موعد متوقع لإعلان "مجلس غزة" وسط خلاف "الجثة الأخيرة"    الجزائر.. 9 قتلى و10 جرحى في حادث مرور مروع بولاية بني عباس    حبس المتهمين بسرقة مشغولات فضية من مخزن في القاهرة    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    اليوم، قطع الكهرباء عن بعض المناطق ب 3 محافظات لمدة 5 ساعات    ضائقة مالية تجبر مخرج "العراب والقيامة الآن" على بيع ثاني ساعاته النادرة ب 10 ملايين دولار    بيع ساعة يد للمخرج الأمريكي كوبولا ب 10.8 مليون دولار في مزاد    ارتفاع عدد قتلى انفجار بولاية ميتشواكان غربي المكسيك إلى 3 أشخاص    مشغل شبكة الكهرباء الأوكرانية يقول إن إصلاح الشبكة سيستغرق عدة أسابيع    تأجيل محاكمة 68 متهمًا في قضية خلية التجمع الإرهابية    أقرأ تختتم دوراتها الأولى بتتويج نسرين أبولويفة بلقب «قارئ العام»    رانيا علواني: ما حدث في واقعة الطفل يوسف تقصير.. والسيفتي أولى من أي شيء    تحذيرهام: «علاج الأنيميا قبل الحمل ضرورة لحماية طفلك»    زيادة المعاشات ودمغة المحاماة.. ننشر النتائج الرسمية للجمعية العمومية لنقابة المحامين    محافظ الإسماعيلية يتابع تجهيزات تشغيل مركز تجارى لدعم الصناعة المحلية    إصلاح كسر مفاجئ بخط مياه بمنطقة تقسيم الشرطة ليلا بكفر الشيخ    "الراجل هيسيبنا ويمشي".. ننشر تفاصيل مشاجرة نائب ومرشح إعادة أثناء زيارة وزير النقل بقنا    رحمة حسن تكشف عن خطأ طبي يهددها بعاهة دائمة ويبعدها عن الأضواء (صورة)    قلت لعائلتي تعالوا لمباراة برايتون لتوديع الجمهور، محمد صلاح يستعد للرحيل عن ليفربول    جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقتي «المراسل التلفزيوني» و«الأفلام القصيرة» لاكتشاف المواهب| صور    «الصحة» توضح: لماذا يزداد جفاف العين بالشتاء؟.. ونصائح بسيطة لحماية عينيك    المشدد 3 سنوات لشاب لإتجاره في الحشيش وحيازة سلاح أبيض بالخصوص    برودة الفجر ودفء الظهيرة..حالة الطقس اليوم الأحد 7-12-2025 في بني سويف    بدون أي دلائل أو براهين واستندت لتحريات "الأمن" ..حكم بإعدام معتقل والمؤبد لاثنين آخرين بقضية جبهة النصرة    محسن صالح: توقيت فرح أحمد حمدى غلط.. والزواج يحتاج ابتعاد 6 أشهر عن الملاعب    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    هشام نصر: هذا موقفنا بشأن الأرض البديلة.. وأوشكنا على تأسيس شركة الكرة    AlphaX وM squared يعلنان انطلاق سباق قدرة التحمل في المتحف المصري الكبير    جورج كلونى يكشف علاقة زوجته أمل علم الدين بالإخوان المسلمين ودورها في صياغة دستور 2012    الإمام الأكبر يوجِّه بترميم 100 أسطوانة نادرة «لم تُذع من قبل»للشيخ محمد رفعت    أصل الحكاية| ملامح من زمنٍ بعيد.. رأس فتاة تكشف جمال النحت الخشبي بالدولة الوسطى    أصل الحكاية| «أمنحتب الثالث» ووالدته يعودان إلى الحياة عبر سحر التكنولوجيا    وزير الاتصالات: رواتب العمل الحر في التكنولوجيا قد تصل ل100 ألف دولار.. والمستقبل لمن يطوّر مهاراته    أسعار الذهب اليوم الأحد 7-12-2025 في بني سويف    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء مركز إصلاح وتأهيل عن الطعام لتعرضهم للانتهاكاتً    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الحكومة