انتصر المصريون وسوف يستمرون.. ويارب كتر أفراحنا واجعل كل أيامنا أعياد لنحتفل دائما بالأمل والرجاء تحت راية المحبة والتسامح والعيش فى سلام مع الآخر بعيدًا عن أبواق الشر والكراهية ونعيق البوم نذير الشؤم وأصحاب الدعاوى المضلة لشق الصف داخل النسيج الوطنى المصرى الواحد. وها نحن نعيش عيدًا مصريًا خالصًا اليوم الأحد ونحتفل بعيد القيامة المجيد كالنور الذى يبزغ وسط الظلام وكى نحيا فى أمل أكثر إشراقًا. فما حدث لمصر فى السنوات الأخيرة من مؤامرات دنيئة يسوقها الأبالسة والشياطين لغرس بذور الفتن بين أبناء الوطن الواحد ومحاولاتهم اليائسة لشق صفوف المصريين ،ولكن إرادة الله كانت لهم بالمرصاد جعلتهم ينهزمون لكونهم أهل الشر، أما نحن فأهل خير لمصر السلام. حالة من الحب كذلك قيامة السيد المسيح تعكس حالة الحب التى يجب أن نعيشها بعضنا للبعض فى مصر التى نستظل تحت سمائها ونعيش ونحيا على أرضها ونحن جميعًا يحتوينا قارب واحد ومصير مشترك ونفرح جميعًا من أجل غد أفضل، وما بين المشاعر المتبادلة من قيم طيبة وخير وسلام وتسامح يجعل من بلدنا أجمل بقاع الكون والدنيا كلها. فقيامة السيد المسيح تدعو إلى ذلك وتهدف إلى الخير من أجل العالم ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان بصرف النظر عن عقيدته أو لونه وجنسه أيضا، فالقريب لايعنى من هو داخل شجرة الأسرة أو العائلة، بل كل بنى البشر فما بالك بوطن كمصر نعيش فيه ويعيش فينا كما قال قداسة البابا الراحل شنودة الثالث فنحن ندافع عنها نفديها بأرواحنا ودمائنا وبكل ما هو غال أو نفيس. زينة الكنائس هذه الأيام تتزين كنائس مصر والشرق والعالم فى أبهى الصور بعد فترة صيام طويلة سبقت عيد القيامة وكى ينتصر الحب على الكراهية. فالقيامة تدعو للتوحد بين الإنسانية ونبذ الحروب والصراعات، فالحب يعنى البناء والتعمير وما دون ذلك بمثابة خراب وتدمير، فالشر يمثل الظلمة وما أكثر ما تعرض له الوطن من مؤامرات كبرى ،لكن الله حفظ بلادنا من كل سوء ولم نضعف أو ننكسر لنتخطى مرحلة المخاض الصعب إلى الأمل المشرق الذى ينسج خيوطه المباركة من عيد القيامة أو كما قيل فى الإنجيل على ضم السيد المسيح «مبارك هو شعبى مصر». والذين يحتفلون ببزوغ الأمل يوم عيد القيامة تجمعهم دائما روح المحبة والسلام والتآخى وحتى يوم القيامة فلا تستطيع أن تخترقه جماعات الظلام المدججة بشياطين الوجوه القبيحة ومعها أسلحتها الباطلة. عيد المصريين والقيامة هو عيد للمصريين الأقباط وسائر الطوائف الأخرى فهو الأعظم فى التاريخ الكنسى والأعياد المسيحية وهو اليوم الذى يتذكر فيه المسيحيون قيامة السيد المسيح من الموت بالجسد وقيامته من بين الأموات بعد ثلاثة أيام التى منحتنا نحن البشر الرجاء فى الحياة الأبدية.. فالموت لايعنى سوى فناء الجسد فقط وتحلله وتبقى الروح التى وهبنا الله إياها فى قدسيته تحاسب عن عملها إن كان خيرا أم شرا. سبت النور عيد القيامة تسبقه أيام عظيمة يعيشها المسيحيون فى جلل بداية من أحد الشعانين (سعف النخيل) ثم الجمعة العظيمة وبعدها يوم «سبت