يشهد المجتمع المصري الآن حراكا وزخما سياسيا غير مسبوق قبل انتخابات مجلس الشعب المقبلة ومن بعدها بشهور قليلة انتخابات رئاسة الجمهورية وتتحمل الأحزاب السياسية العبء الأكبر في هذا المجال. ومن المتفق عليه أن المشاركة السياسية والفاعلة أحد أهم الوظائف والمهام الأساسية التي تضطلع بها الأحزاب السياسية في جميع الدول النامية والمتقدمة. فلا يمكن تحقيق تنمية سياسية حقيقية بالمجتمع دون مشاركة ايجابية من المواطنين في كافة المجالات وبكل الصور المتعددة للمشاركة, كما تعتبر المشاركة السياسية أحدي الدعامات المهمة لإحداث الاستقرار السياسي. ذلك الاستقرار الذي يعد العامل الأساسي والمحوري الذي تسعي كافة المجتمعات لتحقيقه ويتمثل ذلك في تدعيم شرعية نظام الحكم القائم وعدم حدوث قلاقل أو اضطرابات تهز هذا الاستقرار. وتعتبر الأحزاب السياسية أهم مؤسسات المجتمع المدني التي من المفترض أن توفر للمواطن فرصة المشاركة والتعبير عن قضايا المجتمع المختلفة وأداء هذه الوظيفة يرتبط بعدد كبير من المتغيرات الاجتماعية الاقتصادية مثل مستوي الدخل والتعليم ونوع المهنة بالاضافة إلي رد فعل النظام الحاكم علي مطالب المشاركة من حيث قبولها أو رفضها. كما تتأثر مشاركة المواطن بالجماعات المرجعية التي ينتمي إليها بتشكيلها واتجاهاته وتصرفاته في المواقف المختلفة وينظر إلي الأحزاب السياسية باعتبارها أهم هذه الجماعات المرجعية لأعضائها من حيث الأفكار والتوجهات السياسية والأهداف التي تسعي إليها ومدي تنظيمها وانتشارها. ويعيش المجتمع المصري الآن ومنذ عام1976 م فترة التعددية الحزبية لوجود أكثر من حزب سياسي علي الساحة السياسية تمثل مختلف الاتجاهات والتيارات الفكرية. وتسعي جميعا إلي التأثير وفي صنع القرار السياسي بالمجتمع وبقدر نجاح الأحزاب السياسية في تحقيق أكبر درجة من المشاركة السياسية لأعضائها وأبناء المجتمع ككل, بقدر تحقيقها لأهدافها, باعتبار ذلك أهم الوظائف التي تسعي الأحزاب لتحقيقها. وأحد المقاييس الأساسية لنجاح الحزب السياسي في المجتمع ما يحققه من مشاركة سياسية ايجابية داخل المجتمع في مختلف القضايا المجتمعية خاصة قضايا التنمية. وبنظرة متعمقة للحياة السياسية في مصر يلاحظ عزوف أعداد كبيرة من أبناء المجتمع المصري عن المشاركة السياسية بفاعلية وإيجابية وانفراد للحزب الوطني الديمقراطي بدرجة كبيرة وملحوظة دون غيره من الأحزاب بممارسة العمل السياسي في المجتمع, وأن وجود الأحزاب السياسية علي الساحة السياسية ووسط الجماهير محدود وتمثيلها داخل البرلمان ضئيل. فانفراد حزب واحد وان كان حزب الأغلبية العددية دون بقية الأحزاب بممارسة مختلف الأنشطة السياسية لا يحقق أهداف التعددية الحزبية ومن ثم ليس في مصلحة العملية السياسية والمجتمع ككل. ويمكن بلورة الأسباب التي تفرض علي الأحزاب السياسية ممارسة دورها في تفعيل عملية المشاركة السياسية علي النحو التالي: 1 لقد مضي أكثر من ربع قرن علي عودة نظام التعدد الحزبي للمجتمع المصري بعد العائلة عقب قيام الثورة. ومن المفترض أن يكون لمختلف هذه الأحزاب السياسية, التي بدأت بثلاثة أحزاب عام1976 ووصلت الآن إلي ما يزيد علي عشرين حزبا أدوار مهمة في تفعيل المشاركة السياسية 2 تعتبر الأحزاب السياسية أهم المؤسسات والقنوات الشرعية المطالبة بتحقيق المشاركة السياسية بالمجتمع بما تتيحه لمختلف الآراء والاتجاهات السياسية من التعبير بحرية داخلها. 3 تعتبر المشاركة السياسة جوهر الحياة الديمقراطية في أي مجتمع والطريق إلي تحقيق التنمية الإنسانية المستدامة. ولم يعد العمل السياسي مجرد المشاركة في الانتخابات ودخول المجالس التشريعية إنما هو المشاركة في كافة جوانب عملية التنمية بأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. 4 إثبات فاعلية الأحزاب واختيار قدرتها علي العمل الجماهيري المتواصل, والمساهمة بجدية في زيادة نسبة التصويت في الانتخابات بالقضاء علي عزوف الناخبين من الذهاب إلي صناديق الاقتراع, ويتحقق بذلك أهم ضمان لنزاهة الانتخابات. وختاما, لابد وأن نسلم بأن الأحزاب السياسية هي أهم مؤشرات الديمقراطية في كل المجتمعات. وبقدر مشاركتها ووجودها الفعلي بين الجماهير بقدر زيادة وزنها النسبي في المعادلة السياسية.