البريطانية تبدأ مراجعة دقيقة لأنشطة جماعة الإخوان.. ماسك يدعو إلى إلغاء الاتحاد الأوروبى.. تقارير تكشف علاقة سارة نتنياهو باختيار رئيس الموساد الجديد    عمرو أديب بعد تعادل المنتخب مع الإمارات: "هنفضل عايشين في حسبة برمة"    آخر مباراة ل ألبا وبوسكيتس أمام مولر.. إنتر ميامي بطل الدوري الأمريكي لأول مرة في تاريخه    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب الدوري الأمريكي للمرة الأولى.. فيديو    أسوان والبنية التحتية والدولار    وزير الاتصالات: تجديد رخص المركبات أصبح إلكترونيًا بالكامل دون أي مستند ورقي    اللجنة القضائية المشرفة على الجمعية العمومية لنقابة المحامين تعلن الموافقة على زيادة المعاشات ورفض الميزانية    هيجسيث: الولايات المتحدة لن تسمح لحلفائها بعد الآن بالتدخل في شؤونها    الاتحاد الأوروبى: سنركز على الوحدة فى مواجهة النزاعات العالمية    أخبار × 24 ساعة.. متى يعمل المونوريل فى مصر؟    أول صورة لضحية زوجها بعد 4 أشهر من الزفاف في المنوفية    نقيب المسعفين: السيارة وصلت السباح يوسف خلال 4 دقائق للمستشفى    محمد متولي: موقف الزمالك سليم في أزمة بنتايج وليس من حقه فسخ العقد    الحق قدم| مرتبات تبدأ من 13 ألف جنيه.. التخصصات المطلوبة ل 1000 وظيفة بالضبعة النووية    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ يتفقد مستشفى دسوق العام    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاهرة الإدارية.. عاصمة من الرمال

تقطع مسافة 60 كيلو مترا فى طريق القاهرةالسويس الصحراوى، حيث الرمال وأبراج الضغط العالى، حتى تصل إلى المكان الذى قررت له حكومة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، أن يكون عاصمة إدارية جديدة. الأراضى تابعة لهيئة المجتمعات العمرانية تنتظر استقبال آلاف الموظفين من الوزارات المختلفة وملايين المواطنين من القاهرة، فى خطوة قال عنها محلب إنها «استراتيجية» لتخفيف التكدس المرورى فى العاصمة.
الفكرة ذاتها ظهرت للمرة الأولى عام 1976 عندما وضع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات حجر الأساس لعاصمة إدارية بديلة عن القاهرة، ومنحها اسمه «مدينة السادات»، مطالبا نقل الوزارات إلى المدينة الجديدة، بتكلفة بلغت وقتها 25 مليون جنيه مصرى، لكن موظفى أجهزة الدولة رفضوا الانتقال إلى المدينة االجديدة بسبب ضعف الاتصال بينها وبين المدينة الأم، وهو ما عكس ضعفا فى التخطيط للقرار قبل اتخاذه، ولعلاج ذلك تم إلحاق مبانى الوزارات المقترحة بجامعة المنوفية، وانتهت الفكرة بالفشل ولم تحقق أى عائد اقتصادى أو مرورى أو أمنى.
«المصرى اليوم» انتقلت إلى موقع اختيار العاصمة الإدارية الجديدة، التى اقترحتها حكومة محلب، وتحدثت مع عدد من خبراء التخطيط والعمران ومسؤولين حكوميين سابقين ومسؤول حال فى هيئة المجتمعات العمرانية، وخبراء اقتصاديين وسياسيين رفض معظمهم فكرة تأسيس العاصمة الإدارية على الطريق الصحراوى بديلاً عن القاهرة، عدا أحد الخبراء العسكريين الذى ذهب بالرأى إلى أهمية استحداث عاصمة إدارية وأن الأمر لا يتضمن أى تهديدات أمنية أو عسكرية، مقترحا نقل وزارة الدفاع إلى الموقع الجديد.
