عايزة حد يحبني. «ماكنتش عارفة إن مفيش حد بيحبني. ماهو أنا أصلى مش بعرف إلا لما حد يقولى الحاجة .. فاركز معاها ده أنا حتى ماكنتش بعرفش إني عيانة وسخنة ..إلا لما حد يقولى: مالك!!. فأجس دماغي واعرف اني سخنة .. فأبلبع مجموعة انفلونزا أو قرصين ريفو وأبقى زي الفل. طب ده انا لما اتجوزت وعمرى 36 سنة.. ماكنتش عارفة إني عنست إلا لما شخص ابن جزمة قالي. عدي ياحجة، ماتتحركي ياهودج... قالي ياهودج الصراحة انا افتكرت هودج ده حاجة كويسة.. بس لما سألت البت ناهد زميلتي ف شغل وصاحبتي..قالتلي: دي باينها شتيمة.» جزء من حكى فى عرض «خطي العتبة» كتبته وحكته على مسرح المركز الثقافى الفرنسى ومسرح مؤسسة الجزويت، الحكاءة عفاف السيد، وهو نتاج ورشة كتابة شاركت فيها ثمانية من الكاتبات، بتدريب وإخراج"سحر الموجي". لم تبدأ الحكاءة "عفاف السيد" تجربتها بالحكي، بل بدأتها بورش الكتابة منذ 1999، من هناك ..من الجنوب في أسوان، مع فتيات القرى، اللاتي أصبح الكثيرات منهن روائيات وقصاصات وكاتبات سيناريو أفلام قصيرة، ولكتاباتهن جرأة أكثر من كتابات فتيات العاصمة، ويقرأن تلك الكتابات على الملأ في الصعيد..دون خجل أو خوف..في تحدى مع التقاليد، في خطوة ليست بالهينة. "كنت بدرب البنات على الكتابة النسوية، وبالتوازى مع الكتابة كانت القراءات، بهدف زيادة وعي البنات باجسادهن والعنف والتمييز الواقع عليهن باعتبارهن نساء، فنتج من هذه النقاشات الحكي، بقت البنات بتتكلم عن المواقف اللي بيعيشوها، وبدأ تفكيرهم يتحرر من حاجات كتير"، تعود عفاف الى البدايات. وتحولت كتابات فتيات قرى الصعيد في أسوانوالمنياوالأقصر، إلى عروض فنية، مع تهيئة للمسرح بشكل بسيط بمفردات تناسب الحكاية، "تحكي البنت عن تأثير العنف على حياتها، لم تكن تعرف انه عنف، بطريقة أدبية تعلمتها من تقنيات الكتابة التى تدربت عليها، وبأداء تدربت عليه في ورش الحكي، بحركات محددة ودرجات صوت تناسب معاني الجمل، وتنقل مشاعر الحزن والفرح والضحك وغيره، لكن يظهر كل هذا بشكل تلقائي". ورش مغلقة تنظم عفاف السيد ورش للكتابة والحكي في القاهرة، خاصة بالفتيات أو النساء فقط، مختصة بالكتابة النسوية والحكي النسوى، وتشمل قراءات لأعمال نسوية وفن تشكيلي نسوى، وورش أخرى يشارك فيها متدربين من الجنسين، للكتابة والحكي للأطفال، وثالثة للكتابة والحكي بشكل عام. التدريب يومان في الأسبوع –الجمعة والسبت-من الحادية عشرة صباحا وحتى الخامسة مساء، وباقي الأيام تتابع عفاف المجموعة التى لا يزيد عددها عن 10، عبر مجموعة مغلقة على فيس بوك، وهي المجموعات التى تتيح لها متابعة مجموعات الصعيد أيضا، التى كانت تضطر من قبل للسفر إليهن إسبوعيا، للمشاركة في الكتابة معا، ولمتابعة كل واحدة فرديا أيضا. بعض الفتيات اللاتي تدربن على الكتابة والحكي في الصعيد، أصبحن مدربات لمجموعات جديدة، "بنات كتير اتغيرت وغيروا في محيطهم، بعضهن استطعن الصمود ضد التقاليد التى تعتبر من تتجاوز الثلاثين عانسا، ورفضت بعضهن أن تتزوج لمجرد الزواج، وبعضهن حصلن على الدكتوراه، وكافحن لاستكمال تعليمهن الجامعي في الوقت الذى كانت أسرهن ترغم البنات على ترك الدراسة الجامعية من أجل الزواج، وبعضهن يجلسن على المقهي في قلب الصعيد، بعد ما كانوا بيمشوا جنب الحيط، ويبساندوا بعض، وبيرفضوا العنف". تفخر عفاف بنتائج تدريبات الكتابة مع فتيات من قلب الصعيد، ليس فقط لقدرتهن على الكتابة، بل بالتغير الذى أحدثنه، بعض البنات أصبحن يجلسن على المنصات لقراءة كتاباتهن في قصور الثقافة، في الوقت الذى لم يكن يوافق المثقفون في الصعيد على أن تجلس النساء بجوارهن على منصة الحديث. "بنات الصعيد بيكتبوا بحرية أكثر ألف مرة من بنات العاصمة، بعد ما كسروا تابوهات كتير في مجتمعاتهم، وكمان بيقرأوا الكتابات دي على الملأ من غير خوف أو خجل". القراءة ليست للجميع "مؤسسات الثقافة الرسمية لا ترسل الكتب الثقافية للصعيد" تعتبر عفاف ماحدث لهؤلاء البنات قفزة كبيرة ومهمة في الوعي، في أجواء يصعب فيها الوصول للكتب، حتى لمن يمتلكن ثمنها"مكتبات هيئة الكتاب ومنافذ بيع كتب قصور الثقافة في الصعيد لا توجد فيها كل مطبوعاتها، يرسلوا فقط المطبوعات الدينية في الغالب، ولذلك كنت أذهب إلى الدكتور سمير سرحان- رحمه الله- والدكتور جابر عصفور عندما كان مسئولا عن المركز القومي للترجمة ثم المجلس الأعلى للثقافة، لأطلب منهم كتب لبنات الصعيد، وإذا حصلت على 10 كتب هدية، أشترى في المقابل 50 كتابا لأذهب بها لبنات الصعيد، وأستفيد من خصم ال 40% الخاص بأعضاء إتحاد الكتاب". تتذكر عفاف كيف كان مايقرب من 20 بنتا ينتظرنهن على محطة القطار في المنيا أو الأقصر، ليتلقين منها الكتب التى تأتي بها إليهن من القاهرة، بدلا من أن يرسلن في طلبها من قريب أو كاتب ليأتي للواحدة منهن بكتاب أو اثنين" بعض الكتب الآن موجودة على الانترنت، وفي الكثير من الأحيان أرسل رابطها للبنات في مجموعاتنا أو أرسلها لهن في صورة بي دي اف". تعشق عفاف الحكي باعتباره أقدم وسيلة إبداعية في توصيل الأفكار بين الناس في العالم، وفي بعض الأوقات كان الحكاء يقوم بدور وزير الإعلام، الذى ينقل الاخبار للناس، وينقل أصوات المعارضة للحاكم بشكل فني، وترى أن إحياء فكرة الحكي ودور الحكاء مهم في وقت يحتاج فيه الناس إلى من "يقطر" الأفكار بعد أن ملئت الدنيا "بالرغي في الفاضى والمليان". جمال الحكي كما تراه عفاف أنه"بيطلع كل اللي جوانا، وبينور العقول بمعلومات، وبيفتح الروح على حاجات ما بنبقاش واعيين ليها، وبيوصل مشاعر مش من السهل توصل بطريقة تانية".