الصحة: 13.2 مليار جنيه لعلاج 1.8 مليون مواطن على نفقة الدولة خلال 6 أشهر    «التخطيط العمراني» تفوز بالمركز الأول في مسابقة أفضل كلية صديقة للبيئة بجامعة القاهرة    محافظ أسيوط يستقبل وزير الري ويتفقدان مشروع قناطر ديروط الجديدة    محافظ أسوان: حلول فورية لمشكلة ضعف مياه الشرب في دراو وعمارات الصداقة الجديدة    المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط يزعم: لا توجد مجاعة في غزة    صحة غزة: 98 شهيدا و1079 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 24 ساعة    "الخارجية الفلسطينية" تدين الدعوات التحريضية لاقتحام المسجد الأقصى غدًا    بديل ايزاك في حال فشل ضمه.. خطة ليفربول واضحة    موعد مباراة روما ضد لانس الودية والقنوات الناقلة    انتداب المعمل الجنائي لبيان أسباب حريق مخزن أدوات صحية بالأزبكية    القبض على المتهمين بحمل أسلحة بيضاء والتلويح بها في الإسكندرية    وفاء عامر تنفي سفرها للخارج وتؤكد متابعتها للتحقيقات وثقتها في نزاهة القضاء    وسط إقبال جماهيري.. انطلاق مهرجان «صيف بلدنا» برأس البر في دمياط    متحدث «الصحة»: فحص 18.4 مليون مواطن ضمن المبادرة الرئاسية للكشف عن الأمراض المزمنة منذ سبتمبر 2021    المستشفيات التعليمية تحصد 3 جوائز دولية في علاج السكتة الدماغية    وزير الشباب والرياضة يفتتح ملعبًا بمركز شباب المعمورة - صور    انفاتينو يقضي إجازته في العلمين.. ومدبولي يهاتفه    عبد المنعم سعيد عن منظمي الوقفات الاحتجاجية أمام سفارة مصر بتل أبيب: لا يستحقون عناء الرد    رئيس إيران: نسعى لإرساء الأمن الإقليمي من خلال التنسيق    تراجع منخفض الهند «عملاق الصيف».. بيان مهم بشأن حالة الطقس الأسبوع الجاري    إصابة 9 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    حكم بعدم دستورية قرار وزاري بإنهاء عقود الوكالة التجارية لمجاوزته حدود القانون    برلماني: المشاركة في انتخابات الشيوخ واجب وطني ورسالة لوحدة الصف    تجهيز 476 لجنة انتخابية ل«الشيوخ».. 12 مرشحا يتنافسون على 5 مقاعد فردي بالمنيا    حفل أسطوري .. عمرو دياب يحقق أعلى حضور جماهيري في مهرجان العلمين    نادية مصطفى تنعي محمود علي سليمان: رحل صاحب السيرة الطيبة والخلق الرفيع    إيرادات الجمعة.. "روكي الغلابة" يتفوق على "الشاطر" ويفوز بالمركز الأول    رئيس جامعة بنها يصدر قرارات وتكليفات جديدة في وحدات ومراكز الجامعة    لا تتسرع في الرد والتوقيع.. حظ برج الجوزاء في أغسطس 2025    أفضل أدعية جلب الرزق وقضاء الديون وفقًا للكتاب والسنة    ما حكم الدعاء داخل الصلاة بقضاء حاجة دنيوية وهل تبطل الصلاة بذلك؟.. الإفتاء تجيب    صلاة الأوابين.. الأزهر للفتوى يوضح أهم أحكام صلاة الضحى    محافظ بني سويف يُهنئ الرياضة بفوز لاعبة المنتخب ببرونزية دورة الألعاب الأفريقية لسلاح المبارزة    مهدد بالحبس.. القصة الكاملة لاتهام أشرف حكيمي بالاغتصاب خلال889 يوما    الصحة تُطلق منصة تفاعلية رقمية بمستشفيات أمانة المراكز الطبية المتخصصة    ولادة طفل من جنين مجمد منذ 30 عاما|القصة الكاملة    استجابة ل1190 استغاثة... رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر يوليو 2025    طعنة غادرة أنهت حياته.. مقتل نجار دفاعًا عن ابنتيه في كفر الشيخ    المصريون في الرياض يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    النقل: استمرار تلقي طلبات تأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    الاستعلامات: 86 مؤسسة إعلامية عالمية تشارك في تغطية انتخابات الشيوخ 2025    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    «يونيسف»: مؤشر سوء التغذية في غزة تجاوز عتبة المجاعة    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة سواحل مدينة كوشيرو اليابانية    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    تعرف على أسعار اللحوم اليوم السبت 2 أغسطس 2025    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    «خدوا بالكم منه».. إعلان عودة معلول ل الصفاقسي يهز مشاعر جماهير الأهلي    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان التشگيلي الگبير الدگتور أحمد نوار في حوار رمضاني صريح
سرقة لوحة الخشخاش گارثة گشفت عن الإهمال الموجود في متاحفنا
نشر في الأخبار يوم 31 - 08 - 2010

والدي رفض دخولي الفنون الجميلة لأنه خاف أن أعمل نقاشا بعد تخرجي!!
