قبل يومين احتوي وزير الإعلام أزمة إعلانات الوفد التي كادت تتسبب في أزمة انتخابية دون مبرر، حين منع التليفزيون إذاعة حملة إعلانية لحزب الوفد علي شاشته، وهي الأزمة التي أخذت أكبر من حجمها بسبب المعالجة الخاطئة التي تعامل بها رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون أسامة الشيخ مع الموضوع. وقد تابعت تفاصيل هذه الأزمة منذ اللحظة الأولي واستغربت جدا التصريح الرسمي الذي أعلنه الشيخ عبر وكالة أنباء الشرق الأوسط، ونفي فيه منع الإعلانات، واشترط موافقة اللجنة العليا للانتخابات علي المحتوي. وأعتقد أن الشيخ الذي يتمتع بخبرة إعلامية وتليفزيونية كبيرة، ربما يفتقد للخبرة السياسية اللازمة للتعامل مع مثل هذه الأمور، فجاء تصريحه غير منطقي ومنافيا للعقل والمنطق والقانون. ولو كان يتمتع بالخبرة السياسية اللازمة ما أخذت هذه المسألة عدة أيام، بينما كان يمكن احتواؤها بدون مجهود يذكر وبعبارة بسيطة جدا تفيد بأن الحملة الإعلامية لانتخابات مجلس الشعب لم تبدأ بعد، حيث إن القانون يمنح اللجنة العليا للانتخابات حق تحديد مواعيد الدعاية الانتخابية، التي تنطلق بعد فتح باب الترشيح الذي لم يفتح بعد. أما قول الوفد بأن الوطني يذيع إعلانات علي شاشة التليفزيون فهو أيضا مردود عليه، لأن إعلانات الوطني خلال الأيام الماضية كانت خاصة بالانتخابات الداخلية في الحزب ولا علاقة لها بانتخابات مجلس الشعب، وبالتالي لم يحصل الوطني علي ميزة إعلانية حرمت منها الأحزاب الأخري. وحسنا فعل وزير الإعلام أنس الفقي حين اجتمع مع منير فخري عبد النور ومحمد مصطفي شردي ممثلين عن حزب الوفد وخلال الاجتماع وبعد مراجعة تقرير اللجنة العليا لمتابعة الأداء الإعلامي في الانتخابات.. اتضح وجود إعلانين عامين للحزب يمكن إذاعتهما، وإعلانين خاصين بالانتخابات تم تأجيلهما لحين فتح باب الدعاية الرسمية. ولعل هذه الأزمة التي كادت تكبر وتصبح مثل كرة الثلج تكون درسا مهما للعاملين في الشأن العام، بعدم استسهال الكلام، والرجوع إلي البيانات، ودراسة القوانين قبل إطلاق التصريحات، لأن معظم النار من مستصغر الشرر، وبعض الكلام غير المسئول قد يؤدي إلي أزمات عنيفة تكلف الأوطان أثمانا بالغة، ونحن في مصر علي وجه الخصوص نعاني من حالة انفلات كلامي من كل الأطراف، لا تعتمد علي الوقائع بقدر ما تقوم في الغالب الأعم علي الكلام المرسل غير المدقق.. أو كما يقول اللبنانيون "طق حنك".