بعد أن تم إحراق مبنى الحزب الوطنى فى يوم 28 يناير 2011 والمجاور للمتحف المصرى بدأت وزارة الآثار تطالب بضم المبنى للمتحف ليصبح جزءًا من حديقته بالإضافة لإقامة بعض المشروعات السياحية عليه وتصدت لطلبها هذا وزارة الثقافة عن طريق جهاز التنسيق الحضارى، مؤكدة أن قانون الحفاظ على التراث لايسمح بذلك وبدأت المراسلات بينهما، وكل منهما يثبت أحقيته للمبنى. وكانت المفاجأة أن مجلس الوزراء قرر هدم المبنى وتسليمة للآثار ولم تستسلم وزارة الثقافة وبدأت مرة أخرى فى تقديم ما يثبت أن المبنى لا يمكن هدمه وكل منهما مصر على رأيه، ولم نعرف نحن - ومن حقنا نعرف - سيهدم المبنى أم لا وصباح الخير تقدم كلام وزارة الثقافة وكلام وزارة الآثار والحكم لقرائها من له الأحقية فى المبنى؟!
∎ تقارير وزارة الثقافة
بشأن العقار رقم 1113 شارع كورنيش النيل حى غرب
المعروف بمبنى الحزب الوطنى
تسجيل العقار:
العقار رقم 1113 شارع كورنيش النيل حى غرب القاهرة (ميدان التحرير) المعروف بمبنى الحزب الوطنى الديمقراطى، المبنى مسجل فى قوائم المبانى ذات القيمة المتميزة طبقاً للقانون لقم 441 لسنة 2006 برقم توثيق 03180001204، ومعتمد بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2964 لسنة 2009 وذلك وفق الفقرة الأولى من المادة الثانية والتى نصت على «يحظر الترخيص بالهدم أو الإضافة للمبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز المرتبطة بالتاريخ القومى أو بشخصية تاريخية أو التى تمثل حقبة تاريخية أو التى تعتبر مزاراً سياحياً، وذلك مع عدم الإخلال بما يستحق قانوناً من تعويض».
مقومات التسجيل: المبنى ذو قيمة معمارية وعمرانية ويقع داخل منطقة ذات قيمة متميزة «القاهرة الخديوية» المسجلة ذات قيمة متميزة طبقاً للقانون رقم 119 لسنة 2008 (مرفق استمارة الحصر).
∎ خلفية تاريخية عن المبنى
العقار مبنى على أرض ثكنات الجيش الإنجليزى والتى تم إخلاؤها فى 31 مارس 1947. العقار المشار إليه هو المبنى المنشأ كبلدية القاهرة ولكن الرئيس جمال عبد الناصر اتخذه مقراً للاتحاد الاشتراكى العربى، وكان الدور الثانى عشر مخصصاً كاستراحة خاصة به، ثم إلى محافظة القاهرة، وأخيراً ضم مقر عدة مؤسسات هى: المجالس القومية المتخصصة، والحزب الوطنى والمجلس القومى للمرأة والمجلس الأعلى للصحافة.
وقد صمم المبنى أحد رواد العمارة المصرية فى مطلع القرن العشرين المعمارى «محمود رياض» الذى صمم أيضاً مبنى جامعة الدول العربية .
يتكون المبنى من ثلاث كتل: المبنى الرئيسى «البرج» المكون من دور أرضى وميزانين و 12 طابقا متكررا وبه سلم عند كل جانب من المبنى، ومبنى ملحق مطل على كورنيش النيل وبه قاعة المؤتمرات يحتوى البنك العربى ومدخله من جهة فندق نايل ريتز (هيلتون النيل سابقاً) المجاور، والمبنى الملحق الخلفى القائم فى الفراغ بين مبنى الحزب والمتحف المصرى.. توجد أمام المبنى من ناحية واجهة النيل ساحة كبيرة تستخدم لانتظار السيارات كما يوجد بها منشأ «خفيف من الحديد مغطى بالقماش يبدو كالخيمة».
∎ الوضع القانونى الحالى للمبنى
وفق ما تم إيضاحه فى الفقرة الأولى للتقرير فإن العقار مسجل وفق القانون 144 لسنة 2006 ولم يقدم تظلم عن حصر المبنى ضمن قوائم حصر المبانى ذات الطراز المعمارى المتميز وذلك وفق نص الفقرة الأخيرة من المادة الثانية «ولذوى الشأن التظلم من قرار اللجنة، وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغهم بكتاب موصى عليه بعلم الوصول إلى لجنة تشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء تضم ممثلين للوزارات والجهات المعنية» حيث انقضت مدة الستين يوماً دون تقديم تظلم.. وعلى ضوء ما سبق يصبح حصر العقار حصرا نهائيا ولا يجوز تقديم تظلم بعد انقضاء المدة المنظمة لذلك. كما أنه حتى مع وقوع أضرار فى المبنى فالقانون 144 لسنة 2006 لا يوجب الهدم، وإنما ينص على إجراءات فنية محددة للحفاظ على المبنى المسجل وترميمه.