عايشت في طفولتي أروع صور المواطنة عندما تبرع دگتور مسيحي بقريتنا لبناء مسجد ومدرسة
حين يستولي اللون الأبيض علي كل المساحات ويحتل كل الجوانب.. في المقاعد.. الستائر.. والجدران بياض في بياض فإنك لا محالة ستشعر بإنسيابية عجيبة ستشعر بنقاء العالم من حولك وإذا اضفنا إلي تلك الهالات البيضاء أجنحة الفراشات من الزجاج الشفاف تسرب إلي داخلك بالتأكيد شعور بالشفافية والبساطة التي من فرط طبيتها فإنها تستولي علي كل شئ.. ولعل هذا ما قصد إليه صاحب هذا المحراب الذي عكف داخله علي استجلاء وجوه الجمال في ابداعاته التي حلقت في آفاق الفن التشكيلي ولم تقتصر علي جانب دون آخر فصاحب هذا المحراب رسام ونحات تطرق إلي مجالات عديدة، وأنا اخطو إلي داخل المرسم المحراب تذكرت ان لصاحبنا تاريخا في أرض مغايرة ومجالا مختلفا.. فألح عليّ السؤال وأنا أدلف إلي بهو المرسم الذي يشغل دورين بإحدي البنايات في منطقة المريوطية.. ما الفارق بين الريشة والمدفع الرشاش؟!! وهل الأنامل التي تمسك بتلك الريشة يمكن أن تشابه الأصابع القابضة علي أداة القتل الحاصدة للأرواح؟!
بالطبع يختلف النقيضان فهذا رقيق حالم محلق في سموات الأماني وذاك حاد قاس مصوب نحو الأهداف الأرضية بعيدا عن دنيا الاحلام.. ولكن الفنان القناص الدكتور أحمد نوار نجح في أن يزاوج بين النقيضين وان يجمع في شخصيته وفي رحلة حياته بين المتضادين.. ولكي نتعرف علي هذه الحالة الفريدة التي يندر ان نلتقي بها في عالم البشر اقتربنا من صاحب الحالة وغصنا في محطات حياته المتصلة.
وقبل ان اطرح عليه سؤالي الأول حرص نوار علي ان تكون جلستنا في رحاب اللون الأبيض علي أريكة مريحة وقد جلس مشدود الظهر كصقر وهو يرتدي قميصا ابيض موشي بخطوط وأشكال سوداء وكأنه يؤكد علي قيمة الوضوح والشفافية والبساطة في حياته فانحيازه إلي الأبيض وإلي الأسود قد يعكس نفره من المناطق الرمادية وحالة الضباب التي لا تبين فيها الخطوط ولا يميز اللون الابيض من اللون الأسود.. ومثل هذه الشخصيات يسهل الحوار معها بنفس القدر الذي يصعب معها توجيه أسئلة ملتفه إليه فجنوحه الدائم إلي الوضوح يرفض دائما المناطق الغائمة لذلك سألته في بساطة:
حديث النشأة
حدثنا عن نشأتك الأولي وتكوينك؟
- قبل أن يجيبنا تنفس الفنان الدكتور أحمد نوار الصعداء وصمت قليلا ثم أخذت الكلمات تنساب وهو يقول: ولدت في قرية صغيرة اسمها »يوسف بك شريف« تابعة لبلدة الشين غربية، وهي قرية صغيرة جدا تضم قرابة 04 عائلة ورغم تواضعها كانت جميلة جدا تتميز بالعمارة التقليدية الريفية التي بنيت بالطوب اللبن بشكل جميل والتي لم يخططها مهندس لذا تميزت بطلقائية رائعة.. فوضع القرية علي شاطئ ترعة قد أتاح لنا الاستمتاع بصيد الاسماك والاستذكار بجوار شاطئها تحت ظلال الاشجار.. كما تتميز بأنها منطقة زراعية مفتوحة فبينها وبين القري الأخري مسافات بعيدة.
