نيكاي الياباني يقفز لأعلى مستوى على الإطلاق بدعم تراجع الين    السيسي يوافق على ربط موازنة هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لعام 2025-2026    «الزراعة» تصدر 564 ترخيصًا لمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني خلال أغسطس    وزير البترول يبحث مع رئيس شركة IRH الإماراتية آفاق التعاون في مجالات التمويل والتعدين    زيلينسكي يأمل في اجتماع ثلاثي بعد قمة ترامب وبوتين لتمهيد طريق السلام    الجارديان: ترامب يستقبل بوتين رسميا عند طائرته لدى وصوله ألاسكا    إسرائيل تعلن دخول 310 شاحنات مساعدات إلى غزة    تأهل رباعي مصري لنهائي الرجال ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    ميلان يتعاقد مع نجم يونغ بويز    انطلاق امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة .. غدًا السبت    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    شاب يقتل صديقه طعنا في مشاجرة بقرية الراهبين بالغربية    سلاف فواخرجي تشيد ببيان فناني مصر ضد التصريحات بشأن ما يسمى إسرائيل الكبرى    الليلة.. انطلاق الدورة 33 من مهرجان القلعة بتكريم 12 شخصية    الصور الاولى من كواليس فيلم سفاح التجمع ل أحمد الفيشاوي    117 مليون مشاهدة وتوب 7 على "يوتيوب"..نجاح كبير ل "ملكة جمال الكون"    سعر الذهب فى مصر.. الجنيه الذهب فوق 36 ألف بسبب زياددة الأسعار العالمية    محافظ الدقهلية يتفقد سوق اليوم الواحد لمتابعة الإلتزام بالأسعار المخفضة    رفع 41 حالة تعدى ضمن فاعليات الموجة 27 لاسترداد أملاك الدولة بدمياط    غارات مستمرة وتفجير منازل.. مجازر الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة لا تتوقف    شريف العريان: نسير بخطوات ثابتة نحو قمة العالم استعدادًا لأولمبياد 2028    بالأرقام.. «المركزي للإحصاء» يكشف أسباب انخفاض معدل البطالة    بسبب تداعيات الأمطار الموسمية| تحطم مروحية إنقاذ ومصرع جميع أفرادها في باكستان    يديعوت أحرونوت: الجيش الإسرائيلي يستعد لمناورة جديدة في غزة الشهر المقبل    مباحث رعاية الأحداث تضبط 15 شخص لقيامهم بإستغلال الأطفال فى أعمال التسول    غدا.. انكسار الموجة على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 36 درجة    ضبط مخزن كتب دراسية بدون ترخيص في القاهرة    الإدارية العليا: إستقبلنا 10 طعون على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة بمسجد "التعمير" في قرية الخربة ببئر العبد في شمال سيناء (صور)    الكوكي: طوينا صفحة الطلائع.. ونحذر من الاسترخاء بعد الانتصارات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد فاركو    طاقم حكام مصري لمباراة كينيا وجامبيا بتصفيات كأس العالم    متحف الإسماعيلية يحتفي بوفاء النيل بعرض تمثال حابي إله الخير والخصوبة    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 47 مليونا خدمة طبية مجانية خلال 30 يوما    نجاح جراحة دقيقة لطفلة تعاني من العظام الزجاجية وكسر بالفخذ بسوهاج    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    روما يقدّم عرضًا رسميًا لضم جادون سانشو من مانشستر يونايتد    أقوى رسائل السيسي عن آخر تطورات أزمة سد النهضة وحرب غزة    ماريسكا: جاهزون للموسم الجديد.. وتشيلسي أقوى من العام الماضى    فوائد البصل، يحارب العدوى والسرطان والفيروسات والشيخوخة    «الصبر والمثابرة».. مفتاح تحقيق الأحلام وتجاوز العقبات    سلطة المانجو والأفوكادو بصوص الليمون.. مزيج صيفي منعش وصحي    رئيس الأوبرا: نقل فعاليات مهرجان القلعة تليفزيونيا يبرز مكانته كأحد أهم المحافل الدولية    الأنبا إيلاريون يشارك في احتفالات نهضة العذراء بوادي النطرون    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : المقاومة وراء الاعتراف بدولة فلسطين    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    الداخلية تضبط عصابة تستغل أطفالاً في التسول وبيع السلع بالقاهرة    حزب الله: قرار نزع سلاح المقاومة يجرد لبنان من السلاح الدفاعى    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسمي خان..درس في التسامح علي الطريقة الهندية!

