لا تزال الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة تبث سمومها داخل مصر ويوماً بعد يوم يتكشف لنا بعداً جديداً لخطورة هذه الأنفاق علي الأمن القومي المصري. مؤخرا.. كشف طلب إحاطة بالمجلس المحلي لمحافظة الإسماعيلية عن تداول مبيدات زراعية مسرطنة تحمل أسماء المبيدات الممنوعة التي سبق رصدها في قضية "المبيدات المسرطنة" في عهد الوزير الأسبق يوسف والي بالعديد من المحال الخاصة ببيع المبيدات في الإسماعيلية. المبيدات التي يهرب جزء كبير منها عبر الأنفاق الحدودية مع غزة بعضها منتهي الصلاحية وأخر ممنوع التداول أو مستورد من الخارج وليس لها رقم تسجيل محلي ويتم الاتجار فيه وتداوله بدون ترخيص وفي سرية تامة. مصطفي ربيع - عضو مجلس محلي محافظة الإسماعيلية ومقدم طلب الإحاطة اكتشف هذه النوعية من المبيدات المسرطنة عندما ذهب لشراء مجموعة من المبيدات لأرضه الزراعية فوجد لدي محل المبيدات بعضا من الأصناف المستوردة تحمل أسماء المبيدات الممنوعة التي سبق رصدها في قضية "المبيدات المسرطنة" في عهد وزير الزراعة الأسبق يوسف والي مثل "الدياسين 541) و"تريتكس وتوب سين" وغيرها من الأنواع التي يتم تداولها بطريقة سرية ويخزنها أصحاب المحلات في مخازن خاصة بهم بعيدا عن المحلات وعند طلبها يأتون بها من المخزن مباشرة إلي المستهلك حتي لا تقع عليهم مسئولية عند التفتيش عليهم.. معظم هذه الأصناف مستوردة من هولندا وبعضها من إسرائيل عن طريق التهريب عبر الأنفاق من رفح والبعض الآخر مجهول الهوية. سرطان وفشل كلوي ويضيف ربيع أن تداول هذه المبيدات منذ أكثر من 5 سنوات بالمحافظة أدي إلي تزايد أعداد المصابين بالفشل الكلوي والسرطان إلي ما يقرب 5 أضعاف معدل الحالات الطبيعي بالمحافظة وهو ما أدي إلي اتجاه المحافظة لإنشاء مستشفي متخصص بالأورام لاستيعاب الحالات المتزايدة، لافتا إلي أن عشوائية تداول المبيدات بالأسواق بالإسماعيلية يرجع لغياب الدور الرقابي فهناك 5 مهندسين زراعيين بإدارة الرقابة علي المبيدات مهمتهم التفتيش وضبط هذه المحال المخالفة ولكنهم لا يملكون حق الضبطية القضائية وبذلك لا يستطيعون القيام بدورهم إلا بعد اللجوء للشرطة لتنفيذ الضبط وهذا يأخذ وقتا. رد مديرية الزراعة بالمحافظة علي طلب الإحاطة يوضحه وكيل الوزارة المهندس محمد نصر بأن المديرية تؤدي دورها علي أكمل وجه حيث قيام قسم الرقابة علي الأسمدة والمبيدات بالاشتراك مع شرطة البيئة والمسطحات المائية والتموين بحملات مفاجئة علي محلات الاتجار بالمبيدات وتحرير محاضر وعمل قضايا للمخالفين وتحويلها إلي النيابة ووصل إجمالي القضايا التي تم رصدها علي مدار 9002 إلي 52 قضية باتهامات مختلفة ما بين مبيدات منتهية الصلاحية وأخري ممنوعة التداول أو مبيدات مستوردة من الخارج وليس لها رقم تسجيل محلي أو الاتجار بدون ترخيص وبيع منتجاتها لمصانع غير مرخص لها بالتصنيع، ولم تتطرق المديرية لكونها مسرطنة واكتفت بهذا الرد. فريسة وحول تعامل المزارعين بالمحافظة مع المبيدات وشرائها من