طالما كان الفن أداة للوطن في التعبير عنه وعن كفاحه وعن انتصاراته وأيضاً عن كبواته!! فهذه الأداة المعبرة بصدق عن حال الوطن في كل الحقبات الزمنية والفن هنا ليس محدداً بالأغنية الوطنية ولكن أيضاً بالفيلم وبالشعر والأدب واللوحة الفنية. ولعل أشهر اللوحات الفنية المعبرة عن مرحلة سياسية في العالم هي (لاجرونيكا)، لبابلو بيكاسو والتي رسمها إبان الحرب العالمية الثانية والحرب الأهلية في أسبانيا والتي تحتفظ بالنسخة الأصلية إحدي قاعات الأممالمتحدة بنيويورك، ولعلنا في مصر عاصرنا تلك الأفلام المعبرة عن رفض شعب مصر للاحتلال الأجنبي ولفساد الحياة السياسية المصرية ولعلنا جميعاً نذكر فيلم "القاهرة 30" "شيء في صدري"، "في بيتنا رجل"، "السمان والخريف"، "دردشة علي النيل " وغيرها من كلاسيكيات السينما المصرية (الأبيض والأسود). قصص كثيرة وضعها أدباؤنا وكتابنا الكبار عن الحركة الوطنية في مصر، وقام عليها إخراجاً وتمثيلاً أساتذة كبار لا يمكن أن ننساهم "عماد حمدي، حسين رياض، عمر الشريف، رشدي أباظة، فردوس محمد، سعاد حسني، زبيدة ثروت " وغيرهم من أبطال للفن السابع بكل عناصره . كما أن الأغنية المصرية قد احتلت الجانب الأكبر في التعبير عن الحياة السياسية المصرية ولعل أكبر المشروعات الهندسية القديمة التي نالت قسطاً عظيماً من الفن هو ذلك المشروع العظيم (السد العالي) الذي تغني به شعراء وأدباء مصر ولحن كلماتهم كبار ملحنينا وشدا بها أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ والذي يعتبر هو مغني الثورة المصرية بل وصل إلي أن أطلق عليه بأنه مؤرخ الحقبات الزمنية للثورة منذ قيامها عام 1952 وحتي وفاته (رحمة الله عليه رحمة واسعة) . لقد استطاع الفن المصري سواء في السينما أو المسرح أو في الأغنية أو حتي الفن التشكيلي رغم تواضعه في التعبير عن الحركة الثورية في مصر وإلغاء الملكية والمجيء بالنظام الجمهوري علي أيادي "محمد نجيب، وجمال عبد الناصر وزملائه". ولقد شهدت مصر في أحداثها العظمي تشابكا رائعا بين الفن وتلك الأحداث ولعل محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في المنشية بالإسكندرية علي أيدي بعض شباب الإخوان المسلمين وغناء أم كلثوم بعد نجاته "أجمل أعيادنا المصرية بنجاتك يوم المنشية ".. كما أن حب المصريين لجمال عبد الناصر حينما غني "حليم" ياجمال ياحبيب الملايين، ماشيين في طريقك مش راجعين ياجمال يا حبيب الملايين . ولا ننسي أبداً حينما اعتدت ثلاث دول علي مصر في أكتوبر عام 1956 وجلاءها في ديسمبر 1956 واندفاع الفن المصري من خلال الإذاعة المصرية كشلالات من الحس الوطني وبعدها وفي نكسة 1967 لا يمكن أن ننسي حزن الفن المصري في أغنية "عدي النهار والمغربية جاية تتخفي وراء ظهر الشجر وعشان نتوه في السكة شالت من ليالينا القمر " "الأبنودي وعبد الحليم حافظ والموجي ". وفي أكتوبر 1973 وفي فرحة المصريين بالانتصار ورد الكرامة المصرية والعربية جاءت أجمل الأغاني "عاش اللي قال للرجال عدوا القنال، عاش " رحم الله الجميع، وعاشت مصر عظيمة وحرة.