لم أكن يوماً من جمهور السينما الهندية التقليدية التي تكتظ بالمبالغات من كل صنف ولون، ولكني لا أستطيع أن اتجاهل فيلماً هندياً مختلفاً عرض تجارباً في الصالات المصرية هو Myname is khan أو اسمي خان الذي كتبه شيباني باتيجا واخرجه كازان جوهر، الفيلم من حيث الفكرة والمضمون يقدم درساً هندياً مدهشاً في التسامح وهو أمر ليس غريباً علي وطن غاندي العظيم ولكنه يركز هنا علي عالم ما بعد 11 سبتمبر الذي وضع المسلمين في مأزق لا يحسدون عليه، أما من حيث البناء والمعالجة والصورة فهو مزيج لا تخطئه العين بين هوليوود وبوليوود ،من السينما الهندية مازالت لدينا فكرة تحويل كل حدوتة وأي حكاية إلي ملحمة طويلة تقترب من الساعات الثلاث ومازال لدينا هذا الاستخدام الزاعق لشريط الصوت من حيث الأغاني والموسيقي ولكنها هنا في حدود معقولة إذا ما قورنت بالسينما الهندية التقليدية ولدينا أيضا بعض المبالغات والمباشرة التي يمكن اعتبارها أقل بكثير من المعتاد ومن هوليوود لدينا هذا البناء البصري والانتقالات المونتاجية السلسة لا توجد زوايا غريبة للكاميرا ولا استخدام عشوائي لعدسة الزوم وإن ظل استخدام الحركة البطيئة زائداً علي الحد وطفولياً ،لدينا أيضا هذا الأداء الانفعالي المنضبط للممثلين بدون مبالغة أو ضغط عاطفي باستثناءات نادرة.
الفيلم بهذا المعني يؤكد فكرة وصلت إلي بعد مشاهدة اثنين من الأفلام الهندية في مهرجان القاهرة الأخير لاحظت هذا المزيج الهوليوودي - البوليوودي في فيلمي نيويورك وفيلم أنا خائف.. أنا خائف والفيلمان مثل فيلم اسمي خان تدور أحداثهما في أمريكا وتشعر أن صناع هذه الأفلام يريدون مخاطبة الأمريكيين بشكل مباشر والحقيقة أن فيلم اسمي خان هو الأفضل والأهم بين الثلاثة وفكرته بسيطة بل ومباشرة ولكنها عميقة وتدعوا أيضا التأمل، شاب مسلم يعاني من مرض التوحد قرر بعد تجربة مؤلمة مع التعصب ضد المسلمين بعد 11 سبتمبر أن يذهب لمقابلة الرئيس بوش حاملاً رسالة واحدة تقول اسمي خان... وأنا لست إرهابيا، ولأنه لن يتمكن من مقابلة بوش في آخر عهده الرئاسي فإن المقابلة ستتم في النهاية مع الرئيس أوباما في المشهد الأخير، المعني واضح: لم يكن هناك تواصل مع إدارة بوش والأمل في إدارة أوباما الأكثر ارتباطًا بفكرة التسامح وتقبل الآخر!
ولكن هذه المقابلة ليست سوي القشرة الرقيقة لبناء إنساني مؤثر عموده الرسم البارع لشخصية ريزڤان خان التي لعبها باقتدار وحضور وبراعة المشخصاتي الهندي شاه روح خان يسير السرد عبر زمنين وطريقين متوازيين: رحلة ريزڤان عبر أكثر من مدينة أمريكية علي أمل مقابلة الرئيس الأمريكي، وفلاشات إلي الماضي نعرف فيها حكايته من البداية بتفصيلات شديدة البساطة والصدق، لقد ولد طفلاً مصابًا بالتوحد لأب يمتلك ورشة، وكان لديه أخ أصغر اسمه ذاكر، أول دروس احترام الآخر تعلمها من أمه التي قالت له بعد أحداث العنف الطائفي في الهند عام 1983: هناك تصنيف واحد للبشر: صالحون يصنعون الخير، وأشرار يعملون الشر، رسمت له لوحة لرجل يضرب طفلاً، ولوحة أخري لرجل يعطي طفلاً قطعة من الحلوي، طلبت منه أن يعرف أي الرجلين هندوسي وأيهما مسلم، بالطبع لم يستطع، الشيء الوحيد الذي يمكن الحكم عليه هو فعل الشر أو فعل الخير، هذا المشهد من أروع ما قدمته السينما العالمية عمومًا عن فكرة التسامح في بساطته وفي عمقه وفي روعة دلالته.
الأخ ذاكر سيذهب ويعمل في أمريكا، وبعد موت الأم سيهبط ريزڤان -الذي يمتلك براءة الطفل وحكمة الشيوخ - إلي أرض الأحلام ، كان يكفي أن يكون مصابًا بالتوحد، ولكننا دخلنا في تفصيلة إضافية هي إصابته بأعراض مرض إسبرجر الذي يجعله يخاف من الأماكن المزدحمة ومن الضجيج ومن اللون الأصفر، زوجة أخيه المسلمة المحجبة حسينة تقوم برعايته، وسيعمل مع أخيه حيث سيرِّوج مستحضرات التجميل التي تنتجها شركة الأخ من الأعشاب، ستكون هناك مشاهد كوميدية لطيفة وبدون مبالغات عندما يتعرف علي كوافيرة هندية تدعي مانديرا.
