لن أتوقف طويلا أمام إعلان الإخوان اسم مرشدهم الجديد محمد بديع أمس، بقدر ما أعود إلي صحيفة "روز اليوسف" عدد الثامن عشر من أغسطس 2009 أي قبل خمسة أشهر بالتمام والكمال، حين انفردت بتقرير للزميل الصحفي الشاب رجب المرشدي، عن اختيار محمد بديع مرشدا جديدا خلفا لمحمد مهدي عاكف الذي كانت لديه خمسة أشهر في ولايته الأولي. لم يتوقف المهتمون ومتابعو الإسلام السياسي طويلا أمام هذا التقرير رغم خطورته، فقد دخل الصحفي الشاب رجب المرشدي إلي داخل الإخوان وتحت جلدهم وفي دوائرهم المغلقة التي تحدد مصير الجماعة، وترسم مستقبل التنظيم، وقرأ وكتب ما يدور في الكواليس وتوصل إلي سبق صحفي من النوع الثقيل والنادر جدا هذه الأيام مع التدفق السريع والكبير في المعلومات. ومنذ أقل من شهر بدأ الحديث عن محمد بديع في وسائل الإعلام المختلفة، وبدأ الناس يتعرفون عليه، وظلت الشكوك حول صعوده لمنصب المرشد قائمة حتي ساعات قليلة مضت، لكن المرشدي الذي ظفر بهذا السبق الصحفي من تنظيم سري مغلق يستحق جائزة علي هذا الانفراد والتميز الصحفي الذي كان الأكبر والأهم عام 2009 . وبهذه المناسبة اقترح علي نقابة الصحفيين وهيئة جائزة دبي للصحافة منح الجائزة الأولي في التفوق الصحفي للزميل رجب المرشدي، ولا تنتظر الهيئتان أن يتقدم المرشدي رسميا لنيل الجائزة، وإنما أن تقوم الجهات التي تمنح الجائزة بنفسها باختيار صاحب هذا السبق الصحفي المهم لمنحه جائزة خاصة في التفوق الصحفي علي المستويين المصري والعربي. وإذا لم يحدث ذلك فأعتقد من وجهة نظري أن رجب المرشدي قدم خلال عام 2009 أهم انفراد وسبق صحفي في الصحافة المصرية والعربية والعالمية، وهو أمر يستحق الانتباه والإشادة والثناء والجوائز لمن يملكون منح هذه الجوائز في جميع أنحاء العالم. أما الدكتور محمد بديع الذي صعد من الخلف للمقعد الأول داخل الإخوان، فإن أمامه الكثير من التحديات، خاصة أنه يأتي محملا بميراث شديد الخطورة، حيث يعتبر من أخلص المؤمنين بأفكار سيد قطب ومنهجه التكفيري الواضح، ورغم أن الإخوان داخل السجون أعدوا كتاب " دعاة لا قضاة" بعد اعتقالهم عام 1965 تحت إشراف المستشار مأمون الهضيبي المرشد الأسبق للجماعة، فإن الكثير من قادة الجماعة، لا يزالون يؤمنون بأفكار قطب، ولا يتجاوبون مع طرح الهضيبي. والإخوان كجماعة بها الكثير من القضاة والجلادين علي حساب الدعوة، حيث لا تزال أفكار سيد قطب خاصة تكفير الحاكم والمجتمع تلقي قبولا وصدي كبيرا داخل النخبة المسيطرة وبين الكوادر علي جميع المستويات، وإلي حين ينتهي هذا الفكر، أو يخرجه الإخوان من مواثيقهم وأدبياتهم سنظل في حالة عداء مع الإخوان، لأننا ننحاز بالفطرة للحياة، وللحق في الاختلاف والتنوع.. ونؤمن بأن مصر في حاجة لدولة مدنية تقوم علي أساس الحقوق والواجبات المتساوية، وليس دولة دينية يتمتع فيها بالنفوذ والحظوة من يعتقد أنه أكثر إيمانا من الآخرين، ومن يقسمون الناس علي أساس دينهم أولا.. ودرجة انتمائهم للتنظيم ثانية.. ثم الإيمان ثالثا.