يرى عبدالمحسن برادة، عميد كلية التخطيط العمرانى السابق، صاحب إحدى الدراسات المتعلقة بنقل العاصمة فى عام 2008، تحت إشراف كلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، أن خطة نقل العاصمة مستبعدة وغير منطقية، لانعدام عائدها المادى، لكن الاقتصار فى الانتقال على المصالح الإدارية فقط من القاهرة لتخفيف الزحام هو الأمر الممكن والمقبول.
ووضع «برادة» عدة شروط يستوجب تنفيذها قبل نقل العاصمة الجديدة، من ضمنها «تأهيل العاملين الذين سيتم نقلهم حتى لا تتكرر أخطاء مدينة السادات عندما رفض الموظفون الانتقال إلى وزارة التعمير بمدينة السادات فتحولت وقتها إلى جامعة المنوفية، بالإضافة إلى توفير شبكة مواصلات جيدة». ويرى «برادة» أن مدة العامين التى أقرها مجلس الوزراء للانتقال إلى مقر العاصمة الجديدة، «غير كاف»، وفضل الإسراع بنقل الوزارات والهيئات التى يتردد عليها الجمهور بكثافة مثل «القومسيون الطبى العام»، ووزارة الصحة بمرافقها ووزارة التربية والتعليم، والتعليم العالى، كما انتهت إليه دراسته، بشرط توفير وسائل مواصلات عامة رخيصة وآدمية. ويعتبر برادة أن الدراسة الثانية التى قامت بها الهيئة العامة للتخطيط العمرانى ليست مناسبة، حيث قامت فيها الدولة بتخصيص 750 ألف فدان على الطريق الدائرى بالقرب من مدينة نصر والمقطم لإقامة مشروع متكامل للوزارات فى ظل ابتعاد المكان عن وسائل المواصلات وخطوط المترو.
الدكتور عبدالعزيز حجازى، رئيس وزراء مصر الأسبق، يصف جميع المشاريع السابقة بتأسيس العاصمة الإدارية الجديدة ب«الفاشلة»، مستشهداً بمصير مدينة السادات، التى رآها فاشلة اقتصادياً وسياسياً، حيث لم تحقق التكلفة المرجوة أو العائد الاقتصادى المتوقع، بسبب عدم رغبة المواطنين بالانتقال لأماكن بعيدة نتيجة لثقافة متجذرة بداخلهم خلافاً للشعوب الأخرى، على حد قوله. يطالب «حجازى» المسؤولين بضرورة إجراء دراسات اقتصادية وسياسية موسعة حول التكلفة المتوقعة والعائد الاقتصادى الذى سيعود على البلاد، بالإضافة إلى أسئلة متعلقة بكيفية نقل الموظفين إلى هذه الأماكن النائية لإنهاء مهامهم.
مصدر داخل هيئة المجتمعات العمرانية، تحفظ على ذكر اسمه ل«المصرى اليوم»، يكشف أن أحدا لا يعرف المساحة الإجمالية للأرض المفترض إقامة العاصمة الإدارية الجديدة لها أو عدد مشروعاتها بطريق السويس الصحراوى، وأن الهيئة بدأت فى إعداد الدراسات اللازمة للموضوع بعد الإعلان عن العاصمة الإدارية الجديدة وجار تحديد الجدول الزمنى المقترح الانتهاء منه.
وحول رفض الحكومة مناقشة موظفيها لأخذ رأيهم فى مغادرة مكاتبهم والانتقال إلى العاصمة الإدارية فى طريق السويس الصحراوى، أوضح المصدر أنه لا يوجد مجال لأخذ رأى الموظفين من عدمه لأنه قرار وزارى على الجميع الالتزام به، مؤكدًا أنه سيتم ربط العاصمة الإدارية الجديدة بشبكة مواصلات على أعلى مستوى وقال: «سيتم ربطها بالمترو وشبكة اتصالات حتى لا يشعر الموظف أو المواطن باختلاف المكان عن القاهرة العاصمة الأولى».