النور» ،كما أن المسيحيين من كل مشارق الأرض أو مغاربها يحرصون قبل العيد وخلاله زيارة الأماكن المقدسة والحج إليها فى مدينة القدسالمحتلة، خاصة كنيسة القيامة والقبر المقدس الذى دفن فيه السيد المسيح وفى صباح يوم سبت النور ينطلق النور الربانى من داخل القبر المقدس وتوقد أو تشعل الشموع من هذا النور الذى يشع من القبر ولهذا أطلق عليه «سبت النور». - ويحتفل المسيحيون بهذا اليوم من كل أنحاء العالم ويتوجهون أيضا لزيارات أخرى للتبرك كطريق الآلام الذى سلكه السيد المسيح حتى موضع الصلب (الجلجثة) ،ويتوجهون كذلك إلى منطقة نهر الأردن الذى شهد عماد السيد المسيح للتبرك أيضا والتغطيس فيه. والقيامة ما هى إلا تحقيق لنبوءات العهد القديم بالكتاب المقدس والذى سبقها «صلب المسيح» الذى يمثل جوهر الحياة المسيحية. وغالبا ما يكون التحضير لعيد القيامة المجيد بعد فترة ختام الصوم الأربعينى المقدس والذى يتخلله أحد السعف والذى دخل فيه السيد المسيح مدينة أورشليم المقدسة يستقبله الشعب بأغصان الزيتون وسعف النخيل فرحين ومهللين ويعقبه أسبوع الآلام ويتخلله خميس العهد الذى سلم فيه «يهودا الأسخريوطى» أحد تلاميذة المسيح إلى اليهود ويتبعه يوم الجمعة العظيمة التى تمت فيها صلب المسيح، وبعدها يجئ «سبت النور» ليعلن الانتصار على الموت وتمهيدا للقيامة وعيدها والانتصار الذى تحقق بالعبور من الظلمة إلى النور. وتعتبر القيامة من أكبر الأعياد المسيحية بل أهمها على مدار العام ويتم الاحتفال بعيد القيامة بالكاتدرائية الكبرى بالعباسية لتبدأ مراسم وإقامة القداس الإلهى للعيد بعد العاشرة مساءً من يوم السبت وتستمر حتى الساعات الأولى من فجر الأحد. تهنئة واستقبال وفى صباح يوم الأحد (عيد القيامة) يستقبل قداسة البابا تواضروس الثانى كل مهنئيه من كل الأطياف وكبار رجال الدولة والوزراء والشخصيات العامة وسائر أفراد الشعب داخل مقره البابوى بالكاتدرائية ،وعن «عيد القيامة» رصدنا آراء رجال الكنيسة من خلال هذه السطور: غلبة وانتصار نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة الذى قال إن القيامة تمثل غلبة وانتصارًا على الحياة الوقتية على الأرض ولابد أن نجعل من قوة القيامة شرايين تسرى داخل حياتنا تتغلغل فى سلوكياتنا وبما لا يغضب الله فلابد أن نتغلب على كل ما هو سيئ ويمثل خطية أمام الله كى نستبدلها بكل ما هو خير ومحبة وسلام وتآخى وأعمال لاتغضب الله،كما أن حب الإنسان لأخيه الإنسان لايعنى بالضرورة أن يكون أحد أقاربه أو محبيه وأصدقاؤه لكن أن يحب أخيه فى الخليقة البشرية ولأن الله يجسد المعنى الأعظم للمحبة ،وبكل صراحة فإن الأخلاقيات تغيرت كثيرا خلال الآونة الأخيرة إلى ما هو سيئ وباتت فى وضع مؤسف للغاية، وبالفعل نحن فى حاجة جديدة إلى قيامة لنستعيد ما فقدناه فى هذا الشأن. وعن حقيقة النور المقدس صباح اليوم «سبت النور» بمدينة القدس قاد نيافته من يشكك فى ذلك عليه أن يتوجه كى يرى بنفسه ما يحدث ويقطع الشك باليقين، فالملايين من بقاع العالم يذهبون إلى كنيسة القيامة والقبر المقدس كى