مدرسة وكنيسة
ويواصل الفنان الكبير في اصطحابنا إلي منابع بداياته حيث يقول: بدون شك ان المدرسة الابتدائية كان بها اهتمام كبير بالرسم أو الهوايات بشكل عام وذلك في خمسينيات القرن الماضي.. كما كان الدكتور مجدي وهبة رحمه الله أستاذ الأدب الانجليزي بجامعة القاهرة له بيت كبير وأرض زراعية في قريتنا وكان يرعي الأنشطة الشبابية في المدرسة والمدينة فهو من بني المدرسة الابتدائية والمستشفي ومساكن المدرسين وناديا للشباب ومسجدا وكنيسة.. حقا كان رائعا يرعي جميع الأنشطة الابداعية.. ففي مدرسة الشين الابتدائية كانت هناك جماعات أدبية وفنية مختلفة، وقد اشتركت في تمثيل مسرحيتين بالمدرسة وانفق الدكتور مجدي علي إنتاجهم.
وفي تلك الفترة كان أخي الأكبر عادل الذي يكبرني بخمس سنوات رساما ماهرا وكنت اجلس دائما بجواره لكي اتأمل رسومه الجميلة.. واتذكر بشكل خاص لوحاته التي رسمها للشروق والغروب.. فلقد أتاحت لنا عاداتنا القروية الجميلة ان نشهد ظواهر الطبيعة الخلابة مثل شروق الشمس وغروبها حيث اننا جميعا كان علينا ان نذهب في وقت الغروب لصلاة المغرب في المسجد وايضا نستيقظ باكرا ونستمتع بشروق الشمس في الصباح فكل هذه المناظر الرائعة لا يمكن لأحد في المدينة ان يستمتع بها.
وقد امتدت هذه المرحلة إلي نهاية الدراسة الاعدادية ثم انتقلت إلي مدينة طنطا في سن الرابعة عشرة ومن هنا كانت بداية انفصالي عن القرية تماما..
بداية حياة
هل انتقلت بمفردك إلي طنطا أم مع الأسرة؟
- بمفردي فقد سبقني أخي الأكبر إلي هناك للالتحاق بالمدرسة الثانوية وهكذا بدأنا نتوالي إلي طنطا تباعا انا واخوتي الأصغر مني حتي التحقت بكلية الفنون الجميلة سنة 2691م.
وما سبب اختيارك كلية الفنون الجميلة تحديدا.. وهل يرجع ذلك إلي البيئة الجميلة التي نشأت بها أم لارتباطك بأخيك الأكبر؟
- الإثنان معا.. الطبيعة الجميلة خلقت بداخلي مخزونا فنيا هائلا وايضا أخي فجر عندي الموهبة.
هل درس شقيقك الفن أيضا؟
- في الحقيقة هذا سؤال مهم.. فهو لم يدرس الفنون لان والدي كان دارسا في الأزهر وفي هذه الفترة لم تكن ماهية الفن ومعرفته ووعي العائلات به موجودة وكان والدي دائما يتهم أخي بأنه يلهو ويبتعد عن المذاكرة مما أدي إلي تحطيمه أو بمعني أصح حطم موهبة الرسم لديه حتي تحولت فيما بعد إلي الكتابة فظل يكتب قصصا قصيرة.. وعندما جاء دوري حدث نوع من التحدي لوالدي ووقف شقيقي بجانبي بحجة انه لا يجب تكرار نفس المأساة ثانية.. فلابد من إدراك أهمية الفنون وأن هذه الكلية موجودة بالجامعات المصرية.
السرقة واللوحة
ومن قبل أن نترك هذا الفنان الكبير من أجل ان يسترسل معنا في حديثه عن رحلة حياته ونشأته.. رأينا ان نسأله عما يشغل بال الرأي العام الآن فيما يخص قضية سرقة لوحة الخشخاش.
ما تعليقك علي سرقة لوحة »زهرة الخشخاش« لفان جوخ؟
- سرقة لوحة كهذه تعد خسارة فادحة لانها لأحد رواد العالم وتعد من أهم اللوحات الموجودة بالمتحف وسرقتها بهذه الطريقة تعد كارثة لتكشف عن قصور وإهمال شديد تجاه التأمين البشري والالكتروني علي المتحف.. وما يجري من تحقيقات الآن نود ان تكشف عن الحقيقة..
