عيار 18 الآن.. أسعار الذهب اليوم الأحد 9-6-2024 في محافظة قنا    إعادة ضخ الغاز لمصانع الأسمدة واستقرار إمدادات الكهرباء    الإسكان: حملات مكبرة على الإشغالات في 6 مدن جديدة    بدء تفويج حجاج السياحة من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة    مقررة أممية: إسرائيل استغلت قضية الأسرى لإضفاء شرعية على قتل الفلسطينيين    وزير الخارجية الأمريكي: مقترح بايدن يضمن إطلاق سراح المحتجزين وزيادة المساعدات لغزة    الجيش الإسرائيلي: طائرات مقاتلة قصفت منصة إطلاق تابعة لحزب الله في منطقة الحولة جنوبي لبنان    إصابة سفينة بصاروخ مجهول جنوب غربي عدن باليمن    جريفيث: مخيم النصيرات للاجئين بؤرة الصدمة الزلزالية التي لا يزال المدنيون في غزة يعانون منها    للمرة الأولى.. محمد صلاح يخرج من قائمة أغلى اللاعبين الأفارقة    إصابة شخصين في حادث انقلاب دراجة نارية في مدينة 6 أكتوبر    خلال 24 ساعة.. تحرير 1334 مخالفة عدم تركيب الملصق الإلكتروني    السيطرة على حريق شقة سكنية بمنطقة العجوزة    عمرو دياب يغلق خاصية التعليقات على حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي بعد واقعة صفعه شخصا    فضل الأيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. كيف تفوز بها؟    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    موعد مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري السوبر لكرة السلة والقنوات الناقلة    نجم الزمالك السابق يرد.. هل أخطأ حسام حسن بمشاركة الشناوي؟    وزير المالية: حريصون على دعم تعزيز الاستدامة المالية للنظم الصحية الأفريقية    معلومات المناخ: موجة شديدة الحرارة بداية من الأربعاء لمدة 10 أيام    سؤال برلماني حول معايير اختيار أسماء المرشحين في التشكيل الحكومي    وسط حراسة مشددة.. وصول المتهم بقتل 3 مصريين في قطر لمحكمة الجنايات    مصرع طفل صدمه جرار زراعي أثناء لهوه أمام منزله في سوهاج    السعودية توفر شرائح إنترنت واتصال مجانية لضيوف الرحمن    السكة الحديد: تخفيض السرعة المقررة للقطارات نظرا لارتفاع درجات الحرارة    «السكة الحديد» توجه نداءً عاجلاً للركاب بسبب ارتفاع درجات الحرارة    3 شهداء وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منزلا بمخيم البريج بغزة    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    الليلة.. عرضان في ثاني أيام مهرجان فرق الأقاليم المسرحية تعرف عليهما    الكويت تدين وتستنكر هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي الهمجي على مخيم "النصيرات"    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    هيئة الرعاية الصحية: نستهدف الاستفادة من الخبرات العالمية لمؤسسة مجدي يعقوب    صربيا تفوز على السويد بثلاثية دون مقابل وديا قبل يورو 2024    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    اليوم.. جمعية الفيلم تقيم تأبينًا ل صلاح السعدني وعصام الشماع ونادر عدلي    عن أى أساطير تتحدثون؟!    جامعة عين شمس تتقدم في تصنيف QS العالمي 133 مرتبة    الأحد 9 يونيو 2024 .. البنك المركزي يطرح أذون خزانة ب 55 مليار جنيه    جامعة عين شمس تتقدم في تصنيف QS العالمي    أبرز لقطات البرومو الرسمي لفيلم "عصابة الماكس"    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    ماذا قالت سيدة التوقعات مع عمرو أديب عن العوضي وياسمين عبد العزيز وأمل ماهر وشيرين؟ (فيديو)    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    حظك اليوم برج العقرب الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «لا أعلم مصيري».. نجم الجونة يكشف مفاجأة بشأن مفاوضات الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«اسمي خان».. تحفة هندية تنتصر لقيم الإسلام
نشر في القاهرة يوم 23 - 03 - 2010

تعرض النجم الهندي الكبير شاروخان لموقف مثير حين توقف للتحقيق لعدة ساعات في مطار نيويورك العام الماضي أثناء إحدي زياراته للولايات المتحدة . أثارت هذه الحادثة حالة من الإستنكار في الهند نظرا لشعبية شاروخان الكبيرة . وربما يكون هذا الموقف هو الشرارة الأولي التي انطلق منها مشروع فيلم (اسمي خان) عن مواطن هندي يعيش في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر ويعاني من الشكوك الدائمة في نواياه التي قد تصل إلي تعرضه للإضطهاد، وكل هذا لمجرد أنه مسلم وله ملامح شرقية، وربما أيضا لأن اسمه خان . فهل سيملك خان القدرة علي التصريح باسمه بعد ما أصابه من جرائه ؟ وهل سيتمكن من أن يدافع عن نفسه ويثبت براءته ؟ بل وأن يقدم للعالم صورة صحيحة عن دينه الإسلامي العظيم بثقافته العميقة ودعوته الأساسية للتسامح والسلام والتواصل بين كل خلق الله دون أي تمييز بين لونهم أو دينهم أو أصلهم .