يروا النور المقدس على الطبيعة.. وعيد القيامة بالنسبة لنا كمسيحيين يمثل مرحلة للأمل والرجاء بعيدا عن اليأس أو حتى الذين هم فى ألم أو ضيقة ،فلا شىء فى الدنيا يستطيع أن يهزم الموت أو يقهره سوى قيامة السيد المسيح ،وبذلك فتحت الأبواب المغلقة وبالموت هزم الموت نفسه وخلق لنا الرجاء فى حياة أبدية هى الأفضل للإنسان وكما قال السيد المسيح أنا هو القيامة والحياة من آمن بى ولو مات فسيحيا وكل من كان حيا وآمن بى فلن يموت إلى الأبد (إنجيل يوحنا 11 : 25) زيارة القبر المقدس ويقول القمص «مرقس رمزى» راعى كنيسة مار مرقس الرسول بإمبابة :«بأن القيامة فخر المسيحية كلها وبدونها تكون كرازتنا باطلة وهذا القول أكده بولس الرسول إن الإيمان المسيحى قائم على موت المسيح وقيامته الممجدة». وعن زيارة القدس والتوجه إلى كنيسة القيامة والقبر المقدس قال القمص مرقس من الناحية الدينية تعتبر مقبولة جدا ،بل هى غاية محببة لكل مسيحى وإن كنت أرى بأن العواقب التى قد تقف حائلا دون ذلك ما هى إلا أمور سايسية بحتة والبعض يعتبره نوعًا من التطبيع مع الكيان الإسرائيلى، لكن الحقيقة غير ذلك وهذا ليس بالتقرب أو التطبيع مع إسرائيل. والذين يسافرون إلى القدس ذهبوا لنوال البركة لا أكثر أو أقل ولا توجد أية موانع للذهاب إلى القدس أو الحج إليها وفى ذات الوقت ليست هناك عقوبات لأحد. وعن طبيعة الاختلاف فى موعد الاحتفال بالقيامة أضاف أن عيد القيامة لا يجئ بموعد محدد أو تاريخ ثابت لايتغير أو كما هو متبع فى عيد الميلاد المجيد ،ولكن فى نفس الوقت نحن لا نحتفل بالعيد مع «اليهود» الذين يحتفلون بعيد الفصح قبلها وحتى لا نشترك معهم فى عيدهم اليهودى، لكن بعدها بأسبوع كامل ولأنه كى نحتفل «بالرمز» أى الفصح مع المرموز به (السيد المسيح) لابد من القيامة فما بالك وهم مازالوا ينتظرون المسيح فى وهم مستمر.. أخيرا القيامة هى خلاص للبشرية كلها. عبور إلى النور كذلك يرى القس / فريج فهمى راعى كنيسة مارمينا بإمبابة أن عيد القيامة يمثل الحياة بكل ما تعنى وهو المسيحية بذاتها فبدون قيامة ليس هناك رجاء أو أمل ،كما أن القيامة تمثل الخلاص وعيد الأعياد بالنسبة للمسحيين وهى تجعلنا نتحرر ونعبر من الظلمة إلى النور الأبدى ومن الخطية إلى عمق المحبة والإيمان والتحرر من الخطية التى حملها «آدم» و«حواء» فى معصية الله ،كما أن السيد المسيح أمات الخطية «فبالموت داس الموت». لا أختلف مع أحد فى زيارة الأماكن المقدسة بإسرائيل، كما أن المنع من عدمه يعود للرئاسة الدينية ممثلة فى قداسة البابا تواضروس الثانى ومعه أسقف الإيبارشية وقد يكون هناك خلاف فى هذا الأمر ،ولكن الذهاب إلى كنيسة القيامة والتبرك بالأماكن المقدسة لايختلف عليها أحد من الشق الدينى. واستطرد قائلا :عيد القيامة ليس موحدًا من حيث التوقيت والاختلاف ما بين الشرق أو الغرب مازال قائمًا ومن بلد لآخر لكنه فى نفس الوقت موحدا بين الجميع من حيث الهدف أو المراد ودائما نفخر بأن مسيحنا حى إلى الأبد ،كما أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.•