المحلات يقول المهندس فرج مبارك -صاحب مزرعة-إنه نظرا لكونه لديه خلفية كبيرة علي المعلومات الزراعية ويعرف خطورة استخدام المبيدات الزراعية غير المناسبة فإنه يتعامل مع المبيدات بشكل عام بنوع من الحذر الشديد ولا يعرف مدي صدق ما تردد حول بيع بعض المحال بالمحافظة لمبيدات مسرطنة ولكنه يؤكد وجود عشوائية في بيع المبيدات وعدم التزام المحال بوجود مهندس زراعي مختص يقوم بالبيع وبالتالي يكون المزارع البسيط فريسة لهذه المحال حيث يذهب ليشتري أي مبيد ليقضي له علي المشكلة التي لديه في زراعته ويطلب من الباعة الذين هم في الغالب غير مختصين ترشيح نوع من المبيد فيأخذ ما يعطي له دون دراية بماهيتها، وعلي الجانب الآخر لا تتوافر بالجمعيات الزراعية غير الأسمدة والبذور ولا يوجد مبيدات علي الرغم من ضرورة الاتجاه لتوفيرها بالجمعيات لكونها مصدرا يثق فيه المزارع ويمكن أن يحميه من جشع تجار المبيدات في المحال الخاصة الذين لا يهتمون سوي بالربح. غياب الرقابة ويضيف عصام القرقاري - مزارع -وعضو بمجلس محلي المحافظة تداول المبيدات المجهولة الهوية بالمحافظة إن لكونها ظاهرة خطيرة لم يتم التعامل معها بحسم، وتنتج هذه المبيدات محليا من قبل مصانع "بير السلم" والتي توزع إنتاجها علي العديد من محال بيع المبيدات في مناطق مختلفة في القري والمراكز بالمحافظة، وتؤدي هذه المبيدات لكونها غير آمنة إلي الإصابة بالسرطان وتكمن المشكلة علي حد تعبيره في أن الحملات التي تقوم بها مديرية الزراعة روتينية ولا تأتي بنتيجة كبيرة وغالبا عندما يعلم أصحاب هذه المحلات بنزول حملة يسارعون بإغلاقها علي الفور لحين انتهائها. ويلفت إلي أن بعض المزارعين قد يعلمون جيدا الاضرار الناجمة عن هذه المبيدات الممنوعة لكن نتيجة لجشعهم ورغبتهم في تحقيق مكاسب كبيرة من النضج المبكر للمحصول وحصولهم علي إنتاجية عالية لخضر أو فاكهة بأحجام غير طبيعية أي كبيرة عن المألوف كما في الطماطم والخيار وغيره أو المانجو والخوخ والمشمش.. وبالتحديد ما يسعي وراءه بعض المزارعيي الجشعين من هذه المحال "الهرمونات" التي تسارع بنضج المحصول وتزيد حجم الثمار، وتباع هذه "الهرمونات" بالجرام ويصل سعره إلي 1200 جنيه ويخلط بأشياء أخري ويكفي لرش نصف فدان، ويحصل تجار المبيدات علي "الهرمونات" من تجار قادمين من العريش جاءوا بها عن طريق التهريب عبر الأنفاق من رفح وتقريبا يصل سعر الطن إلي 400 ألف جنيه. ويتابع أحيانا يأتي مزارعون بدو من العريش ويقومون بتأجير مساحات صغيرة في الأراضي الصحراوية علي أطراف المحافظة وغالبا ما تعطي الزراعات إنتاجية عالية تصل إلي 10 أضعاف الفدان العادي، ويرصد القرقاري هذه النوعية من الهرمونات بالمحافظة في محال بيع المبيدات منذ 10 سنوات عندما بدأ بعض البدو العريشيين يأتون لتأجير الأراضي بها وعرف البعض منهم. مصانع بير السلم وينفي د. صلاح سليمان - نائب رئيس لجنة مبيدات الآفات بوزارة الزراعة - تداول مبيدات مسرطنة بالإسماعيلية مشيرا إلي أن المشكلة قد تكون لتداول