصص تراثية ضاربًا طبلة بعد كل قافية وقد شهد فن التسحير قيام بعض النساء بالتسحير.
ففى العصر الطولونى كان هناك بعض النساء يقمن بإنشاد الأناشيد من وراء النافذة، شريطة أن تكون المنشدة من صاحبات الصوت الجميل وتكون معروفة لدى جميع سكان الحى الذى تقطن فيه.
كما أن كل امرأة مستيقظة كانت تنادى على جارتها. ويأتى المسحراتى فى الصعيد بعد منتصف الليل ممسكًا بيده اليسرى طبلته وباليد اليمنى قطعة صغيرة من الجلد يدق بها بنغمات متميزة عالية، بصحبته فتاة أو شاب كمرافق، يحمل سَلة يضع فيها الهبات والعطايا التى يمنحها أصحاب البيوت للمسحراتى، بالإضافة إلى الهبات النقدية.
ولكل مسحر محفوظة من الإنشاد الدينى ويطرق على طبلته بعد كل بيت شعرى ولكل مسحر منطقته، التى يعرف أسماء سكانها وأسماء أطفالهم، ويناديهم بأسمائهم.
وتجد الأطفال يسرعون إلى المسحراتى ويقدمون له بعض النقود، مقابل أن يسمح لهم بأن يدقوا على طبلته، وكثيرًا ما يلتف الأطفال حول المسحراتى حاملين الفوانيس فى موكب صغير وبعد انتهاء شهر رمضان.
وفى صباح أول وثانى أيام العيد يجوب المسحراتى منطقته التى كان يسحر فيها ليأخذ هدايا العيد.
يعنى إيه إنشاد؟
المقصود بالإنشاد الدينى هو غناء نصوص شعرية تتضمن موضوعات دينية (مدائح وأذكار وابتهالات وقصص دينى.. إلخ). لذلك فالمسحراتى مبدع شعبى يرتكز فى إبداعه على التراث الدينى، ويستمد من قصص القرآن، وبخاصة قصص الأنبياء وقصص السيرة خيوط قصصه الدينى.
فالمسحرون فنانون يحفظون التراث الشعبى، وسجلتُ أثناء سيرى مع المسحراتى نصوصًا شعبية لبعض هذه القصص ومنها قصة الغزالة وقصة الجمل الذى اشتكى صاحبه للرسول.


ولا نستطيع الآن أن نتخيل شهر رمضان من غير المسحراتى فهو جزء لا يتجزأ من الشهر الكريم فهو مكمل للوحة الفنية الرمضانية، فقد كان للمسحراتى عبر التاريخ وظيفته الأساسية هى الإعلان أى إيقاظ الناس لتناول طعام السحور.
وهو بهذا يقوم بعمل انفرادى متميز لا غنى عنه، إضافة إلى أن هناك أيضا عدة وظائف أخرى للمسحراتى، وهى أن يقوم بتذكير الناس بالصيام، بالإضافة إلى إنشاده الشعر والقصص الدينى من معجزات عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) والابتهالات والأدعية الدينية.
وأحيانا يقوم بالوعظ من خلال إنشاده فى صورة فنية.
أيضا للمسحراتى وظيفة جمالية فها هو المسحراتى يقوم بعرض المؤدى الواحد على مسرح الشارع الذى يجوب فيه ويتفاعل مع جمهوره ويغنى لهم أبياتا شعرية وقصصا غنائية فيها من الشعر والنثر حاملا معه طبلته الصغيرة كأداة موسيقية.
وغالبا ما يستعين المسحراتى فى أدائه لمروياته بالتراث الموسيقى والغنائى الذى غذى فترة تكوينه سواء منه الشعبى الخالص، أو الذى ينتمى للفن الدارج، أو الذى يعد من الموسيقى العربية – الشرقية التقليدية.
وقد تحققت هذه الصلة الموسيقية نتيجة لأن الكثير من المسحرين كانوا ذوى صلة بالإنشاد، كان يكونوا أصلا من المداحين أو المنادين وأضرابهم.
كذلك للمسحراتى وظيفة وجدانية فهناك تكونت علاقة ودودة بين المسحراتى وبين أهل المنطقة التى يسحر فيها وخاصة الأطفال فهم ينتظرونه كل ليلة من ليالى رمضان ويفرحون ويسرعون لاستقباله ويناديهم بأسمائهم ويلعبون بطبلته ويدقون عليها ويعطونه الهدايا النقدية والعينية.
وكذلك أيضا الكبار، فثمة ألفة تكونت وصداقة بينهم وبين المسحراتي، إضافة إلى أن هناك وظيفة أخيرة وهى أن عمل المسحراتى كحرفة يتكسب ويرتزق منها وربما هذا من الأسباب التى حافظت على استمراريته حتى الآن، فبرغم أن المسحراتى يعمل بالتأكيد بوظيفة أخرى إلا أنه فى شهر رمضان يقوم بالتسحير، وهذا ليس معناه أن أى فرد يقوم بهذه المهنة فلا بد وأن تتوافر لديه كثير من الشروط بل أكثر من ذلك فإن كل مسحر له منطقة أو حى يقوم بالتسحير فيه ولا يستطيع أحد أن يتعدى على منطقة أخرى بها مسحر آخر.
والراجل ده زمان
قد نتساءل هل يجىء يوم ويختفى المسحراتى وخاصة ونحن فى عصر الفضائيات وأصبحت الميديا والوسائط الحديثة كفيلة وبديلة عن المسحراتى؟
الإجابة: هذا ممكن إذا كانت وظيفة المسحراتى فقط هى الإعلان عن وقت السحور ولكن كما ذكرنا سابقا أن للمسحراتى وظائف أخرى لا بديل عنها.
فهذا التفاعل الآنى والوجدانى بين المسحراتى والناس فى رأينا لن تعوضه الفضائيات، مما يجعل المسحراتى يحافظ عليها بالتطوير من آلياته ومن أدواته ومن محفوظه التراثى بما يتلاءم مع تغيرات المجتمع وعصور السوشيال ميديا.
باحث فى التراث الشعبى

ريشة سماح الشامى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.