سؤال من البابا شنودة للأقباط في عيد القيامة بعد مرور 55 يوما من الصوم النسكي والقداسات الطويلة والصلوات التعبدية كذلك وبعد مرور أكثر أيام السنة روحانية «أسبوع الآلام» ترأس قداسة البابا شنودة الثالث مساء امس القداس الاحتفالي بعيد القيامة المجيد. الذي تم الاحتفال به في كل الكنائس بمصر والخارج. وعيد القيامة أو العيد الكبير يتم الاحتفال به علي مدي خمسين يوما مقبلة تتخللها الحان السعادة والفرح والبهجة حيث لا صوم ولا احزان وينتهز الأقباط هذه الأيام لعقد الأكاليل وحفلات الزفاف كما تتزين جدران الكنائس بالستائر الحمراء المفرحة. وبمناسبة عيد القيامة المجيد نتذكر لقداسة البابا شنودة قصيدة كتبها عام 1951 بعنوان «قم» يخاطب فيها السيد المسيح القائم من بين الأموات قائلاً: قم حطم الشيطان لا تبق لدولته بقية قم بشر الموتي وقل غفرت لكم تلك الخطية واغفر لبطرس ضعفه وامسح دموع المجدلية واكشف جراحك مقنعا توما فريبته قوية وارسل إلينا مرقسا يبني كنيستنا النقية وهلم واقبل سيدي واسكن بيوت المرقسية وبعد مرور هذه السنوات علي هذه القصيدة نجد قداسة البابا شنودة يحتفل اليوم بعيد القيامة ب «بيتين» من الشعر فقط نشرتهما مجلة الكرازة في ذيل صفحته رقم 16 من عددها الأخير. ويطرح فيه البابا سؤالاً لكل قبطي يقول قداسته. قام المسيح الحي هل مثل المسيح تراك قمت أم لا تزال موسدا في القبر ترقد حيث أنت ولعل هذا العيد يكون مناسبة أن يجاوب الانسان علي هذا السؤال الصعب! أخيرًا نتمني من الله القدير أن يعيد هذه الأيام المباركة علي مصرنا العزيزة بكل حب وخير ونماء. Em: [email protected] القمص عبدالمسيح بسيط يكتب لنا المسيح يخرج من القبر قبل أن يدحرج الملاك الحجر بعد أن صلب المسيح ومات وأُنزل من علي الصليب، كان لابد أن يدفن كمصلوب في قبور المصلوبين مع اللصين، ولكن إرادة الله كانت قد رتبت أن يدفن في قبر يوسف الرامي الجديد والمنحوت في الصخر والذي لم يدفن فيه أحد من قبل، ومن ثم فقد قام كل نيقوديموس الذي كان أحد قادة اليهود وأثريائهم والذي كان أيضاً تلميذا للمسيح ولكن سرا بسبب موقف رؤساء كهنة اليهود من المسيح " وهو حامل مزيج مرّ وعود نحو مئة منا " (يو19 :39)، ويوسف الرامي الذي كان مشيرا شريفاً وصديقاً لبيلاطس الوالي الروماني وكان كما يقول الكتاب عنه: " جاء يوسف الذي من الرامة مشير شريف وكان هو أيضا منتظرا ملكوت الله فتجاسر ودخل إلي بيلاطس وطلب جسد يسوع " (مر14 :43) وكفنا جسد المسيح، بعد دهناه بأكثر من 36 كيلو من المر والعود، بالأكفان التي " لفت " حوله " ولفه بكتان نقي " (مت27 :59) ثم وضعت حراسة من الجنود الرومان، بناء علي طلب رؤساء اليهود، وختم الحجر، الذي كان حجرا عظيما وزنه لا يقل عن طنين، ودحرجوه في حفرة نصف برميلية علي باب القبر، وكان من المستحيل أن يخرج المسيح من القبر إلا بقوة إعجازية، وفي فجر يوم الأحد قام المسيح من الموت، وجاء الملاك ودحرج الحجر ليعلن للعالم قيامة المسيح من الموت، وعندما ذهبت النسوة للقبر كان الحجر مدحرجا