بعض مبيدات منتجة بمصانع "بير السلم" في محال غير مرخصة. ويوضح أن أي مبيد لكي يصرح بتداوله في الأسواق لابد أن يسجل بالوزارة ويكون ذلك عن طريق تقديم صاحبه أو الجهة التي تريد تسجيله لملف خاص به للجنة يشتمل علي البيانات الفنية والمستندات المعتمدة المطلوبة وبعد الموافقة المبدئية عليه يتم تجريبه لمدة محددة طبقا للمادة رقم 6 من القرار الوزاري 622 لسنة 2008 ولا يتم التسجيل إلا بعد قيام المعمل المركزي للمبيدات بتحديد المواصفات الكيميائية وطبيعته وتسري شهادة التسجيل لمدة 6 سنوات ويتم تجديدها بعد مرورها بإجراءات أخري للتأكد من سلامته، أما في حال الاستيراد فلا يتم السماح للمبيدات المستوردة بالتداول في الأسواق إلا بعد التأكد أن المستورد حاصل علي ترخيص بالاتجار في المبيدات ولا يتم الإفراج عن أي شحنة إلا بعد تقديم صورة من الترخيص ساري والتأكد أن النوعية القادمة غير محرمة في أي اتفاقية دولية ولا في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة علي أساس أنها من أكبر الدول التي تهتم بالمحافظة علي الصحة العامة للمواطنين ثم التأكد في النهاية بمدي ملاءمة المبيد المستورد لطبيعة البيئة المصرية. وبخصوص محلات بيع المبيدات فيشترط للحصول علي ترخيص لها أن يديرها مهندس زراعي حاصل علي دورة تدريبية للمبيدات سواء في الوزارة أو من إحدي كليات الزراعة حتي نضمن أن يقدم نصيحة سليمة للفلاح الذي يشتري منه، ولذا فمنظمة تداول المبيدات في مصر جيدة ولكن ينقصها خطوة التأكد من سلامة التطبيق واستخدام المبيد من قبل الفلاح بشكل صحيح لذا نحن في ضوء وضع تصور لشركات أو جهات لتطبيق المبيدات أي رشها للمزارع بطريقة فنية سليمة من خلال إشراف مهندسين زراعيين وعمالة فنية. ويشير د. سليمان إلي وجود العديد من المشاكل الناتجة عن استخدام الفلاح للمبيد بشكل خطأ حيث أن المبيدات مواد سامة بصفة عامة يجب الحذر في التعامل منها من حيث توقيت الرش وترك فترة كافية بعد الرش وعدم جمع المحصول حتي لا يؤدي إلي حدوث مشاكل صحية لتناول الثمار المرشوشة وانتهاء مفعوله منها. تطبيق القانون ويضيف إن الاستخدام السنوي للمبيدات يصل إلي 5 آلاف و800 طن في صورة مادة فعالة ومع ذلك تعد مصر من أقل الدول استخداما للمبيدات مشددا علي أن محال بيع المبيدات تعد أخطر من الصيدليات لكونها تتعامل في السموم ولكن لابد من استخدامها وإلا بتخفيض الإنتاج الزراعي بمعدل 70٪ وهذا يعني حدوث أزمة في الغذاء. ويعترف د. سليمان بوجود مشكلة في الجهاز الرقابي بلجنة المبيدات تتمثل في وجود عجز في عدد المراقبين لعدم وجود تعيين بالجهاز الحكومي في الدولة ولكن سنحاول التغلب عي هذه المشكلة بانتداب مراقبين من الإدارات الأخري. ويري ضرورة تطبيق القانون بالحزم مع مصانع "بير السلم" المنتجة للمبيدات والمحال التي تبيع منتجاتها وغير مرخصة من حيث السجن لمدة تصل إلي 5 سنوات وغرامة تتراوح من 20 إلي 40 ألف جنيه حتي يرتدع هؤلاء عن العبث بصحة المواطنين لخطورة تداول هذه المبيدات غير الآمنة.