خص التقرير الثالث الصادر عن لجنة الشفافية والنزاهة، الوظيفة الحكومية بالكثير من الانتقاد، وكما قلت أمس تحولت الوظيفة إلي سيف علي رقاب المواطنين بدلا من أن تصبح آلية لتسهيل مصالح المواطنين، لكنها تحولت إلي عبء عليهم، وأهم مصادر الفساد المالي والإداري في مصر. واختتم التقرير بتوصية تؤكد أهمية إصدار قانون جديد للعاملين، يحقق الانضباط في الجهاز الإداري، ويتفادي أوجه القصور في القانون الحالي، وهي توصية لا يعترض عليها أحد، بل يطالب بها الجميع منذ سنوات، لكن الغريب أن لجنة الشفافية يرأسها وزير التنمية الإدارية، وهو نفسه الوزير الذي تم تكليفه من مجلس الوزراء بصياغة قانون جديد للوظيفة العامة، وكان مقررا تجهيزه قبل عامين، لكن مجلس الدولة، رأي في الصياغة التي أعدتها وزارة التنمية الإدارية مخالفات قانونية ودستورية تستوجب تعديلها. ومنذ صدور ملاحظات مجلس الدولة علي مشروع قانون الوظيفة العامة، عاد المشروع إلي أدراج وزارة التنمية الإدارية، وأغلق عليه بالضبة والمفتاح، واختفي بفعل فاعل غير معلوم حتي الآن، فلا نحن نعرف من اتخذ قرار القضاء علي مشروع القانون بالضربة القاضية الفنية، ولا هي أسباب تحويله إلي شبح من الأشباح الحكومية العديدة؟ الغريب أيضا أن وزير التنمية الإدارية الذي زاد وفاض في شرح مشروع القانون وتعديد مزاياه، وناضل لتمريره، حتي بعد الاعتراضات القانونية عليه لفترة أغفل الحديث عن القانون ربما عن عمد، ثم عاد لتمريره تحت ستار تقرير لجنة الشفافية. وإذا كانت هذه اللجنة في توصيتها الثانية بمقترحات قوانين لمزيد من الشفافية والنزاهة قد اقترحت العمل علي سرعة إصدار قانون لتنظيم الإفصاح وتداول المعلومات، فإنه من باب اولي أن يبدأ هذا الإفصاح وتداول المعلومات من وزارة التنمية الإدارية وأن يعقد وزيرها الدكتور أحمد درويش مؤتمرا صحفيا أو يصدر بيانا ليكشف فيه كل الحقائق المتعلقة بمشروع قانون الوظيفة العامة الذي اختفي فجأة كما بدأ فجأة.. دون أن يعرف الموظفون المعنيون بتغييره أي شيء، أو يقول لنا أحد نحن دافعي الضرائب، ونحن نتعامل مع الحكومة ليل نهار لماذا غاب مشروع القانون؟.. وهل هو في طريقه للعودة؟.. وبأي شكل؟ لا أريد القول إن باب النجار "مخلع"، لكن علي الأقل أعتقد أن باب التنمية الإدارية في حاجة إلي إصلاح، لأنه ليس من المعقول أو المقبول أن تكون الوزارة مسئولة عن قانون الوظيفة العامة الذي يرقد في دهاليز الوزارة بينما، لجنة الشفافية والنزاهة التي يرأسها وزير التنمية الإدارية تطالب بالعمل علي سرعة إصدار القانون، وتكيل الاتهامات والنقد الحقيقي والمشروع للقانون الحالي!