على بعد 60 كيلو مترا من طريق القاهرة - السويس الصحراوى يظهر المكان الذى اختارته الحكومة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء كى يكون مقرا للعاصمة الإدارية الجديدة لمصر، ليثير القرار الكثير من الأسئلة التى بحاجة إلى تفكير عميق قبل الإجابة عنها حتى لا نقع فى أخطاء الماضى.. وتقوم فكرة العاصمة الإدارية الجديدة على نقل مقار البرلمان والقصر الرئاسى والوزارات والهيئات الحكومية وإقامة سكن للعاملين هناك بحيث تكون مدينة متكاملة.. كما سيتم بها إنشاء منطقة للسفارات الأجنبية والمنظمات الدولية بحيث تخضع لحماية مكثفة بعيدا عن المناطق المزدحمة بالسكان. • إيجابيات وسلبيات الاختناق المرورى.. وعدم استغلال الصحراء.. واتجاه مؤشر التنمية نحو قناة السويس أبرز العوامل التى عجلت بالفكرة.. ولكن الانتقادات التى واجهتها يجب أن تكون فى الصورة أيضا قبل تفعيل قرار إنشاء العاصمة على أرض الواقع.. بداية من كيفية إقناع الموظفين وأسرهم وأطفالهم الذين تأقلمت حياتهم مع الوضع الحالى بضرورة الانتقال إلى الطريق الصحراوى، وكذلك المشقة التى يمكن أن تقع على كاهل المواطنين جراء الذهاب إلى هناك لإنهاء أوراقهم الحكومية. وقبل كل ذلك هو ضرورة أن تسطع صورة مدينة السادات التى أنشئت لتكون عاصمة إدارية لمصر بتكلفة وصلت 25 مليون جنيه فى سبعينيات القرن الماضى وجراء رفض الموظفين الانتقال إلى هناك تم ضم المبانى بالكامل إلى جامعة المنوفية للتخلص من الأزمة الكبيرة التى حدثت وقتها. ولم تتضح الصورة النهائية للعاصمة الإدارية الجديدة، فلم يصدر عن الحكومة أية بيانات توضح إجمالى تكلفة الإنشاء أو المساحة التى ستقام عليها المدينة وحجم الاستثمارات المتوقع فى المنطقة وشبكة الطرق التى ستبنى هناك أو كيفية الاستفادة من المبانى القديمة للحكومة. • فكرة مبهمة أكد باسل كامل، أستاذ النظرية المعمارية والحضرية بالجامعة الأمريكية أن هناك تخوفًا من الفكرة فى الوقت الحالى بسبب غموض الكثير من النقاط حول حجم التمويل، وما سيتم ضخه فى البنية التحتية من أموال واستثمارات. وأوضح كامل أنه يجب شرح مفهوم العاصمة الإدارية الجديدة بشكل دقيق.. فهل الفكرة قائمة على مجرد نقل مكاتب الموظفين فقط؟.. أم أن هناك نواة كبيرة يمكن الارتكاز إليها فى إنشاء مدينة متكاملة تخدم الموظفين وأسرهم وكيفية توعية المواطنين والموظفين بالفكرة فى الوقت الحالى ومميزات الاستثمار هناك. • استثمارات مفقودة لم تتضح الصورة النهائية لما ستفعله الحكومة بالمبانى التى تمتلكها بعد نقل الموظفين إلى العاصمة الإدارية الجديدة خاصة الأثرية منها فى الوقت الذى لم تُستغل فيه الأماكن الأثرية الحالية داخل القاهرة. واعتبر الدكتور حسام إسماعيل، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآداب بجامعة عين شمس أن هناك الكثير من المناطق الأثرية غير مستغلة فى القاهرة، فكيف سنقوم بإضافة الكثير من المبانى الأخرى كمناطق أثرية دون أن تتغير السياسة العامة المتبعة فى التعامل مع الآثار المصرية، كذلك ضرورة توجيه دفة وزارة السياحة للترويج للأماكن الأثرية الموجودة فى القاهرة والتى تعانى من قلة الزوار.. وحتى مع التفكير فى استغلال بعض المناطق الأثرية فى القاهرة لإقامة فعاليات ثقافية فيها نجد أن الأنشطة غير كافية لتغطية الأماكن الأثرية معتبرا أن الخريطة