يظل الرهان علي العمل النقابي المهني كحل للعديد من مشكلات الفنون في مصر هو الأمل الذي لا يتحقق منذ سنوات طويلة. أما فيما يتعلق بالمسرح المصري فتظل نقابة المهن التمثيلية وهي النقابة المعنية بشئون المسرح المصري مثلها مثل زميلاتها معنية بأمور أخري غير شأنها الرئيسي. والمتابع لحصاد ما يحدث بها خلال السنوات الماضية يلاحظ ذلك بوضوح في عدد من القضايا الثانوية التي شغلت أعضاء الجمعية العمومية والرأي العام دون فائدة أو نتيجة حقيقية ومنها: أولاً: قضية منع الفنانين العرب والتي انتهت بتراجع النقابة عن قرارها ثم امتناع عدد كبير من الفضائيات العربية عن شراء المسلسلات المصرية حيث لم تحقق الدراما المصرية هذا العام أرباحها العادية بل شهدت تراجعاً غير مسبوق يهدد إنتاجها المقبل. ثانياً: الاستقالات الجماعية للنقيب هو مجلسه في الشتاء الماضي وعلي الهواء مباشرة ثم استئناف العمل والعودة للنقابة بدون دعوة الجمعية العمومية مما يحيط قرارات النقابة بشبهات انعدام الشرعية خلال الفترة البينية من الاستقالة وحتي الانتخابات الجديدة الشهر الماضي. ثالثاً: قرار النقيب بقطع العلاقات الفنية مع الجزائر إثر أزمة كرة القدم الأخيرة دون إدراك الدور التاريخي والرائد للفن المصري في احتواء جميع الأزمات المصرية في فترات التوتر مع عدد من البلدان العربية الشقيقة. رابعاً: التوترات الصغيرة ذات الطابع الشخصي والتي أدت للاستعانة بالشرطة والنيابة العامة ضد مهنيين مسرحيين بسطاء مثل مهندسة الديكور سلوي العرابي والممثل علي إبراهيم والزج بالجمعية العمومية في مثل تلك الأمور واستخدام الصياح والانفعالات وعدد من العبارات غير اللائقة مما أدي لابتعاد كبار النجوم ومنهم المهتم بالشأن العام مثل نور الشريف وعادل إمام وعزت العلايلي عن الترشح في الانتخابات الماضية أو الاهتمام بالعمل النقابي فكانت انتخابات المهن التمثيلية أكبر دليل علي تراجع النخبة فيها هذا العام عن العمل العام فترشح لمنصب النقيب كل من الفنان راضي غانم والناقد هشام بهاء مما أكد حالة من عدم التوازن وغياب المنافسة الحقيقية. خامسا: استمرار الازدواج الملتبس بين دور النقيب المهني ودوره كرئيس للبيت المسرحي، ثم كرئيس للإنتاج الثقافي، بل ودخول هشام جمعة وهو مدير للمسرح الحديث لمجلس النقابة مما يؤكد سيطرة ما هو إنتاجي ورسمي علي ما هو شعبي أهلي ومهني، بينما يمنع قانون النقابة كل من يتصدي للعمل الانتاجي من الترشح للانتخابات، وهي مسألة تحتاج لمناقشة تشريعية جادة. سادسا: تجاهل النقابة للمشروعات التي أقرتها لجنة المسرح بالمجلس الأعلي للثقافة بشأن النظر في عقود الإذعان غير الملزمة لأحد في المسرح المصري، وهي العقود التي تقف خلف الفوضي في الحقل المسرحي، حيث يفعل من يشاء ما يشاء دون محاسبة. سابعا: التركيز علي الخدمات الاجتماعية والاستمرار في تجاهل كل ما هو متعلق بالتدريب أو دفع ميزانيات العمل المسرحي، مع إهدار تام للعمل العلمي من كل نقابات العالم المتحضر. ثامنا: الطابع الشخصي في إدارة شئون الفنانين، والذي أدي تراكمه إلي مجموعة من السلوكيات التي يعاقب عليها القانون من رسائل تليفونية تمس السمعة والشرف، ومن دخول الشرطة مؤخرا في اتهام بالرشوة فيما يتعلق بشعبة الفنون الشعبية، واتهامات متلاحقة بالاستيلاء علي المال العام، ووزارة الثقافة لا تحاسب أحدا علي حرق أو غرق مسرح أو علي خطط مسرحية لا تنفذ، والنقابة بدورها وللأسباب السابقة لا تحاسب أحدا حيث أصبح المسرح المصري فوضي خارج المحاسبة، فمن له من أهله من له؟