من بين جميع الجرائم الصارخة التي لطخت سمعة القوات الأمريكية في العراق، كجرائم التعذيب في سجن أبو غريب وجريمة قتل 24 عراقيا من رجال ونساء وأطفال في بلدة الحديثة بمحافظة الأنبار العراقية،تبقي جريمة اغتصاب الطفلة العراقية عبير الجنابي ذات الأربعة عشر ربيعا وقتلها هي وأسرتها ثم حرق جثتها بعد ذلك واحدة من أبشع الجرائم التي تقشعر لها الأبدان، ففي 12 مارس 2006 عثر عدد من جنود الولاياتالمتحدة علي بقايا متفحمة لفتاة تبلغ من العمر 14 عاما تعرضت للاغتصاب ثم قتلت رميا بالرصاص ثم أحرقت بالكيروسين هي وأختها البالغة من العمر 6 أعوام ووالديهما،وفي البداية ظن البعض أن مرتكبي الجريمة من العراقيين إلا أن التحقيق أوضح أن الجناة الحقيقيين هم أربعة جنود أمريكيين من سرية برافو التابعة للكتيبة الأولي من لواء المشاة 502 وقائدهم يدعي ستيفن جرين،جندي غير سوي متعطش للدماء. عن مآسي الحرب في العراق يتحدث الكاتب الأمريكي جيم فريدريك في كتابه الجديد؛" قلوب سوداء..فرقة الجنون في المثلث الأسود العراقي" والذي يتناول فيه الحرب الأمريكية علي العراق من زاوية مختلفة ويسلط الضوء علي الجانب الإنساني وليس السياسي فيها ليصف بعضا من الجرائم التي يندي لها جبين الإنسانية والتي ارتكبتها "فرقة الموت" أو جماعة برافو علي وجه التحديد. بداية يتتبع فريدريك ملف السرية ليطرح الجريمة بكل أبعادها وجوانبها،فيبدأ بسرد تاريخ انضمام جنود برافو للجيش الأمريكي في خريف 2005، وهم فريق خاص جاء لمساعدة القوات الأمريكية التي لم تستطع مواجهة المسلحين السنة في المثلث الأسود جنوبي غرب بغداد، وقد أبدي الفريق استعدادا كبير للقتال في تلك المناطق المخيفة الشبيهة بالأحراش والتي يصفها الكاتب بالأماكن التي تصلح فقط لحرب العصابات. وخلال سرده، ينتقد فريدريك تلك الحرب التي تقتل المشاعر الإنسانية وتحول البشر إلي وحوش تقتل بدم بارد ولا تعرف الرحمة، فسرية الموت تلك أصبحت أكثر توحشا بعد اشتباكها مع المسلحين العراقيين الذين اختطفوا ثلاثة منهم وعذبوهم ثم قتلوهم،إلا أن السرية ردت بقتلها لعدد من الأبرياء العزل في القري وعند نقاط التفتيش،كما ارتكبت عددًا من الجرائم البشعة الأخري كقتل سيدة بريئة والهجوم علي منزل شيخ يبلغ من العمر 72 عاما وقتله،وغيرها من الجرائم الأخري. ويقول فريدريك: إن أهوال الحرب وضعت الجنود الأمريكيين علي حافة الجنون، فقد وجد الجنود أنفسهم في بغداد دون هدف واضح، وبدون معدات مناسبة فأصيبوا بالهلع الذي تحول إلي كراهية عشوائية جعلت من الجنود ماكينات قتل لا تبقي ولا تذر، إلا أنه يؤكد أن ذلك في حد ذاته لا يعد تبريرا لانتهاك الإنسانية. وعلي الرغم من أن تلك الفرقة علي وجه الخصوص قد تعرضت لمواقف يشيب لها الولدان،كما يوضح الكاتب، وأن تلك المواقف دفعتهم للسكر وتناول المخدرات في محاولة للهروب من الواقع الدموي المخيف الذي أحاط بهم من كل جانب، إلا أن الولاياتالمتحدة هي المسئولة عن ذلك، فقد ارتكبت خطأ شنيعا في حق الإنسانية بشنها لحرب كانت فيها جميع الأطراف خاسرة.