السياحية المصرية غير مدرج عليها المناطق الأثرية فى القاهرة، حيث تكون هذه الأماكن مجرد استكمال لبرامج سياحية رئيسية مثل الأهرامات والمتحف المصرى ومجمع الأديان. • عاصمة افتراضية وصف الدكتور محمد صفوت قابل العاصمة الإدارية الجديدة بالمدينة الافتراضية وذلك لأنه من المفترض أن تصدر الدراسات والأبحاث عنها أولا ثم يأتى القرار بإنشائها وليس العكس. وأشار قابل إلى أنه لا أحد يعلم المساحة الحقيقية للعاصمة الإدارية الجديدة كما أن التكلفة الأولية التى أعلن عنها بأنها بقيمة 60 مليار جنيه خلال عامين لا أحد يعلم من أين ستأتى بها الحكومة وتضخها فى مشروع قد لا يعود بالنفع عليها فى الوقت الحالى. وأوضح قابل أن الحكومة الآن تسير فى أكثر من اتجاه فهناك مشروع الساحل الشمالى الجديد، وهو أيضا سيحتاج تكلفة كبيرة كذلك خطة إنشاء شبكة طرق كبرى سيزيد من حجم الضغوط على الموازنة العامة للدولة التى تواجه فى الأساس الكثير من الأزمات. وأضاف قابل أن الرقم الذى تحدثت عنه الحكومة غير كاف لإنشاء مدينة جديدة يمكن أن تستوعب مئات الآلاف من الموظفين فى الوقت الذين سيحتاجون فيه لعشرات الآلاف من الوحدات السكنية للبقاء هناك. وقال قابل: إن هناك الكثير من العوامل قد تؤثر على المشروع بداية من ضرورة إقناع الموظفين بالخروج من العاصمة القديمة وذلك حتى لا يتكرر ما حدث مع مدينة السادات التى تم ضمها إلى جامعة المنوفية. واعتبر قابل أن أبرز التحديات التى تواجه العاصمة الإدارية الجديدة هو ضرورة إنشاء قاعدة كبيرة من الخدمات بداية من شبكة طرق مناسبة تحتمل هذا العدد الكبير من الموظفين كذلك إنشاء عدد من المدارس والمستشفيات ومد الأراضى هناك بشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحى والغاز الطبيعى، وكلها تحتاج إلى ميزانية ضخمة لا يمكن توفيرها فى الوقت الحالى الذى تمر فيه الموازنة العامة للدولة بالكثير من التحديات. • امتداد جديد أكد محمد عبدالله، رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الاستثمار العقارى أن المستثمرين ينتظرون الخطة التى ستعلن عنها الحكومة بشأن كيفية الاستثمار فى العاصمة الإدارية الجديدة، كذلك تأثيرات نقل الموظفين إلى هناك، وذلك للبدء فى التحرك من أجل المشاركة فى عمليات التطوير والبناء العقارى. وأشار عبدالله إلى أن أهم ما يميز العاصمة الإدارية أنها قريبة من القاهرة نوعا ما خاصة ان الاختناق المرورى وصل حدا لا يطاق وقت الذروة، فى حين أن الدولة أيضا بحاجة إلى تشجيع المواطنين على أداء الخدمات الحكومية عبر الإنترنت لتخفيف الضغط على شبكات الطرق وأصبحنا نرى تجديد رخص القيادة يحدث عبر الإنترنت كذلك بعض الخدمات الأخرى. وقال عبدالله: إنه على الحكومة أن توضح أن ما ستنشئه على الطريق الصحراوى بين القاهرةوالسويس هو مدينة جديدة أم امتداد للعاصمة الحالية وهناك فارق كبير بينهما فالأول سيزيد من الأزمة أما الثانى فسيكون حلاً مثاليًا لأزمة المرور لكن بحاجة إلى الكثير من الاستثمارات هناك. واستبعد عبدالله أن تتأثر أسعار العقارات بالتزامن مع إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك لأن الطلب زاد فى الفترة الأخيرة على العقارات نتيجة ارتفاع حالات الزواج، حيث لدينا الآن 600 ألف زيجة فى العام الواحد يجب أن يقابلها فى الجانب الآخر إنشاء عقارات جديدة. •