لم أكن أتوقع أن تثير قصة العصفور والوردة هذا الكم الهائل من التعليقات وردود الأفعال.. وعلي مدي يومين استطاع العصفور والوردة بطلا القصة حصد الاهتمام والتعاطف أو اللوم من جانب الشباب.. والقصة تتناول العصفور الذي أحب وردة بيضاء ولكنها لم تبادله الحب وفي محاولة لإبعاده عنها قالت له إنها قد تحبه إذا تحولت إلي وردة حمراء.. فقطع هو جناحه ليسيل دمه علي الوردة وتصبح حمراء.. وبالطبع مات العصفور.. وانتهت القصة. ومن التعليقات التي تدافع عن العصفور برومانسية هائلة: (العصفور لم يخطئ.. هو أصلا كان مجروحا لأن التي أحبها لا تحبه.. مهما جرح نفسه لن يشعر بالجرح لأن جرح القلب أصعب بكثير من الجروح التي من الممكن شفاؤها.. الحب لا يمكن توجيهه.. هو لم يخطئ حين أحب الوردة جدا جدا.. الحب تضحية والذي لا يعرف التضحية لا يعرف الحب). والحقيقة أنني أتفق وأختلف مع الكثير مما عرضته من آراء بالأمس واليوم.. أعتقد أن العصفور كان ينبغي أن يحب عصفورة وليس وردة.. وإذا لم يكن الحب اختياراً ينبغي أن يكون الخروج منه قراراً.. بمعني أنه إذا كان العصفور قد أحب الوردة دون أن يختار هذا الحب أو يوجه مشاعره بإرادته، ينبغي أن يقرر الكف عن إعلان حبه حينما يعلم أن الوردة لا تبادله هذا الحب.. ولكنه لم يفهم رسالتها الدبلوماسية التي كان معناها: إذا حدث المستحيل وتغير لوني سأحبك.. وكان المفروض أن تقول له حين أصبح عصفورة سأحبك! أما هو فقد اعتقد أن جرح نفسه سيقنعها بحبه ويغير لونها. وهذا خطأ كبير جدا جدا.. فهذه ليست تضحية ولا داعي لها والنتيجة أنه فقد الوردة وفقد حياته. وأذكّر الذين ينظرون للأمر من وجهة نظر العصفور وحده أنهم ينسون أن للوردة مشاعر أيضا.. وأنها ليست مخطئة حين لا تستطيع أن توجه مشاعرها نحو العصفور بإرادتها لأنها ببساطة: لم تحبه.. لماذا يجدون العذر له ولا يجدون العذر لها؟ وبالنسبة لأن الحب تضحية، نعم هو تضحية ولكن يجب أن تكون متبادلة، كما ينبغي أن يكون الحب متبادلا أيضا. أما بالنسبة للصداقة فقد قال أحد الحكماء: (غبية هي المرأة التي تعتقد أن الرجل الذي أحبها يستطيع أن يتحول ليصبح صديقا).. وهذا صحيح؛ لأن الصداقة كالأخوّة ولا تنقلب الأخوة إلي حب من هذا النوع، أو ينقلب هذا النوع من الحب إلي أخوة أبدا.. المحبة أنواع ولكل نوع أطراف مختلفة عن النوع الآخر.. وشروط المحبة الإنسانية العامة التي تقبل العصفور والوردة وكل المختلفين وتحترمهم وتقدرهم لا تنطبق علي الحب بين العصفور والوردة. إذا وجدت نفسك عصفورا تحب ولا تجد حبا مقابلا فلا تجرح نفسك، واحترم مشاعر الطرف الآخر واحفظ مشاعرك وابتعد.. حتي إذا بقي بعض من حبك فاحفظه للعصفورة التي ستقدم لك حبا مثله.. أما إذا وجدت نفسك وردة فأنت في موقف لا تحسد عليه.. إياك أن تفرح بأنك محبوب إذا كنت لا تستطيع تقديم الحب لمن يحبك.. واحذر لأن كلماتك قد تؤثر في حياة الآخر.. كن صريحا ولا تكن جارحا وابتعد في هدوء.