· جبهة المحافظين بقيادة حبيب ومحمود عزت تضغط لبقاء عاكف لتزامن إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في ولايته الثانية · جبهة الإصلاحيين بقيادة أبوالفتوح والعريان ترفض ممارسة ضغوط علي عاكف لبقائه أثار إعلان محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر عن نيته عدم تجديد فترة ولايته في قيادة الجماعة التي تنتهي في يناير المقبل الخلافات داخل الجماعة التي انقسمت علي إثر تصريحات المرشد إلي ثلاث جبهات مختلفة الأولي هي جبهة الاصلاحيين التقليديين يتزعمها الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام ومعه الدكتور محمود عزت الأمين العام للجماعة، أما الجبهة الثانية فهي جبهة الاصلاحيين المجددين التي يتزعمها الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح عضو مكتب إرشاد الجماعة ويشترك معه الدكتور عصام العريان عضو المكتب السياسي أما الجبهة الثالثة فهي تلك التي تضم جبهة شباب الإخوان ويتزعمها عبدالمنعم محمود صاحب مدونة «أنا إخوان» ومعه أيضا في تلك الجبهة د. مصطفي النجار صاحب مدونة أمواج التغيير والمهندس الشاب محمد حمزة صاحب مدونة واحد من الإخوان وعبدالرحمن منصور صاحب مدونة «منصور الإخواني» وعبدالرحمن عباش صاحب مدونة «الإخوان قادمون». إعلان عاكف عن عدم ترشحه في انتخابات يناير القادم اعتبره المحللون قرارا فريدا في تاريخ الجماعة الممتد لأكثر من ثمانين عاما، حيث لم يكن فيها ابدا مرشدون سابقون علي قيد الحياة، بل ظل مرشدوها الستة السابقون في مناصبهم حتي وفاتهم واعتبروا ايضا أن قرار المرشد الذي يرفض الاستمرار في ولايته الثانية بسبب بلوغه سن الواحد والثمانين هي رسالة للرئيس مبارك الذي يستمر في الحكم في الولاية الخامسة بالرغم من بلوغه السن نفسها دون أن يفكر في قرار الاعتزال بل ويفكر في الترشيح لولاية سادسة عام 2011، وهو معني يري الإخوان أنه قد يحرج النظام ويضعه في مقارنة معهم ستكون نتائجها لصالح الإخوان. محاولة البعض من قيادات الجماعة تصدير هذه المعاني والاصرار علي أن المرشد أراد من عدم ترشحه أن يعطي هذه الرسائل للنظام تتعارض مع الخلافات التي حاولت الجماعة إخفاءها ولكنها ظهرت علي السطح بقوة وبسرعة فاجأت الجماعة منذ إعلان المرشد عدم ترشحه. ظهر ذلك واضحا عندما أعلنت جبهة المحافظين التقليديين علي لسان د. محمد حبيب نائب أول مرشد الجماعة أن قرار عاكف لم يعرض بعد علي مكتب ارشاد الجماعة المكون من 20 عضوا، ومؤكدا أن عاكف قد يقتنع بالاستمرار في منصبه وهو ما يحاوله جميع اعضاء مكتب الارشاد من المحافظين التقليديين مثل محمود عزت أمين عام الجماعة الذي يري أنه ما يزال أمام الجماعة 9 شهور علي اجراء انتخابات المرشد وهي فترة تحدث فيها تغيرات كثيرة يأمل أن يكون منها عدول عاكف عن قراره بعدم استمراره في ولايته الثانية. محاولة اقناع عاكف بالاستمرار في ولايته الثانية يقودها باصرار حبيب ومحمود عزت ومبرراتهما في ذلك أن عاكف يجب أن يستمر في منصبه لمدة عامين أو ثلاثة علي الاقل لأن عام 2010 سيشهد انتخابات برلمانية شاملة (مجلسي الشعب والشوري) ثم يأتي عام 2011 حاملا معه الانتخابات الرئاسية، وكلها من وجهة نظر حبيب وعزت استحقاقات مهمة للإخوان ولذلك تري تلك الجبهة (جبهة المحافظين) أن استمرارعاكف في منصبه هو من مصلحة الجماعة لعدم حدوث أي ارتباك في صفوفها في حالة تغيير المرشد بآخر جديد بالتزامن مع حدوث انتخابات هامة في نفس عام انتهاء ولاية المرشد الحالي. الضغوط التي تمارسها جبهة المحافظين لبقاء عاكف في منصبه تتصادم مع آمال وطموح جبهة الاصلاحيين المجددين داخل الجماعة التي يتزعمها د. عبدالمنعم ابوالفتوح عضو مكتب الارشاد وايضا د. عصام العريان عضو المكتب السياسي للجماعة، حيث يري أبوالفتوح أن إعلان المرشد بعدم الاستمرار في منصبه هي رغبة شخصية له والحديث عن تركه موقعه اعلنه للمرة السادسة، ومؤكدًا أنه يرفض أن يتم اجبار عاكف علي شئ ومشيرا إلي أن عاكف من حقه أن يغادر منصبه في أي وقت، مبررا ذلك بأنه لايوجد اعتقال في المناصب داخل الجماعة، الامر الذي يدل علي أن جبهة الاصلاحيين ترفض الضغوط التي تقوم بها جبهة المحافظين علي عاكف وتدل علي رغبتهم في رحيل عاكف. أبوالفتوح أبرز المرشحين بعد حبيب لخلافة عاكف أكد أنه لن ينوي ترشيح نفسه لمنصب