هذا هو باختصار موضوع فيلم (اسمي خان) الذي يحقق نجاحا كاسحا في كثير من بلاد العالم والذي تشهده دور العرض في مصر حاليا . وهوأحد الأفلام الهندية المهمة التي تلقي تقديرا كبيرا علي الساحة الدولية والتي تقدم صورة جديدة ومتطورة للفيلم الهندي، وتعود به من جديد إلي أيام مجده التي شهدها في الأسواق العالمية . ويمكننا القول أننا نعيش حاليا مرحلة الغزوالهندي الثالث لسوق السينما العالمية ولكن من خلال أفلام تجمع بين الجماهيرية والأسلوب الفني والفكري الراقي في ذات الوقت . فأفلام الهند الجادة لم تنجح في الماضي إلا في المهرجانات الدولية، بينما اجتاحت السينما الهندية العالم بميلودراماتها الحزينة والغنائية مع نهاية الستينات وبداية السبعينات بمجموعة من أهم الأفلام التي اصبحت خالدة في ذاكرة السينما ومنها (سانجام) و(سوراج) و(ماسح الأحذية)، ثم عادت في الثمانينات والتسعينات بموجة أفلام الحركة ذات البعد الإجتماعي والتي تسيدها نجم النجوم الهندي أميتاب باتشان ..وهاهي تعود من جديد بأفلام إنسانية الطابع عالمية التوجه تتضمن عددا من الرسائل السياسية والإجتماعية المهمة، منها فيلمي (نيويورك) و(أنا خائف) ..ويمكن أن يندرج معها أيضا تحفة السينما الهندية للمخرج الإنجليزي داني بويل (المليونير المتشرد) 2008 الذي ربما لم يحظ فيلم خلال السنوات الأخيرة بما قوبل به من اهتمام جماهيري وإعلامي وما أثاره من جدل والذي استطاع أن يحصد أكثر من 80 جائزة مهمة من بينها ثمان جوائز أوسكار منها أحسن فيلم وأحسن إخراج.
ملحمة عصرية
في (اسمي خان) تواصل السينما الهندية تقديم موضوعات ذات طابع جاد ومثير بتقنيات متقدمة وباستفادة جيدة من أفكار وأساليب السينما العالمية .. ولكن مع الإحتفاظ ببعض الجوانب الأساسية لشخصيتها السينمائية المستقلة وبمكسبات الطعم التي لا يعرف سرها إلا صناعها الأصلاء الذين توارثوا تقاليد المهنة من الأجيال السابقة . فبداية تمتلك القصة عناصرها الدرامية المعقدة وهي تموربشخصيات عميقة الجذور ذات خلفيات تاريخية واضحة. وإذا كان اسلوب الفلاش باك أصبح شائعا وبقوة أشبه بموضة رائجة في السينما العالمية اليوم كأحد ملامح الأساليب الحداثية في السرد، فإنه يعد أحد الملامح الأصيلة للسينما الهندية منذ بداياتها والتي تداخلت الأساطير والقصص الدينية والملاحم الشعبية بشكل صميم في صناعة تراثها . وبما تفرضه هذه الأشكال من احتياج دائم إلي العودة للماضي أو النظر للحكاية عبر وجهات نظر مختلفة أو بأساليب سردية معقدة .