سنعرف أنها هندوسية جاءت مع زوجها إلي أمريكا ولكنه تركها إلي استراليا بعد أن انجبت منه طفلاً ستعجب ببراءته وستخاطر بزواجها من شاب مسلم مريض بالتوحد. الأخ ذاكر سيعترض ولكن سيتم الزواج. بعد 11 سبتمبر ستنقلب حياة المسلمين والأجانب عمومًا. ستعلن المحطات عن مقتل رجل هندي من السيخ علي أيدي جيرانه الذين اعتقدوا أنه أفغاني مسلم من هيئته فقط وهي حادثة حقيقية معروفة. المشكلة الأكبر سيواجهها سمير ابن مانديرا مع زملائه، فرغم أنه هندوسي إلا أن اضافة لقب زوج والدته خان إلي اسمه يجعل الآخرين يعتقدون أنه مسلم، ويتطور صراعهم معه إلي مقتله في معركة مفتعلة كان يمكن تقديمها بشكل أكثر اتقانًا، ولكنها ستكون سببًا في ثورة مانديرا علي زوجها خان، وفي لحظة انفعال ستطلب منه أن يقول لكل الناس أنه ليس إرهابيا.
سيعتبر خان كلامها تكليفًا مباشرًا وسيأخذه علي ظاهره، ومن هنا ستبدأ رحلته الطويلة لمقابلة الرئيس الأمريكي، سيكسب قوته من مهنة إصلاح السيارات التي تعلمها من والده. ستتخذ فكرة الإصلاح نفسها معني إنسانيا نبيلاً وهو إصلاح العلاقة مع الآخر، سيقدم السيناريو رغم وقوعه أحيانًا في فخ الاستطراد والتطويل مشاهد جميلة وبسيطة وعميقة معًا. عندما يأتي موعد الصلاة يقوم خان بأدائها في أي مكان رغم النظرات المستنكرة والمعادية. يقول له صديقه المسلم: الصلاة لابد أن تعتمد علي المكان والناس. يرد خان ببراءة وبصدق: الصلاة تعتمد فقط علي الإيمان. بالطبع مازالت البصمات الهندية التجارية واضحة وأهمها تحويل الحدوته البسيطة إلي ملحمة طويلة، ولذلك وجد كاتب السيناريو، وهو موهوب وذكي - نفسه محتاجًا إلي مزيد من الأحداث والتفريعات لكي يملأ ما يزيد علي ساعتين ونصف الساعة.
هناك مثلاً مشاهد أعراض مرض إسبرجر التي دخلت علي الخط، وهناك مشاهد اضافية ورغم أنها جميلة في حد ذاتها - لعلاقة - خان مع أسرة مسيحية سوداء تعرف بها، ورغم أنها تنويعة علي نفس التيمة الأساسية وهي قبول الآخر إلا أنها قادتنا إلي مبالغة مزعجة عندما قرر خان في النهاية أن يذهب لإنقاذ هذه الأسرة من الإعصار مثل أي بطل أمريكي.. الجزء الأخير عموما من الفيلم اقترب من الترهل في الإيقاع خاصة مع القبض علي خان وتعذيبه، لم يكن الفيلم في حاجة إلي هذه المبالغات لأن روعته في بساطة شخصيته الرئيسية، وروعته في مشاعرها الإنسانية وفي جمعها بين روح الطفل وحكمة الشيوخ، وبالطبع لم نكن في حاجة إلي مشاهد صدام خان مع داعية متطرف قابله في أحد المساجد يدعي د.فيصل، ثم الاستطراد الأسوأ عندما يقوم أحد أتباع فيصل بطعن خان الذي اتصل بالمباحث الفيدرالية للإبلاغ عن فيصل! كلها مشاهد فجة ومباشرة وتتعارض مع منطق الشخصية.
رحلة خان ورسالته رمزية في الأساس، ولذلك كانت تحتاج إلي تكثيف شديد بحذف الكثير من المشاهد، ولو كان ذلك قد تم لكننا أمام عمل كبير وملهم واستثنائي، ولكن -مع ذلك- فإن اسمي خان فيلم لا يمكن تجاهل الحديث عنه، وهو بالقطع مختلف عن السينما الهندية التقليدية، المخرج كاران جوهر جيد جدا وخاصة في إدارته لممثليه.. ربما في مشهد واحد كان هناك إسراف انفعالي علي الطريقة الهندية لحظة احتضان مانديرا لطفلها بعد مصرعه، وما عدا ذلك أنت أمام أداء رفيع بل ومدهش خاصة من بطل العرض كله النجم شاه روح خان، وبدون مبالغة فإن أداءه لدور الشاب المتوحد يمكن مقارنته جنبا إلي جنب بأداء داستين هوفمان في فيلم رجل المطر.. هذا المشخصاتي من طراز الكبار، ولديه قدرة علي أداء المشاهد الكوميدية بسلامة.. قد لا يكون أوباما علي مستوي توقعات خان المتفائلة، ولكن يكفي هذا الشاب الهندي البسيط أنه ذكر العالم بالتصنيف الوحيد لبني البشر بصرف النظر عن اللون والجنس والعقيدة: مجرد أخيار وأشرار وحسابهم فقط علي هاتين الصفتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.