كلمات غير مفهومة، وإيقاعات سريعة مضطربة، متشابهة ومتكررة، هذا هو حال الأغنية الشعبية الآن، كما يطلقون عليها..البعض يرى أن الأغنية الشعبية التى كان لها مريدوها من كل الطبقات الاجتماعية، أصبحت مثلا للإسفاف والتسطيح..فما الذى أصاب الأغنية الشعبية.. وهل يمكن أن تتحول الأغانى التى يشكو منها البعض الآن إلى أغان يرددها الناس وتصبح بمرور الوقت أغانى شعبية؟ فى نهاية الثلاثينيات، كانت نجومية محمد عبدالمطلب التى حققها بأغانيه «يا ليلة بيضا»، «تسلم إيدين اللى اشتري»، «حبيتك وبحبك»، «قلت لابوكي»، «يا حاسدين الناس»، «ساكن فى حى السيدة»، «شفت حبيبي»، «مابيسألشى عليا أبدا»، «ودع هواك»، «يا حبايب هللوا» وغيرها، كما غنى من ألحان الموسيقار فريد الأطرش وكلمات إسماعيل الحبروك أغنية الأفراح «ياليلة فرحنا طولي». واتخذت الأغانى الشعبية فى الستينيات شكلا مختلفا، وأصبح لها جمهور مختلف، ولعل أشهر من غنوا أغانى شعبية فى هذه المرحلة، هم من تتلمذوا على يد عبدالمطلب، مثل محمد رشدى ومحمد العزبى. غنى رشدى «قولوا لمأذون البلد» ثم بدأ فى مشوار من النجاحات المتكررة مع عبدالرحمن الأبنودى وبليغ حمدى، وأغان مثل عدوية، عالرملة، وطاير يا هوى، مع الشاعر الكبير محمد حمزة، كذلك محمد العزبى الذى غني عيون بهية، الأقصر بلدنا، إزاى الصحة. ومطربات مثل حورية حسن، التى التحقت بالإذاعة وشاركت فى أكثر من فيلم سواء بالغناء أو التمثيل وغنت من حبى ليك يا جارى، لمرسي جميل عزيز، يا أبو الطاقية الشبيكة وغيرهما من الأغانى والأوبريتات. أما شفيق جلال فأغانيه حققت شعبية كبيرة، فى الشارع المصرى مثل شيخ البلد، أمونة، وبنت الحارة. • أغانى الانفتاح وفى السبعينيات ومع الانفتاح الاقتصادى ظهرت نوعية مختلفة من الأغانى الشعبية، وشكل مختلف من الكلمات والمفردات الحديثة، مسببة صدمة اجتماعية للبعض، إلى أن تم هضمها بسرعة شديدة، بعد أن لاقت رواجا بين طبقات كثيرة. من أشهر مطربى هذه المرحلة، أحمد عدوية وأغانيه (السح الدح إمبو، حبة فوق، سلامتها أم حسن، قرقشنجى، زحمة يا دنيا زحمة) هذه النقلة النوعية فى الأغنية الشعبية كانت شبيهة بمثيلتها التى حدثت فى المجتمع المصرى ككل وقتها. • حين يلعب الزهر من أحمد عدوية مرورا بعبدالباسط حمودة، ومحمود الليثى وأحمد شيبة الذى أصبح ظاهرة بعد أعوام من الغناء، لم يتعرف إلا بعد أغنية «آه لو لعبت يا زهر» أغنية أصبحت التيمة الأساسية لأى حفل زفاف، مرورا بعدد كبير من المطربين الشعبيين اختلف البعض واتفق على ما يقدمونه، لنصل إلى أغانى المهرجانات التى لم يصطلح أحد حتى الآن على انتمائها للنوع الشعبى أم لا..كل هؤلاء أصبحت أغانيهم لا تخلو منها أى مناسبة اجتماعية، حتى فى مناسبات أعلى الطبقات الاجتماعية، وفى فنادق الخمس نجوم وليس فقط فى المناطق الشعبية. • الفلكلور والشعبى يرى نقيب الموسيقيين السابق، منير الوسيمى، أنه ليس هناك تعريف محدد للأغنية الشعبية، فالبعض يخلط بين الأغنية الفلكلورية وبين الأغنية الجماهيرية. يرى الوسيمى أن شهادة الناس هى «شهادة التخرج أو الدكتوراه» للأغنية الشعبية الناجحة، تأخذ شهادة من الجمع الشعبى، تصدق على نجاحها، فتنتشر الأغنية، يشتريها الكثيرون ويدفعون أموالا فى سبيل الحصول عليها. قاطعته وسألته عن نجاح أغنية «آه لو لعبت يا زهر» للمطرب أحمد شيبه، فأجابنى: «لو لعبت يازهر»، حققت نجاحا كبيرا الفترة الأخيرة لأنها تتحدث بلسان حال الناس فى الفترة الأخيرة وببساطة شديدة. • وهل المزاج العام والإحباط يدفع الناس للاتجاه للأغانى الشعبية؟ - كل هذه الأسباب متصلة ببعضها، فالحالة الغنائية لا يمكن فصلها عن الحالة الاجتماعية والظرف السياسى والاجتماعى، ومن ينجح يعبر عن الناس وعن خيالاتهم وأحلامهم. • المهرجانات يصف الوسيمى أغانى المهرجانات ب«أغانى العواطلية» مجموعة من غير المتخصصين يقدمون موسيقى، لا يفقهون عنها شيئا، مثلهم كالأمى الذى لا يعرف القراءة ويجيد استخدام االموبايل. ويرى الملحن والموزع علاء غُنيم، أن ما يجذب الناس للأغانى الشعبية، هو الجملة الموسيقية البسيطة، فعبدالحليم حافظ لم يكن يغنى لطبقة معينة، بل كان مطربا شعبيا، لكن المفهوم الشعبى أخذ شكلا آخر، عندما ظهر جيل محمد رشدى والعزبى، ليكون المطرب الشعبى هو من يقدم فنا يصل لكل الطبقات ولكل الناس.•