ستة أشهر مرت على تنصيب د. محمد بديع سامى مرشدا ثامنا للإخوان المسلمين خلفا لمحمد مهدى عاكف أول مرشد للجماعة يحصل على لقب سابق وهو على قيد الحياة. تحركت خلال تلك الشهور الستة الكثير من المياه فى نهر الجماعة الثمانينية التى راهن البعض على أن تعصف الخلافات الحادة التى صاحبت انتخابات مكتب الإرشاد الأخيرة بها، أو على الأقل أن تنكفئ الجماعة على نفسها وتبتعد عن الساحة السياسية، وذلك بعد سيطرة «تيار التنظيم» على مفاصلها. وفى أول حوار لصحيفة مصرية وصف بديع ل «الشروق» ما حدث فى معركة «الشورى» الأخيرة بأنه فضيحة انتخابية من نظام لا يعرف إلا التزوير، مضيفا: «إن الجماعة خاضت تلك الانتخابات لأنها كانت تطمع فى وجود شىء من الذكاء السياسى لدى النظام». ونفى مرشد الإخوان الثامن وجود أى اتصالات بين الجماعة والنظام الحاكم وقال: «قولة واحدة، لم يحدث بيننا أى اتصال حتى لا يتقول علينا متقول»، لكنه أكد أن الجماعة تفتح أيديها وقلوبها وعقولها للحوار، مكررا ما قاله سلفه مهدى عاكف: «لو حكم النظام الحالى بشرع الله وتخلى عن منافعه الشخصية سنكون خدما له». وأشار بديع إلى أن جماعته لم تقرر حجم مشاركتها فى انتخابات «الشعب» المقبلة بعد، وقال: «من الوارد أن تضم قائمة مرشحى الجماعة فى الانتخابات المقبلة أقباطا». ولم يستبعد لجوء الإخوان إلى سلاح المقاطعة الفاعلة بشرط إجماع كل قوى المعارضة على ذلك. وحسم المرشد موقف جماعته من التقدم بأوراق حزب سياسى وقال: «اقتراح النواب بتأسيس حزب سياسى مرفوض ولن يعرض على مجلس الشورى». ما هو تقييمك لمعركة انتخابات مجلس الشورى الأخيرة.. وتفسيرك لعدم نجاح الإخوان فى الحصول على أى مقعد؟ انتخابات الشورى الأخيرة هى تدمير لرغبة وإرادة الشعب ونتائجها غير حقيقية وما حدث فضيحة انتخابية من نظام لا يعرف إلا التزوير، فالانتخابات الحرة لا يعرف أحد قبلها بثلاثة شهور أن الإخوان لن ينجح لهم فيها مرشح، وأن بعض أحزاب المعارضة ستحصل على 4 مقاعد، بعض المراقبين أكدوا أن هذه هى هندسة الانتخابات الجديدة لدى الحزب الحاكم فمن يريد نتيجة معينة لابد أن يضمن تزويرها مسبقا. ولو قارنا بين تلك الانتخابات وانتخابات مكتب الإرشاد لعرف الجميع الفرق بين ما يحدث داخل جماعة الإخوان من مؤسسية وشفافية وشورى وبين الانتخابات التى يجريها الحزب الوطنى، فلم يكن أحد يعرف من سيتولى رئاسة مكتب الإرشاد حتى آخر لحظة بمن فيهم المرشد. إذا لماذا خاض الإخوان انتخابات الشورى على الرغم من علمهم أن نتائجها محسومة سلفا كما توقع البعض؟ المحسوم سلفا لم يحسم إلا بنية التزوير، وقد خضنا الانتخابات لأننا كنا نطمع أو نتوقع أن يكون هناك شىء من العقل والذكاء السياسى لدى النظام، حتى لو كان هناك تزوير لا يكون فجًّا بهذه الصورة، وكنا نتمنى أن يُسمح لجميع التيارات أن تشارك فى مجلس الشورى. اسم الشورى لا يوجد قط إلا فى الإسلام، فالشورى لب الإسلام، حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشورى «وشاورهم فى الأمر»، ولا يعقل ولا يصح أن تؤدى فريضة من الفرائض بمال حرام، وشىء طيب جدا أن يكون هناك مجلس شورى فى مصر وفى باقى الدول العربية ودول الإسلام ولكن بأى شكل من الأشكال؟ ذكرت بعض التقارير الصحفية أن هناك اتصالات جرت بين الجماعة وقيادات الحزب الحاكم قبل الانتخابات لكنها فشلت.. هل حدث أى شكل من أشكال الاتصال مع الحزب الوطنى منذ توليكم منصب المرشد العام فى يناير الماضى؟ لم يحدث شىء من هذا قط.. قولة واحدة حتى لا يتقول علينا أحد، لم يحدث أى اتصالات مع الحزب الحاكم، والحقيقة أننا الآن من نفتح أيدينا وقلوبنا وعقولنا لكى يعود النظام إلى رشده ليس للتحاور معنا نحن فقط بل للتحاور مع الجميع، وأنا قلتها منذ أن توليت منصب المرشد لن نتعاون مع الحزب الحاكم، والمرشد السابق الأستاذ عاكف قال: «لو حكم النظام الحالى بشرع الله وتخلى عن المنافع الشخصية سيكون الإخوان خدما له»، وأنا أقول نفس الجملة الآن، سنكون خدما لمن يحمل هذه الأمانة وسنعاونه ونساعده.. ولابد أن يعود النظام إلى رشده ليعلم أن مصر بلدنا جميعا ونحن شركاء معه فى ذلك الوطن وشركاء معه فى المسئولية وشركاء فى القرار كما أننا شركاء فى تحمل الفساد، فالفساد لا يقع على الحزب الحاكم فقط بل على الشعب كله فنحن وهم فى سفينة واحدة وسنسعى لنجاتنا جميعا كمصريين «مسلمين ومسيحيين» وليس لنجاة الإخوان فقط. ودعنى أذكر بواقعة عندما اعتقل المرشد الأسبق للإخوان عمر التلمسانى مع البابا شنودة فى سبتمبر 1981، عرض بعض المسئولين عليه أن يتم الإفراج عنه لكنه رفض وربط خروجه بخروج البابا شنودة وبالفعل خرجا معا. لذلك أرجو أن يعلم النظام أننا لا نريد شيئا لأنفسنا، ونريد أن يتحاور النظام مع كل القوى السياسية الموجودة بما فيها الإخوان. هل تقصد بالنظام هنا «الحزب الوطنى»؟ المشكلة أن الحزب الوطنى الآن لم يعد ممثلا لهذا النظام إلا فى أسوأ صوره، والنظام ليس الحزب الوطنى فقط بل به مؤسسات دولة، ونحن كإخوان نقدر هذه المؤسسات ونحافظ عليها جدا، أما الحزب الوطنى فهو فى الحقيقة حزب غير طبيعى وتم بناؤه على نتائج انتخابات مزورة كانتخابات الشورى التى سلبت ونهبت حق الشعب المصرى وإرادته. هل سيؤثر «صفر الشورى» على أداء الجماعة السياسى وكيف ستتعامل الجماعة مع هذا الإخفاق؟ النظرة المادية البحتة التى تقول إن الإخوان حصلوا على صفر فى انتخابات الشورى هذه حقيقة خطأ ناتجة عن مقدمات خطأ فجماعة الإخوان المسلمين تحمل الإسلام بشموله، وبالتالى فعليها المشاركة فى كل فروع العمل الإسلامى لتقدم نموذجا مشرفا للإسلام يليق بهذا الدين العظيم، ومشاركتنا فى هذه الانتخابات أحد أوجه هذا الشمول. ونحن أمام معركة قانونية لاسترداد حقنا، وسنظل نطالب بهذا الحق ونصر عليه إلى أن نحصل عليه وهذا لب القضية. انتهت الدورة البرلمانية الأسبوع الماضى ما تقييمك لأداء نواب الإخوان فى هذه الدورة؟ لكى نقيم أداء ما قام به نواب الإخوان فى مجلس الشعب لابد أن نذكر العشرات من مشروعات القوانين والمئات من الاستجوابات وطلبات الإحاطة والأسئلة التى قدموها وعطلتها الأغلبية الميكانيكية للحزب الوطنى، لكن يكفى أن أقول لك إن 55 % من الأدوات الرقابية فى المجلس قدمها نواب الجماعة، فضلا عن مناقشتهم العديد من القضايا المهمة المحلية والخارجية وخصوصا لب قضية مصر من فساد واستبداد. ففى دور الانعقاد الخامس فقط تقدمت الكتلة ب 80 مشروع قانون وتعديلا لبعض القوانين، فضلا عن تقدمهم ب 118 استجوابا، بالإضافة إلى 440 طلب إحاطة و45 سؤالا عاجلا و65 بيانا وذلك حتى مارس الماضى، ودعنى أذكرك بالذى فجر قضية الرقابة على الصناديق الخاصة فى مجلس الشعب، النائب أشرف بدر الدين عضو كتلتنا البرلمانية، عندما طالب المجلس بالبحث عن وسيلة رقابية قوية للمجلس على هذه الصناديق حفاظا على حقوق المواطنين، وتم رفض طلب النائب برفع أيدى الأغلبية الميكانيكية للحزب الوطنى، ثم جاء الجهاز المركزى للم حاسبات وأكد خطورة عدم وجود رقابة على تلك الصناديق التى تمثل أربعة أضعاف الميزانية. على ذكر الجهاز المركزى للمحاسبات ما هى أسباب دعم ومساندة نوابكم فى البرلمان للمستشار جودت الملط رئيس الجهاز علما بأنه يمثل النظام بشكل من الأشكال؟ وجدنا أن فيه شيئا من المصداقية فى بعض القضايا، ولو شاهدت أداءه داخل البرلمان ستشعر بأنه إنسان يحتاج لمساندة ودعم، لذا فنحن ندعمه. ماذا قدم نواب الجماعة لأبناء دوائرهم؟ المنطلق الإسلامى فى هذا القضية مهم جدا، فالنظام جعل نائب الحزب الوطنى يقدم خدمات لأبناء دائرته ومنع نواب الإخوان من تقديم مثل هذه الخدمات، لذا فالسؤال: «لماذا يمنع نواب الشعب من الإخوان من الحصول على خدمات لأبناء دوائرهم؟». ومع ذلك فقد كان نواب الإخوان أصحاب أول سابقة فى البرلمان المصرى فما يحصلون عليه من مزايا يقدمونها لأبناء دوائرهم عن طريق القرعة، حدث هذا فى تأشيرات الحج والعمرة التى يتسلمونها، قمنا بعمل قرعة فى جميع مقار نوابنا وتم توزيع التأشيرات بكل شفافية. ما هى الأسباب التى دفعتكم لاتخاذ قرار بالمشاركة فى معركة انتخابات مجلس الشعب، على الرغم من توقعات المراقبيند بتكرار سيناريو «الشورى» فى معركة «الشعب»؟ أولا، كل القواعد الإخوانية تستشار فى قضية خوض الجماعة للانتخابات من عدمه وهذه هى المؤسسية التى تقوم عليها الجماعة فلا يؤخذ قرار بدون الرجوع للقواعد، أما عن أسباب المشاركة، فنحن نريد أن يتعرف الشعب المصرى على الإخوان عن قرب من خلال الانتخابات، فلم يسمح لنا بالالتحام بالجماهير وعرض برنامجنا إلا من خلال الانتخابات، فنحن نحتاج لأن نعرف الشعب حقيقة الإخوان ومبادئهم ونشرح لرجل الشارع وجهة نظرنا وطريقة عملنا. كيف سيكون حجم مشاركة الجماعة فى معركة «الشعب»؟ الإخوان المسلمين جماعة مؤسسية لا يصدر فيها المرشد قرارا يسرى على الجميع دون الرجوع لمؤسسات الجماعة، فنحن جماعة تطالب بالشورى وتطبقها على نفسها وعندما ندخل انتخابات يتم استطلاع رأى كل المستويات، مثلما حدث فى انتخابات الشورى وكانت النتيجة أن الإخوان قرروا خوض انتخابات الشورى. بصفتك المرشد وصاحب الولاية على الجماعة وتتم مبايعتك لإدارة شئونها.. ما تقديرك لحجم المشاركة؟ نحن جماعة مؤسسية ونتبع منهج الشورى ومنهج «واذا عزمت فتوكل على الله»، واسألنى عن نفسى فقد قمت باستشارة أمانات الشورى فى المحافظات عن خوض انتخابات الشورى من عدمه ووافقوا على خوضها. وهل أخذت رأيهم فى انتخابات مجلس الشعب؟ ليس بعد. إذًا ما هى تصوراتك؟ لابد من المشاركة الإيجابية الفعالة فى جميع الانتخابات ولا يمكن لى أن أعرض رقما أو نسبة على إخوانى وكلامى واضح جدا، وسأجمع الآراء والقرار النهائى يتم اتخاذه بعد الشورى أولا مثلما حدث قبل خوض انتخابات التجديد النصفى لانتخابات الشورى. ما هى المقاييس التى يتم على أساسها تحديد أعداد ومواصفات مرشحى الجماعة؟ لدينا بالجماعة لجان سياسية تدرس الحالة السياسية فى مصر والحالة البرلمانية للإخوان وتدرس أيضا الحالة الشعبية لكل مرشح فى دائرته وكذلك دراسة القوى السياسية الأخرى التى ستخوض الانتخابات فنحن لن نكون فى الساحة الانتخابية وحدنا وتجمع كل هذه المعلومات وتوضع أمامنا لاختيار الأفضل لخوض لانتخابات، وكل هذه المعلومات لا يمكن أن تأتى إلا من المحافظات، وعندما تاتى انتخابات الشعب ستعرف الرقم والنسبة بالضبط كما أعلناه فى الشورى. وهل فى خططكم التنسيق مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى؟ ندرس التنسيق مع القوى السياسية الأخرى، وقد جاءنى الدكتور حسن نافعة، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، وناقشنى فى ذلك وأكدت له أن جميع أشكال التنسيق مفتوحة من المشاركة حتى المقاطعة بشرط أن تكون تلك المقاطعة فعالة، لكن لم يتم بعد تحديد آلية الجماعة فى التنسيق مع جميع القوى الأخرى. وهل التنسيق مع الحزب الوطنى وارد فى الانتخابات؟ لا تنسيق مع الحزب الوطنى كحزب، لكن إذا كانت مؤسسات الدولة تريد أن تنقذ هذا البلد فلابد أن تبادر وتكون هناك آلية لذلك وتفتح حوارا مع الجميع، فالحزب الوطنى قال إن هناك فكرا جديدا ولم نرَ منه فكرا جديدا، وأكد أن الانتخابات ستكون نزيهة وأقسموا على ذلك بالطلاق.. هل حدث وأديرت الانتخابات بنزاهة؟ لا طبعا. الحزب الوطنى لا يدير الانتخابات ومؤسسات الدولة التى تشير إليها هى من تدير تلك الانتخابات التى قلت إنها تم تزويرها.. إذن لماذا تدعو تلك المؤسسات للحوار والتنسيق؟ هذه المؤسسات ليست صاحبة القرار بل جميعها جهات تنفيذية، والمؤسسات السيادية فى مصر المتمثلة فى رئاسة الجمهورية هى صاحبة القرار، وعلى مصر أن تراجع قراراتها السياسية السيادية لتعيد إلى مصر دورها لأننا الآن نشكو من أن مصر يتضاءل دورها فى الداخل والخارج. فأنا أقول يا مؤسسة الرئاسة نرجو أن تاخذى وضعك الطبيعى والحقيقى كى تعيدى إلى مصر قواها وتناسقها وتناغمها لتنهض البلد لأنه ليس بلد فرد أو حزب ولا بلد مؤسسة هذا بلد جميع المصريين ولو ضاعت مصر ضعنا كلنا. هل من الوارد أن تستجيب الجماعة لدعوى مقاطعة الانتخابات التى أطلقتها بعض القوى السياسية؟ كما قلت سيعرض الأمر على أعضاء الجماعة وإذا كانت المقاطعة فعالة كما قمنا بها فى التسعينيات فسندرسها جميعا وتتخذ مؤسسات الجماعة القرار بعد الدراسة. وماذا عن وجهة نظرك الشخصية فى المقاطعة؟ إذا كان هناك إجماع عليها من جميع التيارات والقوى السياسية بحيث تكون مقاطعة فعالة فما المانع؟. بعض قيادات الجماعة طالبت بالفصل بين العمل الدعوى والعمل الحزبى التنافسى ودعم فصيل وطنى فى الانتخابات والوقوف خلفه.. كيف ترى هذا الاقتراح؟ الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح اقترح أن نقاطع الانتخابات 20 سنة وعندما حدث الزخم فى انتخابات الشورى وأيدنا بعض الشخصيات من التيارات السياسية الأخرى تراجع وطالب بأن تشارك الجماعة فى الانتخابات بكل ثقلها وتؤيد مرشحين من خارج الجماعة. رحلة المرشد (الشاب) من المحلة إلى المنيل ربما لم يسمع البعض قبل ديسمبر الماضى اسم محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين الحالى، فلم ينشر عن الرجل معلومات أو تقارير فى الصحف قبل هذا التاريخ، باستثناء بعض مواقع الجماعة الرسمية، وظل الرجل بعيدا عن وسائل الإعلام بالرغم من مكانته التنظيمية داخل الجماعة والعلمية فى مجال تخصصه الطب البيطرى. يعد محمد بديع عبدالمجيد سامى ثالث أصغر مرشد للإخوان منذ تأسيس الجماعة عام 1928، بعد أول مرشدين وهما مؤسسها حسن البنا والمستشار حسن الهضيبى، صنفته الموسوعة العلمية العربية التى أصدرتها هيئة الاستعلامات المصرية عام 1999 على أنه من أعظم مائة عالم عربى. ولد بديع فى السابع من