المرشد العام، معللا ذلك بأن صفاته الشخصية لاتؤهله لهذا المنصب الكبير، الامر الذي يعطي إشارة بأن عصام العريان عضوالمكتب السياسي للجماعة قد يكون ابرز المرشحين من جبهة الاصلاحيين بعد إعلان ابوالفتوح عدم نيته في الترشيح إلا أن العريان أكد أن جميع اعضاء مجلس شوري الجماعة الذين يبلغ عددهم 90 عضواً يعتبرون جميعهم مرشحين للمنصب واعتبر أن إعلان عاكف عدم ترشحه يعطي مؤشرا بمدي ديمقراطية الإخوان في اتخاذ القرارات ويؤكد مبدأ تداول السلطة داخل الجماعة وهو ما يعني اقتناع العريان بعدم استمرار عاكف في منصبه، وذلك علي خلفية الخلافات التي كانت واضحة بين العريان وعاكف في الكثير من النقاط الهامة في برنامج حزب الإخوان، والتي أطاحت بالعريان من عضوية مكتب الارشاد قبيل عامين، لذلك تري جبهة الاصلاحيين أن من مصلحة الإخوان عدم استمرار عاكف وتولي أحد من جبهة الاصلاح والتجديد المنصب بدلا منه لإحداث تغيير حقيقي داخل الجماعة. أما الجبهة الثالثة التي دخلت في الصراع علي تحديد المرشد العام الثامن للجماعة فهي جبهة الشباب الذين رحبوا علي مدوناتهم الالكترونية بقرار عاكف وأعلنوا نيتهم في ترشيح د. عبدالمنعم ابوالفتوح أو عصام العريان كأفضل من يمثل الاتجاه الاصلاحي المجدد لافكار الجماعة، رافضين في الوقت نفسه الضغوط التي تمارسها جبهة المحافظين بقيادة حبيب وعزت لاقناع عاكف بالاستمرار في ولايته الثانية، مؤكدين أن عاكف في الخمس سنوات الماضية لم يستغل ضعف النظام الهش معربين عن أملهم في أن يحقق المرشد الجديد طموحات وآمال شباب الإخوان في عمل اجندة سياسية تجعل الجماعة متواجدة بشكل دائم في الشارع السياسي وتستغل ضعف النظام الحاكم بآليات تصعيدية تختلف عن الاساليب الضعيفة التي كان يستخدمها عاكف. لم تكن خلافة عاكف او استمراره سبب الصراع الوحيد داخل الجماعة بل إن خلافا آخر ظهر علي سطح الاحداث بين أعضاء مكتب الارشاد بسبب اختيار النائب الثالث للمرشد الاسبوع المنقضي خلفا لحسن هويدي الذي وافته المنية منذ أسبوعين حيث اصر عاكف علي اختيار راشد الغنوشي - رئيس جمعية النهضة بتونس ويعيش بلندن- أو أحد من الاردن أوالمغرب العربي لكن حبيب ومحمود عزت (جبهة المحافظين) ضغطوا لاختيار ابراهيم منير امين عام التنظيم الدولي والمتحدث باسم الإخوان في لندن للمنصب ليكون النائب الثالث للمرشد، الامر الذي شجع كمال الهلباوي المتحدث باسم الإخوان في لندن سابقا أن يعلن عن ترشيح أحد قيادات الخارج في منصب المرشد العام لأول مرة في تاريخ الجماعة الامر الذي زاد من حدة الخلافات داخل الجماعة، حيث شن شباب الإخوان هجوما علي تصريحات الهلباوي وأكدوا أن منصب المرشد العام لن يخرج عن قيادات من داخل مصر وليس خارجها، أما جبهة المحافظين فأكدت أنه لا يوجد في لائحة الإخوان ما يسمح بأن يتولي احد قيادات الخارج منصب المرشد العام، في حين أكدت جبهة الاصلاحيين بأن اللائحة لم تشترط أن يكون المرشد من المقيمين بمصر، ولكنها اشترطت أن يقيم بمصر بعد أن يكون مرشدا، وأكدوا بأن عاكف نفسه لم يكن دائم الوجود بمصر قبل أن يصبح مرشدا عاما للإخوان، ولكنه استقر بمصر بعد تقلده المنصب، ولذلك فلايوجد مانع من تولي احد قيادات الإخوان المقيمين بالخارج من المصريين منصب مرشد الإخوان، ضياء رشوان المتخصص في شئون الجماعة بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يستبعد أن يكون المرشد القادم للإخوان المسلمين من خارج مصر، مشيرا إلي أن منصب المرشد هو رمز دولي ولكنه قيادي في مصر، لذلك لا يمكن أن يكون غير مصري، وأكد أنه في حالة إصرار عاكف علي التنحي ستكون نقلة مهمة لأنه سيكون أول مرشد يترك موقعه وهو علي قيد الحياة، لذلك من الصعب أن تغامر الجماعة بإجراء نقلتين مهمتين في آن واحد (تنحي المرشد واختيار خليفته من خارج مصر). يذكر أن عاكف تم انتخابه المرشد العام السابع في يناير عام 2004لمدة 6 سنوات بعد وفاة المرشد العام السادس مأمون الهضبي ويتم اختيار المرشد العام من اعضاء مجلس شوري الجماعة البالغ عددهم حسب نص لائحة الإخوان من 72 إلي 90 عضوا بالاضافة إلي اعضاء مكتب ارشاد الجماعة البالغ عددهم 20 عضوا، ويجب أن تتوافر شروط معينة فيمن يترشح لمنصب المرشد العام وهي لايقل عن 30 عاما وأن يكون قد مضي علي فترة بقائه أخ عامل بالجماعة مدة لاتقل عن 15 عاما.