∎ الرأى الفنى
العقار يشكل مرجعية تاريخية على مستوى الأحداث السياسية وبالأخص بعد ثورة 25 يناير، حيث يمثل جزءا مهما من تاريخ مصر الحديث، كما يمثل جزءا من تاريخ عمران قاهرة الستينيات من القرن العشرين وكناتج من مكتسبات ثورة 23 يوليو 1952، حيث المبنى مقام مكان ثكنات الجيش الإنجليزى، والمبنى يشكل ثروة عقارية مادية يجب الاستفادة منها. وبالتالى فإنه يمكن طرح هذا المبنى للترميم والاستغلال كأحد المشروعات الثقافية أو الاستثمارية أو غيرها. وهذا يعود بعائد على الدولة بينما يمثل هدمه إهدارا لهذه الثروة فضلا عن إهدار التاريخ.
∎ كلام وزارة الآثار
قرر مجلس الوزراء، فى جلسته المنعقدة اليوم الخميس، 31 مارس برئاسة المهندس إبراهيم محلب ضم أرض الحزب الوطنى المنحل إلى المتحف المصرى بميدان التحرير لتدخل فى خطة تطوير المتحف وحديقته المتحفية، صرح بذلك د.محمد ابراهيم وزير الآثار، مشيرا إلى أن القرار يأتى فى إطار حرص الدولة على دعم المتحف وتفعيلاً للمادة 49 من دستور 2014 والذى يلزم الدولة بالحفاظ على الآثار، لافتا إلى أن الأرض سوف تمثل امتدادا لحرم المتحف الذى يعد فى حد ذاته مبنى أثريا.
مثنيا على القرار موجها شكره للحكومة التى تضع الإرث الحضارى المصرى فى مقدمة أولويات اهتماماتها، فى تلك المرحلة الفارقة من تاريخ مصر.
أوضح وزير الآثار أن أرض الحزب الوطنى المحترق بضمها للمتحف تعد إضافة للحديقة المتحفية فى مشروع تطويره الذى سوف ينفذ بما يتلاءم مع أساليب التقنية الحديثة وتكنولوجيا المتاحف، فى إطار منظومة متطورة كما فى المتاحف العالمية كمتحف اللوفر بباريس، وذلك من خلال خطة وزارة الآثار لتطوير المتاحف الحالية فى مصر وتحويلها إلى مؤسسات علمية وثقافية لرفع الوعى الأثرى لدى أبناء الشعب المصرى.. وأعرب أعضاء مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار فى الاجتماع الذى عقد برئاسة د.محمد إبراهيم وزير الآثار، عن خالص تقديرهم لمجلس الوزارء برئاسة المهندس إبراهيم محلب على قرار ضم أرض الحزب الوطنى المنحل ومحيطها إلى أرض المتحف المصرى بالتحرير باعتبارها كانت تابعة للمتحف وتمثل الامتداد الطبيعى لحرمه، وذلك تفعيلا للمادة 49 من الدستور المصرى لسنة 2014 والتى تلزم الدولة بالحفاظ على الآثار.
كما قرر تشكيل لجنة برئاسة د.مصطفى أمين الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ومحمد حمزة عميد كلية الآثار جامعة القاهرة والمهندس صالح لمعى وأحمد شرف رئيس قطاع المتاحف بوزارة الآثار لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية بشأن إخراج مبنى الحزب الوطنى من قائمة المبانى ذات الطراز المعمارى الفريد بعد أن تم ضمها إلى القائمة والتى تتبع جهاز التنسيق الحضارى بالقرار الوزارى رقم 144 لسنة 2006.. أوضح د.إبراهيم أن هذا القرار جاء وفقا لرؤية أعضاء مجلس إدارة عدم توافر الشروط والمعايير التى يضم على أساسها أى مبنى لقائمة المبانى ذات الظرز المعمارية الفريدة، خاصة أن هناك سوابق للجنة التظلمات التابعة لجهاز التنسيق الحضارى تم خلالها حذف مبان كانت مدرجة على قائمة المبانى ذات الظرز الفريدة والتى ربما كانت تحمل عناصر معمارية متميزة بالفعل، فيما لا يحمل مبنى الحزب الوطنى أى معالم تؤهله ليكون من ضمن المبانى المتميزة سواء فى تصاميمه الداخلية أو واجهاته الخارجية.
كما أشار وزير الآثار خلال الاجتماع إلى أن هناك مشروعا معدا لتطوير المتحف المصرى بالتحرير بما يضمن عودة المتحف بمختلف جدرانه وأرضياته الداخلية إلى صورتها الأصلية وإزالة المدخلات التى أضيفت خلال السنوات الماضية الأمر الذى يعود بالمبنى المتحفى إلى حالته الأولى باعتباره مبنى أثرياً فى حد ذاته يستعرض روائع الفنون المصرية القديمة، مضيفا أنه سوف يتم الإبقاء على جزء من مبنى الحزب الوطنى عند هدمه ليكون شاهدا على ثورة 25 يناير وما وقع بها من أحداث، مؤكدا أن ضم أرض الحزب الوطنى للمتحف المصرى يعد خطوة جديدة فى مشروع تطوير المتحف، وخاصة حديقته المتحفية والذى سوف يتم تنفيذه بما يتلاءم مع الأساليب والتقنيات الحديثة وتكنولوجيا المتاحف.
ومازال النقاش والمراسلات مستمرة وتصل لرفع القضايا والسوال هل الحكومة لديها من الأموال التى تهدم وتبنى بها الآن مبنى الحزب أم هناك الكثير من الأولويات فى هذه المرحلة؟!.