أغسطس عام 1943 بمدينة المحلة الكبرى لأب متدين التحق بكلية الطب البيطرى بالقاهرة سنة 1960، قبلها بعام تعرف على أحد الإخوان السوريين، وهو محمد سليمان النجار الذى دعاه إلى الانضمام إلى الإخوان. اقترب بديع من فكر الجماعة وقرأ أدبياتها وحازت كتابات سيد قطب على إعجابه، التقى فى تلك الأثناء بعبدالفتاح إسماعيل تاجر الغلال الدمياطى الذى ضمه إلى التنظيم الذى أسسه بعد ذلك وعرف بتنظيم (65)، انكشف أمر التنظيم وألقى القبض على بديع، وصدر ضده حكم بالسجن لمدة 15 عاما. داخل السجن بدأت علاقته تتوثق هو وباقى مجموعة تنظيم 1965 محمود عزت وسيد نزيلى وغيرهما بمجموعة النظام الخاص القديم فى الجماعة وأبرزهم مصطفى مشهور، المرشد الأسبق للجماعة، والحاج محمد الشناوى ضابط طيار سابق حكم عليه بالإعدام فى قضية عام 1954 ثم خفف الحكم إلى مؤبد، وتزوج بديع ابنته سمية فيما بعد. عرف عن بديع أثناء فترة سجنه التى استمرت 9 سنوات بأنه كثير الذكر والبكاء والدعاء والإنشاد، خرج عام 1974، وحصل على ماجستير الطب البيطرى من جامعة الزقازيق عام 1977، وأصبح مدرسا مساعدا بها، تزوج بعدها بسمية الشناوى، ثم تقلص دوره بشكل كبير أثناء فترة المرشد الثالث عمر التلمسانى، فلم يعرف له دور فى عملية التأسيس الثانى للجماعة التى برز فيها دور عبدالمنعم أبوالفتوح وعصام العريان وحلمى الجزار وإبراهيم الزعفرانى، وباقى رموز التيار الإصلاحى داخل الجماعة. لم يعرف لبديع نشاط منذ أواخر السبعينيات وحتى أواخر الثمانينيات، وهى الفترة التى تولى فيها التلمسانى مسئولية الجماعة، وأرجع البعض ذلك لعدم رضا معظم مجموعة بديع عن أداء التلمسانى ولا أفكاره. سافر بديع إلى اليمن منذ 1982 حتى 1986، وأسس هناك المعهد البيطرى العالى والمزرعة الداجنة والحيوانية الخاصة بالمعهد ومتحفه العلمى، وترجم المناهج الدراسية إلى اللغة العربية واحتفى به اليمنيون وكرموه فى أكثر من موضع. عاد بديع إلى مصر إبان ولاية مرشد الإخوان الرابع محمد حامد أبوالنصر، وانتقل من مقر إقامته بالزقازيق إلى محافظة بنى سويف وعمل أستاذا بكلية الطب البيطرى هناك حتى صار وكيلا لها فيما بعد، وسرعان ما تولى مسئولية المكتب الإدارى للمحافظة، خلفا للحاج حسن جودة عضو مكتب الإرشاد الراحل ثم مسئولا لقسم التربية بالجماعة عام 1994، ثم عضوا بمكتب الإرشاد منذ عام 1996، وانتخب عضوا بمكتب الإرشاد العالمى ومشرف جهاز التربية 2007. فى عام 1998 احتجز لمدة 75 يوما فيما عرف بقضية «جمعية الدعوة الإسلامية» التى كان رئيس مجلس إدارتها، وفى عام 1999حكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن خمس سنوات فى القضية التى عرفت إعلاميا بتنظيم «النقابيين» قضى منها ثلاث سنوات وتسعة أشهر فى السجن مع مختار نوح عضو الجماعة المجمدة عضويته، واحتجز عام 2008، لمدة شهر مع عدد من أعضاء وقيادات الجماعة خلال انتخابات المحليات. لم يكن يتوقع أحد أن ينصب بديع مرشدا ثامنا للجماعة خلفا لمهدى عاكف، نظرا لبعده عن الإعلام وانشغاله بالنشاط الدعوى والتربوى داخل الجماعة، وعندما انفردت «الشروق» وطرحت اسم بديع فى مطلع يوليو من العام الماضى كخليفة محتمل لعاكف تحت عنوان «انقسام قيادات الجماعة بين حبيب وعزت.. وبديع الحل التوافقى» اعتبر البعض الخبر شطحة صحفية، حتى أعلن عاكف مبايعة بديع مرشدا فى 17 يناير الماضى فى مشهد لم يسجله تاريخ الجماعة من قبل.