ما بين مؤيد ومعارض يلتف خبراء الاقتصاد حول استمرار الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما التابعة لوزارة الاستثمار طرح بعض أفرع الشركات التجارية التابعة لها في المحافظات للانتفاع. البعض اعتبر ذلك وسيلة تزيد العجز في ميزان المدفوعات بالدولة وتضر بالصناعة المحلية نتيجة استيراد سلع ومنتجات تعرض في تلك الفروع بدلاً من عرض الصناعة الوطنية فقط إضافة إلي احتمال تسريح العمالة.. وهو ما نفته الشركة القابضة مؤكدة علي احتفاظها بالعمالة وأن الأفرع المطروحة للانتفاع هي التي تسبب خسائر كبيرة للشركة.. روزاليوسف تنقل الآراء المختلفة في السطور التالية: عجز جديد يضاف إلي ميزان المدفوعات نتيجة زيادة استيراد السلع والبضائع من الخارج من أجل عرضها في الأفرع المطروحة للانتفاع من شركات صيدناوي وبيع المصنوعات وبيوت الأزياء الراقية والأزياء الحديثة، هذه النتيجة يراها الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي والعميد الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية طبيعية - خاصة أن تلك الشركات كانت بمثابة المنفذ المستمر لبيع المنتجات الوطنية، وكان تفسير العميد السابق لأكاديمية السادات نابعا من كون أن القائم بشغل الأفرع بحق الانتفاع مستثمر يهدف في النهاية إلي الربح، وحيث سيكون الاستيراد أحد طرق توفير وتحقيق هذا الربح نظرًا لجودة السلع المستوردة مع انخفاض أسعار غالبيتها عن المنتج المحلي. ويعتبر أن الأمر ذاته هو أحد أهم مقومات لجوء المستثمر إلي الانتفاع بتلك الأفرع رغم خسارتها الكبيرة التي تسببها للشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما التي تديرها بقوانين الاستثمار... حيث يأتي الاستيراد كأحد عناصر التطوير والتجديد للمنتجات المعروضة والسياسة الإدارية الجديدة التي ستتبع لمواصلة أنشطة تلك الشركات العامة. ويستطرد عبدالعظيم موضحًا أن المنتج الأجنبي سوف يربح المنافسة في حالة الوقوف وجها لوجه أمام المنتج المصري المعروض في فروع تلك الشركات الأمر الذي يثير بدوره بعض النتائج والآثار المحتملة والمتمثلة في تعثر بعض المشروعات نتيجة قلة استهلاك المنتج المحلي، كذا اضطرار بعض المصانع الوطنية إلي تقليل عمالتها مما ضيف عبئًا جديدًا علي الدولة هي في غني عنه، وينأي بها عن التفكير في مصيرها من تحويلها إلي المعاش المبكر أو نقلها إلي منشآت أخري تابعة للدولة، وذلك رغم إدراك المسئولين لخطورة ذلك حيث سيتحولون إلي طاقة مهدرة أو بطالة مقنعة. ويوصف الخبير الاقتصادي الدور الذي تقوم به تلك الشركات العامة وأفرعها في القاهرة والمحافظات تجاه المواطن المصري محدود الدخل بالدور الهام حيث توفر له المنتج بأسعار مناسبة الأمر الذي قد يتغير في حالة تغيير الإدارة من الحكومة إلي المستثمرين. وتبلغ تقديراته لحجم الأصول العقارية لأفرع صيدناوي 750 مليون دولار في حين يربو ثمن البضائع والسلع الموجودة بها علي نصف مليار جنيه. ونظرًا لأن دول العالم المتقدم تعمل بنظام حق الانتفاع منذ عشرات السنين لشركات قطاع الأعمال العام بها حيث تطرحها للمستثمرين، فإن السياسة التي تنتهجها وزارة