ظهر القطن المصرى من جديد فى أزهى ألوانه الطبيعية، وبمواصفات وجودة القطن الأبيض العالمية؛ حيث تعتبر مصر أول دولة عربية وإفريقية تنتج القطن الملون، كما أنها ضمن أول 7 دول عالمية منتجة له، فمعها فى ذات الدائرة الصين، والولايات المتحدة، وإسبانيا، والهند التى تعتبر أكبر مستورد للقطن المصرى. وتم وضع خطة لتطوير زراعة القطن قدرت تكلفتها بأكثر من 21 مليار جنيه؛ لتطوير صناعة الغزل والنسيج والمحالج، وتحديث الآلات والمعدات، التى تساعد على زيادة إنتاجية المساحات المنزرعة، وتضمنت تلك الاستراتيچية التوسع فى إنتاج القطن الطبيعى الملون، حتى يساعد على تقليل استخدام المواد الكيماوية والصبغات الضارة والملوثة للبيئة، وكذلك العمل على تسويق المنتج بطريقة تحقق العائد الاقتصادى دون إحداث هدر.
تصنيع القطن الملون بمواصفات عالمية
وقال الدكتور أشرف كمال، الأستاذ بمركز البحوث الزراعية، إن إنتاج «القطن الملون» يعتبر تطورًا حديثًا فى منظومة القطن على مستوى العالم، وأدركت مصر هذا التطور العالمى؛ حيث تعاون مركز البحوث الزراعية مع معهد بحوث القطن، فى تطوير أصناف من الأقطان الطبيعية الملونة؛ طبقًا للمواصفات القياسية التى تتناسب مع ظروف مصر المحلية. وأكد على أن مصر من أوائل دول العالم فى ريادة إنتاج القطن، والتى بلغت مساحته قبل الثمانينيات من القرن الماضى نحو 2 مليون فدان، وبلغ إنتاج القطن فى مصر 10 ملايين قنطار وقتها، فى حين تقلصت المساحة المنزرعة حتى وصلت إلى 200 ألف فدان فقط حاليًا، بسبب عدة عوامل، منها تغير أذواق المستهلك إلى أزياء «الكاچوال»، التى تعتمد على أقطان قصيرة التيلة، فى حين أن القطن المصرى من الأنواع فائقة الطول وعالية الجودة. وأضاف: يتم الآن تطوير زراعة القطن، والمحالج ، وبدأ العمل بمحلج الفيوم، والآن جارى تطوير محلجين آخرين بمحافظة الشرقية، ضمن خطة لتطوير 8 محالج على مستوى الجمهورية، فضلاً عن تطوير صناعة الغزل والنسيج من خلال شركات عالمية. واستكمل الأستاذ بمركز البحوث الزراعية، حديثه عن القطن الملون؛ حيث يتمتع بميزة كبيرة وهو بديل للقطن العضوى؛ حيث يتم الاستغناء عن الصباغة الكيماوية، فتصبح المنسوجات والأزياء الناتجة من القطن الملون طبيعية، ومقبولة دوليًا، ولها أسعار مميزة داخل السوق العالمية، مما يضاعف الطلب على الزراعة المصرية. مصر من أوائل دول العالم فى زيادة انتاج قطن ذى قيمة اقتصادية
وقال إن إنتاجية فدان القطن الملون تصل إلى 8 قناطير، وسوف يتم توزيع البذور على الفلاحين ما يؤكد التوجه لزيادة مساحة الرقعة الزراعية، فى ظل تزايد الاحتياجات؛ خصوصًا أن هذا العام شهد زيادة كبيرة فى أسعار توريد القطن من الفلاحين للحكومة؛ حيث تجاوز سعره ال 4 آلاف جنيه، مشيرًا إلى أن الإنتاج الجديد من القطن الملون يحتاج إلى تربة طينية، ومياه متوسطة، ودرجة حرارة مرتفعة نسبيًا، ودرجات رطوبة مناسبة، وهو مشروع سوف يحقق قيمة وعائدًا اقتصاديًا مرتفعًا. طفرة چينية فيما أوضح الدكتور هشام مسعد، مدير معهد بحوث القطن بوزارة الزراعة، أن فكرة التوجه إلى زراعة «القطن الملون»، كانت ضمن أحد الاتجاهات الحديثة لبرامج التربية التى تم العمل بها فى المعهد منذ أكثر من 6 أعوام، وكان الهدف منها الوصول للأصول الوراثية للأقطان الملونة. وأشار إلى «أن دولتَى الهندوالصين بدأتا فى إنتاج القطن الملون، ولكنه قصير التيلة وأقل فى الجودة مقارنة بالقطن المصرى، ولذلك أجريت عدة تجارب للتهجين فى مصر حتى تم التوصل إلى أكثر من لون». متوقعًا أنه فى فترة تتراوح بين 2 و 4 سنوات، تستطيع مصر إنتاج قطن ملون تجاريًا. ولفت إلى أن بداية التجربة بدأت بزراعة فدان واحد، فى إحدى المحطات البحثية التابعة لمركز البحوث الزراعية بمحافظة الجيزة، مشيرًا إلى أن أجود الألوان هو «البُنّى» باختلاف درجاته بين الفاتح والوسط والداكن، ودرجة اللون الذهبى، ويعتبر الأخضر أقلهم محصولاً، ويحتاج لمزيد من التحسين فى عملية الإكثار. وأوضح أن ظهور القطن الملون كان «طفرة»، ظهرت أثناء حلج القطن الأبيض، وتم انتخابها ثم إدخالها فى مجموعة من التهجينات، حتى تم التوصل إلى الأجيال الجديدة ثم تثبيت أصول هذه الألوان المكتشفة والتى كانت «بُنّيّة اللون»، وهو ما أطلق عليه العمل بنظام «التربية التقليدية». واستكمل مسعد: إن زراعة الأنواع الجديدة من الأقطان الملونة، سوف تكون لأغراض تجارية؛ خصوصًا أنه سوف يتم تسويقه من خلال «الزراعة التعاقدية» حتى لا يحدث تسريب البذور بالسوق السوداء، مما يتسبب فى الخلط بين أنواع القطن الأبيض والملون. تحديات التجربة
وتحدث الدكتور مفرح البلتاجى، رئيس اتحاد مصدرى القطن، عن أهم التحديات التى يجب التعامل معها، ووضعها بعين الاعتبار بعد نجاح تجربة زراعة القطن الملون، وتتمثل أولاً فى قلة الإنتاجية، مرجعًا السبب فى ذلك إلى أن ظهور هذا النوع هو طفرة نادرة، ويتم معالجتها للوصول إلى تثبيت أصل اللون، وهذا يستغرق وقتًا طويلاً، كما يصعب الحصول على ألوان كثيرة. وأضاف: إن طفرة القطن الملون غير ثابتة وراثيًا، أى من الممكن حدوث ارتداد أو انعزال فى العوامل الوراثية، رُغم عمليات التهجين التى يمر بها، حيث يصبح أقل جودة فى الخصائص والسمات. مؤكدًا أن ظهور تلك الطفرة لا تلحق أى ضرر به، ومن الممكن الحصول على صبغات طبيعية «أورچانيك»، من الأعشاب والنباتات الطبيعية، والتى يمكن الاستعانة بها فى الحصول على ألوان متعددة.