وماذا يستوجب منا الآن للتصدي لهذه السرقات المتكررة من متاحف مصر خلال السنوات الأخيرة؟
- هذه السرقات المتكررة تستوجب علينا التفكير لوضع رؤية متكاملة لمتاحف مصر كلها بجميع أنواعها الأثرية والفنية والتاريخية والعلمية والقومية يدفعنا للتفكير حول إنشاء ما يسمي المجلس القومي للمتاحف: يضم جميع هذه المتاحف الموجودة في مصر وتوضع له لائحة إدارية ومالية وفنية خاصة.
في رأي حضرتك هل تري ان الفن التشكيلي يجد نصيبه وسط باقي الفنون؟
- الفن التشكيلي مظلوم علي المستوي المجتمعي والقومي بالرغم من انه أفضل الفنون علي الاطلاق أفضل من السينما والمسرح وكل الفنون لسبب واحد لان الفن التشكيلي علي مدار القرن العشرين بالكامل ابداع فني خالص صادق مائة في المائة بعيدا عن التجارة تماما بخلاف السينما والمسرح فقد بدأت هذه الفنون ان تنهار بعد اتجاه للتجارة..
وهل الفن التشكيلي لا يبحث عن التجارة؟!
- بالطبع لا.. الفن التشكيلي ليس سوقا.. فسوق الفن التشكيلي منعدم في مصر حتي الجزء البسيط من رجال الأعمال أو بعض محبي الفنون لا يعد علي الاصابع ويرجع ذلك لتجاهل الاعلام تماما للفن التشكيلي وثانية الأمية الثقافية فيما يتعلق بالفن التشكيلي علي مستوي المجتمع ويأتي ذلك ايضا نتيجة تجاهل الاعلام.. فأين البرامج التليفزيونية علي شاشات القنوات الفضائية والأرضية وأين الاصدارات الفنية من مطبوعات ودوريات.
وما رأيك في مجلة الخيال الصادرة حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة؟
- أنا قرأت أول عدد فقط وصلني عن طريق احد اصدقائي.. و اعتقد انها بداية لم تكن شكل مجلة فن تشكيلي.. بل مجلة تجارية.. لكن اعتقد مع تطورها وزيادة خبرة القائمين عليها ممكن ان تكون »كويسة« كما يحتاج تبويبها إلي إعادة نظر..
وفي نهاية حوارنا نود ان نتعرف علي عاداتك الرمضانية؟
- أولا أهم شئ لدينا التجمع، الأولاد والاحفاد فالأسرة بأكملها والحمد لله حريصة علي قراءة القرآن في نهار رمضان.. وانا في رمضان احب ان اعمل كثيرا فعلي مدي سنوات عديدة يأتي شهر رمضان مميزا جدا عندي بكثرة الانتاج علي خلاف بعض الناس في رمضان يصيبها التعب والارهاق.. فأنا احب العمل في رمضان سواء نهارا في الصيام أو بعد الافطار واعتقد ان زيادة انتاجي خلال شهر رمضان ربما يرجع لانه شهر كريم ونحن كالأسرة لا نحب الخروج كثيرا فوقتنا دائما مشحون بالعمل.
علي مدار مشوارك الفني ما أحب اللوحات وأقربها إلي قلبك؟
- لوحة »يوم الحساب« وهي مشروع التخرج التي اعتبرها نقطة تحول حقيقية في حياتي ما بين الدراسة الأكاديمية وبين الحياة كفنان في بداية حياته.. وكانت مساحة اللوحة ضخمة: عشرة أمتار في ارتفاع 3 أمتار مرسومة بالقلم الرصاص.. وقرأت عن موضوع اللوحة لمدة ثلاث سنوات قبل بداية تنفيذها، حيث قرأت تفسير القرآن وقرأت الانجيل وقابلت شخصيات قبطية كالانبا شنودة وكان حينها مديرا لمعهد الدراسات القبطية في العباسية.. فهذه اللوحة أري فيها تحقيقا لكثير من القيم الفنية وبالتالي ماتزال تسعدني حتي اليوم.
هل تتذكر ثمن أول لوحة قمت ببيعها؟
- أتذكر انها كانت في عام 46/56 فقد اقتنت لجنة المقتنيات بوزارة الثقافة بعض الاعمال من معرضي الأول الذي اقيم في جمعية النقاد والكتاب وكانت اللوحة وقتها بثلاثة جنيهات!! وكان وقتها مبلغا كبيرا لان أول مرتب حصلت عليه من عملي كمعيد بالكلية 05.71 جنيه لاغير.