تبدأ أحداث فيلم (اسمي خان) بعد سفر رضوان خان - شاروخان - للولايات المتحدة ليقيم مع شقيقه بعد وفاة أمهما التي كان يرعاها وحده ببلادهم الهند . سنعلم أن رضوان شاب مسلم يعاني من مرض التوحد وسرعان ما سيواجه تجربة مؤلمة مع التعصب ضد المسلمين بعد11 سبتمبر . وفي هذه الاجواء سيوظف الفيلم حادثة حقيقية عن جريمة قتل رجل هندي من السيخ اعتقد جيرانه من مظهره أنه أفغاني مسلم .وسوف تتصاعد مرارة تجربة رضوان مع زيادة الاسترابة في شخص مثله تتحول بساطته وعفويته الشديدة إلي قرائن وأدلة اتهام ضده ..وستتوالي المحن عليه وتصل إلي ذروتها مع مقتل ابن زوجته علي إثر هذا العنف والغباء العنصري المستشري حتي بين الأطفال ضد أي مسلم يتعرض لمجرد الإتهام . لن يجد رضوان مفرا من أن يذهب لمقابلة الرئيس بوش شخصيا ليؤكد له وللعالم أن إسمه خان وبالتالي فهومسلم ولكنه ليس إرهابيا . وسوف تتوالي العراقيل أمامه حتي ينتهي عهد بوش ولكنه سوف يصر علي مواصلة مشواره حتي يتمكن من مقابلة الرئيس أوباما في المشهد الأخير . فهل هذه إشارة إلي إمكانية تراجع النزعة العنصرية في عهد الرئيس الحالي ؟
مسلم حقيقي
تبدا رحلة الفيلم الحقيقية مع اتخاذ رضوان خان قرار مقابلة الرئيس . في هذه الرحلة الملحمية التي صاغها باقتدار المؤلف شيباني باتيجا سوف يواجه رضوان العديد من المصاعب والشخصيات والكوارث الطبيعية من سيول وأعاصير . وسوف ينتقل عبر عدة أمكنة ويتلاحم مع الوان مختلفة من البشر . وسوف يظهر من خلال هذه الرحلة المعدن الحقيقي لشخصية مسلم حقيقي ذي قلب مليء بالحب والتسامح ولديه رغبة حقيقية في مساعدة كل البشر دون عقد أو أمراض أو أحقاد . وسوف نخوض معه أيضا خلال هذه الرحلة الممتدة في المكان بطول الولايات المتحدة وعرضها رحلة أخري تمتد في الزمان لنتعرف علي أصول هذا الرجل وطفولته وعلاقته بأمه التي علمته أن البشر لا يختلفون بدياناتهم ولكن بطباعهم وأخلاقهم .
كانت هذه الأم العظيمة تعيش مع أولادها المسلمين في مجتمع يسيطر عليه الهندوس ويضطهدونهم كأقلية ضعيفة . ولكنها استطاعت أن تربيهم بمعزل عن التعصب الديني والعرقي . وتعبر الدراما عن هذه الشخصية وتلك الأجواء بأساليب سينمائية متقدمة دون وعظ مباشر أو حوار ثرثار ومن خلال حيل فنية بسيطة مثل دعوة الطفل للتمييز بين صورة رجلين في لوحتين مختلفتين أحدهما يضرب طفلا والآخر يقدم حلوي فهل يمكن ان نعرف أيهما مسلم وأيهما هندوسي ! أم أن الاقرب للصواب هو التمييز بين أيهما طيب وأيهما شرير.
