أنهي القطبيون معركتهم بالسيطرة علي قيادة جماعة الإخوان المحظورة بمؤتمر صحفي عقدوه أمس بمقر النواب في المنيل لإعلان محمد بديع أستاذ الطب البيطري مرشداً ثامناً للجماعة علي خلاف قواعدها التي تقتضي حدوث توافق عام داخلي حول شخص المرشد لما للمنصب من مكانة دينية وأدبية وسياسية بين عناصر الجماعة. وبدا الأمر مثيراً للسخرية عندما وقف بديع قائد فريق الإنقلابيين داخل الإخوان يتحدث عن الديمقراطية باعتبارها وسيلة الجماعة التي تسعي لإقرارها وتدعيمها داخل ما اسماه مؤسسات الجماعة، ينبه الإخوان إلي أن الشوري في جوهرها تعني احترام الرأي الآخر ثم الالتزام برأي الأغلبية. في المؤتمر الذي سادته فوضي رهيبة وقاطعه جميع المحسوبين علي الإصلاح داخل الجماعة وفي مقدمتهم محمد حبيب النائب الأول للمرشد وعبدالمنعم أبوالفتوح عضو مكتب الإرشاد أخذ محمد بديع المرشد الجديد يقول موجهاً كلامه إليهم «كم كنا نتمني أن يتم هذا الحدث الكبير وأنتم بيننا ولكن إن غابت الأجساد فالأرواح تتلاقي ونصائحكم ننتظرها ونسعد بها». وفي محاولة لتقديم رسائل تطمينية للمجتمع قال بديع إن الإخوان يرفضون العنف ويدينونه وأن موقفهم من أنظمة الحكم يقوم علي قاعدة أن الجماعة لم تكن يوماً خصماً للأنظمة وإنما يؤيدون الحسن منها ويدينون السيئ، وأضاف أن الجماعة تؤمن بمبدأ سيادة الشعب والفصل بين السلطات الثلاث ومن هذا المنطلق فهي تشارك في الانتخابات العامة في البرلمان وغيره. مغازلاً الأقباط قال بديع إن الجماعة تدين جميع أشكال العنف الطائفي لأن «النصاري» هكذا سماهم يمثلون مع المسلمين نسيجاً اجتماعياً وثقافياً وحضارياً واحداً، وفيما يتعلق بالمرأة قال إن الجماعة حريصة علي تمتع المرأة بجميع حقوقها، ومن هذا المنطلق رشحت السيدات في الانتخابات البرلمانية الماضية وسوف ترشحهن في الانتخابات المقبلة. اختيار بديع مرشداً بشكل رسمي هو تأكيد لا يقبل الشك علي انفراد «روزاليوسف» الذي كتبه الزميل رجب المرشدي في الصفحة الأولي من «روزاليوسف» في 12 أغسطس الماضي بعنوان «انفراد: انقلاب في المحظورة ينتهي باختيار محمد بديع مرشداً» في الانقلاب الذي قاده عزت وبطانته اختيار بديع مرشداً علي طريقة بيعة المقابر لمصطفي مشهور والتخلص من حبيب والرافضين للتغيير، كما حققنا انفراداً آخر عندما كتبنا عن موافقة 5 من مراقبي الدول العربية علي بديع كمرشد ثامن للجماعة في 30 ديسمبر الماضي.. استغرب الإخوان من طرح اسم بديع ذلك الشخص المجهول الذي لم يسمع صوته في أي معركة من معارك الجماعة باستثناء الأناشيد والتواشيح التي يلقيها في مناسبات الإخوان المختلفة نظراً لما يتمتع به من صوت رقيق.. ولم يشارك في أي خلاف في الجماعة وهو شخصية غير معروفة إعلامياً.. وتهكم الإخوان أنفسهم لهذا الطرح الغريب، لكن عند إجراء الانتخابات في شهر ديسمبر الماضي ظهر اسم بديع منفرداً بأكبر عدد من الأصوات في خطوة نشرنا تفاصيلها كاملة في «روزاليوسف» قبل الجميع وحتي لا يدعي أحد المتنطعين من صحيفة ممولة إخوانية ويحاول سرقة مجهود لم يكلف نفسه في الحصول عليه من مصادره إنما نقله من «روزاليوسف» ثم تدعي صحيفته أو نشرته الإخوانية أنها صاحبة السبق وصاحبة الريادة.. كل هذه التفاصيل نشرناها قبل خمسة أشهر. العملية التي تم فيها تصعيد بديع هي عملية اختيار وليست انتخاباً، لأن الجماعة لا تؤمن بفكر الديمقراطية إنما تتخذ من منهاج سيد قطب في فكر الابتلاء الذي يبرر لها ما تقوم به، لذلك كان اختيار بديع مرشداً ثم طرح اسمه لعملية انتخاب صورية لتجميع الأصوات فقط.. كان قبلها عزت قد قرر الإطاحة بكل من يقف في وجه استيلاء القطبيين علي مقاليد الحكم في الجماعة فقرر الإطاحة بكل من محمد حبيب نائب المرشد وصديقه عبدالمنعم أبوالفتوح في صفقة كبيرة عقدها مع عصام العريان أحد اللاهثين لعضوية مكتب الإرشاد فكانت الصفقة «صوتك بإجراء الانتخابات مقابل مقعد مضمون في عضوية المكتب» ولأن طموحات العريان تفوق قدراته وافق علي الفور متخذاً مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. بعد افتضاح أمر القطبيين في الجماعة وتأكد قيادات الجماعة أن الأمر تم إعداده مسبقا من قبل عزت ومن معه ونيته المبيتة في التخلص من كل من يقف في طريقه.. رفض بعض قيادات التيار الإصلاحي هذه الانتخابات وأكدوا بطلانها لأنها لم تطبق اللائحة المتعارف عليها في الإخوان واعترض البعض الآخر علي بديع نفسه خاصة قيادات التنظيم الدولي ومكتب الإرشاد الدولي الذين طلبوا توضيحاً علي ما جري في الانتخابات.. في هذه الأثناء طرح عزت اسمي «محمد رشاد البيومي وعبدالله الخطيب» صباحي في المركز الثاني والثالث في عدد الأصوات بل سربت الجماعة خبر اختيار البيومي مرشداً لتقليل التناول الإعلامي حول بديع لحين التوافق عليه تماماً من قبل التنظيم الدولي، وظن البعض أن البيومي هو المرشد القادم.. في هذه الأثناء نشرت «روزاليوسف» بالتفصيل موافقة 5 من مراقبي الدول العربية علي محمد بديع كمرشد ثامن في انفراد جديد بعد الجهود التي قام بها عضوا كتلة الإخوان في البرلمان سعد الحسيني وسعد الكتاتني في شرح أبعاد اختيار بديع مصحوباً معها ملف يضم سيرته الذاتية ومواقفه وسي دي عليها بعض التواشح الدينية التي يلقيها وخطابات له في مناسبات الجماعة وتدخل المرشد بقوة لتدعيم موقف بديع بعد الرفض الذي لاقاه خاصة بعد أن تم ترتيب الأوراق كلها لصالحه بداية من الاستيلاء علي كل الملفات التي كان يديرها حبيب وإسنادها لبديع فضلاً عن ملف الصعيد الذي يتولاه.