نيران الأسعار تشتعل من جديد وسط مواطن حيران وحكومة عاجزة ورقابة غائبة بين فرض تسعيرة إجبارية وتسعيرة استرشادية.. حملات مستمرة بحجة ضبط السوق والتجار وترك حيتان السوق يستمرون فى استخدام ألاعيب للسيطرة على الأسواق وفى النهاية المواطن هو الذى يدفع الثمن، وأخيرا تعديل قوانين التسعيرة وحماية المستهلك كمحاولة لضبط السوق، فقد شهدت الأسواق المصرية حالة من انفلات الأسعار رغم جهود حكومة الببلاوى والعمل على ضبط السوق، إلا أن الأسعار زادت بشكل ملحوظ. مازال ارتفاع الأسعار صداعا مزمنا يؤرق كل بيت مصرى، فطوال الأيام القليلة الماضية زادت أسعار السلع الغذائية بشكل ملحوظ ومن هنا كان ل«صباح الخير» جولة فى الأسواق لترصد مدى الارتفاع الملحوظ فى الأسعار حيث تراوحت أسعار الطماطم بين 2 و3 جنيهات والبطاطس بين 5 و7 جنيهات، والبصل الأحمر بين 3.5 و4 جنيهات، والكوسة من 5 إلى 7 جنيهات، والفاصوليا بين 5 و6 جنيهات ونصف الجنيه، والبامية بين 12 و14 جنيها، والقلقاس بين 4 و4.5 جنيه، والفلفل بين 5 و7 جنيهات والفلفل الألوان من 12 إلى 14 جنيها، أما الخيار فقد وصل إلى 4 جنيهات ويتراوح سعر كيلو الثوم من 15 إلى 18 جنيهًا بعد أن كان سعره لا يتعدى ال 3 جنيهات وارتفع سعر كيلو البامية إلى 12 جنيهًا بدلاً من 9 جنيهات، ووصل كيلو الجزر إلى 6 جنيهات.
أما عن ارتفاع منتجات الألبان فحدث ولا حرج فقد ارتفعت بنسبة 10٪ إلى 14٪، وسجل سعر كيلو الدقيق 4.50 جنيه، السكر 5 جنيهات، زيت القلى العادى من 9 إلى 9.50 جنيه والعباد من 13 إلى 13.25 والذرة 15 جنيها، السمن 25 جنيها، الزبدة المستوردة من 37 إلى 04 جنيهاً ، الأرز يتراوح سعره من 3 إلى 4 جنيهات والمكرونة 4 جنيهات.. وسجلت أسعار منتجات الألبان، كيلو اللبن من 7 إلي7.5جنيه، الجبنة الإسطنبولى من 23 إلى 27 جنيهاً، الجبنة الرومى من 38 إلى 50 والجبنة البراميلى من 23 إلى 26 جنيها..وفى هذا الإطار كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع عدد من أسعار السلع الغذائية المهمة للمستهلكين خاصة الخضراوات.
ارتفع متوسط أسعار الطماطم بنسبة 73٪ فى أغسطس الماضى مقارنة بالشهر السابق عليه وارتفعت أسعار البيض بنحو 7٪ والسمك البلطى 5,5٪، بينما انخفضت أسعار الأرز بنحو 3.8٪.
أشار الجهاز إلى أن الزيادة السنوية لأسعار السمك البلطى بلغت 8.26٪ وبلغت الزيادة فى أسعار البيض 2.13٪ والفلفل الأسود 9.1٪.. ولفت الجهاز إلى ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بنحو 0.1٪ زيادة أسعار الدواجن بنسبة 2.17٪ واللحوم الحمراء بنسبة 4.9٪، كما ارتفعت أسعار الحبوب والخبز بنحو 6.7٪ وارتفاع أسعار المكرونة بنسبة 13.3٪ ودقيق القمح بنسبة 8,2٪ والأرز بنسبة 4.7٪
∎ الحلول!!