أما محمد حجازى، أستاذ التخطيط العمرانى، فيشير إلى أن قرار تأسيس عاصمة إدارية جديدة كان فى حاجة إلى مزيد من التخطيط وفحص القرارات قبل أن يكون نهائياً، يفاجأ به الشعب بين يوم وليلة على حد قوله. «كان على حكومة محلب أن تلجأ إلى خبراء فى مجال التخطيط والاقتصاد لعدم الوقوع فى أخطاء نظام مبارك، فالحكومة قررت تأسيس عاصمة إدارية جديدة للتخلص من ازدحام القاهرة فى الوقت الذى تناست فيه المواطن البسيط الذى سيضطر إلى دفع مصاريف كثيرة من أجل إنهاء مصالحه فى الوزارات العامة الجديدة».
وينتقد الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، تأسيس عاصمة إدارية جديدة فى هذا التوقيت، نظرا للمشاكل التى يعيشها الاقتصاد المصرى، «نعانى من عجز هائل فى موازنة الدولة سنتغلب عليه خلال الخمس سنوات المقبلة، وفقاً لتصريح سابق لهانى قدرى، وزير المالية الحالى، وهو ما يستوجب عدم الدفع بمليارات الجنيهات فى إنشاء مدينة جديدة لن يكون لها أولوية أو عائد اقتصادى سريع».
يتوقع «السيد»، فى تصريحات ل«المصرى اليوم»، أنه لن يكون هناك مستفيد من إنشاء مدينة إدارية جديدة على طريق السويس الصحراوى فى الوقت الحالى سوى الشركات العقارية التى ستحاول اقتحام مقار الوزرات المهمة فى القاهرة لتحويلها إلى فنادق كما هو الحال فى عدد من الأماكن التراثية بالقاهرة، مشيرا إلى أن القصور الاقتصادى لا يعد العقبة الوحيدة أمام تأسيس هذا المشروع، إنما هناك مخالفات قانوينة ودستورية تتعلق بالمادة 222 من الدستور الحالى تنص على «أن مدينة القاهرة هى عاصمة جمهورية مصر العربية»، وبالتالى فإن نقل جميع المبانى الحيوية إلى المنطقة الجديدة يمثل تأسيساً لعاصمة جديدة، وهو ما يعد مخالفة فى حق الدستور المستفتى عليه من قبل الشعب.
يستعرض السيد الأفكار والرؤى السابقة فى تأسيس عواصم جديدة فى مصر، والتى انتهى مصيرها إلى «فشل اقتصادى كبير»، على حد قوله. «شرع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات فى تنفيذ هذه الفكرة بمدينة السادات، ونقل فعلياً عددا من مقار السفارات ووصلت تكلفتها فى هذا التوقيت إلى 9 مليارات جنيه، بحساب الدولار فى السبعينيات، ولم تؤد المدينة الغرض من إنشائها وأدخلت البلاد فى أزمة اقتصادية، حيث لم تحقق أى عائد منها»، يضيف السيد: «فكرة الانتقال من القاهرة إلى مكان جديد لن يحل مشاكل العاصمة كما يعتقد البعض ولكنه سيضاعف أزماتها نتيجة عدم الاهتمام بها».
وعن المخاطر المرتبطة بالأمن القومى فى حال تأسيس مدينة إدارية جديدة على طريق السويس الصحراوى، يؤكد السيد أن اقتراب العاصمة المقترحة من قناة السويس يزيد من احتمالية تعرضها لمخاطر أمنية، مشيراً إلى سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلية فى نهاية حرب أكتوبر عام 1973 على جزء من طريق القاهرة- السويس الصحراوى، وتخيل وجودها آنذاك فى نفس المكان، كان يعنى سقوط عاصمة الدولة فى يد الاحتلال».