تبدو رحلة رضوان أقرب لرحلة ملحمية أسطورية عصرية، يواجه خلالها العديد من المخاطر والآلام ويحقق خلالها الكثير من البطولات . إنها دراما هندية أصيلة لا تستفيد من التراث السينمائي الهندي فقط ولكن أيضا من أسلوب القصص الشعبي والملحمي هناك . وهي تسعي لتحقيقه في صورة أقرب للقبول والمنطق ومع قدر من المبالغات الممكنة وليست المستعصية علي التصديق . وعلي مستوي الأسلوب السينمائي أيضا أصبحت تتجنب المبالغات الزائدة في الإنتقالات الحادة والزوايا الغريبة والحركة العصبية للكاميرا . ولكنها أيضا لا تلتزم تماما بالمنهج الأمريكي الصارم في ضبط الإيقاع والشكل الكلاسيكي الأكاديمي والتقطيع الآلي . فهناك حالة من العاطفة الجياشة وهي جزء لا يتجزأ من طابع الشخصية الشرقية، يسعي الفيلم لتحقيقها بأسلوبه الدرامي والإيقاعي .
إيقاع شرقي
وقد يري البعض مثلا أن مشاهد الكوارث كانت أطول مما يجب وأن الفيلم الذي استغرق عرضه ثلاث ساعات كان يمكن اختصاره علي الأكثر في ساعتين ونصف . ولكن كل هذه الآراء تأتي من خلال السعي إلي أمركة الفيلم الهندي وتحويله إلي صورة بالكربون من الأسلوب السينمائي التقليدي الذي ألفته العين وتحول المشاهد إلي مدمن له بكل مكوناته. فالرحلة والمشاهد الكارثية في الفيلم هي ليست مجرد أحداث يمر بها البطل ولكنها مناطق من التاثير والتواصل الإنساني وجزء من بناء ذي طابع ملحمي يخاطب بالدرجة الأول جمهورا ذا ثقافة خاصة وتراث معين . وإن كان في نفس الوقت بإمكانه ان يخاطب أي إنسان في العالم علي استعداد أن يتلقي خطاب الآخر بأسلوب الآخر وبلغته وبتقنياته التي تطورت كثيرا واستفادت من روح العصر وأساليبه دون أن تفقد جذورها وأصالتها . وكذلك بقدرة المخرج كاران جوهر علي تحقيق التوظيف الخلاق لمختلف عناصر الفيلم السينمائي وعلي رأسها الأداء التمثيل الراقي خاصة لبطل الفيلم شاروخان الذي تمكن من ان يعبر عن الشخصية في جميع أزماتها ومواقفها . وأن يلونها بتعبيرات متقنة ومنضبطة ومعبرة علي الرغم من طبيعتها الخاصة جدا.
يقول د. أحمد شوقي عبد الفتاح في كتابه (السينما الهندية) " إن تجربة الهند السينمائية تثبت يوما بعد يوم أنها الفرس القادم بلا رهانات إلي السوق العالمية، وأنها تفرض ذوقها وجمالياتها ومواضيعها علي السينما العالمية التي تبحث عن الجديد، وعن نمط مغاير للنمط الأمريكي الذي تحول مع الوقت إلي الوجبة الواحدة التي مهما كانت مكوناتها لا تتغير ."
وعلي الرغم من حماسي الشديد للفيلم، إلا أنه لابد لي أن أسجل اعتراضي الوحيد علي نهايته تحديدا بما تحمله من أبعاد رمزية ؟ فالبطل في النهاية وبعد كل ما واجهه من عقبات يتمكن من الوصول برسالته إلي الرئيس الحالي أوباما . فهل يمكن التلاقي أخيرا مع رئيس أمريكي لمجرد أنه ذوبشرة سمراء وله أصول إسلامية ويملك بالتالي روحا متسامحه عن سابقه؟. وهل يجوز أن ينتهي فيلم يدعو إلي نبذ التعصب بالميل العنصري نحوأصحاب البشرة السمراء؟ . وهل الخلاف بين بوش وأوباما هو مجرد اختلاف في البشرة أم أنه واقع سياسي مختلف وملح وله شروطه الجديدة وظرفه الخاص؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.