وأكد أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية أنه مع الحكومة فى ضرورة خفض أسعار الخضر والفاكهة وغيرهما من السلع لتوفير السلام الاجتماعى، موضحاً أن من أهم أسباب ارتفاع الأسعار هو ارتفاع تكاليف الزراعة، وبعض تجار التجزئة غير المنتسبين للغرف التجارية وهم الباعة الجائلون ويمثلون 60٪ من تجارة التجزئة، مشيراً إلى أنه يتفق فى وضع آلية لضبط منظومة الأسعار لتخفيف العبء عن المواطنين .. ووافق رئيس المجمعات الاستهلاكية على تخفيض هامش الربح من 20٪ إلى 12٪ من أسعار بيع الخضر والفاكهة لمدة 3 شهور قادمة مساهمة فى تخفيض الأسعار.. وأوضح رئيس الاتحاد أحمد الوكيل أن حل أزمة ارتفاع الأسعار قد يتم من خلال التنسيق مع الغرف التجارية فى المحافظات للإفصاح عن متوسطات أسعار الجملة والمستهلك يوميا، إضافة إلى تنمية منظومة التجارة الداخلية وزيادة الكفاءة، مما يؤدى إلى توازن السوق بشكل تلقائى.
وقال الوكيل: تطبيق التسعيرة الجبرية يؤدى إلى انتعاش السوق السوداء والموازية التى ينتفع منها الخارجون عن الإطار الرسمى، إلى جانب عدم قدرة الطاقات الإنتاجية على المنافسة.. ودعا رئيس الاتحاد إلى تنمية منظومة التجارة الداخلية وتحديثها، مقترحا العمل على تطوير سلاسل الإمداد ومنظومة النقل واللوجيستيات المسئولة عن زيادة تكلفة السلع بنسبة كبيرة.. وطالب بإنشاء بورصات سلعية بالمحافظات، تشمل مراكز للفرز والتعبئة والتسعير، لخفض الهالك وتوفير المعلومات وإدراج هذا القطاع فى التجارة المنظمة والخروج به من دائرة العشوائية.
∎ المافيا!!
وقال الخبير الاقتصادى الدكتورسمير رضوان: إن الذى يحكم الأسعار اليوم، مجموعة من مافيا التجار الذين يجيدون احتكار السلع فى مصر، وأضاف إن النظام الحالى عاجز عن ضبط الأسواق، كما أن عدم وجود تشريعات ملزمة للجميع بفرض عقوبات عليهم فى حال زيادة هامش الربح، حيث نرى أن جميع الدول بما فيها الدول الرأسمالية بها قانونان مهمان جدا، هما منع الممارسة الاحتكارية وقانون لتحديد هامش الربح لكن للأسف الشديد لا يوجد فى مصر قانون لهامش الربح، فمثلا كيلو اللبن الذى يباع بتسعة جنيهات، يأخذ فيه التاجر هامش ربح لا يقل عن 82٪، مشيرا إلى أنه عندما انخفض الجنيه أمام الدولار كانت أكثر نسبة انخفاض لا تتعدى من 30 ٪ إلى 32 ٪ فقط، ونتيجة للانفلات الأمنى والانفلات الاقتصادى ولا توجد أسعار ولا توجد رقابة على السوق، زادت جميع الأسعار الموجودة بما لا يقل من 50 ٪ إلى 60٪، كما زادت بعض أسعار السلع المثيلة أو المحلية من قبل التجار عندما وجدوا أن أسعار السلع المستوردة من الخارج زادت، وأوضح جودة أن الشىء الأهم وجود مجموعة من المحتكرين للسلع فى مصر، فعلى سبيل المثال نجد مجموعة من رجال الأعمال يحتكرون تجارة وصناعة الأسمنت رغم أن عددهم لا يتجاوز سبعة أفراد، وهناك مجموعة رجال أعمال يحتكرون استيراد اللحوم ومجموعة لاستيراد مواد البناء ومجموعة لاستيراد السلع الغذائية، لأن قانون الاحتكار والممارسة الاحتكارية غير مفعل فى مصر، ولا يوجد رقيب عليه أما بالنسبة لموارد الطاقة فيوجد بها العديد من المشكلات، المشكلة الأولى أن الحكومة غير قادرة على إدارة الأزمة، والمشكلة الثانية أن الحكومة ليس لديها خطة مستقبلية. وعن المتسبب فى احتكار السوق المصرية أكد رضوان أن الحكومة بالكامل هى السبب لأن الحكومة من المفترض أن تقوم بفرض وتفعيل التشريعات الموجودة عن طريق الرقابة المتمثلة فى وزارات التموين والتجارة والصناعة ومجلس الوزراء ووزارة الداخلية ومنظمات المجتمع المدنى بأكملها أو المسماة بحماية المستهلك وجمعية مواطنون ضد الغلاء، وهى للأسف الشديد غير مفعلة أيضا.