الاستثمار المصرية من خلال طرحها لبعض الأفرع الخاسرة بالشركات التابعة لها هي سياسة صائبة في نظر الدكتور سامي السيد أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة - نظرًا لأن ذلك سوف ينأي بالدولة عن تحمل أعباء مالية أخري بل وسيوفر لها موردًا ماليًا مستمرًا دون أن يحملها أية نفقات ويحتفظ لها بملكية تلك المنشآت أو الأفرع حيث سيكون من حقها التصرف فيها بالبيع أو الشراء في أي وقت. وفي الوقت ذاته فإن المستثمر أو المنتفع يفكر ويدرس جميع الطرق التي توصله إلي تحقيق أقصي انتفاع واستفادة ممكنة، وفي ظل ذلك يجب علي وزارة الاستثمار توفير ما يضمن إلزام المنتفعين بمراعاة حقوق العمال وعدم الإضرار بهم لأن المستثمر يلجأ دائمًا إلي تخفيض العمالة في منشأة القطاع العام التي تئول له إدارتها من خلال بيعها أو العمل بنظام الانتفاع بها، وهذا في إطار الواجب الاجتماعي للدولة نحو العمال. ورغم الميزات التي يؤكد عليها الدكتور سامي السيد إلا أنه يحذر من احتمال انخفاض بعض المزايا التي تقدمها أفرع تلك الشركات العامة حاليًا في حالة تبعيتها للمستثمرين وذلك من خلال عدم تشغيلها لعمالة إضافية أو بيع المنتجات بأسعار أعلي مما كانت تباع به سابقًا. المبدأ الاقتصادي المعروف الذي ينص علي أن كل نشاط تجاري لابد بالضرورة وأن يلبي حاجة المستهلك مفتقد تنفيذه علي الوجه الأكمل في حالة شركات صيدناوي وبيع المصنوعات وبيوت الأزياء الراقية الحديثة بسبب عدم تطويرها ونزيف الخسائر المتواصل لعدد كبير من أفرعها بسبب عدم تطويرها. ويري الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن ذلك يعتبر نتاجًا طبيعيًا لشركات قطاع الأعمال العام التي ترتبط دائمًا بميزانيات الدولة والإمكانيات المتاحة للتطوير والتحديث، ولذلك فهي لا يمكنها المنافسة بأي شكل من الأشكال مع المولات والأسواق التجارية الخاصة الكبري والتي تعرض نفس السلع التي تبيعها مع الوضع في الاعتبار فارق السعر والجودة بين هذا وذاك. ولذلك فإنه من الأفضل تأسيس كيانات اقتصادية كبري يمكن إدارتها بشكل حديث وتطويرها بحيث يمكنها المنافسة وبقوة بدلا من إهدار ملايين الجنيهات علي كيانات اقتصادية قديمة، يرتكز الإهمال في أركانها بحجة التطوير والتحديث، وهي نتيجة تراكمات موجودة منذ عشرات السنين. وفي ذات السياق تواصل الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما طرح عدد من أفرعها المؤجرة وغير المستغلة من قبل شركات التجارة الداخلية التابعة لها - الشركات السابق ذكرها - للاستغلال بحق الانتفاع - حسب مصدر مسئول بالشركة طلب عدم نشر اسمه. ويأتي ذلك في إطار سعي الشركة لإحلال وتجديد فروعها من خلال خطة مدروسة لطرح الأفرع التي تمثل عبئًا كبيرًا عليها نتيجة خسائرها المتكررة حسب المصدر وعدم تحقيق أية أرباح بل وعجزها التام عن تغطية النفقات أو الإيجارات التي تدفع لها سنويًا. وفيما يتعلق بالعمالة الموجودة بتلك الأفرع يؤكد المصدر علي أن غالبيتها غير مستغل ولا توجد به عمالة، وفي حالة وجودها سيتم توزيعها علي باقي الأفرع التابعة للشركة في المنطقة نفسها لعدم الإضرار بحقوق العمال.