فى مقابل التخوف الأمنى الذى يطرحه السيد، يأتى موقف اللواء محمد على بلال، نائب رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، والخبير العسكرى، الذى يرى أن العاصمة الجديدة لا تشكل أى تهديد للأمن القومى، وأنه مناسب لكافة الجوانب الأمنية والعسكرية، وأن اقتراب الموقع لمحافظة السويس يعطى حصانة عسكرية مطلوبة للمكان الجديد، مطالبًا بتأسيس مبان سكنية ضمن هذا المشروع كتعزيز لها.
بلال يرحب بنقل مقر وزارة الدفاع لتكون ضمن البنية الرئيسية للعاصمة الجديدة، مرجعا ذلك إلى أن الوزارة ليست هى مبنى القيادة العامة، وأنها مكان ادارى يقتصر على استقبال الوفود العسكرية وتنظيم الاجتماعات الإدارية وإنهاء كافة إجراءات ومشاكل العاملين داخلها، بينما مقر القيادة العامة له أماكن خاصة به.
يعتبر نائب رئيس هيئة الأركان السابق أن تأسيس هذه العاصمة فى حال إنجازه سيكون من الإنجازات الكبرى لصالح الحكومة الحالية والرئيس عبدالفتاح السيسى، مطالبا بأن يتم اعتماد وتطبيق سياسات اللامركزية داخل المحافظات، وأن تكون كل محافظة قائمة بذاتها وأن تتولى العاصمة الجديدة التنسيق ومتابعة عمل هذه الأجهزة عبر نظام متطور يتم استحداثه.
الرؤية الاقتصادية يقدمها عمرو إسماعيل، الباحث الاقتصادى بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذى يعتبر أن مصر لديها ميراث طويل من الفشل فى تأسيس المدن الجديدة، يزيد من أعبائها الاقتصادية، مضيفاً أن «ال 50 مليار دولار المعلن عنها كتكلفة تقديرية للمشروع مبلغ شديد الضخامة وسيكون أكبر من العائد المنتظر تحقيقه»، متسائلا عن كيفية تمويل العاصمة الجديدة فى وقت تم تخفيض باب النفقات الاستثمارية فيه بالموازنة المالية إلى نسب منخفضة من حجم الإنفاق الحكومى المحدود أصلا.
يشير الباحث الاقتصادى إلى عدم وجود مخصصات لتكلفة إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة بالموازنة المالية، متوقعاً أن الأموال الخليجية التى ستأتى إلى مصر خلال 4 و5 سنوات من الآن، لن تعوض أعباء الإجراءات التقشفية التى اتخذتها الحكومة بعد رفع الدعم، وإنما سيتم ضخها فى الوزارات التى ستتولى إقامة مشاريع استثمارية كمبنى العاصمة الإدارية. ويطلب إسماعيل أجهزة الدولة بضرورة الكشف عن تفاصيل المشروع بوضوح لجميع المتخصصين، حتى تخضع للدراسة ولا تقتصر المسألة على قرارات صادرة من مجلس الوزراء فى مسائل مهمة كهذه دون إجراء نقاش موسع عن كافة الأمور المتعلقة بها».
بسنت فهمى، أستاذة الاقتصاد بالأكاديمية العربية للعلوم المالية، تطالب بإطلاع جميع الخبراء على تفاصيل تأسيس العاصمة والتكلفة الاقتصادية التى ستعود على الحكومة. والتأكد إذا كان الأمر سيتعلق بتأسيس عاصمة جديدة وهى كلمة «مقلقة»، أم تأسيس عاصمة إدارية جديدة.
توضح فهمى أنه إذا كان الأمر يتعلق بتأسيس منطقة لتقديم خدمات إدارية جديدة فمن الأولى إعطاء كل محافظة مهام وسلطات تكفل لها هذه المهمة، وإذا كان الأمر يتعلق بتأسيس عاصمة جديدة فهذا سيكون مهما شريطة توضيح كافة الأمور المتعلقة بالمشروع من الجانب الاقتصادى والسياسى والاستراتيجى.
