قيامة الرب ليست مجرد حدثا تاريخيا فقط وإنما حدث سرت قوته في حياة كل من التقي به فما أروع هذا التدبير الالهي العجيب الذي صنعه الرب ليعلن قوة قيامته إذ تزين بالآلام وتمجد باللاهوت فجعل من احداث القيامة نبعا لا ينضب للتأمل في هذه القيامة القوية المجيد. آنها قوة القيامة التي تبدد قوة الموت وتنتصر عليه بكل قوة فقد انتصرت قيامته علي القبر المغلق ففتحه وعلي الاكفان فتركها وعلي الاختام والحجر فدحرجه بعيدا وعلي أبواب الجحيم ومتاريسه الحديدية فكسرته وعلي الشكوك فبددتها انها حقا قوة تغلب كل القوي المقاومة. فالقيامة هي حجز الراوية والاحتفال بذكراها إنما هو احتفال بذكري مبادئه السامية وتعاليمه الصالحة ومثله العليا تلك التي تفضل فرسم أوضاعها ثم نشرها واذاعتها فاستمعت لها القلوب في اعجاز واكبار. القيامة هي أكبر قوة للانتصار علي المادة التي طغت علي نفوس البشر وأصبحوا لأجلها يعيشون وفي سبيلها يتطاحنون. فلا يوجد ما يسمو بالنفس فوق اباطيل العالم الا المسيح الذي قام من بين الأموات وهكذا بطل الرب الموت وانار الحياة والخلود. والقيامة هي عربون حقيقي يذوق فيه الإنسان حقا الملكوت وحياة الدهر الآتي وقيامة السيد المسيح هي برهان محبته لجنس البشر لأنه من أجلنا قبل الآلام في جسده ليحيينا وليس حب اعظم من هذا ان يبذل الخالق ذاته من أجل ان يرد لخليقته رتبتها الأولي التي سقطت نها وزالت بالخطية والاثم والعصيان فصار للقيامة تأثيرا في كل حياتنا سواء الطقسية أو الروحية أو الإيمانية أو كل ذلك معا فنحن نقوم مع المسيح في المعمودية ونذكر قيامته في كل قداس ونعيد لها كل أحد ونرتل هذا هو اليوم الذيصنعه الرب فالنفرج ونبتهج فيه وكما نتمتع بالقيامة كذلك يحدث في التوبة لأن الخطية موت والتوبة قيامه. لقد جمع السيد المسيح العالم الآخر مع العالم الحاضر بقيامته المجيدة. وأمام قبره نتحير: لقد خرج المسيح من القبر وهو مغلق ولم يكن ذلك غريبا. فقد خرج ايضا من بطن القديسة العذراء وبتويلتها مختومة وكذلك في ظهوراته لتلاميذه بعد القيامة ودخل علي التلاميذ ومجتمعون في العلبة والأبواب مغلقة. ومن قوة القيامة انه قام علي الرغم من كل الحراسة المشددة وضبط القبر والحراس والاختام والحجر الكبير الذي علي باب القبر.. القوة العالمية بذلت كل جهدها ولكنه كان أقوي منها. كانت قوته وهو داخل القبر اعظم من كل قوة تقف خارج قبره. فيا أنوار القيامة اشرقي علي العالم المضطرب الهائج واطلعي علي النفوس الهائجة الشاردة وحولي اشعتك إلي القلوب المظلمة. انتصار.. علي الموت بقلم: ممدوح بشري ويصا ان قيامة المسيح انتصار ليس فقط علي موته هو بل علي الموت بوجه عام ففي قيامة المسيح شاركت البشرية كلها أي الطبيعة البشرية المسيح في قيامته كما يقول عريغوريوس النيصي: ولكن ليس معني المشاركة العامة في القيامة ان جميع الموتي قد خرجوا من القبور ولكن معناه ان الموت قد أمسي بلا قوة وانه قد وهبت قوة القيامة لكل الطبيعة البشرية وقد أوضح القديس بولس الرسول هذه الحقيقة بجلاء حينما قال في رسالته الأولي إلي كورنثوس "فإن لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام لأنه ان كان الموتي لا يقومون فلا يكون المسيح قد قام" "15-13. 16" وهو هذا يعني ان قيامة المسيح لا يكون لها معني ان لم تكن انجازا شاملا عاما أي أن لم يكن الجسد كله "أي جسد البشرية" قد اعطي قدرة القيامة مع اليأس.. أما الايمان بالمسيح فإنه يفقد كل معني ويصير خاوي المضمون عبثا ان لم تكن قيامة البشر جميعا "وان لم يكن المسيح قد قام فباطل ايمانكم" فبدون الرجاء في القيامة العامة الشاملة فان الايمان بالمسيح يصير بلا طائل من ورائه وبلا غاية ففي هذا الرجاء يكمن انتصار الحياة علي الموت حقا نحن مازلنا نموت كما من قبل لكننا لن نبقي في الموت وهذا يعني اننا لا نموت "بصيغة الاستمرار". عيد الأعياد بقلم: هاني عزيز يحتفل المسيحيون في هذه الأيام المباركة بعيد القيامة المجيد وهو العيد الذي تمتليء فيه الكنائس بالمصلين رافعين صلواتهم طالبين من الله ان يباركهم ويعطي الطمأنينة والسلام لهم ولبلادهم التي يعشقون ترابها ومنها تكون فرصة جيدة لنشر مظاهر الحب والابتهاج والتسامح بين بعضهم البعض وبين اخوتهم المسلمين الذي دائما وابدا ما يجتمعون في السراء والضراء علي حد سواء. وتعني القيامة في جوهرها الكثير من المعاني الايجابية منها الحرية والتحرر من السلبيات والمعني الحقيقي لحياة الانتصار. إذ هي انتصار علي الشر والتخلص من كل شيء مكروه كما انها تعني للإنسان المنتصر ان يعيش حياة جديدة ممتلئة من المحبة والفرح والسلام. ولا انسي تعريف مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث لمعني الانتصار الحقيقي وهو النصر الذي ينتصر فيه الإنسان علي نفسه وليس علي غيره فلا يجوز للقاتل ان يفرح بانتصاره علي القتيل وسفك دمه فهذا القاتل في موقف المنهزم لأنه لم يستطع ان ينتصر عما في نفسه من قسوة ومن حقد أو من رغبة في الانتقام فكان ينبغي ان يخزي من كل هذه النقائص كذلك من يشبع الطرف الآخر في الحوار ما يستطيع من تهكم ومن استهزاء لا يظن انه منتصر ولأنه لم يستطع أن يحتفظ بأدب الحوار. وكذلك تعريف صاحب القداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني عن عيد القيامة المجيد بأنه عيد أعيادنا وفرح أفراحنا وبهجة حياتنا وفرحة عيد القيامة هي قمة أفراحنا الأرضية والسماوية وهي أكبر علامات الملكوت والأبدية التي لا تفني. انها الإنسان الجديد والقلب الجديد والروح الجديدة. القيامة هي جوهر المسيحية وقوتها وعملها لأنه دون قيامة لا توجد كنيسة ولا مسيحية ولا مستقبل تماما.