والقبر فارغا والمسيح ليس فيه بل وتأكد بطرس ويوحنا الرسولان من هذه الحقيقة عندما ذهبا إلي القبر وشاهدا " الأكفان موضوعة " والمنديل الذي كان علي رأسه " ملفوفاً في موضع وحده " (يو20:795). فقد قام المسيح من الموت ولم يكن في حاجة أن يخلع عنه الكفن إنما خرج منه، انسحب منه بطريقة إعجازية، وعندما شاهد الرسولان مشهد الكفن المهيب وأدركا أن السيد خرّج منه دون أن يفك جزء منه، انسحب منه وظل الكفن كما كان ملفوفاً حوله والمنديل ملفوفاً كما كان علي وجهه، تغيرت أفكارهما وأدركا ما أغلقت أفهامهما عن معرفته وآمنا بقيامة السيد قبل أن يشاهداه فمضي بطرس " متعجباً في نفسه مما كان " (لو24 :12)، أما يوحنا فيقول عن نفسه أنه " رأي وآمن " (يو20 :8). ثم ظهر لتلاميذه بدخوله عليهم والأبواب مُغلقة بإحكام ووجد في وسطهم دون أن يمر بأي طريق، فكما خرج من الأكفان دون أن يخلعها عنه خرج أيضاً من القبر والحجر علي بابه، وبنفس الطريق التي دخل بها علي التلاميذ في العُلية والأبواب مغلقة. ويدلنا ترتيب أحداث يوم القيامة أن الملاك نزل أولاً ودحرج الحجر بزلزال ومن خوفه هرب الحراس ثم أتت النسوة وعرفن من الملاك والقبر الفارغ أن الرب قام وخرج من القبر قبل أن يفتح القبر وقبل نزول الملاك لأن جسده القائم من الموت صار جسداً ممجداً روحيا له قدرات وخصائص فوق المادة والطبيعة ولا يحجزه مكان أو مادة. وقد دحرج الملاك الحجر عن باب القبر لا ليخرج المسيح وإنما ليشهد أن المسيح قام ويعلن للجميع خبر هذه القيامة؛ ليكشف لجنود الحراسة ومن خلالهم لرؤساء اليهود والحاكم الروماني أن المسيح قام، وليعلن للتلاميذ والرسل والتلميذات ومن خلالهم للعالم أجمع أن المسيح قام، وحتي يؤمن الجميع أنه قام بجسده الذي مات ودفن، بنفس الجسد الذي اتخذه من العذراء والذي عاش معهم وتألم وصلب، ليعطي رجاء للجميع في قيامة الأموات. القيامة رجاء المنسحقين لقد رفع المسيح من شأن هذه البشرية الساقطة عندما قام وهو في ثوب البشر من الموت وسحق العدو الذي لا يمكن لإنسان أن يقهره وسدد كل ديون الجبلة الساقطة التي ذاقت المر والذل من إبليس علي مر التاريخ القديم حتي جاء يسوع في ملء الزمان ليرفع هذا الإنسان من التراب ومن المزبلة ويجلسه مع أشراف شعبه. لقد أعطي الله للإنسان الحرية من ديون الماضي وخطية آدم التي كان لزاما علينا دفع ثمنها ودفع السيد المسيح الصك الذي كان علينا وأعتقنا أحرارًا، فقيامة المسيح هي عتق لكل الساقطين ونصرة حقيقية للجبلة الساقطة ونصيب أبدي للمهمشين والضعفاء والمنسحقين. نعم إنها القيامة «أسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا» رومية 4:25 لقد كانت القيامة هي انتصار للحياة الإنسانية والتي حاول إبليس إماتة كل حلو فيها لكن جاء المسيح ليرفع شأن هذا الإنسان المقهور والمحطم ويعطي أملا جديدا للإنسانية كلها. القيامة حققت نظرية العدل والرحمة لقد وضع الله الإنسان في جنة عدن وأوصاه ألا يأكل من الشجرة المحرمة، مقدما له تحذيرًا شديد اللهجة «إن أكلت منها موتا تموت» وكسر الإنسان العهد وخالف الوصية فاستوجب العدل الإلهي وهو الموت السريع والمحقق والمشمول بالنفاذ، وكان الله في هذا الموقف في معادلة صعبة الفهم لنا كبشر ماذا سيصنع الله لكي يحقق عدله؟ هل سميت الإنسان حقيقة ويحقق عدله؟ وإن صنع هذا فأين الرحمة؟ هل يكون إلهًا عادلا في هذا الموقف ويتخلي عن رحمته؟ إذن ماذا يصنع الله في هذا الموقف؟ لكن الله حسم الأمر لصالح الإنسان وضحي بابنه ليحقق العدل والرحمة فقال العدل يستوجب موت الإنسان فسيموت والرحمة تستوجب عدم موته فيموت المسيح عنه وبهذا يكون الله قد أمات الإنسان ولكنه مات هو في صورة الإنسان، فقد طبق العدل علي المسيح وانتفع الإنسان بالرحمة، وحقق الله المعادلة المستحيلة وأنقذ الإنسان من خطية أبيه آدم وأصبح الإنسان مسئولاً عن خطيته الشخصية فقط ويحاسب عليها دون البحث في ماضي آبائه، فآدم أخطأ والسيد المسيح حمل خطية آدم في الصليب، إذا لا شيء من الدينونة الآن علي الذين هم في المسيح يسوع. القيامة أصدق دليل للحب العملي لقد أضاف المسيح بموته وقيامته قيما جديدة للإنسانية كان أبرزها البذل والعطاء، فمن يموت من أجل أحبائه؟ ومن مستعد للتضحية بنفسه لأجل الآخرين؟ ومن يقدم نفسه ذبيحة دفاعًا عن قضيته وهي خلاص الإنسان؟ ومن يتحمل سخط التاريخ ولعنة الخطية لأجل بشر لا يستحقون؟ تري عزيزي القارئ هل رأيت حبًا أعظم من هذا أن يموت البار الذي هو بلا خطية لأجل أناس مملوئين بالخطية؟ وما هو السبب وراء هذه التضحية؟ ما هي المصلحة التي ستعود علي الله بموت المسيح وتحمله إهانة البشر؟ الإجابة ببساطة هي الحب ولا شيء غير الحب والحب العملي وليس الكلامي الحب الذي يهدف لربح الإنسان مهما كلف هذا الحب من تضحية وتعب. إنه أسمي أنواع الحب، أن يعطي المسيح نفسه ذبيحة إثم عوضا عن البشر لكي يصير من هم في الرماد وفي الخطية بر الله في المسيح. أخيرًا لقد وهبنا المسيح بالقيامة النصرة التي لا نجدها إلا فيه وأعطانا قوة الإرادة وفهم المعجزات، فالله لا يعسر عليه أمر وهو قادر علي كل شيء، وهو غير محدود يصنع تاريخًا خاصًا وذهبيا حتي ولو علي حساب موت ابنه. إن الذين قاموا مع المسيح قاموا إلي الأبد من بئر خطيتهم وأضاء لهم المسيح وانفتح أمامهم باب الرجاء وأصبحوا يعيشون لأجل هدف رائع هو ملكوت السموات. القس نادي لبيب ظريف راعي الشعب الإنجيلي بالمقطم القيامة ولاهوت الرجاء تشكلت حياة الكنيسة عبر تاريخها بالخبر السار في الميلاد، وخبرة الألم في الصليب، وقوة الانتصار في القيامة، وعلي قدر ما كانت القيامة حدثًا تاريخيا صادقًا وصحيحًا حسبما ورد في الإنجيل هي أيضًا اختبار روحي متجدد وملموس في حياة البشر الذين يحيون في نصرة علي كل أشكال وصور المعاصي والشرور المختلفة. ففي خبرة القيامة يتحرر الإنسان من الخوف، والشك، والحزن، واليأس، ويحيا علي رجاء أفضل رغم كل الظروف الصعبة المحيطة به. انعكس فكر القيامة علي حياة الكنيسة والبشر، فهي نقطة الانطلاقة الحقيقية في تاريخ التجديد والتطوير. فرغم الظلم والفساد المتمثل في منظومة كل من: السلطة الدينية اليهودية، والسلطة السياسية الرومانية والتي دفعت إلي أنْ يموت يسوع المسيح علي الصليب وهو بريء، لم تقف الحياة عند الموت ولم تمت آمال البشرية في القبر، ولكن من القبر (الموت) كانت القيامة (الحياة)، فكانت القيامة مؤسِّسة للاهوت الرجاء والأمل في كل المواقف الصعبة التي مرت بها البشرية والكنيسة عبر التاريخ. ونحن نحتفل معًا بالقيامة نحتفل بالرجاء وفي رحلة حياتنا المصرية نحتاج أكثر من أي وقت مضي أنْ نؤسس معًا لاهوت الرجاء لكي نتعامل مع كافة القضايا بمنظور مختلف يحكمه الأمل والتفاؤل فتتشكل حياتنا بالخبر السار، ونتألم علي واقعنا الذي دخلت إليه قيم كثيرة تدعو لليأس والسلبية، فنحاول التغيير بحمل صليب الالتزام والمسئولية في بذل محب وعطاء صادق في الحياة الدينية والمدنية، ونكمل مسيرة الإصلاح والتنوير التي بدأت مستلهمين من وحي وروح القيامة لاهوت الرجاء الذي يعطي القدرة علي التغيير لمجتمع أفضل لخير الإنسان المصري، والحلم بمجتمع عربي مستقر خال من النزاعات والعنف. نحن في احتياج ماس إلي فكر ولاهوت القيامة لكي يخرجنا من دوامة اليأس وحياة اللامعني التي تخيم علي مجتماعتنا من جراء الظلم والتمييز والفقر وفساد الأنظمة، إلي حياة الأمل والرجاء والحلم بغد أفضل يسود فيه العدل والسلام والخير والمساواة. وتكون رسالة القيامة المتجددة والمستمرة: نعم يوجد رجاء! القس عيد صلاح راعي الكنيسة الإنجيلية الثالثة بالمنيا القبر الفارغ أكثر القبور العزيزة علينا لأجل ما تحويه من أجساد الأحباء وكم نقف علي قبورهم وقلوبنا ملتهبة! ولكن يوجد قبر واحد لا يفني لكونه قبراً فارغاً، هذا هو القبر الذي زارته المريمات في فجر يوم القيامة. هذا هو القبر الفارغ الذي تعتبره المسيحية من معجزات القدرة الإلهية. إن قبر السيد المسيح له المجد هو القبر الوحيد المنير علي مر التاريخ، فنحن نعرف أن قبور البشر جميعاً مرتبطة بالظلمة أما قبر المسيح فهو القبر الوحيد المرتبط بالنور لذلك فأروع قول الكتاب المقدس «الذي دعاكم من الظلمة إلي نوره العجيب» ولم يكن بلاشك أن يخطر بفكر القديس يوسف الرامي عندما نحت هذا القبر لدفن موتاهم. أن يضع يوسف الأساس الأقدس مكاناً في العالم كله وتبني عليها أعظم وأقدس الكنائس وهي كنيسة القيامة بالقدس. قام المسيح من بين الأموات منتصراً فأصبح ذلك عيداً يسمي عيد القيامة وأنه مجرد عنوان هذا العيد أمر فوق العادة، فالناس يعرفون أن القيامة ستتم في نهاية العالم في اليوم المدعو يوم القيامة، وهكذا كان رد مرثا علي السيد المسيح عندما قال لها سيقوم أخوك من القبر فقالت له مرثا أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير. فقيامة المسيح من الموت وخروجه من القبر المغلق والعودة إلي الحياة حدث غير مألوف وكانت أكثر دهشة، نعم كان لابد أن يقوم لكي يؤسس المسيحية المسيح قام، بالحقيقة قام. القمص بولس عبد المسيح كاهن كنيسة مار جرجس بمنشية الصدر وعضو المجلس الإكليريكي العام للأقباط الأرثوذكس وأستاذ القانون الكنسي بالكلية الأمريكية