بينما يعتبر المهندس حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان الأسبق، أن تأسيس العاصمة الإدارية الجديدة مسألة قديمة منذ فترة السبعينيات، حيث شرعت الحكومة فى تأسيس مبان للوزارات السيادية «الدفاع، الخارجية، والعدل، والمالية»، تمهيداً لنقلها إلى المدينة الجديدة فى ظل استمرار القاهرة العاصمة الأساسية، وجرى فى اختيار المدينة عدد من الاعتبارات منها عدم إرهاق المواطنين والعائد الاقتصادى الذى سيعود على الحكومة مرجعاً عدم استمرار تنفيذ المشروع إلى «تعنت نظام مبارك»، على حد قوله.
واعترض الكفراوى على آليات تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديد الذى ستشرع الحكومة الحالية فى تنفيذه قائلا «لم يتم دراسة المشروعة ولم يراع سوى اعتبارات البيزنس ومصالح الشركات العقارية المملوكة لرجال الأعمال التى ستكون مسؤولة عن التنفيذ وأن هناك مصالح شخصية لعدد من المنتفعين من وراء هذا المشروع يسعون للحصول عليها».
يؤكد الكفراوى أن اختيار الموقع على بعد 60 كيلومتراً من محافظة السويس اختيار «غبى» من حكومة غير مسؤولة وليس له مبررات مقنعة، حيث لم يراع المسافة البعيدة بين المواطنين والعاملين بالهيئات والوزارات، وتساءل الكفراوى عن مصادر تمويل المشروع، فى ظل عجز الموازنة وإجراءات التقشف التى تتبناها الحكومة الحالية رغم إعلانها أن المشروع سيتكلف 50 مليار جنيه من ميزانية الدولة.
العواصم البديلة.. مشكلات مؤجلة
تعد تجربة تأسيس عاصمة جديدة فكرة معتمدة لدى عدد من الدول، التى أدخلتها دائرة التنفيذ تحت دواع اقتصادية وأمنية واستراتيجية استدعتها حكوماتها فى تفنيد الأسباب التى بررت بها الشروع فى التنفيذ والتأسيس لتتحول إلى تجارب على أرض الواقع. «المصرى اليوم» تستعرض أبرز تجربتين لعاصمتين جديدتين فى البرازيل ونيجيريا.
«برازيليا».. أزمات «ريو دى جانيرو» المضاعفة
«الحاجة إلى عاصمة جديدة تقع بمنطقة وسطية وقريبة من جميع المدن والأراضى البرازيلية المترامية الأطراف»، كان هذا مبرراً كافياً استدعته الحكومة البرازيلية لنقل العاصمة من «ريو دى جانيرو» إلى مدينة «برازيليا» والتى تم بناؤها وتصميمها كى تصبح العاصمة الجديدة للبلاد، وقد تم بناؤها بين عامى 1955 و1960، ونقل كافة المبانى الفيدرالية إليها. ولاقت هذه الفكرة معارضة واسعة ما جعل السكان يحجمون عنها ولم يلتحق بها إلا 1% من الموظفين، وفقد أعداد كبيرة من الموظفين وظائفهم، وتسبب نقل العاصمة فى مضاعفة مشاكل مدينة «ريو دى جانيرو» فى إيجاد المساكن للفقراء والتلوث البيئى الكبير.
أبوجا «نيجيريا».. مجمع رئاسى ومحكمة فقط
بدأت الحكومة النيجيرية فى التخطيط لتكون «أبوجا» عاصمة البلاد وهى من المدن الحديثة نسبياً حيث بدأ إنشاؤها فى الثمانينيات وأصبحت عاصمة نيجيريا الرسمية فى 12 ديسمبر 1991 بدلاً من العاصمة القديمة لاجوس، ويوجد بها المجمع الرئاسى المجلس الوطنى والمحكمة العليا ومعظم المدينة لم يتم بناؤها كما هو مخطط بعد والعديد من المبانى لم تكتمل حتى الآن.
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.