هل يمكن للمجتمع المدني أن يدعم المشاركة السياسية؟، وبشكل خاص.. هل يمكن أن يدعم المجتمع المدني المشاركة السياسية للمرأة؟!. لقد حاولت أن أجتهد في الإجابة من خلال التأكيد علي بعض المحاور الهامة، ومنها: أن ممارسة المواطن لحقوقه السياسية وتمتعها بحرياتها لا يؤدي بالضرورة إلي المشاركة السياسية، وإنما تتحقق تلك المشاركة من خلال العمل الجماعي المنظم والموجه الذي يهدف إلي التغيير في السياسات الحكومية والتأثير عليها أو تطويرها أو الحفاظ عليها. وهو ما يعني أن توعية المواطن بحقه في التصويت في الانتخابات لا يعني المشاركة السياسية الكاملة.. لأنها تتحقق من خلال (فعل) جماعي منظم من الأحزاب مثلاً، التي تندرج تحت مفهوم المجتمع المدني. وذلك علي اعتبار أن كل صوت انتخابي علي حده له أهميته لأنه يؤكد تفاعل صاحب ذلك الصوت الانتخابي مع هموم مجتمعه ومشكلاته، أما مجموع الأصوات الانتخابية فهو الذي يحسم نتيجة الانتخابات.. وما يتبعها من اختيار سياسات وتوجهات. تقوم مؤسسات المجتمع المدني (بمنظماته وجمعياته) علي منهجية مختلفة عن العمل الحكومي.. فهي تعمل بشكل مستقل عن الحكومة. وهو ما جعلها تقوم بدور الوسيط بين المواطن والدولة من أجل تحقيق نوع من التكامل علي عدة مستويات (اجتماعية وثقافية وفكرية وتربوية..). كما يمكن لها أن تقوم بدور متقدم عن دور الدولة في مجال الوعي، وما يترتب علي ذلك من نشر ثقافة التنشئة السياسية خاصة للأطفال والشباب.. للمزيد من المشاركة والتفاعل. وهو ما يعود ببساطة إلي (ثقة) المواطن العادي في أي كيان غير حكومي بسبب أزمة (الثقة) التي تسببت فيها بعض وسائل الإعلام للتشكيك في عمل الحكومة، والتهوين من إنجازاتها وقدرتها علي حل المشكلات والأزمات. إن مؤسسات المجتمع المدني عليها دور أساسي في (المسئولية المجتمعية) للقيام بدور تنموي من خلال عملها الجماعي في المجتمع، ومواجهة الأزمات. المجتمعية من خلال تأثيرها علي المجتمع. وهو ما يعني أن دورها قد تجاوز تخصصها (المهني) في أي مجال إلي دور مجتمعي مرتبط برفع الوعي فيما يخص المشاركة السياسية ومواجهة الأزمات الطائفية والحفاظ علي البيئة.. وهي مكونات يمكن دمجها في جميع البرامج والمشروعات التنموية. أعتقد أن هناك تحولاً مهماً قد حدث خلال السنوات الماضية، وهو يؤكد أن الحكومة والمجتمع المدني قد أصبحا في حاجة ماسة لبعضهم البعض، فلا الحكومة تستطيع النهوض والتقدم بدون مجتمع مدني يقدم لها البدائل والموارد والقدرات والخبرات المتميزة، وفي الوقت نفسه لا يستطيع المجتمع المدني تحقيق أهدافه بدون وجود حكومة قوية داعمة للمشاركة المجتمعية تعمل علي إرساء العدل وتسعي من أجل الصالح العام لكل أفراد المجتمع من خلال القوانين والإجراءات. بالإضافة إلي أن العلاقة بينهما هي علاقة.. تتخذ شكلا من أشكال الرقابة المتبادلة.. من خلال ما يقوم به المجتمع المدني حسب تخصص جمعياته ومنظماته سواء في مراقبة الانتخابات أو متابعة الحريات أو متابعة تطور الحالة الصحية.. وللحديث بقية.. عن دور المجتمع المدني في دعم المشاركة السياسية للمرأة.