ما أسعد لحظاتك اثناء العمل الفني؟
- من الصعب ان احدد تلك اللحظة لان الحالة الابداعية من بدايتها إلي نهايتها تعد حالة سعادة بالغة لكن بها شق معاناة وتوتر وقلق وارتباك عصبي.. ولكن في النهاية عندما تنتهي اللوحة.. تكون السعادة البالغة.
هل ستعمل نقاشا؟!!
هل دراسة والدك بالأزهر الشريف كانت السبب وراء اعتراضه علي ممارستكم للفنون؟
- لا.. ولكن اعتراضه كان علي أساس انه بعد تخرجي من الجامعة ماذا أفعل؟ فقال لي »هتخرج تعمل ايه تطلع نقاش؟!« ووقفت امامه وحاولت اقناعه بدخولي الكلية وهددت بالانتحار إذا لم استطع دخولها.. في النهاية وافق بعد عناء شديد.. واتذكر جيدا عندما التحقت بالكلية وحصلت علي المركز الاول وأقمت معرضا في جمعية الأدباء والنقاد »اتيليه القاهرة« ودعوته باصرار للحضور.. فحضر وهو يرتدي العباءة ومعه كل اصدقائه من اعيان القرية ومشايخها.. فكان لقاء جميلا وكان مفاجأة بالنسبة له حين رأي معرضا وحضورا كبيرا وكان قد افتتح المعرض وقتها الأستاذ طعيمة عضو الاتحاد الاشتراكي وكانت الاعلامية سلوي حجازي قد ارسلت وحدة تصوير من التليفزيون لنقل الحدث لتقديمه في برنامجها »الفن والحياة«..
وشعر والدي في هذا الوقت ان هناك أشياء لا يعرفها عن الفن واهميته وبعد ذلك شاهد اسمي في الجرائد وصورا للافتتاح وصور بعض الأعمال لدرجة انه »زعل« واتصل بي تليفونيا وقال: »أزاي الجرائد تكتب اسمك كده؟! فقلت له مكتوب اسمي صحيح احمد نوار فقال لي »مالكش أب«.. ومن هنا تأكدت انه بدأ يدرك اهمية ما انا فيه الآن ويريد ان يري اسمه بجوار اسمي فقلت له انا سوف اشير إلي كتابة اسمي ثلاثيا فيما بعد »أحمد محمد نوار«.
من فنان يمسك بريشته إلي مقاتل.. ما تأثير هذه الخطوة علي حياتك الفنية؟!
- غلاوة الوطن فوق كل شئ.. كما ان المسألة ذات شقين الأول متمثل في سنوات الخبرة والتجربة والثاني الحس الوطني.. فيتمثل شق التجربة بداية من سن التاسعة حيث كنت قائدا لفريق الكشافة بمدرسة الشين الابتدائية عام 45 فالكشافة تعلم الإنسان تحديد غايته في الحياة.. فكل تحرك للكشافة فعل يحقق غاية محددة.. إنها عالم اكتشاف الغايات وتحقيقها.. فبعد ذلك وأنا في عامي الثاني بالكلية عام 26 عاودني الحنين إلي الكشافة مرة أخري فمارست طقوسها الروحية دون الاشتراك في فريق رسمي للكشافة.. حيث شكلت مع مجموعة من اصدقائي فريقا لاكتشاف بر مصر من حدود لبيبا إلي دير سانت كاترين وحدودنا مع إسرائيل »رفح، غزة، شرم الشيخ« ومن سواحل البحر المتوسط حتي اسوان.
لقد سرنا علي اقدامنا 7 آلاف كيلو متر، وكنا في بعض مراحل تلك المسيرة نركب سيارات بعض العابرين.. وقد وصلنا في رحلتنا هذه إلي القدس الشرقية من قبل ان تحتلها إسرائيل عام 76.
حرب الاستنزاف
ويعود بنا الفنان الكبير إلي القصد وهو نقطة التحول الكبري في حياته إذ وجد نفسه مطالبا باداء واجبه الوطني فيحكي لنا:
فبعد ان انتهت رحلتي عدت إلي مصر وإلي كليتي وها انا استعد للتخرج في تلك اللحظة الحاسمة من عمري تقع لحظة فظيعة الحسم من عمر الوطن وهي حرب الاستنزاف والتي بدورها كانت السبب في عدم سفري للحصول علي جائزتي الاسبانية ودخولي الجيش.. ففي ذلك الوقت سببت لي المفاجأة صدمة عصبية ونفسية ملأت جوانب نفسي بالألم العميق وبكيت، ولم يكن ذلك بالطبع لأنني سوف التحق فورا بالجيش، وإنما لاسلوب إدارة الأمور من ناحية، وللتحول العجيب في نفسي من فرحة الحصول علي جائزة عالمية إلي حزن منعي من السفر.
