نبيلة عبيد هى الفنانة التى تقفز إلى الأذهان عند ذِكْر سينما إحسان عبدالقدوس، فهى أكثر الفنانات تجسيدًا لبطلات رواياته على الشاشة. شاهد إحسان فى نبيلة عبيد بطلته، فكان يرشحها بالاسم، ويعرض عليها تقديم مشروع جديد يحمل اسمه مأخوذًا عن رواية له؛ و«سقطت فى بحر العسل- أيام فى الحلال، أرجوك أعطنى هذا الدواء، الراقصة والسياسى، الراقصة والطبال»، كان بينهما حالة فنية وإنسانية استثنائية، ومن الصعب أن تتكرر تلك الكيمياء التى تجمع بين كاتب يرى بطلة رواياته، روحًا حية تتحرك أمامه متجسدة فى فنانة موهوبة تجيد التحول من شخصية لأخرى ومن حالة لحالة بسلاسة شديدة وأداء أدهش الجماهير والنقاد وكاتب الرواية نفسه». تميزت نساء إحسان فى رواياته دائمًا بالقوة والانطلاق أو الحلم به، نساء إحسان حلمن بالحرية وحاربن ليحصلن عليها، عانين من قسوة مجتمع، ومن قسوة الجنس الآخر، وكل هذه المشاعر والحالات الإنسانية جسدتها ببراعة النجمة الكبيرة نبيلة عبيد، وفى السطور التالية تتحدث نبيلة عبيد عن ذكرياتها مع إحسان، وعن دعم وسند عقل مُفكر ومُحب كان علامة فارقة فى مشوارها.. • كيف كانت بداية رحلتك فى عالم إحسان عبدالقدوس؟ - كانت بداية أول تجسيد لى لروايات إحسان عن دورى فى فيلم «وسقطت فى بحر العسل» وهو الذى رشحنى للعمل فيه، وقال لى: «أنا عندى رواية حلوة تنفعك اسمها وسقطت فى بحر العسل اقريها»، فأرسلت لشراء الرواية، وفى اليوم التالى اتصلت به وأخبرته بموافقتى على تقديمها وأنتجت أنا الفيلم. وعندما عُرض ولاقَى استحسانًا ونجاحًا، أصبحت أنا كفنانة فى منطقة أخرى مختلفة وسعدت جدّا بالنتيجة، وكلمت الأستاذ إحسان وأخبرته أننى أريد رواية أخرى، فقال: «انتظرى الأهرام هناك رواية اسمها ولايزال التحقيق مستمرًا، دى تعمل منك ممثلة كويسة قوى» فأخذتها وقرأتها وكنت سأقوم بإنتاجها، ولكن أنتجها أشرف فهمى، ومن هنا بدأت أسأله عن الروايات فينصحنى بقراءتها فى الأهرام ثم أخذت منه رواية «أرجوك أعطنى هذا الدواء» وأخرج الفيلم أشرف فهمى، ونجح هذا الفيلم نجاحًا مدهشًا. ثم أخبرنى عن رواية «أيام فى الحلال»، وغالبية الاختيارات كان هو الذى يختارها لى، ولكن هناك روايتان عرضهما علىّ منتجون آخرون، منهما رواية «العذراء والشعر الأبيض»، وهناك فيلم «انتحار صاحب الشقة» جاءنى عن طريق منتجة أخرى، أما «الراقصة والطبال» فأخذته منه عندما قال لى: (هناك رواية حلوة قوى هتعجبك)، وكذلك «الراقصة والسياسى» كانت من ترشيحاته. • ماذا يمثل لكِ إحسان ودوره فى مشوارك الفنى؟ - «أنا أعتبر أن الأستاذ إحسان كان «فى ضهرى» دائمًا وكان يقف معى فى ترشيحات الموضوعات، ولن أقول أننى كنت أقرأ الرويات وأختارها بنفسى لتقديمها، لأن كل رواية قدمتها كانت من اختياره هو باستثناء روايتين فقط عُرضتا علىّ من خلال منتجين آخرين وهما «انتحار صاحب الشقة، والعذراء والشعر الأبيض». كانت اختياراته موفقة وبالنسبة لى اختيارات ناجحة جدّا وحققت لى نَقلة كبيرة جدا فى حياتى الفنية، وفى بداياتى قدمت «رابعة العدوية وكنوز وخطيب ماما» وسلسلة من الأفلام الناجحة ثم قدمت نوعيات مختلفة من الأفلام داخل مصر وخارجها، وفى مرحلة ما بحثت وسعيت إلى تقديم فيلم لمخرج وكاتب مصرى وإنتاج مصرى، وعندما تعاونت مع إحسان عبدالقدوس بالطبع، كانت هذه نقلة مختلفة ونجاحًا جديدًا لى فى مشوارى يختلف عن كل ما قدمته من قبل بسلسلة الأفلام التى تعاملت مع أدب إحسان من خلالها. • كيف رأيتِ إحسان قبل أن تلتقي به؟ - «كنت مصدقاه» وأصدق كل ما يكتبه، وكل موضوعاته التى أقرأها أشعر بها، وأشعر ببطلة الرواية وردودها وأصدق الموقف وما يجب أن تقوله فى هذه اللحظة وردود فعلها، وكذلك عندما كنت أشاهد أفلامًا ومواقف لفاتن حمامة أو غيرها من أفلام أشعر أننى أعيش فى هذا الموضوع من فرط الصدق، لذلك عرفت إحسان فى البداية من خلال أفكاره وصدقه الشديد قبل أن ألقاه، وهذا الصدق هو مقياس النجاح الدائم. • عند ذِكر المرأة فى سينما إحسان.. تكونىن الاستدعاء الأول لبطلات رواياته.. فكيف كان يرى إحسان المرأة؟ - المرأة كما يراها إحسان هى تجسيد للمرأة فى الواقع تلك التى شاهدناها فى «أيام فى الحلال وأرجوك أعطنى هذا الدواء، وسقطت فى بحر العسل»، هى المرأة التى تحب وتأخذها الغيرة عندما تشعر بخطر على حبيبها وتبكى وتنهار، هى التى تثور، موضوعات إحسان وقضايا بطلاته حقيقية إلى أقصى درجة، «مايسة» فى وسقطت فى بحر العسل، «زينب» فى ولايزال التحقيق مستمرًا «الست الطماعة» التى تريد المال بأى طريقة كانت، ويصل بها الحال إلى خيانة زوجها ثم تتفق مع زوجها على قتل صديقه، كلها أمور واقعية تجسد ما يدور فى النفس البشرية تصدقيها أثناء مشاهدتها. • على المستوى الإنسانى.. كيف كان تأثير إحسان عليكِ، وما الذى افتقدتيه برحيله؟ - افتقدته جدّا ولست أنا فقط فكل محبيه وقرائه ومعجبيه وأهله وأولاده افتقدوه، رحيله مبكرًا أثر فينا جميعًا، فأنا ليلة رأس السنة تذكرنى دائمًا بإحسان وتجمعنا عنده احتفالا بعيد ميلاده، وأنا بصفة خاصة أفتقده على المستوى الإنسانى والمهنى. بعد رحيل إحسان لم أجد الروايات والأعمال الأدبية التى كنت أتمنى تقديمها، إحسان كان ورائى فى كل خطوة، مفتقدة وجوده، مفتقدة آخذ رأيه فى تفاصيل عديدة ورأيه فى الروايات نفسها. إحسان ساهم فى تغيير طريقة انتقائى لأعمالى وأختار موضوعات لها قيمة وألا أتواجد لمجرد التواجد، وهذا سبب ابتعادى الآن لصعوبة وجود أعمال مثل ما قدمتها معه، رغم وجود مخرجين وكتاب قدمتُ معهم أعمالًا جيدة». •