∎ المشاكل!!
وأشارت الدكتورة هالة السعيد- عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة - إلى أن السوق المصرية منذ تفكيك القطاع العام فى عهد السادات سواء عن طريق الخصخصة أو سيطرة الدولة على الإنتاج وعلى التجارة الداخلية وعلى التجارة الخارجية التى تقلصت لصالح القطاع الخاص، ومنذ هذه اللحظة لا توجد بمصر سوق رأسمالية حقيقية قائمة على المنافسة بين أطراف متعددة، هدفها فى النهاية صالح المستهلك، لأن المنافسة فى النظام الرأسمالى عمادها تحقيق صالح المستهلك من خلال تحقيق جودة عالية وسعر ملائم بين متنافسين متعددين، سواء كانوا منتجين أو كانوا موزعين فى علاقات التجارة الداخلية أو مستوردين، مضيفة أن المشكلة تكمن فى أنه ظهرت فى مصر منذ هذه الفترة مجموعة من الاحتكارات تسيطر على قطاعات الإنتاج وتسيطر على التجارة الداخلية وتسيطر على عمليات الاستيراد وهذه الأمور تعمقت بشكل كبير جدا فى ظل النظام البائد، لأن هذه الحلقات الاحتكارية ارتبطت بسلطة الدولة، ومعه تصاعد نفوذ الاحتكار نتيجة أن رأس المال ارتبط بالنفوذ السياسى وارتبط بالسلطة، والمصالح أصبحت متبادلة وأصبحت إدارة النشاط الاقتصادى جزءا يديره مجموعة من رجال الأعمال على السطح ويتشاركون فى المنافع مع كبار المسئولين عن السلطة فى جميع المواقع بما فيهم أبناء المخلوع.
وقالت إنه من خلال هذه الصورة الاحتكارية للنشاط الاقتصادى، أصبحت هناك قدرة فى فترات مستمرة على رفع الأسعار بدون مبررات اقتصادية ترجع إلى التكلفة سواء كانت تكلفة محلية أو تكلفة خارجية نتيجة ارتفاع الأسعار فى دول العالم المختلفة التى تستورد منها مصر احتياجاتها، مؤكدا أن هناك أيضا متغيرات اقتصادية لا يمكن أن نتجاهلها، حيث نجد أن سعر صرف الجنيه تراجع خلال السنوات ال 15 الأخيرة، وأصبح هذا جزءا من التكلفة وجزءا من رفع الأسعار، خاصة أن مصر تعتمد فى غذائها على العالم الخارجى أى ما لا يقل عن 70٪ من الغذاء يتم استيراده من الخارج، فبالتالى ارتفاع أسعار الواردات من السلع الاستراتيجية والحيوية مثل السكر والزيت والشحوم واللحوم والدواجن، حتى الفول والعدس وغيرهما من السلع الأساسية التى تمثل عنصرا رئيسيا فى غذاء المواطن المصرى اليومى، فأصبحت هناك متغيرات ترتبط بسعر صرف الدولار أدت بالقطع إلى تضاعف هذه الأسعار.. وأوضحت أن الدولة غائبة عن دورها فى التنظيم وتوفير الاحتياجات الأساسية وهو يعد أيضا عنصرا ضاغطا من عناصر ارتفاع الأسعار فى المرحلة الأخيرة، مؤكدا أن العملية معقدة ومتشابكة ومتعددة الأطراف.