فضلا عن احتجازي الفوري دون اخطار أسرتي أو أحد بما حدث، إذ في خلال ساعة ونصف الساعة كنت ارتدي الزي العسكري واحمل مخلة بها متاعي ومعداتي واقوم بالمهام الأولي في الجيش المصري.
لقد تم ترحيلنا في اليوم التالي إلي معسكرات تدريب تم توزيعنا عليها.. وقد بلغ تحقيقي لذاتي الذروة عندما صنفت بين الرماة الممتازين وايضا خلال عمليات الرمي والتنشين نفسها فكم يسر النفس اصابة الهدف.. فقد تلقيت تدريبا خاصا عبر فرقة لسلاح القناصة.. هو سلاح خاص مجهز بتلسكوب دقيق لقنص الأفراد بدقة وبعدها رحلت إلي الجبهة واقمت في رقم 6 في الجيش الثاني علي خط الدفاع وبعدها جري ترحيلي إلي منطقة الدفرسوار علي منطقة الجيش الأول جنوب البحيرات المرة حيث بقيت هناك إلي ان خرجت من الجيش أواخر عام 0791.
القناص
وماذا عن تجربتك الخاصة باقتناص عدد ليس بالقليل من جنود العدو الاسرائيلي؟
- الحمدلله.. كان توفيقا من الله سبحانه وتعالي وقد حصدت أرواح 51 جنديا اسرائيليا في مهارة شهد بها كل قادتي في الجيش.
وما مدي تأثر أعمالك بتجربة الحرب؟
- تأثري بالقضايا الانسانية عموما لم يأت وليد لحظة الحرب فقط انما بدأ منذ عام 5691 حيث كنت في الفرقة الثانية بالكلية ووجدت نفسي منجذبا تجاه الموضوعات القومية فرسمت لوحة بشكل تلقائي محفورة علي معدن الزنك عن حادث دنشواي وفي نفس العام رسمت لوحة بالابيض والاسود علي الخشب الحبيبي عن التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا وهذا تدرج طبيعي بدون أي افتعال وبعدها عبرت عن اللاجئين الفلسطينيين.. وبالطبع انكسارنا جميعا كمصريين في حرب 7691 اصابنا بالألم ولذلك بعد هذه الفترة بعدة أشهر رسمت لوحة بالابيض والاسود علي الخشب الحبيبي وسميتها »استعداد وترقب« وهي عبارة عن كتلة متماسكة تتضمن عيونا واسعة تترقب وأيادي منصهرة مع السلاح وكأنها قطعة واحدة، مما يوحي باليقظة وإعادة الثقة بالنفس.. كما شاركت بهذه اللوحة في بينالي إيبيثا الدولي بأسبانيا وحصلت علي المركز الأول.
تأخر معرضك عن الحرب والعبور أكثر من 53 عاما.. ما السبب وراء ذلك؟
- بالفعل اقمت المعرض في العام الماضي وقدمت به 33 لوحة احجام كبيرة وانجزتها في أقل من عشرة أشهر.. ويرجع ذلك لانني كنت احمل شحنة العبور بداخلي منذ ان دخلت الحرب في عام 86 فلم ارسم بشكل مكثف عنها فاصبح لدي مخزون ضخم كان دائما في حالة تفعيل وتحضير بداخلي طوال ال 53 عاما حتي خرج هذا المخزون في العام الماضي.. ويرجع ذلك لاقتناعي التام بأن العبور عمل عبقري ومن الصعب ان يقدمه احد في عمل واحد.. ولذلك كنت دائما انادي ان ينتج فيلم سينمائي جامع شامل عن العبور يستطيع المخرج الذكي ان يقدمه.. لكن لوحة أو مجموعة لوحات فهي مسألة صعبة لانه في رأيي ان العبور اعظم من رسمه في مجموعة لوحات.
وعندما رسمت العام الماضي بحثت داخل روح العبور نفسه وروح المقاتل المصري بحثت عن الطاقة الرائعة التي دفعت المقاتل المصري لعبور قناة السويس بنجاح في عز الظهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.