رغم أن أقل من 13 يوما تفصل بيننا وبين الموعد المقرر لاحتفالية المجلس الأعلي للثقافة بذكري المناضل الراحل شهدي عطية، نظم المجلس مؤخرا حفل توقيع مميزًا لروايته "أم الحسيني"، تكريما للراحل وتأكيدا علي مكانته وقيمته، حضره كل من الكاتب والمفكر فخري لبيب، والناقد الدكتور محمد عمر، والابنة حنان شهدي عطية، وأدار اللقاء الشاعر شعبان يوسف. حنان التي تعيش منذ أكثر من 10 سنوات في موسكو، أتت خصيصا من أجل حفل توقيع رواية والدها وقالت: حين توفي أبي، كان عمري عامين، لذا أتذكره عبر كلمات أمي وعماتي، وقد فاجأني اهتمام الناس بأبي، الذي لم أكن أعرف أنه كتب هذا الكتاب؛ فحين توفيت أمي دخلت إلي الغرفة المغلقة التي لم أدخلها من قبل فإذا بي أكتشف ورق أبي، ومخطوطاته بما فيها "أم الحسيني"، و"ماذا تريد أمريكا من الشرق الأوسط"، ولكني كنت قد قررت السفر، وخشيت علي الأوراق الزمن، لذا توجهت بها للدكتور رفعت السعيد، أودعتها عنده، ولكني فوجئت به وقد أرسله إلي أمستردام، كنت أود أن يكون في بيت يصونه، ولكنه الآن في بلد يعد مركزا للتوثيق. من جانبه أوضح شعبان يوسف أن السعيد أخبره أنه أرسلها إلي أمستردام خوفا عليها، وقال: للأسف لن نستطيع استرداد الورق من أمستردام، وإنما نسخا منه، لذا أطالب بالنظر بجدية في مسألة استعادة أوراق شهدي عطية، وأرشيف الحركة الشيوعية من أمستردام، والحق أن هناك مجهودات مبذولة في هذا السياق، إلا أن هناك فوضي حقيقية في التوثيق في مصر، فحين ذهبت إلي دار الكتب لم أجد أعدادا متوافرة من صحيفة "المساء"، فاضطررت للذهاب إلي الصحيفة نفسها، والأمر يتكرر كلما ذهبت للدار حيث يقال لي أن الوثيقة المطلوبة إما غير موجودة أو في الترميم..! وأكمل: الرواية نشرت لأول مرة بالكامل في جريدة "المساء" دون توقيع اسمه، ولكنها لم تكن البداية الأدبية لشهدي، وإنما كانت في "الرسالة" عام 1933، حينها نشر بحثا عميقا عن تولستوي بينما عمره لم يكن تعدي ال22 عاما، أعقبه ببحث آخر عن ه. ويلز، وهي الكتابات التي دلت علي نبوغ مبكر، ومعرفة عميقة باللغة الإنجليزية، وفي عام 1936، نشر قصتي"الجمال الرخيص، ومن الجامعة إلي الوظيفة" قدمهما بلغة عربية راقية ورصينة في وقت لم تكن قد برزت لديه بعد أية ملامح سياسية. وردا علي تشكيك البعض في أن رواية "أم الحسيني" ليست من أعمال الراحل قال: ليس هناك شك في أن شهدي هو من كتب رواية أم الحسيني، لقد أكد الباحث الهولندي الذي أطلع علي وثائقه ذلك، وهو ما أكده أحمد القصير رئيس جمعية أصدقاء شهدي عطية الذي قال بدوره: الموضوع موثق ولا يحتاج للنظر في كتب. الدكتور فخري لبيب، أكد أن السياسي قتل الأديب داخل شهدي عطية، وقال: كثير من اليساريين كانت لديهم موهبة مميزة، شغلتهم عنها السياسة، وكأن الأدب سيثنيهم عن دورهم، ولكنهم حين كانوا يدخلون السجن كنا نكتشف فيهم روائيين ومترجمين ومبدعين، ولكن للأسف السياسة حرمت الحركة الأدبية المصرية من كثير من المبدعين الكبار.