فقدت الساحة التشكيلية، فنانا يعيش واقع الإنسان المصري ويصوغه برؤيته الخاصة في لوحاته، هو الفنان مصطفي مشعل الذي ولد في 18 فبراير عام 1944 في الغربية، وتخرج في كلية الفنون الجميلة قسم التصوير عام 1967. صور الفنان في أعماله الصراع والحيرة والاضطرابات التي يعاني منها العالم اليوم، وكذلك التناقض ما بين الرجل والمرأة، واهتم باستخدام الرموز في أعماله كالأسهم والمثلثات والدوائر، عبر عن الحالة المصرية برؤية معاصرة، وربما هذا يفسره ما قاله يوما "منذ ولدت وأنا معاناتي الشخصية هي معاناة العالم، وفي أعمالي علي مر السنين حدث نوع من التطور للبحث عن أفضل الطرق للتعبير عن نفسي، وعما حولي، لكن تكاد تكون موضوعاتي واحدة، والاختلاف يأتي في تناولي للموضوع بأساليب مختلفة". يقول عنه الفنان أحمد الجنايني: مصطفي مشعل من الفنانين الجادين، يمتاز بهدوئه التام وابتعاده عن صراعات الحركة التشكيلية، كان مكتفيا بتفاعلاته داخل مرسمه بطنطا، وهو واحد من المؤسسين في حركة التشكيل في محافظة الغربية، كما أنه من الفنانين الذين تركوا بصمة مهمة في لوحة البورتريه مستخدما خامة السوفت باستيل، وكان له نشاطه الدائم من خلال حضوره في فعاليات "قصر ثقافة طنطا" و"نادي التشكيليين" الملحق "بنادي الأدب" في طنطا، كان حريصا علي تقديم اللوحة بمفهومها التقني والإبداعي، شخوصه ناعمة، وفي نفس الوقت صادمة، فهو يجيد فعل إزدواجية الأشكال، خاصة طريقته في تكسير الشكل كأنه يعيد للتكعيبية صياغة جديدة. ويضيف: كان مهتما بالإنسان في أعماله التشكيلية، وهو أولا وأخيرا وقبل كل شيء امتاز بصدقه الكبير في إبداعاته، وصدقه الإنساني في تعاملاته مع الآخرين، واستطيع أن أقول بمنتهي الصدق أنه من الفنانين الجادين المهمين علي الساحة التشكيلية، الذين لم يأخذوا حقهم بما يليق بقامتهم التشكيلية، رحم الله هذا الفنان والصديق العزيز وعوضنا عنه الخير، واتمني أن تهتم وزارة الثقافة بأعماله هذا لأنها بمثابة ثروة إبداعية مهمة يجب الحفاظ عليها. ويقول الناقد محمد كمال: مصطفي مشعل أحد الفنانين المهمين خارج سيطرة العاصمة التاريخية علي الحركة التشكيلية، الذين تم تهميشهم؛ مسئولية تهميشه تقع علي عاتق النقاد الأقزام كما تقع علي عاتق المؤسسة الرسمية، والدليل أنه اختتم حياته بالمهرجان الوحيد الذي رشح إليه وهو "سمبوزيوم الأقصر الدولي الثالث"، ومات بعدها بأيام قليلة، قبل ذلك أظن أنه شارك في دورة من دورات "بينالي الإسكندرية"، والمضحك أنه بعدها بأسابيع قليلة رفضت أعماله من المعرض القومي، وكان ذلك منذ حوالي عشر سنوات. يواصل كمال: أهمية مصطفي مشعل علي المستوي الإبداعي أنه كان يستخدم أشلاء ومقاطع من الجسد الإنساني وبخاصة الأنثوي ويخلطه بشلالات من الضوء المنير غير معلوم المصدر، الذي ينتمي لثقافة الشرق أكثر من الدور الفيزيقي الغربي، وكان ملتحما ببيئته في مدينة طنطا المحاطة بحزام ريفي كبير كأغلب مدن الدلتا؛ مما كان له تأثيره علي طراوة الصورة التي كانت تجمع بين متضادات كثيرة، وهو أحد رسامي البورترية الكبار في تاريخ الحركة التشكيلية المصرية، وفي رأيي أنه لا يقل عن أحمد صبري أو صلاح طاهر وغيرهما، وأنا أطالب الدكتور الصديق أحمد مجاهد بشكل مباشر أن يصدر قرارا فوريا بإطلاق اسم الفنان الكبير مصطفي مشعل علي قاعة الفنون التشكيلية الرئيسية بقصر ثقافة طنطا. يذكر أن الفنان مشعل عمل كمدير عام بقصر ثقافة الغربية، ثم وكيلا للشئون الفنية بنفس القصر، شارك في بينالي الإسكندرية الدولي الحادي والعشرين لدول حوض البحر المتوسط عام 2001، وحصل علي منحة التفرغ من وزارة الثقافة عام 1992 وحتي 1999، كما قام بتجميل المتحف الأثري لآثار النوبة في أسوان.