بعد معركة انتخابية اتسمت بالقوة علي مقعد رئيس اتحاد الناشرين المصريين، فاز الناشر محمد رشاد بالمنصب، واستهل مهام منصبه الجديد بعدد من التصريحات والقرارات الجريئة، التي تعطي الأمل في تفعيل دور الاتحاد، لينفض الغبار عن هذه المؤسسة المهمة، التي يمكن اعتبارها واحدة من أهم خطوط دفاع الثقافة والفكر بالمجتمع، كان من المهم مناقشة رشاد في الكثير من الأحداث، لنتعرف أكثر علي فلسفته ورؤيته وخططه للاتحاد في المرحلة المقبلة.. فكان هذا الحوار: رغم أنك أحد مؤسسي اتحاد الناشرين، لماذا تأخر قرار خوض الانتخابات علي رئاسته؟ - بالفعل شاركت في تأسس الاتحاد عام 1989، وبدأت كعضو ثم تدرجت إلي أن وصلت حتي نائب الرئيس لعدة دورات، وبعدها تركت الاتحاد بعد أن شعرت بأنني أديت واجبي تجاه مهنتي التي أعتز بها جدا، لكن ظلت علاقتي به ممتدة، كذلك كان الحال بالنسبة لاتحاد الناشرين العرب، الذي كنت امينه العام المساعد، ومؤخرا بدأ زملائي بمطالبتي بضرورة وجودي بالجمعية العمومية، خاصة أن المهندس إبراهيم المعلم رئيس الاتحاد وأحد مؤسسيه أعلن أنه لن يرشح نفسه هذه الدورة، مما دعا بعض الزملاء بطلب ترشيحي، وهو ما أعتز به بشدة. كلنا تابع أحداث وكواليس الانتخابات فهل توقعت أن تكون المعركة قوية؟ - أولا أنا لم أدخل في أية معارك انتخابية، لما أحظي به من ميزة أن ترشيحي جاء نزولا علي رغبة ومطلب غالبية الزملاء، باختلاف توجهاتهم أفكارهم، لكن ما أساءني حقا، ذلك الترصد بين بعض أعضاء الجمعية وبعض أعضاء مجلس الإدارة، هو الظاهرة غير المسبوقة في انتخابات الاتحاد، وهو ما اعتبرته ظاهرة صحية من حيث المنافسة لصالح الاتحاد، وتوقعت النوايا الحسنة، لكن بعض التصرفات اعترضت عليها تماما وحاولت خلق جو من التسامح فيما بين الأعضاء وبعضهم ونتجاوز هذا الموقف. ما أكثر السلبيات التي ترتب لتجاوزها أو إصلاحها في اتحاد الناشرين المصريين؟ - أولا ما حدث في الجمعية العمومية كان سببه الأساسي هو التوكيلات بالانتخاب، مما أدي إلي نوع من التحزب وإيجاد فئات معينة ليست علي المستوي بالانتخابات، أيضا اللجوء لشراء الأصوات وهو سلوك يسيئ للاتحاد، لذا سنجتمع لمناقشة إلغاء مبدأ التوكيلات، فالحريص علي مهنته ووجوده يجب عليه الحضور والتواجد ومتابعة الأحداث. ثانيا لوحظ في السنوات الأخيرة فوضي في دور النشر الجديدة غير المسجلة بالاتحاد، مما أدي للعديد من المشاكل بين تلك الدور والمؤلفين، مثل الاعتداء علي حقوق المؤلف، مما أدي إلي الوصول إلي ساحات القضاء في بعض الأحيان، ومن ثمة عدت إلي المادة 5 لسنة 1965 القانون، التي تنص علي أنه لا يجوز ممارسة النشر إلا المسجل في اتحاد الناشرين، ويستثني من ذلك المؤلف وورثته والناشر المتوفي، الذي لم يوف بالتزاماته والذي يقوم به ورثته، والمخالف تكون عقوبته ثلاثة أشهر حبسا و100 جنيه غرامة ومصادرة المطبوعات، وهو حكم وجوبي، وعليه سأقوم بتطبيق هذا القانون، لأنه لا يجوز أن يكون هناك تجمع مهني ولا أنتمي إليه، لأنه في حالة حدوث مشكلة، الإعلام وكافة الجهات تهاجم الاتحاد، وتلومه علي عدم التصرف، متجاهلين أنني كاتحاد لا أستطيع القيام بهذا الدور، لأن هذا الناشر ببساطة غير مسجل بالاتحاد! وسأعطي مهلة أربعة أشهر لغير المسجلين لتوفيق أوضاعهم، بحيث يكون هناك تواصل ما بين الاتحاد والناشرين، وهو الوضع الأفضل للحفاظ علي الحقوق، خاصة التزوير والملكية الفكرية، كذلك مشكلة الإنترنت، وهي مشكلة كبيرة من وجهة نظري، والتي لا يعلم المتسببون فيها حجم المشكلة الاقتصادية التي تلحق بالدار والمؤلف، وهو ما أسعي لحله والقضاء عليه. هل تري أن قانون النشر الحالي يكفي لضبط العملية أم يحتاج لتعديل؟ - هناك خطوات من المفترض أن تتبع لإنشاء دار النشر، وهي متبعة بالفعل بالخارج، ومنها قبل مرحلة السجل التجاري، تأتي مرحلة التصريح من الاتحاد بالنشاط ويكون بشرط أن يكون من المشتغلين في المجال، فنكون علي دراية بمهنيته وسلوكه، وهناك شروط أخري علي من هم خارج الوسط مثل أن يكون ذا مؤهل عال ويزكيه عدد من أعضاء مجلس الإدارة ولديه رأس مال وغيرها من الشروط، لهذا وضعت علي مقدمة مهامي تعديل قانون النشر الصادر عام 1965، لأنه من المهم جدا شرعية الدار، والأهم أن يكون لدي قاعدة بيانات بكل الدور، وعدد الكتب التي يتم نشرها، توجهات المجتمع في القراءة وغيرها، مما يفيد العملية الثقافية والاجتماعية. بالنسبة لحقوق الملكية الفكرية هل تري أن الحل هو استصدار فتوي بتحريم تحميل الكتاب من الإنترنت كما طالبت؟ بالتأكيد معروف أن السرقة حرام وفي كل الأديان، منطق إشاعة الكتاب علي الإنترنت هي خسارة فادحة للناشر وللمؤلف، فأولا مبيعاتي ستتأثر، ولكن في النهاية أنا منشأة تجارية فمن السهل جدا أن أغير نشاطي التجاري، ولكن مشكلة المؤلف عويصة، فحين لا يحقق مكاسب من مهنته كمؤلف، ما هو البديل؟! لا شيء لأنه لا يجيد سوي أن يؤلف! مما يعني تخلف أمة بأكملها في غياب الثقافة والفكر، لذلك فمن المهم حماية المؤلف لأحمي المجتمع. ما استوقفني في هذا الطلب هو اللجوء للدين وليس للقانون؟! - القانون موجود. لماذا لم يُفَعّل؟! - غير مُفَعَّل..ولكن قبل أن نسن القانون أو نفعله، يجب أن يكون هناك ترسيخ لثقافة حقوق الملكية الفكرية لدي المجتمع العربي، والتأكيد علي أن الاعتداء عليها هو سرقة سرقة ...سرقة... فالمؤتمرات وندوات التوعية لم تفلح، لذا يجب علي الإعلام أن يدعمنا في هذا، لذا كان من المهم أن نرسخ للوازع الديني والنفسي للحفاظ علي حقوق الملكية، فأنا لم أذهب للدين من فراغ إنما من باب التدعيم، ولقد توجهت للمفتي والكنيسة...أعود وأؤكد أن هدفي ترسيخ ثقافة الحفاظ علي الملكية الفكرية. ولكن قد يكون فكرة إتاحة الكتاب علي الإنترنت مفيدة للكتب القديمة التي نفدت طباعتها؟ - بالنسبة لي كاتحاد لسنا ضد التكنولوجيا لأنها موجودة ومتحققة، ولكن يجب أن يكون بمقابل، بالنسبة لما نفد طبعه أصبح من السهل الآن طبعه عندي كدار نشر، ومن الممكن أن يتم تنزيل الكتاب كملف pdf ولكن بمقابل مادي وهذا من حقي. هل سيكون للاتحاد دور في تنظيم العلاقة بين دور النشر ومعارض الكتب بالخارج؟ - الهدف مني كاتحاد تنظيم عملية النشر، من خلال انضمام الناشرين للاتحاد، أيضا في السنوات الأخيرة أصبح الاتصال من خلال الاتحاد، بمعني أنها ترسل الترشيحات بالأسماء، ولكن يحدث نوعا من التسرب لمن هم غير المسجلين، الذين يتسببون في المشاكل التي حدثت في الفترة الأخيرة، وقد حدثت مفاوضات وانتهينا إلي أن يرشح المعرض الأسماء المشاركة سنويا، ويرسلها لنا، ونحن في حال وجود دار نشر جديدة نرشحها لهم، وبموافقة الجانبين يبدأ التعامل والعرض بالخارج. والجديد أيضا أن معرض القاهرة المقبل الذي سيقام بقاعة المؤتمرات، وهو أصغر من حيث المساحة عن المعرض القديم، سيكون مهنيا، بمعني أنه لن يتم عرض سوي الكتب، ولن تشارك سوي الدور المسجلة بالاتحاد فقط. ما رأيك في موضة طبع المدونات الإليكترونية في كتب تكاد تخلو من مضمون، ووصفها بالأدب الساخر، وكذلك حفلات التوقع؟ - طبعا هناك فرق بين الأدب الساخر وبين المدونات، ولا يجب الجزم بأن كل الناتج عن المدونات ليس ذا قيمة، لكنها ظاهرة وستنتهي قريبا، لأنها لن تستطيع الصمود كثيرا، لأنه لن يبقي سوي الكاتب الحقيقي، فأنا لازلت أبيع كتب يوسف عوف الذي توفي منذ ما يقرب من عشر سنوات. ما خطتك كناشر وكاتحاد الناشرين لفكرة النشر الإليكتروني؟ - النشر هو نشر المحتوي، بغض النظر عن الوسيلة التي ينتقل بها، النشر الإليكتروني هو أحد هذه الوسائل، التي يجب أن توجد بالتوازي مع النشر الورقي التقليدي، ويجب أن يتطور ليصل لنشر الموسوعات والمعاجم والقواميس، وأرجو أن تقرأ الناس. هل أنت متفائل أن نكون مجتمعا قارئا؟ - أنا متفائل، لأن لو استمررنا كمجتمع كامل وانتبهنا لتدعيم مشروع القراءة للجميع، هذا المشروع القومي الضخم، سنخلق مجتمعا قارئا ومثقفا.